" باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه السيد الرئيس حضرات السيدات النائبات والسادة النواب المحترمين طبقا للفصل 60من الدستور يشرفني ان اتقدم امام مجلسكم الموقر بعرض يتضمن الخطوط الرئيسية للبرنامج الذي تعتزم الحكومة تطبيقه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية. وقبل ذلك اسمحوا لي أن أتقدم بخالص التهاني الى كافة اعضاء مجلسكم الموقر على الثقة التي حظوا بها من طرف الشعب المغربي . كما أود ان اتوجه بتهنئة خاصة للسيدات النائبات المحترمات اللواتي يجسد حضورهن بهذا الحجم في حظيرة مجلس النواب المكانة المتميزة التي بلغتها المرأة ببلادنا مما سيساهم بدون شك في اغناء العمل التشريعي ويفتح افاقا جديدة امام مشاركة المرأة المغربية في تقلد المسوءوليات العمومية. المرجعية والمبادىء والاختيارات إن الحكومة التي أتشرف بقيادتها المدعمة بثقة جلالة الملك السامية والتوجيهات المولوية النيرة تطمح الى السير بعزم وثبات في طريق التدبير الحديث لخدمة المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لاجراء التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تستجيب لانتظارات الشعب المغربي . إن هذا المشروع يستمد جذوره من ثوابتنا ومقدساتنا ونعني بها الاسلام والملكية الدستورية ووحدتنا الترابية .كما أنه يستلهم من ديننا الحنيف قيم التسامح والعدالة والتضامن وينفتح على حضارة عصرنا ويرتكز على ممارسة الحريات والديمقراطية واحترام حقوق الانسان . كما ان هذا المشروع يتمسك بالاصالة المغربية وبمكونات ثقافتنا العريقة وهويتنا .واعتبارا لكون الامازيغية من العناصر الرئيسية للشخصية المغربية واحدى مرتكزات الحضارة والثقافة المغربية فانها ستحظى بعناية خاصة من لدن الحكومة في رسم المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي ستسير عليه بلادنا تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب المولوي بمناسبة احداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بأجدير باقليم خنيفرة بتاريخ 17 اكتوبر 2001 . إننا نريد من هذا المشروع المجتمعي ان يضع الانسان المغربي وكرامته وحقوقه ورفاهيته في قلب الانشغالات والسياسات العمومية حتى يعطي للمواطنة حقها ويستبعد كل أشكال الاقصاء ويغذي الأمل ويعمل على تعبئة الطاقات ويحد من الانتظارية واليأس ويكافىء المجهود والاستحقاق ويحفز الابتكار . إنه مشروع مجتمعي واع كذلك برهانات اقتصاد المستقبل ومهتم بتقوية وعصرنة جهاز الانتاج الوطني للتغلب على الظروف الصعبة التي تفرضها المنافسة العالمية . وأخيرا فهو مشروع يوفق ما بين الواقعية والحداثة مستمدا قوته من أصالتنا وتراثنا منفتحا على العالم قادرا على مواجهة مختلف اكراهاته وتحولاته ورهاناته. الثوابت والمقدسات إن الدين الاسلامي والمذهب المالكي ونظام الملكية الدستورية والوحدة الترابية ودولة الحق والقانون والموءسسات الديمقراطية من الثوابت الاساسية الراسخة للمملكة المغربية وأقوى مكونات شخصيتها وهويتها. فالمغرب باعتباره دولة اسلامية سيظل تحت قيادة مولانا أمير الموءمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ذلك البلد المتمسك بقيم دينه الحنيف المتشبث بتعاليمه السمحة الحريص على قدسية معتقداته المجسد لفضائل التسامح والتكافل والاعتدال . وبحكم تشبع المغرب بمبادىء وقيم التسامح والتعايش بين الديانات السماوية ستعمل الحكومة