«الجذام» كلمة وحدها كافية لإثارة الرعب في القلوب وزعزعة النفوس، لما هو شائع عن هذا المرض منذ العصور القديمة، إذ تعود بداية ظهوره إلى 600 سنة قبل الميلاد، وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم «فر من المجذوم كما تفر من الأسد». مناسبة التحقيق الحديث عن رفض المركز الوطني للجذام بالبيضاء احتضان ست حالات مصابة بالجذام قالت إنه تم «طردها» قرابة شهرين، وأن حالتها الصحية في تدهور مستمر، والسبب «الإهمال» الذي تعانيه. فما مدى صحة ذلك؟ ولماذا «طرد» هؤلاء؟ وكم هي الحالات الموجودة؟ ولماذا مايزال هذا المرض في المغرب؟ وما أسبابه؟ وما نتائجه؟ ولماذا لم يشف جميع المرضى، رغم أن المغرب حريص على ذلك بسبب الهالة التي توجد حوله لأنه يدخل في خانة الأمراض المعدية والخطيرة؟ أسئلة كثيرة سنحاول إيجاد أجوبة «شافية» عنها من خلال هذا التحقيق بمناسبة «إقدام مسؤولين» بالمركز الوحيد للداء في المغرب على «أمر» مرضى مازالت حالاتهم خطيرة وبحاجة إلى المتابعة الطبية الدقيقة بمغادرة المركز والاكتفاء بأخذ الأدوية بشكل ذاتي بمنازلهم، حسب تصريحات المرضى أنفسهم. فشل في القضاء على «الجذام» خابت توقعات منظمة الصحة العالمية في القضاء على داء «الجذام» عام 2010، فمازالت تسجل سنويا 300 ألف حالة في العالم، 200 ألف حالة تسجل سنويا في الهند لوحدها، و3938 إصابة سجلت السنة الماضية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و1901 حالة تسجل سنويا بالسودان، و800 حالة بمصر، ونصيب المغرب من داء «الجذام»، رغم التراجع المهم الذي سجل بخصوص هذا الداء، هو معدل 50 حالة سنويا، حيث سجلت 53 حالة سنة 2008، و41 حالة السنة الماضية، وكل المصابين يتجاوز سنهم 15 سنة، علما أنه كانت تسجل في السبعينيات والثمانينيات 200 حالة سنويا. ويذكر أن المركز الوطني استقبل أول حالة خلال السنة الجارية. وأكد الدكتور الإدريسي، عن مديرية الأوبئة بالرباط، أنه لا يمكن حاليا الحديث عن «القضاء عن الجذام» لأنه مرتبط باستراتيجية العلاج، وهي تضم نقطتين، أولاهما اكتشاف المرض، وثانيهما العلاج بالأدوية. والمشكل يكمن في النقطة الأولى بالأساس لأن أغلب المرضى يجهلون طبيعة المرض، حيث إن الغالبية لا تتلقى علاجها إلا بعد مدة من الإصابة. وأضاف المصدر نفسه أن خطورة المرض تكمن في أنه مرض يتطور في كمون، حيث إنه يمكن أن يظل صامتا من 5 سنوات إلى 15 سنة، وهو في هذه المرحلة لا يكون معديا، كما أنه لا يكون كذلك بعد أخذ الجرعات الأولى من العلاج. ويعاني ما بين مليون ومليوني شخص في العالم من عاهات خطيرة ناجمة عن هذا المرض المزمن الذي ينتقل بالعدوى ويخلف تشوهات. وتسجل بالهند 73في المائة من عدد الحالات في العالم. ويصيب المرض خصوصا خمس ولايات هندية، هي البنغال الغربي وبيهار ومادهيا برادش وأوريسا وأوتار برادش. المركز الوطني ل «الجذام» أنشئ المركز الوطني سنة 1952، وكان الدكتور غوليي، من أصل فرنسي، المدير والطبيب الرئيسي بالمركز، ومازال المركز على حاله