لقد خلدت الأسرة الصحية اليوم العالمي لمحاربة الجذام وذلك يوم 31 يناير 2010 وهذه السنة تعتبر 57 التي تخلد فيها المنظمة العالمية للصحة هذه الذكرى. وهي مناسبة لتكثيف الجهود. لقد إغتنمت مندوبيات وزارة الصحة هذه الذكرى. فنظمت ندوات ومحاضرات في جميع أنحاء البلاد للتنبيه بوجود هذا المرض والضرورة لأكتشاف الحالات الجديدة للحد من انتشاره لأن داء الجذام مرض معد وخطير. مدة حضانته غير معروفة على وجه التحديد، فقد تكون بضعة شهور وقد تمتد الى عشر سنوات. تحدث العدوى بالطرق الآتية: 1 - الاختلاط الوثيق بالمرضى لمدة طويلة. 2 - عن طريق الدرنات الموجودة على الجلد. 3 -عن طريق إفرازات الأنف والقروح الناشئة عن المرض. 4 - تدخل الميكروبات جسم الإنسان السليم عن طريق خدش أو جرح في الجلد أو عن طريق الغشاء المبطن اللأنف. 5 - المرض ليس وراثيا إذ يولد الأبناء من آباء وأمهات مرضى ومع ذلك يولدون خالين من مظاهر العدوى بل وخالين من المكروب نفسه. هناك نوعان من الجدام: جذام درني وجذام عصبي. الجذام الدرني يتميز بظهور أورام صغيرة «تسمى درنات» على الجسم خصوصا على الوجه تم تنتشر الدرنات حتى تعم الجسم كله كما يسبب هذا النوع من الجدام تجعد في الجلد. الجذام العصبي: ويتميز بظهور بقع على سطح الجلد لها لون أفتح من لون بشرة الجلد. ومن مميزات هذه البقع أن يفقد المريض حاسة اللمس والألم فيها، فإن أغمض المريض عينيه مثلا ثم وخزت هذه البقع بإبرة أو آلة حادة أو وضع جسم ساخن عليها فإنه لايشعر بأي مؤثر من هذه المؤثرات. ثم تضمَّر بعض الأعضاء أو أجراء منها ويكون نتيجة لهذا الضمور أن يحدث فيها تشوه. وكيفما كانت نوعية هذا الجذام فإن الإنسان المريض يصاب بإعتلالات أولية أو ثانوية، بحيث تحدث له صعوبة أو إستحالة في القيام بأعمال معينة ، ويطلق على هذه الحالة «الإعاقة»، وغالبا ما يعاني مرضى الجذام من أشكال مختلفة من الإعاقة، فعلى سبيل المثال: قد تتأثر المهارة اليدوية بسبب فقدان الإحساس وشلل العضلات؛ وقد يصعب على المريض السير بسبب التقرحات او تفتت عظام القدمين؛ كما قد يؤدي الضعف الشديد في البصرإلى صعوبة أو إستحالة تحرك المريض في الاتجاه الصحيح أومزاولته لسائر أنشطة الحياة، وقد يتأثر السلوك بإضطرابات، كما أن الشخص المصاب يتعرض للعجز بحيث تصادفه مصاعب كثيرة تعرقل أو تمنع قيامه بدوره الطبيعي في المجتمع، وكذلك يعاني مرضى الجذام المصابون بالإعاقة من كثير من أشكال العجز، فهم على سبيل المثال عرضة لفقدان وضائفهم، وبالتالي فقدان استقلالهم الاقتصادي، فلا يستطيعون إعالة أسرتهم ، وقد يتعرض المصابون منهم بإعاقة شديدة إلى حد فقدان استقلالهم البدني أيضا، إذ يحتاجون الى رعاية من الآخرين، وفي نهاية المطاف، يفقد المصاب الجذام وضعه الاجتماعي وينعزل تدريجيا عن المجتمع أي عن الأسرة والأصدقاء ، وهي العملية المسماة تفكك الرابطة الاجتماعية وتكتمل عندما يضطر المريض الى هجر منزله. إن الأطباء يعتبرون داء الجذام مثل باقي الأمراض، لايستوجب حاملوه الإبعاد الكلي والنفي، بل يجب مساعدتهم ومعالجتهم وإدماجهم في المجتمع في المغرب، مرض الجذام محدود جدا، لايصيب الا عددا قليلا من الأشخاص، وهو في طريق إلى الإندثار، حيث النسبة تقل بشكل ملموس، ووزارة الصحة مهتمة بهذا المرض، وتضبط حالاته، وأماكن تواجده تخضع للمراقبة الطبية المستمرة. وقد سجلت في المغرب 9371 حالة الجذام منذ 1960 إلى حدود 2009 مع العلم أن سنة 2009 اكتشفت 41 حالة جديدة. ولتطويق هذا المرض تقوم وزارة الصحة برعاية وكفالة المرضى وعائلاتهم في جميع أنحاء المغرب يتمكينهم من الدواء خلال 2009 بينما كانت هناك 1036 حالة تتابع دواءها خلال سنة 1991. وقد تم التوصل الى هذا التراجع بفضل تركيب ثلاثة أدوية فعالة تمكن من إشفاء المريض في وقت وجيز وتجنبهم المضاعفات التي كانت تصيبهم قبل إكتشاف هذا العلاج الجديد. يرتبط الجذام في أذهان العديد من الناس بالتشوه، وتشمل الوقاية من الإعاقة على الحد من الاعتلالات وبالتالي الحد من التشوهات وتفاقمها، ويمكن للعاملين الصحيين أن يقوا مرضى الجدام من الإعاقة والإنعزال الإجتماعي، عن طريق التنفيذ الناجح لأساليب الوقاية، ومساعدة المرضى في التغلب على ما يتعرضون له من أشكال تلك الإعاقة. نرى أن المرض في تراجع مستمر إلى حد أن بعض المسؤولين وبعض الفاعلين في هذا الميدان يتوقعون تنحيته من بلادنا في آفاق السنوات القادمة، ولتفادي الإصابة بالعدوى علينا جميعا الإحتياط بحيث يجب: - تطهير الأيدي عقب لمس المصاب بالجذام - تطهير أدواتهم إما بالغلي أو بإستخدام المطهرات الكيماوية. - عدم الأكل والشرب في أي كأس أو إناء إستخدمه المصاب بالجذام. - عدم الإقتراب جدا من أي مصاب بالجذام. يعد البرنامج الوطني لمحاربة الجذام من أقدم البرامج بوزارة الصحة، فقد بدأ نشاطه سنة 1950 ليصل اليوم الى نتائج مشجعة، والجذام يعرف إنتشارا بالأخص في المناطق الجبلية الريفية ويصيب الفئات الضعيفة من السكان من الناحية الإجتماعية والإقتصادية. ويمكن القضاء عليه في مناطق إنتشاره بالرفع من المستوى الإجتماعي والثقافي للسكان بجانب الوقاية الصحية.