على ان تظل بلادنا المدافع الامين عن الهوية الاسلامية والقضايا المصيرية للمسلمين والداعي الى نشر ثقافة الحوار بين الشعوب والديانات والعامل من أجل الحفاظ على صورة المسلمين وسمعتهم خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الامة الاسلامية . ويعتبر استكمال وحدتنا الترابية من شمال المملكة الى جنوبها من الثوابت الاساسية التي تحظى باجماع وطني وتستدعي تجنيد طاقاتنا لتأكيد حقوقنا التاريخية والشرعية في اطار الالتزام بالشرعية الدولية وستبقى الحكومة ملتفة وراء جلالة الملك الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة . وفي هذا الاتجاه فانها ستسير على النهج الملكي القويم في الطي النهائي لملف صحرائنا في نطاق احترام السيادة الوطنية وذلك باقرار الحل السياسي الذي لقي تجاوبا واسعا لدى المجتمع الدولي علما , كما اشار الى ذلك صاحب الجلالة في خطابه بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين للمسيرة الخضراء , أن مشروع تنظيم الاستفتاء كما ورد في المخطط الأممي اصبح متجاوزا لعدم قابليته اطلاقا للانجاز الفعلي . وستبدل الحكومة قصارى جهدها من أجل وضع حد لاحتجاز ما تبقى من مواطنينا في تندوف ضدا على كل المواثيق الدولية والمثل والقيم الانسانية . وأريد في هذا المقام أن أعبر عن تقديرنا العميق للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والامن الوطني والقوات المساعدة على التفاني والشجاعة وروح التضحية والاقدام التي أبانت عنها في الدفاع عن وحدتنا الترابية . كما أتوجه إلى العلي القدير أن يتغمد برحمته الواسعة أرواح شهدائنا الابرار الذين وهبوا حياتهم فداء للوطن ودفاعا عن وحدته الترابية . وايمانا بالمصير المشترك الذي يربطنا بأشقائنا العرب فان المملكة المغربية حريصة على تمتين روابط العروبة وتقوية اواصرها والذود عن القضايا العربية وتوحيد الصف العربي وتحقيق التضامن والتأزر وتوسيع نطاق التعاون بما يعود على الشعوب العربية بالخير والنماء . وستظل القضية الفلسطينية في صدارة اهتمامات المغرب والمغاربة وسنبقى متشبثين بتحرير الاراضي العربية واقامة سلم دائم وعادل وشامل لكل شعوب المنطقة ومساندين لأشقائنا الفلسطينيين حتى يتمكنوا من استرجاع كافة حقوقهم الوطنية وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف انسجاما مع المواقف والمبادرات التي اتخذها صاحب الجلالة نصره الله رئيس لجنة القدس . كما أن موقف بلادنا ازاء القضية العراقية ثابت يقوم على أساس ايجاد حل لهذه الازمة بالطرق السلمية والاحتكام الى الشرعية الدولية وتفادي اللجوء الى القوة . وسنسعى جاهدين في هذا الاتجاه من اجل تغليب الحلول السياسية والديبلوماسية ورفع المعاناة عن الشعب العراقي الشقيق من جراء الحصار المفروض عليه. وغني عن البيان ان التعلق بالوحدة المغاربية والعمل على ترسيخ وتوطيد التعاون والتضامن بين شعوب المغرب العربي يعتبر من الخيارات الاستراتيجية الاساسية للمغرب لاعتقادنا الراسخ بأن توحيد الصف المغاربي يعتبر ضرورة حتمية تستلزمها الظرفية الاقتصادية والسياسية الدولية الراهنة ومتطلبات وتحديات العولمة . وعليه فان المغرب سيواصل جهوده الرامية الى تفعيل اتحاد المغرب العربي وتنشيط دور موءسساته واجهزته على اسس سليمة وفق روح ومنطوق معاهدة مراكش وفي مقدمتها احترام الوحدة الترابية للدول الاعضاء . فاذا كانت العلاقات المغاربية والعربية تحظى بالاهتمام