وحيدون... يعيش مرضى الجذام مع المرض والآلام: آلام المرض الذي يفترس أجسادهم وآلام أشد تفترس نفسياتهم بسبب الوحدة والإهمال ونبذ وتنكر الأهل. ظروف هؤلاء المرضى الصحية التي جعلتهم منبوذين منسيين، دفعتهم إلى فقدان الثقة في الحياة، في الناس حتى الأقربين منهم... لكل واحد من هؤلاء المرضى حكايته مع المرض ومع الأهل... فلنستمع لآناتهم، آهاتهم واستغاثاتهم وهم يستجدون الرعاية والاهتمام... بعد أن لم يتبق لهم -كما يقولون- «إلا الله والملك وهذا الوطن» الذي لم يجدوا فيه أسرة تحتضنهم ولا مأوى يأويهم إلا المركز الوطني للجذام بعين الشق بالدارالبيضاء، أو ما تبقى من تكنة عسكرية قديمة تعود إلى عهد الحماية الفرنسية... زوروني ولو كل سنة مرة!... محمد بن بوشعيب الدحماني، من مدينة مكناس، بدون بطاقة، بالكاد تجاوز العقد الثالث، هيأته توحي بأنه في العقد السادس، لكن الممرضة رشيدة، التي ترعاه وبقية المرضى، تقول إنه من مواليد 1967، عينان مشرعتان لكنهما لا تبصران، شفتاه أتى الجذام على جزء كبير منهما وكذلك اليدين والرجلين، لم يعد له في هذا العالم من مكان ولا أهل إلا سريرا في أحد أجنحة المستشفى المركزي بالدارالبيضاء، حيث يستقر منذ أكثر من عقدين... يوضح: «أتيت هنا منذ حوالي 18 أو 20 سنة. كان عمري آنذاك 16 أو 18سنة. المرض تَلَّفْنا... أهلي نسوني فنسيتهم. المحسنون هم الذين يزوروننا». لم يعد محمد يتذكر شيئا عن مدينته ولا أهله، لقد غابت صورهم عن ذاكرته عندما غابت وجهوهم عن عينيه قبل أن يتلفهما الجذام. منذ أن دخل المستشفى لم يزره أحد، يقول: « أمي متوفية وأبي كذلك، تزوج أبي وأنا رضيع بعد أن توفيت أمي وهي نفساء. ليس لدي أشقاء، بل إخوة من أبي: أخ وثلاث أخوات. إنهم لا يسألون عني ولا يزورونني. فأنا لست شقيقا لهم. انتقلت إلى مدينة الجديدة للعمل في الفلاحة، كان عمري آنذاك ربما 14 أو 15سنة. وعندما مرضت، ذهبت للمستشفى بمدينة مراكش، فأرسلوني إلى هنا. دخلت المركز في حوالي سن 16 أو 17 سنة». لا يعرف محمد كم قضى من السنوات في المركز ولا كم عمره الآن: «عمري الآن حوالي 40 أو 50 سنة، عندما أردت إنجاز البطاقة مرضت». لا أحد يزوره أو يهتم لأمره، يؤكد، إلا: «رشيدة وحدها تهتم بنا وتعالجنا. وبعض المحسنين يزوروننا ويساعدوننا». الممرضة رشيدة العاملة بالجناح 6 المخصص الرجال بالمركز الوطني للجذام بعين الشق بالدارالبيضاءتقول إنه من مواليد 1965، دخل المستشفى في سن 17 سنة، عمره الآن 45 سنة، قضى منها 28 سنة بالمستشفى منذ عهد الرهيبات. وتؤكد أن لا أحد من عائلته يزوره. يقول عن ذلك: «العائلة هي الصحة. أنا لم أعد أسأل عن شيء أو عن أحد، بل عن الصحة وحدها فهي كل شيء». كان محمد يتحدث بمرارة، وهو يعبر عن تنكر عائلته واشتياقه إلى أهله، إلى أصوله... كان يصمت مطأطئا ومتأثرا بجراح نفسه أكثر من آلام جسده قبل أن يستأنف الحديث عن تنكر الإخوة: «لقد نسوني، تخلصوا مني. إذا التقيتهم، الآن، لن أعرفهم. لقد غابت عني صورهم وأصواتهم...». ويصمت لحظة وهو يئن ويتنهد ولسان حاله يقول: «زوروني ولو كل سنة مرة... حرام... حرام... حرام