عبر أرباب النقل الطرقي للمسافرين والبضائع عن تخوفهم من أن يسفر الاقتصار على استعمال الكازوال من صنف 50 جزيئة في المليون، ابتداء من أبريل 2009 ، عن اندحار أثمنة النقل عوض ارتفاعها ، وعن وقوع اضطرابات اجتماعية في قطاع النقل ما دام أن الصعوبات الحالية توحد آراء ومواقف العاملين في كل أصناف النقل. لتحسيس المصالح الحكومية المعنية بالموضوع وجهت فيدرالية النقل التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب رسائل إلى وزراء المالية - الشؤون الاقتصادية والعامة - الطاقة والمعادن - التجهيز والنقل - طالبت فيها بعقد لقاءات لمعالجة الإشكالية الناتجة عن ارتفاع الكلفة الحقيقية للنقل مباشرة بعد ارتفاع أسعار الكازوال الذي يمثل حوالي 36% من كلفة النقل، كما ذكرت فيها بالتحديات التي تواجه تنظيم قطاع النقل الطرقي للبضائع منذ تحريره في مارس 2003 ، وبما ورد عن الموضوع في تقرير البنك الدولي لسنة 2005 حول اللوجيستيك وتقرير مكتب الدراسات «ماكنزي» حول التجارة المغربية والتنافسية. في هذا السياق أعلن وزير التجهيز والنقل كريم غلاب، بمناسبة تقديم توضيحات عن انطلاق المنصة الصناعية الكبرى طنجة المتوسط، أن لا خوف من تنافسية الأساطيل الأجنبية لأن الهم الأساسي للوزارة هو الرفع من القدرة التنافسية للأسطول الوطني، كما أكد بأن الأوراش المفتوحة حالياً تشمل الإعداد لتوقيع برنامج تعاقدي جديد بين الحكومة والمهنيين، كما تشمل التوصل إلى اتفاقية تؤمن الرفع من قدرات المقاولين المغاربة على إنجاز رحلات إلى الاتحاد الأوربي من خلال إبرام معاهدة مغربية أوربية للنقل الطرقي، مشابهة لمعاهدة الأجواء المفتوحة الخاصة بالنقل الجوي. واستناداً إلى التصريحات التي خصنا بها رئيس فيدرالية النقل في الاتحاد العام لمقاولات المغرب عبد الإله حفظي، فإن القطاع يعاني من إشكالية بنيوية يستحيل معها عكس الارتفاعات في أسعار المحروقات، وغيرها من العوامل التي تدخل في كلفة النقل، على التعريفة المعمول بها، بل إنه عبر عن تخوفه من اندحار الأثمنة إلى مستويات متدنية. التخوف من اندحار الأثمنة برره عبد الإله حفظي بكون النقل الطرقي الذي يستهلك حوالي 37% من الاستهلاك الوطني للمحروقات، تستحوذ فيه مادة الكازوال، حسب سن الحافلة وحالتها الميكانيكية، على ما بين 36% و 50% من تكلفة النقل، وبالموازاة مع ذلك فإنه يعاني من وضعية صعبة، من أبرز مظاهرها أن حصة القطاع غير المنظم تتراوح فيه بين 60% و 70% كما أن حصة المقاولات الفردية تصل إلى 89% والأهم من هذا أنه يعاني من وضعية تشرذم، حيث أن 92% من المقاولات تتوفر على شاحنتين أو أقل، وجل شاحناته تعاني من وضعية التقادم، إذ أن 22% من الشاحنات يزيد عمرها عن 20 سنة و 34% منها يزيد عمرها عن 15 سنة و 53% منها يزيد عمرها عن 15 سنة. الإقرار بأن طبيعة القطاع تفرض استحالة عكس ارتفاع أسعار المحروقات على أثمنة النقل، معناه أن زيادة درهم واحد في سعر الكازوال دون اتخاذ إجراءات مواكبة، سيترتب عنها التشجيع على تجاوز الحمولة المسموح بنقلها وعلى خلق عراقيل جديدة أمام هيكلة القطاع، والرفع من قدرته على مواجهة منافسة الأساطيل الأجنبية التي تمارس في المغرب. ولتجاوز هذه الوضعية حدد حفظي مطالب القطاع الأساسية في: 1 - إرساء آليات تمكن من عكس الارتفاعات بصفة تلقائية على سعر النقل، للمساهمة في الدفع بكل الفاعلين في القطاع للامتثال لعلاقات شفافة، على غرار النظام المعمول به في فرنسا، علماً بأن المغرب سبق له أن وضع صيغة لإرساء التعريفة المرجعية دون أن يضفي عليها طابع الإلزامية. 2 - الرفع من قيمة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على المحروقات من 7% إلى 20% لتمكين المقاولات من استرجاع فارق السعر الذي سينتج عن تعويض كازوال 10000 جزيئة بالصنف النقي 50 جزيئة في المليون. وإذا ما تم العمل بهذا المقترح، فإن أرباب الشاحنات سيوفرون حوالي 2000 درهم في الطن من المحروقات وفي هذا خير وسيلة لتوسيع القاعدة الضريبية وللتشجيع على الانخراط في القطاع المهيكل. 3 - التخفيف من العبء الضريبي المفروض على مقاولات النقل الطرقي، إذ أن الإبقاء على نظام الضريبة الداخلية على الاستهلاك TIC يكلف الفاعلين في القطاع ما بين 10 آلاف و 12 ألف درهم في السنة عن كل شاحنة، وقد يكون من المنطقي التعامل مع هذا القطاع في مجال الكازوال المهني بنفس المنطق المعمول به مع قطاعي النقل الجوي والنقل البحري. وفي انتظار ما سيتمخض عن المفاوضات المرتقبة بين المهنيين والحكومة من قرارات، فإن جني ثمار المجهودات التي بذلت في كافة الميادين المرتبطة باللوجيستيك، بما في ذلك توسيع المنشآت المينائية وفتح مؤسسات للتكوين المهني، يحتاج إلى إرساء المزيد من الآليات التي تشجع على الاستثمار في القطاع وعلى الانخراط القوي في القطاع المهيكل. فبدون المساهمة بشكل فعال في تغطية الحاجيات المتزايدة للسوق الوطنية على النقل، يصعب الرهان على التوسع في الأسواق الأوربية، وما دام أن الهدف المشترك هو خلق المزيد من مناصب الشغل والرفع من مستوى العيش، فلا شيء يمنع من بلورة حلول ترضي كافة الأطراف دون أن يكون ذلك على حساب المستهلك.