سأقصف الطفل بشدة، وبطلعات متكررة، لكي يكون أول درس في القسوة، في مقدمة راشدة نحو النضج، ومقدمة، أيضا، لكي أصبح كائنا يليق بالعالم اليوم. لابد من التمرين طويلا على قتل الطفل،حتى تكون ناضجا للواقعية. سأتحدث بصفاقة إلى النساء، وبواقعية صيرفي وبائع الأقنعة. سأحسب الربح والخسارة، ولا أعول سوى على من هم في المعادلة، كما يأمرني بذلك ميزان دقيق في الدماغ وفي الشرايين. سأتحدث إليهن بلغة الأسواق الكبرى: هذا العطر ثمين للغاية وليست هناك حاجة لكي يدخل إلى قصيدة لكي يكون عطرا رائعا. كما أنه لا حاجة لك بأسماء الورود، يكفي أن تعرفي أنها من توقيع سان لوران. لا يمكن للشاعر أن يعيش بكل الصمامات اللغوية المتاحة أمامه، واعتقاده راسخ بأنه على صواب، فقط لأنه يستطيع أن يسأل: من أية جهة تهب الريح؟ أو لماذا تأتي العاصفة من جهة النهر؟ أو لأنه يعتقد بأن العواطف ضرورية لكي لا يموت الإنسان من البرد، أو من تقلب الأسهم في البورصة. صار من المفروض عدم الزج بالقلب في القضايا المصيرية، لأن أفضل بورتريه للإنسان في وضعنا الحالي هو الروبو، أو المرابي، نظرا للقرابة الاشتقاقية مع الربى..! الآلة الحاسبة هي أفضل عضلة للعاطفة في الوقت الراهن كي لا يكون هناك خطأ ما في الحساب. المطلوب فعلا دقة متناهية في برودة العواطف. عليك ألا تشهق، عليك ألا تعرق، عليك ألا تخجل، عليك ألا تبكي، عليك ألا تجهش، اللهم إلا إذا كان ذلك جزءا لا يتجزأ من خطتك في الإطاحة بالرؤوس، أو خدعة امرأة ضرورية في المعادلة. يجب أن يموت الطفل والشاعر معا، حتى يمكن للإشاعة وللدبابة وللتراكتور وللمناجل أن تصنع العالم. في زمن يصنع فيه معجون الأسنان معجزة السعادة، لا حاجة للشاعر بعواطف نقية وابتسامة من أعماق النهر. لا حاجة للشاعر اليوم بعد أن أصبحت العاطفة من اختصاص أصحاب الإشهار والدموع، شعبة تدرس في كليات السينما الهندية للمخرجين. سيعود إلى مصبه سابحا ضد التيار، مثل سمك السلمون. سيموت حزينا، ولكنه سيموت بقناعة تامة بأن ذلك ضروري للحياة حتى تستمر سليمة وواقعية وواضحة بدون كآبة ولا سحب حول القلب. حياة باردة أيضا والحرارة الوحيدة فيها هي التي يرسمها الزئبق في يوم قارس. ضروري اذن أن يتفاهم الطفل والشاعر على موت محكم، وسلس يليق بالعالم الآن.