تنسوني بالمرة!...». هذه فقط حالة من عشرات الحالات بالمركز الوطني للجذام بعين الشق بالدارالبيضاء. هذا «المأوى» يحتضن قدماء مرضى الجذام ممن تخلى عنهم الأهل والأحباب رغم شفائهم التام من المرض... وخلفوهم وراءهم يعانون الألم، الوحدة، العزلة والتهميش، بل الرفض، النفور والإقصاء. هؤلاء «النزلاء» يشعرون بأن هذه التكنة العسكرية القديمة ملاذهم ومأواهم الوحيد في دنيا أولت لهم ظهرها كما الأهل والأحباب والأصدقاء. لقد منحتهم جدرانها الإقامة والغذاء، ووفر لهم أطباؤها العلاج والدواءبالمجان، وكان لهم من طاقمها الطبي من الممرضات والممرضين خاصة وأيضا المستخدمات والمستخدمين وكذا مجموعة من المحسنين، الأهل والأصدقاء، حيث غمروهم بدفء العائلة وسندها اللذين افتقدوهما بسبب هجر الأقارب والأحباب والأصدقاء. لذلك يرفض هؤلاء «النزلاء» مغادرة المستشفى إلى المجهول والضياع والتشرد والوحدة. المستشفى ليس خيرية... يقول الدكتور السباعي: «هذا مشكل نقع فيه ويعاني منه المستشفى. المستشفى ليس خيرية. هناك بعض المرضى الذين عولجوا من الجذام، لكنهم يرفضون مغادرة المستشفى، لأن أسرهم لم تأت لأخذهم. هناك 60 مريضا أقاموا هنا منذ أكثر من 17 سنة. هناك مريض قضى بالمستشفى 30 سنة توفي بداية السنة الماضية، لم ترد عائلته استقباله، والديه وإخوته لم يكونوا يرغبون فيه، لأنه أصيب بالعمى كما كان يعاني من إعاقة حركية لأن أطرافه بترت (اليدين والرجلين). إذن، لا يمكن أن تلعب وزارة الصحة دور العائلة.المرضى يحتاجون إلى دفء العائلة أكثر من الإقامة في المستشفى. هناك عائلات اتصلنا بها، لكنها رفضت استلام أقاربها. هناك شخص يبلغ من العمر 80 سنة حمله ابنه إلى المستشفى، وآخر عمره 50 سنة أتى به إخوته. هذان المقيمان عولجا وشفيا تماما من الجذام، لكن عائلتيهما ترفضان استقبالهما. هناك مقيمة أخرى عمرها 70 سنة تقيم بالمستشفى منذ 18 سنة، هي الآن تعاني من قصور كلوي تخضع لحصص تصفية الدم (الدياليز). هناك مريض آخر يرفض مغادرة المستشفى لأن أهله يرفضونه. إذن، هناك 4 مرضى مقيمين دائمين، لأن لا مأوى لهم والأهل يرفضونهم. أما باقي المرضى فهم يأتون للاستشفاء لمدة أسبوع ثم يأخذون الدواء ويغادروا إلى أهلهم». ويوضح عن المجيد موظف بنفس المركز: «تسعى وزارة الصحة الآن إلى إعادة بناء هذا المركز ليصبح مستشفى للأمراض الجلدية. وبخصوص النزلاء الذين لا أهل لهم أو الذين رفضهم أهاليهم، تسعى المساعدة الاجتماعية بمندوبية الصحة بعين الشق لإيوائهم بالخيريات ودور العجزة. لكن ما يعرقل ذلك هو طول المسطرة والإجراءات الإدارية». مصائب قول عند قوم فوائد محمد الدغالي من مواليد 1934، من دوار تنسيلين، جماعة آيت مرجم-عمالة أزيلال، متزوج أب لسبعة أبناء: يقول: «لدي زوجة وسبعة أبناء، منهم ولد متزوج و4 بنات متزوجات. ويعيش في كنفي الآن ابن وابنة وزوجتي». حكايته محمد مع المرض وتنكر الإخوة أعظم وأبشع ينطبق عليها المثل العربي القائل: «مصائب قول عند قوم فوائد»... يحكي متأثرا: «دخلت المستشفى سنة 1998،قضيت 60 شهرا بالمستشفى بالدارالبيضاء، وعندما عدت إلى الدوار، فوجئت بكون إخوتي استولوا على أرضي ووزعوها بينهم وهي أرض الجموع ولدي عنها وثائق، أخذت عنها رخصة و«طوعتها» وغرستها. الآن، استولوا عليها وغرسوها. إنهم يتصرفون فيها بالقوة. لجأت للجهات المعنية، فقالوا لي إن الحق معي... لكن من يمكنني من هذا الحق الذي اغتصبه مني إخوتي مستغلين مرضي وعجزي وغيابي عن أرضي.