فان علاقاتنا مع الدول الافريقية الشقيقة لن تقل اهمية نظرا للروابط المتعددة والمتينة التي تجمعنا بهذه الاقطار وسنعمل على تفعيلها بكل ابعادها السياسية والاقتصادية والحضارية . كما أننا سنكون فاعلين في كل الفضاءات الثنائية والمتعددة الاطراف التي تهتم بقضايا ومصالح القارة الافريقية ومستقبلها . واعتبارا للمكانة المتميزة التي تحظى بها بلادنا على المستوى الدولي بفضل حكمة وتبصر ملوكنا العظام المغفور له جلالة الملك محمد الخامس محرر الوطن والمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني مبدع المسيرة الخضراء ووارث سرهما جلالة الملك محمد السادس ومساهمتهم المشهود بها عالميا في اشاعة السلم والاستقرار على المستوى العالمي والدفاع عن حرية الشعوب واستقلالها فان المملكة المغربية ستبقى وفية لهذه المعتقدات والقيم الانسانية التي تخدم البشرية وحريصة على تفعيلها في العلاقات الدولية في اطار نظام عالمي يقوم على العدل والمساواة واحترام العهود الدولية . كما تعتبر المملكة الاطار الاورو المتوسطي خيارا استراتيجيا ليس فقط كامتداد تاريخي وحضاري بالنسبة للشعوب المحيطة بالبحر الابيض المتوسط بل لاقتناع بلادنا بأهمية توثيق العلاقات فيما بينها ضمن هذا الفضاء خدمة لأمن واستقرار وتنمية هذه المنطقة من العالم . 1. الديمقراطية والحقوق والحريات العامة السيد الرئيس حضرات السيدات النائبات والسادة النواب المحترمين إن بناء دولة الحق والقانون وترسيخ ثقافة احترام الحقوق والحريات من الاختيارات الاساسية التي لارجعة فيها . ولقد حققت بلادنا في هذا الاطار اصلاحات ومكاسب هامة سواء على مستوى التشريع والموءسسات او على صعيد الممارسة العملية . لقد تميزت الانتخابات التشريعية التي نظمتها بلادنا موءخرا بالنزاهة والشفافية أضفت على موءسساتنا طابع الثقة والمصداقية ورسمت معالم النقلة المرجوة لمستقبل الديمقراطية ببلادنا . فالحكومة عاقدة العزم على اتباع نفس النهج بالنسبة للانتخابات المقبلة المتعلقة بتجديد ثلث اعضاء مجلس المستشارين وانتخاب اعضاء المجالس الجماعية والاقليمية والجهوية. وفي هذا السياق ستتقدم الى البرلمان بمجموعة من المشاريع والاصلاحات القانونية نذكر منها على وجه الخصوص تعديل القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين ومشروع القانون المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية ومراجعة مدونة الانتخابات . وسعيا من الحكومة لتثبيت وتطوير اللامركزية والديمقراطية المحلية وامتدادا للاصلاحات الهامة التي عرفتها النصوص المتعلقة بالجماعات الحضرية والقروية ونظام العمالات والاقاليم المصادق عليها من طرف البرلمان في دورته التشريعية الاخيرة ستعمل على مراجعة التقسيم الجماعي والاداري لعقلنة الخريطة الادارية وتكريس خيار وحدة المدينة واصلاح نظام الجبايات المحلية. واذا كنا قد حققنا مكاسب ملموسة في مجال ممارسة الحريات الفردية والجماعية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان ونزاهة الانتخابات فلا زال ينتظر بلادنا لتحصين هذه المكتسبات العديد من الاصلاحات والتحولات السياسية والاجتماعية والسوسيو ثقافية. وفي هذا الاطار تلتزم الحكومة بمواصلة الاصلاحات واتخاذ التدابير الكفيلة بصيانة كرامة المواطن المغربي وحفظ حقوقه وحرياته وتأمين ممارستها الفعلية والحرص بالمقابل على وفاء الجميع بالتزاماته تجاه القانون والموءسسات والمجتمع . وفي هذا السياق يتعين علينا ايلاء أوضاع المرأة المغربية ما تستوجبه من عناية خاصة باعتبار ذلك شرطا أساسيا لتحقيق مساواتها مع الرجل وفقا لتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وانسجاما مع التوجيهات الملكية السامية . ونستبشر خيرا بالاعمال الموفقة للجنة الاستشارية التي عهد اليها جلالة الملك نصره الله بالنظر في مدونة الاحوال الشخصية . إن تطوير الديمقراطية رهين بمدى اطلاع وسائل الاعلام بدورها الموءثر والتزامها بمسوءوليتها وبأخلاقيات المهنة خاصة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلادنا . كما أن ترسيخ أسس دولة الحق والقانون واحترام الحقوق والحريات وضمان ممارستها الفعلية وخلق المناخ الاقتصادي الفاعل يتطلب بالمقابل قضاء يتصف بالحداثة والمصداقية وأجهزة أمنية تضمن السلم والاستقرار . فمما لاشك فيه أن القضاء الفعال يعتبر الاداة الضرورية لحماية الحقوق والحريات والعنصر الاساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمار وتأمين استقرار المعاملات . لذلك ستواصل الحكومة المجهود الرامي الى تطويره وتفعليه قصد الرفع من مصداقيته وسمعته وتحسين أدائه وضمان سرعة تدخله حتى يرقى الى مصاف الاجهزة القضائية المتطورة . وطبقا للتوجيهات الملكية السامية فان الحكومة ستعمل على اصلاح وتحديث مراكز الاعتقال وتحسين أوضاع السجناء صيانة لكرامتهم وتأهيلهم لتسهيل اعادة ادماجهم بالمجتمع . ونعتبر كذلك أن الحفاظ على الامن من المسوءوليات والاولويات الرئيسية للدولة . ذلك أن حماية الافراد والجماعات وصيانة ممتلكاتهم وسلامتهم وتأمين معاملاتهم وتوفير السلم والاستقرار أمر ضروري لا يمكن دونه بناء مجتمع سليم ديمقراطي ومتطور . كما أنه من غير الممكن بناء دولة ديمقراطية وممارسة الحريات والحقوق الفردية والجماعية وقيام اقتصاد منتج ومتطور في غياب شروط الامن والسلامة والطمأنينة والاستقرار وفرض سلطة الدولة والموءسسات الدستورية في نطاق سيادة القانون . فعلى الرغم من كون المغرب , والحمد لله , ينعم بالامن والاستقرار لتوفره على أجهزة مهنية فعالة تسهر بنجاح على سلامة المواطن وحماية ممتلكاته, فان ثمة اجماعا وطنيا على أن هذا القطاع يعاني من عجز واضح في موارده البشرية والمادية ونسبة تغطية خدماته لمجموع التراب الوطني . لذا , ستعمل الحكومة على تمديد خدمات ومصالح الامن لتشمل تدريجيا المدن والمراكز غير المغطاة وتدعيم وتطوير التجهيزات الامنية وتحسين الوضعية المادية لرجال الامن للرفع من أداء هذا الجهاز خدمة للصالح العام . السيد الرئيس حضرات السيدات النائبات والسادة النواب المحترمين 2. التنمية الاقتصادية والاجتماعية لقد أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح السنة الاولى من الولاية التشريعية الحالية أن الانشغالات الحقيقية لمغرب اليوم والغد تتمثل في التشغيل المنتج والتنمية الاقتصادية والتعليم النافع والسكن اللائق ينبغي تركيز الجهود عليها . إن حجم الانتظارات والحاجيات الاجتماعية المشروعة والعجز الواجب تداركه في هذه القطاعات وعدم تطابق وتيرة العرض مع الطلب في ميدان الخدمات العمومية ومحدودية الموارد وضرورة المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية لضمان التنمية المستدامة والاكراهات التي تفرضها المنافسة والعولمة من بين الصعوبات التي يتعين علينا مواجهتها باصرار وحزم لضمان تنمية حقيقية ومتواصلة . وتعتزم الحكومة