اندلع ليلة أول أمس السبت 10 يناير الجاري، حوالي التاسعة ليلا،حريق بمعمل المركب الخزفي المغربي«كوصيما» الذي يعد أحد أقدم معامل فاس والواقع بمنطقة عين قادوس بمدينة فاس،مما استوجب حضور رجال المطافئ الى عين المكان،حيث اندفع 5 من افراد الوقاية على متن شاحنتين الى داخل المستودع الضخم الذي اندلعت به النيران نتيجة تسرب غاز البروبان بعد أن ملأ المكان بسرعة كبيرة، مشكلا بساطا من كتل الغاز التي التصقت بسقف البناية.وما هي الا دقائق معدودة عن دخول رجال المطافئ و 3 عمال في محاولة للسيطرة على النيران حتى هز المكان انفجار قوي سمع دويه عن بعد كيلومترات، مما تسبب في انهيار كلي لسقف المستودع بطول 250 مترا وبعرض140 مترا و 7 أمتار ونصف من حيث العلو. ولم تبق سوى السواري التي ظلت منتصبة كأشجار نخل خاوية بفعل قوة الانفجار،حيث اختفى كل الاشخاص المتواجدين حينها بالبناية تحت الكتل الاسمنتية التي غطت المكان وكأنه تعرض لقصف جوي مدمر، فيما هرع الى مكان الحادث والي جهة فاس بولمان ووالي أمن فاس والقائد الجهوي للدرك الملكي وعبد الكريم اليعقوبي المفتش العام للوقاية المدنية، قادما من مدينة إفران إضافة إلى رجال الأمن بمختلف تشكيلاتهم والذين فاق عددهم عدد رجال الإغاثة .وقد تشكلت على الفور خلية أزمة وتم في الحال استنفار أفراد فريق الوقاية المدنية القلائل والذين كانوا متواجدين خارج المستودع المنكوب، غير أن شساعة المساحة التي ملأتها الأنقاض وقلة أفراد الوقاية المدنية وضعف وسائل الإنقاذ المستعملة شلت حركتهم، فتم طلب الاستغاثة من رجال الوقاية المدنية بمكناس التي هرعت بسياراتها وبعتادها الذي لا يرقى هو الآخر إلى مستوى الوسائل اللوجيستيكية المتطورة المعتمدة في مثل هذه الكوارث، مما انعكس سلبا على مصارعة عامل الزمن أثناء إنجاز عمليات البحث عن المفقودين تحت ركام الأنقاض.هذا وقد اهتدى رجال الوقاية المدنية بعد مضي وقت ليس بالهين عن حدوث الكارثة إلى أصوات أنين بعض القابعين تحت الأنقاض، حيث تمكن المنقذون من سحب 4 من افراد الوقاية المدنية من بينهم القائد الجهوي للوقاية المدنية بفاس مولاي الحسن الطالب إضافة إلى عامل، وكانوا جميعهم في حالة صحية متدهورة بسبب الجروح والكسور المتفاوتة الخطورة والتي تطلبت نقلهم على وجه السرعة إلى المركز الاستشفائي الجامعي الجديد بفاس الذي استنفر سياراته الاسعافية إلى جانب سيارات الوقاية المدنية لنقل الجرحى. وبعد استئناف عمليات البحث المضنية تحت الأنقاض،وحوالي الثانية عشر ليلا تم انتشال الجثة الهامدة التي تعود لأحد عمال المعمل(عبد الوهاب الطيبي) الذي يشتغل سائقا للرافعة المستعملة في حمل السلع « لكلاك»،إضافة إلى كلب الحارس الذي تم استخراجه معافى من تحت الأنقاض، فيما استمرت عمليات البحث عن المفقودين المتبقيين لساعات من الصراع المستميت مع القضبان الحديدية وكتل الاسمنت الضخمة،حيث تمت الاستعانة بكلبين من نوع «لابرادور» تابعين للدرك الملكي تم جلبهما خصيصا من مدينة الرباط نظرا لتجربتهما في عمليات النبش والشم تحت الأنقاض، بعد أن وجد رجال الوقية المدنية صعوبات في العثور على باقي المفقودين. وحوالي الساعة الرابعة والنصف من صباح يوم أمس الأحد، قاد احد الكلاب رجال الوقاية إلى مكان وجود القائد الإقليمي للوقاية المدنية ( الحسن الغاوي متزوج وأب) والذي تم انتشاله من تحت الأنقاض جثة هامدة .لينخرط الجميع في عمليات البحث عن حارس المستودع الذي اختفى بين الأنقاض ولم يتم حتى حدود كتابة هذه السطور العثور على جثته، شأنه في ذلك شأن شاحنتين للوقاية المدنية الحاملتين لرقمي 12 و 15 واللتين حولتهما ركام الاسمنت إلى صفائح حديدية مموجة. وإلى ذلك أكد بعض عمال المعمل لجريدة الاتحاد الاشتراكي ان تخوفهم كان كبيرا من وصول النيران إلى الصهاريج الثلاثة لغاز البروبان المتواجدة بأحد أركان المستودع، حيث كانت الواقعة ستؤدي إلى انفجار أشد قوة قد يهز المنطقة بأكملها والآهلة بالسكان والمرافق السياحية، خاصة وأننا علمنا من مصادر مطلعة أن الانفجار وقع في الوقت الذي كانت فيه الأميرة لالة سلمى متواجدة بفندق «بارك بلاص» لحضور احتفال أقيم بمناسبة عقيقة أحد أبناء خالها هنا بفاس. بقي أن نشير إلى أنه بعد ما يزيد عن عشر ساعات من الصراع المستميت مع النيران والأنقاض،تمكن رجال الوقاية المدنية، بالرغم من تواضع وسائلهم المعتمدة والتي وصفت بالبدائية، من إظهار حرفية عالية في إخماد الحريق وانتشال الجرحى والجثث من تحت الأنقاض، لكنهم لم يجدوا بعد عودتهم إلى الثكنات حمامات للاستحمام والتخلص من الأوحال والأتربة التي خلفها عملهم بموقع الانفجار الذي خلف حسب التقديرات الأولية لبعض المقربين من مالكي المعمل، خسائر بملايين الدراهم.إضافة إلى احتمال توقف عمال المعمل البالغ عددهم حوالي 700 عامل عن العمل لمدة قصيرة في انتظار ما سيسفر عنه التحقيق الذي بادرت السلطات المعنية إلى فتحه لمعرفة الأسباب الكامنة وراء تسربات الغاز ، وحصول الانفجار القوي الذي زلزل هذه المنطقة خالقا أجواء الهلع والرعب بين ساكنتها التي حجت بأعداد غفيرة، والتي تطلبت استنفار العديد من قوات الأمن لإخلاء مدخل ومحيط المعمل المنكوب.وكالعادة اجتهد بعض رجال الأمن في تعنيف وإهانة الصحفيين الذين كانوا يغطون الحدث،ولم تسلم عدسات جريدة الاتحاد الاشتراكي من المنع تحت أعين والي جهة فاس ووالي أمنها.