بعد توقف اضطراري بسبب «الموفيطا» أو «المنزلة»، التي تعني في لغة البحارة اضطراب أحوال البحر واستحالة مزاولة نشاط الصيد، استأنف بحارة آسفي أمس الثلاثاء نشاطهم مجددا، ليمتطوا مراكبهم وقواربهم في رحلة تمخر عباب البحر، طلبا للرزق وتخلصوا بذلك من وطأة «بطالة مؤقتة» فرضها سوءالاحوال الجوية. فما أن لاحت بوادر تحسن أحوال الطقس الأحد الماضي مؤشرة على انتهاء فترة «المنزلة»، حتى دبت حركة نشيطة في أرصفة ميناء آسفي وانتشر البحارة في ارجائه كخلايا النحل، باعثين الحياة في هذا المرفق، الذي يعد الشريان الاقتصادي للمدينة. ففي مدينة كآسفي، التي اقترن اسمها لدى المغاربة بالبحر والصيد، يكون ل «المنزلة» وقعها المؤثر على دواليب الحياة، بالنظر لوزن شريحة البحارة ضمن النسيج السكاني والاقتصادي، ف«المنزلة» مرادف لانسداد أبواب الرزق أمام المئات من أسر البحارة وركود الانشطة التجارية المرتبطة بنشاط الصيد، سواء تعلق الأمر بأسواق بيع السمك أوالمطاعم ومحلات طهي الأسماك، التي تشغل العشرات من العمال. وإذا كان البحارة أول من يكتوي بتبعات توقف نشاط الصيد، فإن أرباب مطاعم السمك بآسفي يعانون أيضا الأمرين، ويضطرون في الغالب لإغلاق محلاتهم لعدة أيام، جراء ندرة الاسماك في الاسواق. كما أن الأسر الآسفية، المشهود لها بولعها بالاسماك وتفننها في طهي وتحضير أطباقها المتنوعة، لا تملك سوى انتظار تحسن أحوال الطقس وعودة الحياة إلى الميناء. وبهذا الصدد أكد مندوب الصيد البحري بآسفي أحمد بوجكنة، حول الوضعية الحالية لنشاط ميناء الصيد بالمدينة، أن مراكب الصيد الساحلي(400 مركب مسجلا بالميناء) وقوارب الصيد التقليدي (1100 قارب مسجل)، عاودت نشاطها في ظروف عادية بميناءي آسفي والصويرية القديمة، بعد تحسن الاحوال الجوية. وأوضح أن المندوبية كانت قد حذرت من خلال «نشرات إنذارية» البحارة من خطورة ركوب البحر، كما جندت كل وسائلها للتعامل مع أي طارئ، تفرضه الظروف المناخية الاستثنائية، التي عرفتها المدينة في الآونة الأخيرة بسبب التساقطات المطرية وارتفاع مستوى علو الأمواج. ويرى السيد بوجكنة أن فترة «المنزلة»، تمنح مع ذلك، البحارة فرصة للقيام بأعمال أخرى، من قبيل صيانة المراكب ومعدات الصيد ورتق الشباك «كما انها بمثابة راحة بيولوجية طبيعية تخفف الضغط على المصايد وتسمح بتكاثر الأسماك». وبالمقابل شدد الهامشي الميموني رئيس غرفة الصيد البحري الاطلسية الشمالية، في تصريح مماثل، على «الانعكاسات الاجتماعية» لتوقف نشاط الصيد البحري خلال فترة «المنزلة» على البحارة، وخاصة العاملين في قطاع الصيد التقليدي، منبها الى ضرورة التفكير في «خلق صندوق لدعم البحارة» في مثل هذه الظروف ومساعدتهم على مواجهة أعباء الحياة، لاسيما ان فترات «المنزلة» مرشحة لأن تمتد لفترات أطول بفعل التغيرات المناخية التي يعرفها العالم. وإذا كان الميموني قد ألح، في المقام الأول، على الانعكاسات السلبية لتوقف نشاط الصيد على البحارة، فإنه لا ينفي مع ذلك فوائده بالنسبة للثروة السمكية، خصوصا من خلال الحمولات الغذائية التي تحملها مياه الأودية والانهار إلى الوسط البحري. (و.م.ع)