منذ ذلك الوقت إلى الآن، حتى أن أجنحته ال 12 أرضية، وهندستها ذات طابع غربي قح. وأكد مصدر مطلع أن وزارة الصحة تفكر في إعادة بنائه من جديد، إذ إن شكله الهندسي وقدمه يسهلان دخول بعض الغرباء إليه وسرقته، وهو ما تم فعلا عدة مرات في وقت سابق. خلال الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات كان المركز يضم مئات المرضى، وأقل عدد في كل جناح كان هو أربعة وأربعين مريضا، غير أنه لا يضم اليوم سوى عشرة أشخاص، من بينهم ثلاث نسوة، واحدة منهن التحقت بالمركز بداية الأسبوع الماضي من منطقة الرشيدية، والتي قالت إنها أصيبت بالداء منذ سنة، إلا أن الطبيب المعالج، ومدير المركز، منير السباعي، أكد أن الإصابة تعود إلى عشر سنوات مضت لأن المرض كان في مراحل متقدمة. يضم المركز خمسين سريرا، عشرة أسرة فقط هي التي يشغلها المرضى. وفيما يخص الموارد البشرية فالمركز يضم طبيبا رئيسيا هو مدير المركز، بالإضافة إلى طبيبة أخرى التحقت بالمركز مؤخرا، وأربع ممرضات. المركز الذي يوجد بعين الشق بالدارالبيضاء لا يستقبل فقط مرضى الجذام، بل يستقبل جميع الحالات المصابة بالأمراض الجلدية، و هؤلاء فقط هم الذين يقطنون بتراب عمالة عين الشق الحي الحسني. ويلجأ المرضى، رغم شفائهم منذ سنوات، إلى المركز الوطني للاستشارة الطبية وطلبا للعلاج من أمراض أخرى مرتبطة بالجهاز الهضمي أو التنفسي أو العظام أو غيرها من الأمراض. وفي هذا السياق، كان المركز يضم مدرسة نظامية لفائدة الأطفال، غير أنه تم إغلاقها لعدم وجودهم، حيث إن نسبة الأطفال المصابين حاليا في المغرب بهذا الداء هي 1. 0 في كل 100 ألف إصابة. وأكد السباعي أن كل المحاولات الإقناعية تم تجريبها مع قدماء المرضى لإقناعهم بأن المركز متخصص في «الجذام» فقط وأن الطبيبين الموجودين في المركز مختصان في الأمراض الجلدية فقط، وبما أنهم شفوا تماما من المرض فيجب أن يتوجهوا إلى المستشفيات العمومية أو لدى عيادات متخصصة للعلاج مما يعانونه من أمراض، غير أنهم لا يستسيغون ذلك أولا يريدون. «الجذام» مرض له ارتباط بالجينات يرتبط الجذام» أو «مرض الفقراء» بالجينات، وتبرير ذلك أن أغلب الحالات تتحدر من أسر سبق أن أصيب أحد أفرادها بالمرض، أي تكون لها قابلية وراثية، حيث إن25 إلى 50 في المائة هم حالات عائلية، وأغلب الأشخاص يتوفرون على مناعة ذاتية أي ضد العدوى، أو أنهم يعيشون في محيطها، أي يكون أحد جيرانهم مصابا بالمرض، و50 في المائة من الإصابات هي بجماعات ودواوير بجهات طنجة تطوان، الغرب الشراردة بني حساين، وجهة تازةالحسيمة تاونات. وكان المركز الوطني يستقبل كل المرضى على الصعيد الوطني، بحكم انعدام تخصص طب الجلد بباقي المدن المغربية في السابق، حيث كان ينحصر في الدارالبيضاء والرباط. وأضاف الإدريسي أن أغلب الحالات تتحدر من المجال القروي، ومن الفئات الهشة جدا لأن المرض يرتبط بسوء التغذية والسكن غير اللائق وانعدام النظافة، لذلك يسمى ب «مرض الفقراء». وأكد السباعي أن «الجذام» يصيب بالخصوص فئة