بالرغم من مرور ما يزيد عن 24 ساعة من حادث الانفجار الذي هز معمل المركب الخزفي المغربي (كوصيما) بفاس متسببا في انهيار بناية إسمنتية بأكملها، وحتى حدود كتابة هذه السطور من يوم الثلاثاء 12 يناير الجاري، لم تنجح عمليات البحث المضنية التي باشرتها فرق الوقاية المدنية المتواجدة بعين المكان بوسائلها المحدودة في العثور على حارس المستودع المنكوب والمسمى علال ميمي(أعزب)، والذي يبدو أنه اختفى بين ركام الكتل الاسمنتية الضخمة التي شكلت العائق الكبير أمام عمل رجال الاغاثة والانقاذ، هذا في الوقت الذي استبعدت فيه مصادر مقربة من عمليات البحث تقلص فرص نجاة هذا العامل المفقود بين الركام من موت محقق، ذلك أن البعض لم يستبعد بأن يكون علال ميمي قد قضى نحبه بين الركام بعد أن حاصرته كتل الإسمنت وقضت على فرص نجاته من هذا الكابوس. وعلمنا أيضا من مصادر طبية بأن الضحايا المصابين في الحادث تعقدت وضعيتهم الصحية بعد أن تسببت إصابة العديد منهم في حدوث تطورات أدت الى بالتدخل الطبي الى بتر الرجل اليمنى للقائد الجهوي للوقاية المدنية بفاس مولاي الحسن الطالب (متزوج وأب ل3 أبناء)،فيما لقي زميله، قائد السرية ميمون أهناو، ذات المصير بعد أن أجريت له عملية جراحية يوم أمس بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس والتي أسفرت بحسب ما أفادت به مصادرنا الى بتر أحد رجليه، وتبقى الخطورة قائمة على مستوى الرجل الأخرى. أما العامل بلباشا بن علي (متزوج، أب ل4 أطفال) الذي أصيب في انفجار معمل «كوصيما» بكسور برجله اليمنى فقد أجريت له هو الآخر عملية جراحية، ولم تكشف مصادرنا عن أي جديد في وضعيته الصحية، شأنه في ذلك شأن سائق الشاحنة رقم 12 التابعة للوقاية المدنية والتي اختفت تحت الأنقاض، فيما غادر الرجل الرابع المصاب في صفوف الوقاية المدنية المستشفى صباح يوم الاثنين 12 يناير الجاري بعد أن تلقى العلاجات الضرورية. وإلى ذلك، وأمام هول ما جرى بهذا المعمل الذي تحول مستودعه المنكوب الى ركام من الكتل الإسمنتية بفعل الانفجار الذي هز المكان وتسبب في تدمير ما يقارب هكتارين من البناية المغطاة، سارع الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس الى فتح تحقيق قضائي لمعرفة الأسباب الكامنة وراء هذه الكارثة التي أودت بحياة القائد الإقليمي للوقاية المدنية واحد العمال،فيما لايزال حارس المستودع في عداد المفقودين، خاصة في ظل تضارب المعلومات وما أسمته مصادر عمالية بالسيناريوهات المحبوكة حول أسباب الحادث بعد أن سارع بلاغ صادر عن ولاية جهة فاس الى الحديث عن حدوث انفجار صهريج للغاز عقب اندلاع نيران بالمستودع، فيما نفت إدارة المعمل خبر انفجار الصهريج الغازي عبر تأكيدها بكون الصهاريج الثلاثة الموجودة بالمستودع المنكوب لم يطلها أي انفجار وإلا لوقعت كارثة ما كان سيتصور أحد منا نتائجها المدمرة لاحتوائها لما يزيد عن 20 طنا من غاز«البروبان». هذا، وقد رفض المسؤولون عن المعمل الإدلاء بأية تصريحات للصحافة فيما اكتفى مدير المعمل عز الدين التاجموعتي بالقول بأنه يجهل تماما أسباب