منذ بداية العدوان الإسرائيلي عبرت جميع شرائح المجتمع المغربي ، بكل الطرق والوسائل المباحة، عن تضامنها مع أبناء غزة في محنتهم المتواصلة، وسكان الدارالبيضاء ، وكعادتهم، كانوا في مستوى الحدث، شأنهم في ذلك شأن جميع المغاربة أينما كانوا ووجدوا، إلا أن هناك مجموعة من التلاميذ والتلميذات بهذه المدينة ، وعلى الخصوص بمنطقة عين الشق، أرادوا أن يركبوا على هذه «الخطوات التضامنية» لإخفاء تعثرهم الدراسي ، خصوصا في هذه المرحلة بالذات التي تعتبر فترة للامتحانات، وإنهاء الفروض وإدخال نقطها. كما أن تلاميذ وتلميذات المستوى الثالث إعدادي ، وهم من شكل الشريحة الواسعة من المتظاهرين، مقبلون يوم 19 يناير الحالي على امتحانات الدورة الأولى الموحدة محليا، وتلاميذ السنة الثانية بكالوريا ، بكل شعبها ، ملزمون بإتمام مقررات هذه السنة لأنهم مقبلون على امتحانات البكالوريا الوطنية. ويقود هؤلاء التلاميذ، حسب شهود عيان، بعض المنقطعين عن الدراسة، الذين استغلوا المناسبة لاستدراج بعض التلاميذ ، وبعد أن يتجمعوا يقومون «بغزو» المؤسسات القريبة والمجاورة، وبعد ولوجهم الساحات يبدأون في الانتقال بين الأقسام لإخراج التلاميذ مرددين شعارات «تندد بكل من يدرس ولا يشاركهم احتجاجاتهم»! في هذا السياق تعرضت الثانوية التأهيلية ابن زيدون والثانوية الإعدادية الحسنى لعملية تخريب وتكسير زجاج نوافذهما والعبث بممتلكاتهم وتحطيم بعض أبواب المرافق الصحية! وللإشارة، فقد استعصى على الطاقم الاداري بهاتين المؤسستين إيقاف هذه «الفوضى والتسيب » ، إذ أن كل تدخلات الطاقم لمحاولة شرح المغزى من التظاهر وضرورة إبقائه في نطاقه الحضاري، قوبلت بترديد هذه العينة من «المحتجين» بشعارات كلها سب وقذف، ناعتين الإدارة بأقبح النعوت ! أما خارج المؤسسات وبشوارع المقاطعة، فإن سيارات الأمن وسيارات القوات المساعدة كانت ترافق المتظاهرين أينما حلوا وارتحلوا، وكلما لاحظت انفلاتا أمنيا تدخلت، كما وقع مساء يوم الاثنين، حينما ألقت القبض على أربعة تلاميذ أمام مؤسسة ابن زيدون ، سرعان ما حضرت عائلاتهم بعد ساعات من ذلك . إن مثل هذه الانقطاعات عن الدراسة، والتي طالت لتصل إلى 4 أو 5 أيام، حسب العديد من الأساتذة والأطر التربوية، غالبا ما يكون لها تأثير ، بشكل أو بآخر، على السير العادي لعملية التمدرس، بل انها تربك بشكل واضح الموسم الدراسي بكامله، خصوصا تلاميذ أقسام السنة الثالثة إعدادي ، وأقسام السنة الأولى بكالوريا المتبوعين بالامتحانات الجهوية في آخر يونيو، وكذلك أقسام السنة الثانية بكالوريا الذين لهم برنامج دراسي مكثف. في السياق ذاته، وفي صباح يوم الثلاثاء 6 يناير 2009 توجه تلاميذ وتلميذات السنة الثانية علوم رياضية بثانوية ابن زيدون، إلى إحدى الدوائر الأمنية بمقاطعة عين الشق، لتقديم شكاية في شأن «التلاميذ» الذين منعوهم من الدراسة، لكن المفاجأة كانت كبيرة، كما صرحت لنا بعض التلميذات وهن باكيات، حين تم استقبالهم ب «برودة»! وللتذكير، فإن هذه المؤسسات تعرضت للرشق ب «القنبول»، صباح أول أمس الثلاثاء، والذي هو عبارة عن مادة «الماء القاطع» ممزوجة بمواد كيماوية أخرى تُحدث دوياً قوياً.