في هذا الشأن اتخاذ كل ما يلزم من المبادرات سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي واعتماد الاصلاحات والتدابير الضرورية من أجل تعزيز رصيدنا من الثقة والمصداقية واصلاح محيط المقاولة وتحسين ظروف استقطاب روءوس الاموال وتقديم الدعم والمساعدة للشركاء الاقتصاديين لضمان وتيرة النمو اللازمة لتحريك سوق الشغل والحد من البطالة ورفع مستوى عيش المواطنين والقضاء التدريجي على الفقر والتهميش الاجتماعي . ولبلوغ هذه الغايات فان عمل الحكومة سوف ينصب بالأساس على محورين اثنين : أ / تقوية وتحديث الشبكات الكبرى للبنيات التحتية والفوقية من طرق سيارة وشبكة طرقية ومواصلات وطاقة وموانىء... إن دعم وتحديث التجهيزات البنيوية للبلاد تشكل معبرا لا محيد عنه لبناء اقتصاد عصري وجذاب قادر على تهييء بلادنا للاندماج في مناطق التبادل الحر وكسب رهان العولمة والتنافسية الدولية . ومن المشاريع التي صنفتها الحكومة ضمن أولوياتها بالنظر لتأثيرها الايجابي على الاقتصاد الوطني نذكر بالخصوص : أولا: انجاز المركب الصناعي والتجاري حول مشروع ميناء طنجة المتوسطي في ملتقى الممرات البحرية الكبرى بغلاف مالي يناهز 11 مليار درهم . ومن المرتقب أن تنتهي كل الاوراش المتعلقة بميناء طنجة المتوسطي والمناطق الحرة المقررة والطريق السيار وخط السكة الحديدية في نهاية 6002. ثانيا : مواصلة انجاز 400 كلم من الطرق السيارة ما بين 2003 و 2007 وذلك بمضاعفة وتيرة الانجاز الحالية . وسيهم هذا البرنامج انهاء الطريق المحوري للدار البيضاء ومحوري أصيلة س طنجة وتطوان الفنيدق وربط الدارالبيضاءبالجديدة وسطات بمراكش . وستعمل الحكومة على انجاز الدراسات والتركيبة المالية للخطوط التي ستربط مستقبلا فاس بوجدة ومراكش بأكادير هذه المشاريع ذات الاهمية الكبرى التي ستمكننا من تمديد شبكة الطرق السيارة الى كل من المنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية . ثالثا: مواصلة انجاز المشروع الضخم للمحور الدائري المتوسطي الرابط بين طنجة والسعيدية . رابعا: انجاز المخطط المتعلق بتمديد شبكة السكك الحديدية باحداث خط جديد سيربط تاوريرت بالناظور وخط مزدوج بين الدارالبيضاء وسطات وانجاز الشطر الاخير من الخط المزدوج الرابط بين الرباطوفاس والذي ستنتهي الاشغال به سنة 2005 . وبخصوص اشكالية الماء فان الحكومة عازمة على نهج سياسة مائية جديدة طبقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح اشغال المجلس الاعلى للماء والمناخ المنعقد بأكادير بتاريخ 21 يونيو 2001 حيث دعا جلالته الى تبني تغيير جدري في سلوكنا تجاه الماء من خلال تدبير الطلب وعقلنة الاستهلاك ومواصلة الجهود من أجل تعبئة كافة الموارد المائية القابلة لذلك ومواصلة انجاز منشئات التخزين وتحويل المياه من الاحواض ذات الفائض نحو الاحواض التي تعاني من الخصاص واستدراك التأخر المسجل على مستوى الصرف الصحي للمياه المستعملة وحماية مصادر المياه من التلوث . وإن جمع كل من قطاعات اعداد التراب الوطني والماء والبيئة في اطار جهاز وزاري هام يهدف الى الحرص على تبني سياسة شاملة مندمجة كفيلة بتأمين تصور مستقبلي لتدبير الماء والمناخ والحفاظ على البيئة في مستوى التحديات التي تطرحها هذه القطاعات في الحاضر والمستقبل . وتنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة نصره الله ستحظى أقاليمنا الجنوبية الغالية بعناية خاصة حيث ستكثف الجهود