الفلاحين والأشخاص الذين يتحدرون من مناطق قروية تعيش في الهامش، غير أنه أوضح أنه مرض كباقي الأمراض وربما من أسهلها، فإذا كان مرض السل يصيب في المغرب 30 ألف شخص سنويا، فإن معدل 50 حالة في السنة التي يسجلها «الجذام» لا تدعو إلى الخوف، كما أن هذه النسبة آخذة في الانخفاض تدريجيا، بل قد يختفي المرض تماما إذا تطورت شروط الحياة. ويصيب «الجذام» أطراف الأعصاب مثل أطراف أعصاب الذراعين، ويفقد المصاب الإحساس فلا يحس بالألم والحرارة والبرودة، بل يمكن أن تدخل الشوكة في قدمه دون أن يشعر بها، فضلا عن إصابة المريض بضمور في عضلات اليدين والساقين وقروح في الجلد، خاصة في القدمين واليدين، اللتين تتآكل عظامهما وتفقد بعض الأجزاء منهما كالأصابع. ويمكن أن يصيب الداء القرنية فيؤثر على البصر. المركز للعلاج وليس «خيرية إسلامية» رغبة المرضى في المكوث بالمركز من أجل العلاج يقابلها رفض مدير المركز، الذي أكد ل «المساء» أن المشكل المفتعل حاليا هو إرث للماضي، حيث اعتاد المرضى على الاستقرار في المركز سنوات وسنوات، فكل مريض يجيبنا بأن الدكتور غوليي «كان لا يمنعنا من العيش هنا، بل كنا نتلقى أحسن عناية و..» و«يتهمنا نحن بالعكس» رغم ما يقدمه المركز من عناية لهم، غير أنهم لا يريدون أن يستوعبوا أن هذا «مركز للعلاج وليس خيرية إسلامية»، فأي مستشفى لا يسمح بأن يظل المرضى به بعد تماثلهم للشفاء والمركز أيضا مؤسسة للعلاج وليس نزلا، والغريب في الأمر أن بعض المرضى القدامى يحلون بالمركز كلما حلوا بالدارالبيضاء أو كانت لديهم مصالح هنا مرتبطة بالمحاكم أو المستشفيات. وأضاف السباعي أنه حتى المرضى لا يمانعون في مغادرة المركز، بل إن بعض الجمعيات هي التي تقف وراء ذلك ولها مصلحة في أن يظل المرضى بالمركز خدمة لمصالحها الخاصة، والمتمثلة بالخصوص في أنها تختص في تسويق الزرابي التقليدية التي تنسجها مريضات بالمركز شفين تماما من المرض، وعندما رفض المركز تلك الأنشطة، اكترت الجهة المعنية شقة لهم وأعلنت حربا ضد المركز مستغلة المرضى أنفسهم. وأضافت نفيسة، ممرضة بالمركز، أن هؤلاء المريضات لم يكتفين بذلك، فقد كن يحضرن أصناف الحلويات والعجائن بالمركز، بل يطبخن بأنفسهن ولا حاجة لهن بما يقدمه المركز من وجبات، فهن لم يكن مريضات، وكن فقط يستغللن أسرة كان مرضى آخرون بحاجة إليها لأن المركز يستقبل أيضا مصابين بأمراض جلدية. معاناة المرضى مرت قرابة شهرين على «طرد» ستة مرضى من المركز، حسب المرضى المعنيين أنفسهم، بعد أن دخلوه وهم متفائلون بالشفاء، ومضت الأيام والشهور والسنين، ليجدوا أنفسهم وكأنهم كانوا يدورون في حلقة مفرغة، لا هم عاشوا إلى جانب أسرهم منذ البداية، ولا عادوا سالمين للعيش في سلام ودون أن يخشوا من نقل مرضهم إلى باقي أفراد عائلاتهم. يتذكر أحد المرضى بمرارة تاريخ إصابته بمرض أنهكه واستنزف صبره، إذ منذ 1986 وفريد (اسم مستعار)، يتعايش مع مرضه بمرارة، بعد أن طالت مدة المرض وتفاقمت وضعيته النفسية والصحية بعد أن تحول نصفه السفلي