الأم، الأب، الأرملة، الأيِّم (الأرمل) والأخ أو الأخت، جنباً إلى جنب جلسوا الواحد قرب الآخر، امتلأت بدفئهم رحاب شقة الراحلتين حنان وغزلان دومير بحي النسيم، مساء الأحد 11 يناير الجاري. لم تمنعهم برودة الطقس ولا هطول الأمطار من الحضور، فالدعوة التي وجهت إليهم لامست جرحاً غائراً في قلوبهم. ممثلو اثنتي وعشرين ضحية من بين 55 الذين سقطوا وقضوا في محرقة «روزامور» خلال السبت الأسود 26 أبريل 2008، ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً، كما لو كانوا لاينتظرون سوى الفرصة ليلتئم شملهم حتى يجهروا بآلامهم وبما يختلج صدورهم وما يعتصر قلوبهم من لوعة فراق أحبائهم وفلذات أكبادهم، الذين لا يزالون يعيشون على ذكراهم. كلمات وجمل هنا وهناك، من هذا الشخص أو ذاك، تتعدد التعابير والألفاظ، لكنها تلتقي في خلاصة واحدة، فالدردشة والنقاش لهما معنى واحد: الإحساس ب « الحكرة»! تجمُّع عائلات ضحايا محرقة «روزامور» الحاضرون، استنكر قيمة التعويض الذي «قَوَّمَ» ضحاياهم وعادل كل واحد منهم بمبلغ 200 درهم شهريا، أي 6,50 دراهم لليوم الواحد، دون استحضار «لأي بعد أكان أخلاقياً، إنسانيا أو اجتماعيا، وفي ضرب لذكرى الضحايا»، الذين لا يطلب ذووهم سوى حفظ كرامتهم، ورفع الضرر المادي والمعنوي الذي طالهم، ليتساءل عدد منهم «هل هناك من شخص يقبل أن يُحرق ابن له أو قريب غالٍ على قلبه، ويتم منحه مبلغ 200 درهم شهرياً كتعويض عن فراقه»؟ قيمة التعويض الذي قضت به المحكمة ليس وحده الذي يحز في نفوس قلوب المجتمعين، بل كذلك مسلسل الإهانات الذي تعرضوا له من طرف عدد من المسؤولين، وفق تصريح عدد منهم : «فوجئنا مراراً وتكراراً عندما كنا نتوجه نحو إدارة ما بالبعض يخاطبنا: «انتوما ديال روزامور راكم طلعتو لينا فالراس»، «مالكم واش ما شبعتوش؟!» أي إحساس يمكن أن يحسه المرء وهو يجد أجوبة مثل هذه؟ »؟ ويضيف آخرون أن عدداً من الأبواب التي فتحت في وجوههم عقب الحادث سرعان ما أوصدت ولم تعد مُشَرَّعة، وبأن الوعود التي تحدثت عن العزم والإصرار من أجل رفع الضرر عنهم والوقوف إلى جانبهم لتجاوز العائق الاجتماعي الذي خلفه رحيل معيليهم في ظرف لا يتجاوز 3 أشهر، سرعان ما تبخرت، فلا عاطل اشتغل، ولا مريض تواصلت استفادته من التطبيب، ولا دخل لهم يقيهم العوز والحاجة...! نقاش مستفيض جسد الإحساس بالمعاناة والألم، أجمع من خلاله الحاضرون على تشكيل لجنة لتمثيلهم لدى مختلف الإدارات والدوائر المختلفة والمسؤولين، من أجل إيصال أصواتهم، أملا في رفع الحيف عنهم والغبن الذي يحسه كل فرد من أفراد عائلاتهم، ضمت 6 أفراد هم: محمد بوزيان أب الراحل عبد الله بوزيان محفوظ الذهبي والد الراحلة إيمان الذهبي ابراهيم لفقيه الذي فقد زوجته ثورية الدومي بشرى فازي شقيقة الراحل حسن فازي، وفاطمة دومير وعبد الواحد رفيع ممثلان لعائلة دومير.