من أجل انجاز المزيد من التجهيزات الاساسية والمنشآت الاقتصادية والمرافق الاجتماعية الكفيلة بتحسين مستوى الخدمات الضرورية وتوفير العيش الكريم لكافة المواطنين بهذه الاقاليم العزيزة. وفي هذا الاطار سيتم تطوير النسيج الاقتصادي لمناطقنا الجنوبية وتوفير المناخ الملائم للتنمية المستدامة والمندمجة والعمل بالخصوص على تفعيل دور الوكالة الوطنية لتنمية الأقاليم الجنوبية وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية . السيد الرئيس حضرات السيدات النائبات والسادة النواب المحترمين ب / إن المحور الثاني سينصب على تأهيل النسيج الاقتصادي الوطني ودعم المقاولة المغربية وتهييئها لمواجهة شروط المنافسة وتحديث أنظمة وآليات الانتاج. إن الشروع في تطبيق اتفاقية الشراكة بين المملكة المغربية والاتحاد الاوربي يشكل بداية مرحلة انتقالية يتعين فيها على المقاولات الوطنية مواجهة تحديات المنافسة داخل منطقة التبادل الحر المرتقبة في أفق سنة 2012 . ومن المعلوم أن سنة 2003 ستشهد بداية التطبيق الفعلي لهذه الاتفاقية التي تجعل المنتوج الوطني في مواجهة مفتوحة مع المنافسة الاوروبية . وهذا يتطلب منا نهج سياسة ايرادية واعتماد تدابير عملية لمساهمة الدولة في تأهيل مقاولاتنا على جميع المستويات . وايمانا منا بحتمية العمل على اعطاء المناعة لنسيجنا الاقتصادي وتأهيله لمواجهة الشروط الجديدة للتنافسية فقد أولينا هذا الهدف كامل الاهتمام وصنفناه عن اقتناع ضمن التوجهات الرئيسية لسياستنا الاقتصادية . وهكذا, ستعمل الحكومة على تنفيذ برنامج تحفيزي شامل يهدف الى تحسيس المقاولة الوطنية باكراهات ورهانات التنافسية وتشجيعها على تأهيل وتحديث وسائل وطرق الانتاج وتطوير قدراتها الانتاجية والتنافسية. وسيولي هذا البرنامج عناية خاصة لوضع وتفعيل اليات التمويل الضرورية للشروع مباشرة في عملية تأهيل المقاولات في مختلف القطاعات الانتاجية وبالخصوص عن طريق : أولا / احداث صندوق لتأهيل المقاولة سيرصد له سنة 2003 غلاف مالي يقدر ب 400 مليون درهم كدفعة اولى ستليها دفعات أخرى حسب الاحتياجات . ثانيا / تفعيل صناديق الضمان الموجودة التي يقدر مجموع الارصدة المالية المتوفرة بها بما يفوق مليار و200 مليون درهم والتي سيتم توظيفها لتشجيع المقاولات على اللجوء الى القروض مع الاستفادة من تخفيض في نسب الفائدة وتمديد الاجال . ثالثا/ تحريك روءوس الاموال المخاطرة التي يقدر مجموع ارصدتها بما يقرب من 900 مليون درهم لتشجيع المقاولات وخاصة منها الصغيرة والمتوسطة على الرفع من رأسمالها. علاوة على ذلك ستعمل الحكومة على دعم دور الجمعيات والمجموعات المهنية وتطوير نظام التكوين المهني وتكييفه مع حاجيات المقاولة. وستبذل الجهود ويوجه نشاط الدعم والتأهيل للقطاعات الاقتصادية التي تتوفر فيها بلادنا على امتيازات وقدرة تنافسية كافية كقطاعات السياحة والصناعة خاصة فروعها الموجهة نحو التصدير وكذا الصيد البحري والفلاحة والمعادن والتقنيات الجديدة للاعلام والتواصل. فبخصوص قطاع السياحة الذي حدد له جلالة الملك محمد السادس نصره الله هدف استقطاب 10 مليون سائح سنويا بداية من العقد المقبل في خطابه السامي بتاريخ 10 يناير 2001 بمراكش فان الحكومة واعية بأهمية هذا الرهان وضرورة تحقيقه لما سينتج عنه من تحولات عميقة على الاقتصاد الوطني والمجتمع عامة وما سيوفره من امكانيات هائلة للتشغيل. واعتبارا لجسامة المسوءولية الملقاة