الحادث، وأنه جرت العادة بأن تندلع النار في أنابيب غاز البروبان والتي تمل جدران المعمل، غير أنه وعند كل مرة يتم التحكم في الوضع، لكن ما وقع ليلة السبت الماضي كان مذهلا، عشرة دقائق بعد أن تمكن رجال الوقاية المدنية من إطفاء النار كانت كافية لأن يتحول المكان الى ركام في رمشة عين من الزمن. الشيء الذي دفع بالعديد من المتتبعين الى التساؤل، والحالة هذه، حول دور السلطات في مراقبة شروط السلامة بهذا المعمل الذي تحدثت بخصوصه مصادر عمالية، بأن بناياته تعاني من الهشاشة واختلالات في الحالة التقنية للبناء، وأن أعمدة فولاذ الإسمنت المسلح تبدو مكشوفة على مستوى سقف بنايات المعمل وقد أدركها الصدأ. وأضافت ذات المصادر أن المستودع المنكوب كان يعاني من تسرب قطرات الأمطار عبر السقف وانحصار المياه بأسطح البناية والتي كانت تتطلب من حين لآخر تدخل العمال من تلقاء أنفسهم لإصلاح الوضع بقدر المستطاع في غياب فرق تدخل خاصة بالمعمل وعلى رأسها مصلحة إطفائي المعمل بحكم العدد المهم من الأفرنة الغازية المعتمدة في هذا المركب الخزفي للزليج ومنتجات الطاوس العصرية. وفي السياق ذاته، شوهدت أعداد كبيرة من قوات الأمن ترابط بداخل المعمل المنكوب بشكل مستمر منذ وقوع الحادث تحسبا الى أي طاريء خاصة في ظل ما كشفت عنه جهات أمنية حول تحركات عمال المعمل الذين يعتزمون تنظيم اعتصام مفتوح بداخل المصنع لدفع السلطات المختصة الى فتح تحقيق نزيه في الموضوع والكشف عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الفاجعة التي اكتوى بنيرانها العمال وموظفو الوقاية المدنية. هذا ، وقد شارك عدد غفير من العمال عشية يوم الأحد المنصرم في تشييع جنازة مهيبة للمناضل الفدرالي عبد الوهاب الطيبي والتي شارك فيها أعضاء الفريق الفدرالي للوحدة والديمقراطية بعد أن بادروا صباح ذات اليوم، الى تأجيل اللقاء التواصلي الذي كان مقررا مع شغيلة فاس، وذلك تضامنا مع ضحايا الحادث العمالي، حيث قام الوفد الفدرالي صحبة عدد من الأطر النقابية ومناضلي المركزية النقابية بفاس، بزيارة ميدانية الى موقع المعمل المنكوب، كما قدم الفريق تعازيه الى عائلة القائد الإقليمي للوقاية المدنية الحسن الغاوي والذي لقي نحبه تحت الأنقاض، حيث شيعت جنازته مساء يوم الأحد 11 يناير الجاري بمدينة سلا. بقي أن نشير إلى أن عددا من الصحفيين ممثلي الصحافة الوطنية توجهوا ليلة يوم الأحد الى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس لزيارة ضحايا الحادث والمساهمة في الرفع من معنوياتهم، غير أن الجهات الأمنية في شخص والي ولاية أمن فاس، أبت إلا أن تواجه هذا الشعور النبيل من قبل الصحفيين بإعطاء التعليمات بعدم السماح بزيارة المصابين بعد أن تزامن تواجدنا بالمستشفى وخروجه( والي الأمن) صحبة عدد من مسؤولي فاس (الوكيل العام للملك والقائد الجهوي للدرك الملكي وآخرين) من الغرفة التي كان يرقد بها القائد الجهوي للوقاية المدنية الحسن الطالب الذي بترت رجله اليمنى والذي يحظى باحترام الصحفيين له بحكم تواصله الجيد معهم وحسن العلاقات التي تجمعه بهم.