إلى منطقة متعفنة. يقول: «أنا أخشى على أطفالي من العدوى. منذ مدة طويلة وأنا في وضعية عطالة تسببت في مآس اجتماعية لأسرتي، فعلى الأقل أريد أن أشفى تماما حتى أتمكن من كسب كسرة خبز لأطفالي الصغار. مكثت بالمركز وغادرته دون نتيجة. إنني في حالة يرثى لها، وأنا لا أريد العيش في المركز. أنا أرغب في المكوث به إلى أن أشفى تماما، وإذ ذاك سأغادره بمحض إرادتي لأنني أنا أيضا أريد أن أكون إلى جانب أطفالي، وفي الوقت نفسه أخشى أن أنقل لهم العدوى، وهذا ما لا يريد العاملون بالمركز فهمه..» وأكد بعض المرضى ل«المساء» أنه تم «طردهم» من المركز، بعد أن تلقوا أوامر بإخلائه رغم أن أوضاعهم الصحية مازالت «جد مزرية» وهم بحاجة إلى عناية طبية إلى أن يتماثلوا للشفاء. يقول سمير (اسم مستعار): «مازلت أعاني من المرض، ووضعي الصحي لا يسمح لي باستعمال المراهم بمفردي، إلا أنهم أمروني بضرورة مغادرة المركز، ورغم أني رفضت وأبديت إصرارا كبيرا على البقاء إلا أني اضطررت إلى المغادرة بسبب سوء المعاملة التي نتلقاها من طرف أحد الموظفين بالمركز على وجه الخصوص، هذه الوضعية رفضها المرضى رفضا تاما، خاصة أن أغلبهم مصابون في اليدين والرجلين، كما أن الأسر ليست لديها دراية واسعة، كما يمكن أن يتسبب ذلك في انتقال المرض إلى باقي أفراد العائلة عن طريق العدوى. وأكد سمير أن المركز يشكل حالة «شاذة»، حيث لا يتجاوز عدد المرضى به تسعة أو عشرة أشخاص، في حين تم «تصدير» الباقي، فما هو إذن دور المركز؟ من الأفضل أن يتم منذ البداية إخبارهم بذلك أو على الأقل يجب أن يتلقوا تمارين تدريبية للاعتماد على أنفسهم من خلال حصص العلاج. وأضاف سمير أن المرضى لم يتم إشراكهم في القرار وكأنهم غير معنيين به، بالنظر إلى وضعهم الصحي «المحرج» وحاجتهم الملحة إلى العناية والتتبع الصحي، و «الإهمال» الذي يلاقونه بالمركز، بل أرغموا على المغادرة مكرهين وهم محملين بهموم المرض، ومعها حالة الذعر والإرباك التي يقابل بها بعضهم من طرف عائلاتهم خوفا من العدوى. يقول أحد المرضى: «أنا بغيت نبرا ولكن كيجريو عليَ. حنا راه خمسة ديال الناس اللي جراو علينا. راه حالتنا كتخلع». مرضى غاضبون «الدوا اللي مزيان كيعطيوه للبرانيين، وحنا كيعطيونا بوماضا ديال 130 ريال ويقولوا لينا سيرو لديوركم. كنمشي نتعذب على بوماضا نشريها غير بوحدي. كيف غادي نديرو حتى نبراو؟ هذه شهادة لأحد المرضى الذي أكد أنهم لا يستفيدون من العلاج المجاني، بل إنهم يشترونه بأنفسهم، وأن الأدوية التي تسلم لهم هي «غالبا عبارة عن مراهم لا يتجاوز ثمنها عشرة دراهم، أو فاصمة والدوا الحمر». وأضاف المصدر نفسه أن أحد الأطباء قال له يجب أن تبتر رجلك المصابة، غير أنه أجابه: «أريد العلاج أولا وإذا لم أشف آنذاك يمكن بترها». ونفى مدير المركز جملة وتفصيلا ما جاء على لسان المريض، مؤكدا أن المركز يقدم جميع الأدوية للمرضى إلى أن يشفوا تماما، وأن أغلب الأدوية يتراوح ثمنها ما بين 300 درهم و800 درهم، بل يقدم أدوية أخرى لهم لا