يواصل عمال وعاملات ومستخدمو مؤسسة «كوصيما» بنقابتيهم بفرعيها الزليج والطاووس المنضويتين تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، اعتصامهم اللامحدود والذي يدخل شهر الثاني،وذلك احتجاجا على تملص المشغل والجهات المعنية الأخرى من مسؤولياتهم تجاه 700 عائلة تركوها تعاني الجوع والضياع جراء استمرار إغلاق المؤسسة العمالية منذ 11 يناير2009، و ذلك على إثر حادث انهيار جزء من المعمل الذي ذهب ضحيته 3 قتلى و 6 مصابين بعاهات جسدية متفاوتة، حيث فتحت حينها السلطات القضائية تحقيقا لا تزال نتائجه طي الكتمان حتى الساعة لاعتبارات يجهلها الجميع، والتي أضحت اليوم تطرح أكثر من تساؤل وتعيد الى الواجهة مصداقية لجن التقصي. هذا وقد احتضن مقر ولاية جهة فاس بولمان اجتماعين للجنة المحلية للمصالحة، كان آخرها الجلسة المنعقدة نهاية الأسبوع المنصرم والتي ترأسها الكاتب العام للولاية بالنيابة وحضرها ممثل الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية بفاس وممثلون عن المكتبين النقابيين الزليج والطاووس إلى جانب المدير العام لمؤسسة كوصيما ومفتش الشغل وآخرون.حيث قدم الأخوان إدريس العيادي واحمد الودغيري عن الاتحاد المحلي لل»ف.د.ش» تقريرا أوضحا من خلاله الوضعية المزرية التي أضحت تعيشها شغيلة المعمل بعد إغلاقه، وتملص المشغل من تفعيل اللوائح القانونية للبطالة التقنية المنصوص عليها في مدونة الشغل، والتي تمنح للعمال في هذه الحالة حق الاستفادة من 50 بالمائة من الراتب الشهري في انتظار استئناف العمل،مما أثر على وضعهم المادي الذي جعلهم في ورطة مع التزاماتهم حيال أقساط الابناك الخاصة بالسكنيات التي اقتنوها، بل ان منهم من صُودرت من دورهم السكنية عدادات الكهرباء والماء الصالح للشرب، فيما وجد البعض الآخر أسرته مشردة بالشارع بعد أن عجز عن أداء واجبات الكراء.من هنا طالب النقابيون من داخل هذا الاجتماع بالإسراع بإعادة تشغيل المعمل عبر تعيين لجنة تقنية يعهد إليها مهمة معاينة عمليات إصلاح المعمل الذي يمكنه الاشتغال بنسبة 70 بالمائة من وحدات الإنتاج في انتظار النظر في وضعية الوحدات المتبقية.الشيء الذي أثار حفيظة المدير العام لمؤسسة كوصيما محمد التاجموعتي الذي أعلن رفضه التام لسماع أية جعجعة بداخل المعمل الذي قال عنه في هذا الاجتماع الرسمي بأنه انتهى، وانه قد قُضِيَ أمره بشكل نهائي،وذلك في ظل ال30 مليار سنتيم التي كشف عنها كغلاف مالي لتغطية مستحقات الديون المترتبة عليه ومصاريف إعادة إصلاح ما أفسده الانهيار التي شهده المعمل.لذلك فانه يفضل تصفية المؤسسة وإغلاق المعمل وتسوية وضعية العمال من خلال إحالة بعضهم على صندوق التضامن الاجتماعي و تصفية ملفات الباقين بالتراضي.ومن جهته رد ممثلو الاتحاد المحلي للف.د.ش» مؤازرين في ذلك من طرف المكاتب النقابية للزليج و الطاووس برفضهم التام لقرارات التصفية وتسريح العمال الذين أفنوا حياتهم في خدمة هذه المؤسسة،مشككين في التكلفة المالية التي أعلن عنها المدير العام للمؤسسة لإعادة ترميم وإصلاح مرافق المعمل ووحداته الإنتاجية،حيث اعتبر مسؤولو الاتحاد المحلي تلويح الإدارة بقرار الإغلاق مدخلا لتبرير بيع العقار واستبدال المشروع الصناعي القائم، والذي شكل احد الركائز الأساسية للصناعات العصرية والتقليدية بالمدينة وتحويله إلى مشروع عقاري بحكم تواجد ال15 هكتارا التي تشكل المساحة الإجمالية للمعمل بالقرب من مشروع الشاطيء الاصطناعي الذي يتم الإعداد له بمنطقة واد فاس والذي أضحت معه منطقة الشراردة محط أنظار «المنهشين العقاريين» لإقامة مشاريعهم السكنية التي ستدر عليهم الملايير. يذكر أن مؤسسة «كوصيما» تعيش خلال السنوات الأخيرة تجاذبات كبيرة بين جناحين رئيسيين للمساهمين بها وكذا ذوي الحقوق الذين دخلوا في حلبة مصارعة حول الإبقاء على معمل كوصيما أو تصفيته، حيث شكل حادث انهيار جزء من المعمل الفرصة السانحة لدعاة التصفية للدفع باتجاه الإبقاء على محركات المعمل عاطلة في أفق التخلص من حوالي 700 عامل وعاملة، فضلوا مواصلة اعتصامهم رفقة ذويهم بداخل معمل كوصيما في انتظار أن تعود إليه الحياة.