200 درهم، هو المبلغ الذي حكمت به المحكمة كتعويض شهري يسلم لذوي الحقوق الذين فقدوا عزيزا عليهم قد يكون ابنا، ابنة، وزوجا أو زوجة، في محرقة «روزامور» التي راح ضحيتها 55 شخصا خلال السبت «الأسود» 26 من شهر أبريل 2008، إضافة إلى المصابين، والتي طالت تداعياتها حتى الناجين ، على المستوى النفسي. بعد مضي 8 أشهر وبضعة أيام، لايزال فقدان حنان المزدادة في 25 فبراير 1980 وغزلان من مواليد 1987/9/13 الشقيقتان اللتان كانتا تعولان عائلتهما عنوانا لمأساة يتذكر تفاصيلها «القاتلة» كل أفراد عائلة دومير، أتعلق الأمر بالأب محمد المزداد سنة 1946، المياوم والذي لايزاول عملا منذ سنين، أو الأم محجوبة التي لم تجف دموع مقلتيها، وبمجرد زيارتنا لهما خلال الأسبوع المنصرم ، لم تنفك تندب حظها في فقدان ابنتيها، فلذتي كبدها، ومعهما ابنة شقيقة زوجها الذهبي إيمان من مواليد 1987، لتكون فاجعة العائلة كبيرة بكل المقاييس. يتذكر والد الراحلتين، الالتفاف الذي حظيت به الأسرة إبان الأسابيع الأولى للفاجعة، والمواساة التي تلقتها من طرف العديد من المسؤولين في مصابهم الجلل ، ويستحضر كل مبادرات العزاء المادي والعيني، دون نسيان الوعود الكثيرة التي تلقاها بتشغيل ابنه عبد الإله ، من مواليد 1971 متزوج وله ابن، و هشام من مواليد 1975 ، متزوج وأب لطفلة واحدة، ومراد من مواليد 1978 هو الآخر متزوج بدون أبناء ، وكلهم عاطلون عن العمل، فالأسرة تكبدت مصابا جللا، بفقدانها ل «ورديتها»، ولمعيلتيها، لتعاني بذلك الأمرين، أمام وضع اجتماعي عسير في ظل ارتفاع الأسعار والغلاء وصعوبة الحياة. محمد يستحضر كذلك يوم طرق باب شقة الأسرة، والتي ، بالمناسبة، لم تُدفع أقساطها الشهرية منذ شهور لتعذر ذلك على الوالدين المكلومين، فأي باب يمكن أن يسده مبلغ 400 درهم شهريا ، 200 للأم و200 للأب؟ فهل يسد جوع أفراد الأسرة، أو يساعد على التطبيب، أو أداء الواجب الشهري للماء والكهرباء... أم ما عساهما يفعلان بتعويض المحكمة هذا ؟، (طرق) الباب عون للسلطة على مشارف عيد الأضحى، مبلغا الأسرة أنه يقوم بجرد وإحصاء الهدف منه تسليم منحة العيد للمعوزين، لتمر الأيام وتنقضي فترة العيد، دون أن تتسلم الأسرة أي شيء، متسائلا لماذا يتم فتح باب «مواجعها » وجراحها عوض تضميدها! واليوم لا تطالب عائلة دومير ومعها عائلات ضحايا آخرين ، عاشت «النكبة» ووجدت نفسها ذات صباح تفقد شخصا غاليا وعزيزا على قلبها، خرج متوجها للعمل لإعالتها لتكون خرجة أخيرة بدون رجعة سوى بحفظ كرامتها وصون ذكرى ضحاياها، والنظر بعين الرأفة إلى أوضاعها الاجتماعية.