على عاتقنا في هذا المضمار ونظرا لحجم الاصلاحات والتغييرات والمنجزات التي يتعين القيام بها في اطار الاستراتيجية المحددة فسنعمل على تعبئة كل القطاعات العمومية وشبه العمومية المعنية مباشرة أو بصفة غير مباشرة والسهر على الوفاء بالتزاماتها في اطار تصور شمولي وبرمجة محكمة وتنسيق دقيق. وستسعى الحكومة الى اشراك المجموعات المهنية وممثلي القطاعات المعنية والتشاور معها حول عناصر البرنامج العمومي الخاص بدعم وتأهيل المقاولات. وبما أن المشاورات الجارية مع الاتحاد الاوروبي بشأن تمديد اتفاقيات التبادل الحر لتشمل القطاع الفلاحي وكذا المشاورات التي ستفتح مع الولاياتالمتحدةالامريكية سوف تكون لها انعكاسات على قسط كبير من الاقتصاد الفلاحي فانه يتعين علينا ايلاء عناية خاصة لهذا القطاع والعمل على تأهيل فروعه الاكثر هشاشة. وفي اطار المجهود المبذول لانعاش الاستثمار سنعمل كذلك على تفعيل دور ونشاط المراكز الجهوية للاستثمار التي تقرر انشاوءها بموجب الرسالة الملكية الموءرخة في 9 يناير 2002. ومن المعلوم أن عددا كبيرا من هذه المراكز قد تم فتحها وشرعت في اعمالها . ومن المرتقب أن تباشر المراكز المتبقية عملها في الاسابيع المقبلة. وبذلك سنتمكن من التوفر على آليات حديثة ومهنية للنهوض بالاستثمار. وتجدر الاشارة الى أن دور هذه المراكز لا يقتصر على الوظيفة التقليدية للشباك الوحيد بل يتعداه ليشمل مجالات مد الفاعلين الاقتصاديين بالمعطيات والمعلومات الاقتصادية والمساعدة على انشاء المقاولات ودعم وتسهيل الاستثمار واستغلال الموءهلات والطاقات الاقتصادية الجهوية وتأهيل ودعم المقاولات خصوصا تلك التي توجد في وضعية صعبة. لهذا فان الحكومة ستسهر على أن تضطلع المراكز الجهوية للاستثمار بدورها بفعالية ومهنية لخدمة المقاولة والتنمية حتى تكون كما أرادها صاحب الجلالة نصره الله قاطرة حقيقية للاستثمار وخلق الثروات والتشغيل. إن تأهيل الاقتصاد الوطني الذي يحتل مكانة مرموقة في اختياراتنا الاقتصادية رهين كذلك بمدى حرصنا على الاهتمام بالمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشكل معظم نسيجنا الاقتصادي والتي لا يخفى على أحد الدور الهام الذي تلعبه في ميدان التشغيل على الخصوص . لذا فان جميع القطاعات الحكومية ستركز مجهوداتها وطاقاتها للاعتناء بهذه المقاولات وستضع نصب أعينها حاجياتها في كل التدابير المقترحة حتى نتمكن من مواكبتها ومساندتها. وفي هذا الاطار ستعمل الحكومة على تفعيل الاجراءات المنصوص عليها في القانون المتعلق بوكالة تنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة والذي نص على جملة من التدابير لصالح هذه المقاولات ستعمل جميع الادارات على ترجمتها على أرض الواقع. وعلينا كذلك أن لا نغفل في هذا الصدد الاعتناء بقطاع له أهمية كبيرة في توفير الشغل وجلب العملة الصعبة ألا وهو قطاع التصدير . فاذا كانت بلادنا قد قطعت أشواطا لا بأس بها في هذا الميدان فان النتائج المسجلة ما تزال دون مستوى الامكانات المتاحة لذا وجب الاهتمام بتنوع المنافذ والاسواق الدولية بتشجيع شركات التجارة الدولية وكذا تنوع وتقويم مصادر الانتاج الوطني الموجه للتصدير عن طريق تشجيع الاندماج الاقتصادي للوحدات الانتاجية . كما سنعمل تدريجيا على تمديد الامتيازات الممنوحة في قطاع التصدير الى المصدرين غير المباشرين . ومن بين الاجراءات التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتفعيل الاستثمار وتشجيع الصادرات ضم الهيئات المكلفة بانعاش الاستثمار والصادرات وتفعيل نشاطها ضمن اطار موحد . وإيمانا منا بالدور الذي يمكن أن تضطلع به تمثيلياتنا بالخارج فاننا سنعمل على تطوير الديبلوماسية الاقتصادية التي أرادها صاحب الجلالة حفظه الله ان تكون عنصرا فاعلا في العمل الديبلوماسي من أجل جلب رؤوس الاموال واستقطاب الاستثمارات وفتح اسواق جديدة في وجه منتوجاتنا وصادراتنا. أما فيما يخص الميدان الجبائي فاذا كان بامكاننا أن نجزم وبكل تجرد وموضوعية أن نظامنا الجبائي هو نظام عصري يتماشى مع ما هو معمول به في الدول المتقدمة فلابد ان نقر كذلك بأنه يمتاز بمفارقة قوية تتمثل في ان النسب الفردية والهامشية تظل مرتفعة في حين أن المحصول الجبائي الوطني الاجمالي يبقى دون المستوى المطلوب وهذا يعود بالأساس الى ان فئات عريضة من مركبات الاقتصاد الوطني أفرادا كانوا أم مقاولات لا توفي بواجبها الضريبي. لذا ستعمل الحكومة على اعادة النظر في نظامنا الجبائي لجعله أكثر عدالة مع الاهتمام بتوسيع قاعدة الوعاء الضريبي وجعل الجميع يساهم بصفة متوازنة ومتناسبة مع مستويات دخلهم في العبء الضريبي الوطني مما سيساعد الاقتصاد غير المنظم على الولوج التدريجي للقطاع المهيكل. ونظرا لكون الأسواق المالية تساهم بدور فعال في تمويل الاقتصاد الوطني وفي تنمية حجم الادخار الموجه للاستثمار فستعمل الحكومة على اعادة هيكلة القطاع المالي العمومي والخاص وتطوير قنوات تمويل الاقتصاد وخاصة باعادة تنشيط الاسواق المالية وقنوات الادخار الموءسساتي كشركات التأمين وصناديق التقاعد التي تأثرت بدورها من الصعوبات التي عرفتها الاسواق المالية. وحتى نتمكن من تدليل الصعوبات التي يعرفها هذا القطاع سنعمل على فتح الحوار والمشاورات مع الموءسسات والمنظمات المعنية للانصات اليها والعمل جميعا على تشخيص وضعية بورصة القيم والاسواق المالية وتحديد الاجراءات الواجب اتخاذها لتحريك المعاملات وتفعيل الاسواق المالية للنهوض بالاقتصاد الوطني . وتجدر الاشارة الى ان الحكومة ستبقى وفية للخيارات الاستراتيجية الاقتصادية التي تبنتها الدولة منذ سنوات وستعمل في هذا الباب على مضاعفة الجهود في مجال الخوصصة وتحرير عدد من القطاعات واصلاح واعادة هيكلة وتقويم الموءسسات العمومية والشركات الوطنية حتى لا تبقى عبئا على كاهل خزينة الدولة وذلك باعادة النظر في دورها وعصرنة وسائل تدخلاتها وترشيد نفقاتها . وعلى النهج الذي سنه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله برحمته الواسعة سنسعى تحت القيادة الرشيدة لوارث سره صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الى توظيف مساهمات صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية كرافعة للاستثمار المنتج وقاطرة لاستقطاب روءوس الاموال ومحفز على توسيع البنيات الاقتصادية الاساسية والمشاريع ذات البعد الاجتماعي الهام . وبالنظر للموءهلات الانتاجية لقطاع الصناعة التقليدية الذي يمكن ان يصبح خزانا هاما لخلق القيمة المضافة ومناصب هامة للشغل فضلا عن بعده الثقافي والحضاري المتميز ولرفع الصعوبات الهيكلية التي لا زالت ترهن نموه وتطوره ستبادر الحكومة الى اتخاذ التدابير اللازمة لادماجه في النسيج الاقتصادي الوطني وتأهيل مقاولات هذا القطاع عبر توفير محيط تحفيزي للمبادرة والاستثمار ولتسويق المنتوجات داخل الوطن وخارجه وتأهيل منظومة التكوين المهني .