جاء علي مهامان لامين زين، الوزير الأول بجمهورية النيجر ومبعوث الجنرال دو بريكاد عبد الرحمان تياني رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن، رئيس الدولة ورجل النيجر القوي، منذ انقلاب يوليوز الماضي، محملا برسالة إلى جلالة الملك، كما جاءت الزيارة محملة بدلالات متعددة الأبعاد في سياق إقليمي وقاري تحركه تطورات غير مسبوقة. أولا، لا يمكن أن يغفل المتتبع أن الزيارة، الأكثر أهمية من نوعها، هي ثمرة الموقف المتبصر والرصين في قراءة المغرب لما حدث في التغيير غير الدستوري للسلطة. حيث كان المغرب قد اختار محمد لعروشي، السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، للتعبير عن موقفه في اجتماع لمجلس السلم والأمن الإفريقي حول الوضع بالنيجر، بحيث أكد ثقته في حكمة شعب النيجر وقواه الحية للحفاظ على المكتسبات، وعلى دوره الإقليمي البناء والهام. ثانيا، لا يمكن أن نسقط من الحساب الاستراتيجي كون ما حدث في النيجر، عرفته دول الجوار المحاذي لها، سواء في بوركينا فاسو أو في التشاد أو في مالي، وهي الدول الأربع المعنية باستراتيجية الساحل جنوب الصحراء… ثالثا، يتزامن التواصل المؤسساتي على مستويات عليا بين المغرب والنيجر، على الطريقة نفسها التي تتم مع الغابون، بعد التغيير اللادستوري للحكم… وقتها كان المتربصون بالمغرب، ومنهم دولة الجوار وفي فرنسا، قد اعتبروا أن ذهاب آل بونغو خسارة للمغرب، الذي تربطه بهم صداقة عمرت نصف قرن، والواضح أن التواشج يتجاوز عائلة الحكم الغابوني إلى الدولة الغابونية في ثوابتها القارية والدولية، كما يتضح الأمر نفسه مع النيجر، دولة الجوار المباشر مع الجارة الشرقية. رابعا، تنتمي النيجر، جيو سياسيا، إلى الدول المعنية بالعرض الأفرو أطلسي الذي تقدم به المغرب على مستويين، واحد إقليمي موسع والآخر تحت إقليمي sous r?gional ، تهم الدائرة الأولى 23 دولة في إطار مبادرة المغرب الأفروأطلسية فيما تهم الدائرة الثانية دول الساحل غير ذات واجهة أطلسية، وقد أعلنت النيجر انخراطها في المبادرة الملكية في 23 دجنبر الماضي. خامسا، تعرف العلاقات الجزائريةالنيجرية انتكاسة حقيقية، عندما وضع الارتباك والتعجرف الديبلوماسي للعسكر ومن «بالمرادية أجندة للانتقال السياسي في النيجر بدون اتفاق مسبق معها، مما أدى إلى الفصل المعروف حاليا بالتكذيب الذي أصدرته سلطات النيجر، عقب إصدار وزارة الخارجية الجزائرية لبلاغ يحدد خطوات الانتخابات وتاريخها ..في النيجر. سادسا، تحيل الجزائر على نفسها، في كل قضايا التعاون الثنائي والجماعي، بدون الاحترام لما يحدث في القارة، ومن ذلك أنها سارعت إلى عرض بناء مناطق حرة مع خمس دول منها النيجر، في وقت تعمل القارة على منطقة تبادل حر قارية تم الاتفاق عليها ووضع خططها، والواضح أن الجزائر تسعى، بدون إعلان ذلك، إلى تأمين حظوظها، مهما صغرت، في إنشاء أنبوب الغاز الجزائر- النيجر، الذي صار غير ذي بال بعد أن تقدمت خطوات المشروع القاري الكبير الأنبوب الأفرو أطلسي بين المغرب ونيجيريا… إلى كل ذلك، ما من شك أن تحصين ما تراكم بين المغرب والنيجر، في شؤون الأمن والصحراء والاتصالات والتجارة … عناوين تعاون تحتاج حاليا إلى قفزة أكبر، تسير نحو تحصين المشروع الإفريقي الإفريقي ضد الحسابات الضيقة لعسكر الجزائر، كما لا يخفى أن التموقع المغربي من جديد، من سقف أعلى، يتزامن مع خروج الرقم الفرنسي من معادلة المنطقة سواء في الساحل أو في عموم إفريقيا، وهو ما يجعل القرار الإفريقي الإفريقي هو الغالب في اللحظة الأساسية مما يقوي الدور الإيجابي لدولة المغرب في تأمين انتقالات أمنية وديموقراطية واقتصادية ناجحة في دول الساحل، وفي قلبها النيجر…