علاقة لها بأمراض الجلد، مضيفا أن ما جاء على لسان المرضى هو من ترسبات الجمعيات التي سبق ذكرها. وفي هذا الإطار أكد الإدريسي، عن مديرية الأوبئة، أن الوزارة غيرت، استجابة لطلب المنظمة العالمية للصحة، استراتيجية وبرنامج العلاج ابتداء من -2005 2006، حيث لم يعد من الضروري التوجه إلى المركز من خلال العلاج الثلاثي، وأنه بإمكان كل مريض أخذ أدويته بمنزل عائلته، حيث إن 70 في المائة حاليا من المرضى يعالجون بمدنهم، وكلهم تم شفاؤهم، وأن مدة التواجد بالمركز مدة قصيرة جدا، وأن من فضائل هذه الاستراتيجية أن المريض لا ينبذ من طرف محيطه الأسري، كما تم إحداث 21 مصلحة للأمراض الجلدية وداء «الجذام» عبر التراب الوطني، وهذه المصالح تزود بالأدوية فور الإعلان عن أي حالة جديدة. «الجذام» قابل للعلاج في ظرف سنة قلصت المنظمة العالمية للصحة مدة العلاج فيما يخص «الجذام» من خمس سنوات التي كان معمولا بها في السنوات السابقة إلى سنة واحدة الآن. والسبب، يؤكد السباعي، أولا، أن سنة واحدة كافية تماما لأن يشفى من المرض بفعل الأدوية، علما أنه يصبح غير معد بعد الجرعة الأولى والثانية من العلاج، وأن أغلب الأدوية هي عبارة عن عقاقير ومراهم، كما تتم الاستعانة، خاصة في البداية، بالحقن. وهناك نوعان من مرض «الجذام»، أحدهما مدة علاجه ستة أشهر، ونوع آخر يستمر علاجه لمدة 12 شهرا، وتستعمل في العلاج ثلاثة أدوية. والمرض يصيب على الخصوص الفلاحين، وقد يتسبب في إتلاف الأعصاب، كما يصيب الجلد، وإذا لحق بالأعصاب فهي تموت مدى الحياة، والدواء الذي يعطى للمريض هو لمحاربة البكتيريا، وليس العصب، والرجل عندما تصاب بتعفن فالسبب هو فقدان المريض للشعور بهذه المنطقة، إذ عندما يدخل أي جسم غريب فيها كزجاجة أو قطعة حديد لا يحس بها، وهو ما يؤدي إلى دخول ميكروبات إلى الجزء المريض، مما يتسبب في التعفن، وهذا لا علاقة له بالمرض مباشرة، بل لأن المريض لا يأخذ احتياطاته أو بسبب انعدام الإمكانيات من أجل اقتناء حذاء صحي أو شراء الأدوية من أجل العلاج، وفي هذه الحالة يستقبل المركز المرضى بالتعفنات الناتجة عن انعدام النظافة والوقاية إلى حين شفائهم من جديد وآنذاك يغادرون المركز. وأكد السباعي أن الأدوية يقدمها المركز مجانا إلى المرضى، طيلة مدة العلاج التي هي حاليا سنة واحدة، وأن الاستراتيجية الجديدة التي أقرتها المنظمة العالمية هي مد المرضى بالأدوية، بعد مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر على الأكثر من المكوث بالمستشفى، بهدف إعادة إدماج المرضى في محيطهم من جديد، بسبب نفور أسرهم منهم بعد الإصابة، ودليل ذلك أن بعض المرضى مازالوا يعيشون بالمركز. يقول لحمادي: «أنا لا أريد أن أغادر المركز. منذ مدة طويلة وأنا أعيش هنا، فأنا لا عائلة لي، وإذا غادرته من المؤكد أنني سأموت في الشارع». أحد المسنين، الذي لم يعد يقوى على المشي، يوجد أيضا بالمركز منذ أزيد من ثلاثين سنة، والسبب أنه اختار الاستقرار بالمركز على أن يكون عرضة للتشرد والضياع.