بالرغم من غياب الاهتمام الرسمي بالتحفة المعمارية التاريخية لمركب الصناعة التقليدية بأبي الجعد، إلا أن عزم الصانعات التقليديات في مجال حياكة الزربية والحنبل البجعدي، وعزم الإطارات الجمعوية به كان أقوى من طوق هذا التهميش والتنكر لقطاع سوسيو اقتصادي ظل ولا زال المرآة الحقيقية التي تعكس الإرث الحضاري للمدينة ومحيطها القروي. ومن الأمثلة التي تعكس ذلك التحدي جمعية بني زمور للتنمية الاجتماعية التي وظفت برنامجها الموسع في مجال تعليم الأطفال ذوي الحاجات ومجال محاربة الأمية، وخاصة الوظيفية منها من خلال برنامج واقعي حظي بتمويل إيطالي مباشر قدر في84 مليون سنتيم، وتؤطره الحافظي بهيجة إحدى رائدات برنامج التنمية الوظيفية. التقتها الجريدة على ضوء الشروع في تنفيذ هذا العمل الجمعوي التنموي وأجرت معها الحوار التالي: { انتقلتم كجمعية من تنفيذ برنامج محاربة أمية الكبار وتفعيل برنامجكم في مجال التربية غير النظامية، إلى برنامج وظيفي موسع، من أهدافه محاولة إدماج النساء في برامج تنموية مدرة للدخل. لماذا هذا التحول في برنامج جمعيتكم؟ > أولا، ليس هذا بتحول مفاجئ ، بل هو جزء من البرنامج العام لجمعية بني زمور كقناة لتصريف الشأن التنموي ليس على الصعيد المحلي ولكن على الصعيدين الوطني والدولي: فالجمعية تؤطر سنويا 560 مستفيدا من برنامج محاربة الأمية القرائية و180 في إطار برنامج التربية غير النظامية بتنسيق وتعاون مع نيابة وزارة التربية الوطنية بخريبكة، وبعد تنفيذ البرنامج العام في هذا السياق، تتجه الجمعية إلى الشق الثاني في هذا البرنامج والمتعلق بالجوانب الوظيفية التي تخص إيجاد فرص توفير موارد مدرة للدخل لمواجهة الهشاشة الاجتماعية. { هل يقتصر البرنامج على هذه الجوانب؟ وماهي الجهات الأخرى التي تتقاطعون معها في هذا السياق؟ > أريد في البداية أن أشير إلى أن كل المشاريع والبرامج التنموية لجمعية بني زمور تتجه إلى مجال التنمية المحلية، ولكن بأبعاد محلية ووطنية ودولية: فنحن تربطنا 13 اتفاقية شراكة مع جمعيات من جنوب وشرق فرنسا ومن إيطاليا، وهي شراكات بالمفهوم الواقعي تترجمها الزيارات المتبادلة بيننا وكذا الأوراش الميدانية التي تنفذ كمشروع الصباغة الكيماوية والنباتية، بالإضافة إلى الالتزامات المتبادلة مع عمالة إقليمخريبكة ونيابة وزارة التعليم بها، بالإضافة إلى علاقة التعاون مع رئاسة المجلس البلدي لأبي الجعد. كما أننا ننفذ حاليا برنامجا موسعا في أبي الجعد والعالم القروي لإصلاح وترميم المؤسسات التعليمية بدعم من جمعيات فرنسية بالخصوص. { وماذا عن مضمون مشروع الصباغة هذا؟ > هو مشروع تنموي بحمولة اجتماعية يرمي إلى مواجهة مظاهر الفقر وخاصة لدى النساء المعوزات اللواتي استكملنا برنامج محاربة الأمية القرائية، فنحن ننظر إلى مرحلة ما بعد الأمية، لذلك توجهنا إلى خلق مشروع مندمج يشمل 34 امرأة بدعم مالي من المعهد الايطالي للتنمية، ويهم أيضا إجراء دورات تدريبية في مجال إنتاج مواد الصباغة النباتية والكيماوية. { ولماذا الصباغة بالضبط؟ وماهي الإجراءات التقنية في هذا السياق؟ > هو مشروع وطني لكتابة الدولة يتجه إلى إنقاذ ورد الإعتبار للصانع التقليدي المحلي، وبشكل خاص للزربية المحلية، اهتمام يتقاطع مع مبادرة الأممالمتحدة في نفس الإتجاه، ومع روح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكما تعلمون، فإن منطقة أبي الجعد بحمولتها التاريخية، ظلت تشتهر بإنتاج الزربية والحنبل البجعدي الذي يسوق على مستوى واسع، ولكن المشكل يكمن في كون المواد المستعملة في التزيين والصباغة تستورد من خارج المنطقة، وهو ما يضيف أعباء مادية على الصانعات المحليات ، ففكرنا في إنتاج هذه المواد محليا، وهذا ما حصل بعد اجتياز الصانعات التقليديات لدورات تكوينية علمية في هذا التخصص وهذا ما سيمكننا وابتداء من أواخر الربيع المقبل من الشروع في تسويق الزربية والحنبل المحلي نحو دول الاتحاد الاروبي، وتنظيم معارض وطنية ودولية. أما فيما يتعلق بالجانب التقني، فالجمعية تشرف على تكوين أزيذ من ثلاثين امرأة في المرحلة الأولى في مجال الصباغة بنوعيها، وفي تصبين الزرابي (مدة التكوين ثلاثة أشهر) وكل دورة صغيرة في ثمانية أيام، أما مدة التكوين في تصبين الزرابي فهي في عشرين يوما، ونحن الآن هيئنا 20 زربية كتجربة أولى رائدة على المستوى الوطني والإقليمي. هدا هو المضمون الحقيقي للعمل الجمعوي الذي عليه الانخراط المباشر في برامج التنمية المعتمدة في الغالب على المجهود والدعم الذاتي وتساير مضامين المبادرة الملكية للتنمية البشرية .