أنا مريض وغير مستقر في الدوار لذلك لا أستطيع مقاضاتهم». أما المحجوب بوكابوس من تاوريرت، فيوضح: «أنا هنا منذ شهرين. وقد قضيت شهرين قبل ذلك في المستشفى بوجدة، أي منذ شهر رمضان. وقبل عيد الأضحى، قضيت هنا شهرين كذلك. عندي زوجة و3 أبناء وبنت. أعيش مع أهلي، لكنني أحاول عدم الاختلاط بهم أو الاقتراب منهم حتى لا أعديهم. المشكل بالنسبة لي هو بعد المستشفى والوحدة، إذ لا يزورني أحد بسبب البعد». كل المرضى الآتون من خارج جهة الدارالبيضاء الكبرى يعانون من صعوبات بسبب رفض علاجهم بالمركز الاستشفائي من طرف المسؤولين عن هذا المركز، خصوصا الطبيب السابق. وأيضا بسبب رفض الطاقم الطبي بالجهات التي يقطنون بها استقبالهم وعلاجهم، حيث يؤكد المرضى أن الطاقم الطبي بجهاتهم لا يستطيعون كشف المرض في بدايته، رغم المعاينة، مما يجعل وضع المرضى يتأزم. وعندما تتأكد إصابتهم بالجذام بعد تتطور حالتهم يكون المرض قد تمكن منهم، حينها يبعثونهم للعلاج بالدارالبيضاء. أوضاع مزرية... مجموعة من المرضى يشتكون من تصرفات بعض المسؤولين بالمستشفى، يقولون: «نحن مصابون بارتفاع الضغط والسكري، نأكل المسوس وهم يأتوننا بالمالح. يجب أن نتناول الدواء في وقته، لكنهم لا يعطوننا وجبة الفطور. وإذا أعطوننا إياها أحيانا، فإنهم يجلبونها لنا بعد العاشرة، ووجبة الغداء لا يأتوننا بها إلا بعد العصر. إننا نأخذ الدواء ونحن جياع... وهذا لن يساعد على علاجنا، بل سيزيد وضعنا سوء». يضيف أحد المرضى: «المسؤولون هنا بالمركز يرفضوننا ويرسلوننا للعلاج في جهتنا. وهناك أيضا يرفضوننا ويرسلوننا بدورهم إلى هنا. فمن يعالجنا؟! ومن يهتم لأمرنا؟! فقط بعض المحسنين والممرضات خصوصا رشيدة». ويضيف آخر: «الأوضاع مزرية في الجناحين، القاعات مظلمة لأن الكهرباء مقطوعة عنها، لا إنارة ولا تدفئة. المراحيض في وضعية سيئة... الآن، بعض المحسنين يمولون عملية إصلاح المراحيض. هناك محسنين يجلبون لنا الكسكس كل جمعة وهناك من يعطينا النقود أو يجلب لنا المؤونة من سكر وشاي وغيرهما... لولا المحسنين لمتنا جوعا، ولولا ورشيدة لتدهورت صحتنا أكثر بسبب التعفنات التي نعاني منها»... الوحدة... ضارة حميد برحمان بن سلام يقول عن عمره:«ماكانش عندنا الحالة المدنية. عندما رغبت في الزواج قدر لي العدول 1939، متزوج ولي ابنة. زوجتي لا تسأل عني. دخلت هذا المستشفى منذ 1960/01/28، كنت أقضي شهرين بقريتي ثم أعود لأقضي هنا شهرا إلى 6 أشهر أو سنة حتى أتحسن ثم أعود لقريتي. كنت كلما مرضت أقصد هذا المستشفى. آخذ الدواء بالمجان. مازال الله لم يأذن بالشفاء ونطلب الشفاء من الله. أنا مامضرور غير من الوحدة». دمعت عيناه، فمسح دموعه بيديه كطفل صغير وهو يقول مجهشا في البكاء: «لا يطل علي أحد ولا يزوني أحد ولا يسأل عني أحد. لا يعرف أهلي هل أنا حي أو ميت وكأنني لا أحد لي. عندي عائلتي وعندي زوجة وابنة لكن لا يزورونني. أنا لا ألوم ابنتي، فهي مازالت صغيرة عمرها 3 سنوات. ليس لدي والدين ولا إخوة أو أخوات، لدي أبناء عمي كثر لكن «ما كيعرفونيشي، ماكيزرونيشي. وخا تصيفط ليهم استدعاء ما يْجيوْشي!... ماكيحسبونيشي، ماكيعرفوني واش كاين ولا لا. الحمد لله. أريد زوجتي منانة أن تزورني هي وأبناء عمي وهم كثيرون. لكنهم كأنهم غير موجودين». نرفض أن نكون زبالة! توفيق مشعاب 62 سنة، مقعد مريض منذ 10 سنوات، يقول عن وضعه: « أتيت للمستشفى منذ 11 يوما، لم تعطني الطبيبة الدواء ولم يسجلوني، أنا مرمي هنا لا أولاد ولا والدين ولا أهل إلا الله. أنا مازلت مريضا. شفيت من الجذام، لكن الصداع والألم مازالا مستمران (مازال الصداع والضو كيضرب لي في لحمي) رجلي مقطوعتان لا حنين لا رحيم لا خو لا والدين. لا أحد يزورني من العائلة. لدي إخوة وأخوات لكن لا أحد يزورني. أنا هنا منذ أكثر من 11 يوما ولم أتلق أي مساعدة، لم يستقبلني أحد ولم ينظر إلي أحد بعين الرحمة». يضيف توفيق: «نريد الاهتمام بنا ورعايتنا واحتضاننا، لا أن نرمى في مزبلة الحياة!... الكل ينبذنا، يهرب منا، ولا يقدم لنا العون. أغلبنا نبذه الأهل وتخلوا عنه. وضعونا هنا، بل رمونا كما ترمى الزبالة ونسونا. إذا كنا أبناء هذا الشعب، فإننا نطالب بالاهتمام والرعاية. وإذا كنا مواطنين مغاربة حقا نريد زيارة جلالة الملك لنا ورعايتنا... ليس لنا من أحد إلا الله والملك وهذا الوطن. نحن عاجزون عن العمل وإعالة أنفسنا بسبب الإعاقة، فأغلبنا بترت أطرافه أو فقد بصره وتخلى عنه أهله... لقد حكم علينا بالموت البطيء بدون أدنى شفقة أو رحمة». وانهمرت دموعه وهو يكرر بإلحاح: «إذا كنا أبناءهذا الوطن نريد أن يزورنا جلالة الملك ويطلع على أوضاعنا». ملاك الرحمة... رشيدة دجباح ملاك الرحمة، شعاع ضوء ينير ظلام حياة هؤلاء المرضى، يقولون عنها: «إنها تحس بآلامنا، تلبي طلباتنا بأي وجه كان وتعالجنا بإخلاص وتفان». تقول عنها إحدى عاملات النظافة: «إنها تجلب لهم حاجياتهم من مالها الخاص أو من بيتها أو تحت المحسنين من معارفها على جلبها لهم». وعن نفسها وعملها تقول رشيدة التي تعمل بالمركز منذ سنة 1982: «هذا واجبي أتقاضى عنه أجرا شهريا، فلماذا لا أتقنه!؟... وهذا شيء طبيعي وهو التعامل العادي الذي يجب أن يكون. فعلى كل شخص أن يقوم بواجبه على أحسن ما يرام. وهذا الأمر يجب أن يكون عاما وأنا لست استثناء». وتضيف: «يجب أن يكون التعامل مع المرضى جيدا، يجب أن تعيش معهم أفراحهم وأحزانهم. فمن الممكن أن تعالج المريض وتعطيه الدواء، لكنه محتاج أكثر للجانب النفسي. فهذا المرض بالنسبة إليه شيء سيء ومعيب... لأن المجتع ينبذه، لكنك عندما تتقرب منه كممرض تمتص معاناته وتنفس عنه آلامه النفسية لتفهمه أكثر وتخرجه من قوقعته. المرضى بحاجة لدعم نفسي. وأنا أعتبرهم أفرادا من عائلتي كأنهم أعمام أو أخوال لي يرقدون بالمستشفى يوحتاجون لي». وعن معاناتهم تقول: «معاناتهم تختلف