هناك سؤال مركزي اليوم يفرض نفسه على المشهد الإعلامي المغربي والعالمي، في شقه المرتبط بالتلفزة. وهذا السؤال يرتبط بدفتر التحملات في معنييه المادي والرمزي. هنا نتتبع بعضا من أسئلة قلق الجسم الصحفي العالمي وضمنه الفرنسي، كما عكسته يومية « لوموند » الفرنسية، التي تعتبر واحدة من أنضج الجرائد متابعة ونقدا للمنتوج الإعلامي التلفزيوني في العالم.. لقد كتبت في أحد ملاحقها الأخيرة « إذاعة وتلفزة » حول هذا الموضوع الحيوي والهام، قائلة: «إن رهان إصلاح الفضاء السمعي-البصري واضح: فإما أن تعمل الدولة على تقديم الضمانات للقطاع العمومي من خلال توفير وسائل استقلاليته وتحديد اختصاصاته، وإما أن تهمله، ويصبح بالتالي على المدى القريب قطاعا مهمشا وهدفا للخوصصة. وما يحدث اليوم يوحي بأن هذه المسألة قد تكون بعيدة عن مسألة الحقوق والواجبات المتعلقة بالقنوات الخاصة. وبدون التمعن في وظيفة التلفزيون داخل مجتمعنا، وبدون إعادة طرح تساؤلات نابعة من حس مواطناتي بشأن دور الفضاء السمعي-البصري، فإن القنوات العمومية ستجد نفسها واقعة في مطب «الرسميات» من الناحية السياسية والثقافية، أو ربما قد تتحول إلى مجرد مقلد للقنوات الخاصة لكن بإمكانيات أقل. والسؤال المطروح يتجاوز بكثير التدفق الكبير للقنوات التوزيعية الجديدة سواء على شبكة الإنترنيت أو عبر هواتفنا المحمولة، فهذا لا ينقص من قيمة التلفزيون في شيء، بل الأمر على عكس ذلك تماما. فأمام هذا الكم الهائل من الصور التي تحاصرنا من كل صوب، وأمام هذا الاستهلاك اللامحدود من طرف المشاهدين، فإنكبريات القنوات تظل، بشكل رمزي وحتى بالملموس، المرجع المشترك الوحيد. وعندما نجد أن موقع «يوتيوب» يدرج كل يوم مليون ونصف المليون شريط فيديو جديد على موقعه، وعندما نرى أن مئات الملايين من الصور الثابتة والمتحركة يتم تداولها بين الأفراد كل يوم، فإن التلفزيون الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تضع تصورا لبرامجها وتنظمها قبل أن تقدمها. ليس ثمة ما يمنع أي شخص من الاطلاع على الصور التي تصله عير هاتفه المحمول أو جهاز حاسوبه، وهذا الأمر هو السبب الحقيقي من أجل الدعوة إلى لتعزيز دور القنوات المرجعية التي تتحمل مسؤولية تقديم صورة أقل فوضاوية وأكثر إدراكا عن العالم. ونحن الآن في حاجة إلى قنوات لا تراهن على الاستهلاك لكسب المشاهدين، بل بل لقنوات مرجعية تثير التفكير وتعرض لخصائص الثقافة. ولهذا السبب كان من الضروري إخضاع جميع القنوات، عمومية كانت أم خاصة، والتي تستفيد من انتشار واسع، لدفتر تحملات صارم. إذ لا يمكن الحصول على الحق في البث ودخول منازل المواطنين وغرف الأطفال (54% من الأطفال الفرنسيين يملكون شاشات تلفاز داخل غرفهم) بدون احترام الواجبات المترتبة على ذلك. وانطلاقا من وجهة نظر تربوية بحتة، تلوح مجموعة من النقط التي تفرض نفسها: - إلى جانب حذف الإشهارات من القنوات العمومية، يجب وقف الإشهارات على باقي القنوات عشر دقائق قبل وبعد كل البرامج الموجهة للفئات اليافعة من المشاهدين. على عكس ما يحدث اليوم، بحيث يتم عن قصد حذف الجنريك الختامي واستعمال نفس خط الجنريك لتقديم الوصلة الإعلانية الموالية. - ينبغي أن يتم إلزام كل القنوات التي تقدم نشرات إخبارية وبرامج موجهة لفئات الشباب بعرض برامج موجهة بالدرجة الأولى للأطفال والمراهقين. وهذا أقل ما يمكن فعله في إطار «التكوين المواطناتي» للناشئة. - يتعين أن تكون البرامج الموجهة للشباب موضوع طلب عروض شفاف، يتم إرفاقه كل مرة بدفتر تحملات دقيق يلزم كل قناة بإحداث لجنة استشارية تتشكل من الآباء والخبراء والشباب وتتكلف بتقديم وجهة نظرتها بخصوص جميع المقترحات. - من أجل التصدي لضعف كفاءة صغارة الفرنسيين على مستوى اللغات الأجنبية، يتعين على جميع القنوات بدون استثناء أن تلتزم بعرض برامج ومسلسلات وأشرطة أجنبية بنسختها الأصلية مرفوقة بسترجة فرنسية وذلك خلال ساعات الإقبال الكبير على المشاهدة». عن «لوموند»