من واحد لآخر، الشاب المصاب أكثر معاناة لأنه يرى أن مستقبله ضاع، فهو له حاجيات، يطمح في تكوين مستقبله وإنشاء أسرة. لكن المرض يقضي على طموحاته كلها. يصدم نفسيا، يفقد الأمل في الحياة وفي كونه إنسان عادي مثل الآخرين. هناك حالات استثنائية كحالة محمد الرحماني من مواليد 1965 لم يغادر المستشفى منذ 1987. لقد جاء في حالة سيئة جدا. في البداية كانت ترعاه «الرهيبة»، آنذاك كان هناك 6 أجنحة للرجال 11، 12، 13 و14 والنساء في الجناحين 6 و7 والبنات في الجناح 8 والأطفال في الجناح 9 . لكن بعد أن غادرت الرهيبات المستشفى وأنشأت المراكز الجهوية، قل عدد النزلاء من مرضى الجذام. ولم يبق إلا جانب واحد بالمستشفى مخصص لمرضى الجذام يضم الجناح 6 للرجال والجناح 7 للنساء. لكن محمد ظل بالمستشفى وانتقل من الجناح 13 إلى الجناح 6 حيث أعمل. لا يزوره أحد». المراكز الجهوية لا تتحمل مسؤوليتها السعدية حسني ممرضة تعمل بالمستشفى منذ سنة 1978، توضح: «المرض يتقلص نسبيا، لكن الأطباء في المراكز الجهوية وفي النواحي مازالوا يجهلون هذا المرض. لذلك فالمريض يصل إلى المستشفى في حالة متطورة جدا. إذن، يجب إجراء كشوفات مبكرة للمرضى، وأيضا يجب إجراء تكوين مستمر للأطباء بخصوص هذا المرض لكي يتقلص أكثر في المغرب. كما يجب أن يشارك الممرضون والممرضات في الجهات وفي المدن الأخرى في علاج المرضى وليس فقط العاملون بالمركز بالدارالبيضاء. أغلبية المرضى يشتكون من سوء المعاملة في المراكز الجهوية ومن عدم معرفة الأطباء بمدنهم أو بجهتهم للمرض في البداية إلى أن يتطور وتسوء حالتهم فيرسلونهم إلى المركز الوطني بالدارالبيضاء». وتضيف السعدية: «كل الأطباء المختصين بالمركز حصلوا على المغادرة الطوعية. وهذا خلق مشكلا، لأن الأطباء الجدد رغم كونهم طاقم شاب منفتح ومتفهم، فهم يحتاجون للتكوين للتعرف على المرض. وقد أبدوا استعدادهم، بل حاجتهم لذلك، لأن المرض صعب يحتاج وقتا طويلا لعلاجه وعلاج تعقيداته. هناك ممرضون وممرضات من الجهات يأتون إلى المركز للتكوين ويتقاضون تعويضا عن ذلك، لكنهم لا يمارسون عملهم بالجهة، بل يرفضون علاج المرضى ويبعثونهم إلينا بالمركز. يجب حل هذه المشاكل للحد من انتشار المرض». البحث عن مأوى لمن لا أهل له بخصوص وضعية المرضى الذين لا أهل لهم، توضح فتيحة الحنبولي، مساعدة اجتماعية بمندوبية الصحة بعين الشق: «أنا الآن بصدد محاولة إيجاد مأوى لخمس حالات شفيت، لكن لا مأوى لها، منها أربعة رجال وامرأة. وقد اقترح علي مدير المستشفى نقلهم إلى تيط مليل، لكنني أرفض ذلك، لأن الأوضاع هناك جد مزرية، وأنا أسعى جاهدة لكي يستفيدوا من الإيواء بدور العجزة. أنا، الآن، منشغلة بملف أمي خدوج الدكالي أولا، لأن وضعها حرج، فهي تعاني من قصور كلوي وتخضع لحصص تصفية الدم. لذلك أريدها أن تكون قريبة مني. وأنا، الآن، بصدد إجراءات إيوائها بدار العجزة بعين الشق، لأن هذه الدار قريبة من مندوبية الصحة، وأيضا لأن سمعة هذه الدار حسنة وطاقمها جيد. وقد راسلت مندوب الصحة بهذا الشأن وسيبعث بدوره مراسلة إلى السيدة العاملة لطلب إيوائها هناك».