تسعى أعلى رئيسة سلطة تنفيذية في الاتحاد الأوروبي، في خضم موجة الإضرابات والغضب التي مارسها الفلاحون الأوروبيون، إلى عدم تقديم تنازلات في المعركة المناخية حول الزراعة، قد تكون صعبة الحل بالنسبة للرئيس القادم والذي قد يكون هي. قالت المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء، إن أوروبا يجب أن تشرع في عملية تنظيف شامل (قد تستمر لمدة 16 عاما) للتخلص من جل آثار تلوث الغازات الدفيئة تقريبا، وهذا قبل أن تبدأ الانتخابات في المفوضية الأوروبية لاختيار رئيس جديد، وتزامنا مع موجة غضب الفلاحين التي أدت إلى إغلاق الجرارات والسماد المحترق الطرق السريعة من «سالونيك» إلى «تولوز»، وهذا بعد أن أيدت السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي رؤية جديدة جريئة لخفض 90% من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2040. ومع ذلك، يلاحظ غياب وصف لكيفية مساهمة الزراعة في هذه الرؤية، التي تمثل سبع (7/1) تلوث الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي. يناسب هذا النمط، مسؤولي الاتحاد الأوروبي – في الأيام الأخيرة – والمتميز بالتنازل والتقليل من شأن المزارعين، وكما – يلاحظ أيضا – تراجع الاتحاد الأوروبي أو إلغاءه العديد من القواعد البيئية الرئيسية ردا على الاحتجاجات، بينما تبنى، بشكل ملحوظ، لهجة صديقة للمزارعين في رسائله. في قاعة البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء، اصطدمت سياسات الفلاحين في الانتخابات الأوروبية المقبلة بمناخ الكوكب، في صدام مدوي. أوضحت تفاصيل الخطة، التي كان مفوض المناخ في الاتحاد الأوروبي «ووبك هوكسترا» هناك لإقرارها، أن المزارعين – مثل أي جزء آخر من الاقتصاد الأوروبي – سيتوجهون، لامحالة وفي نهاية المطاف، صوب خفض انبعاثاتهم. وحتى عندما قدم توصية كاملة ومدعومة علميا لهدف الاتحاد الأوروبي، أصر هوكسترا على أن هذه كانت «مجرد بداية للمحادثة»، وذكر للبرلمان الأوروبي: «اسمحوا لي أن أشدد على كلمة «الحوار»»، مضيفا (بشيء من الارتياح): «إن قرار التوصل إلى اقتراح تشريعي سيكون بيد المفوضة المقبلة..». يرى «باس إيكهوت»، المرشح الانتخابي الرئيسي لحزب الخضر الأوروبي، وهو يوبخ هوكسترا خلال جلسة البرلمان يوم الثلاثاء: «لقد منعتم كل شيء عن الزراعة»، مضيفا «ما تصبون إليه لن يجعل المشكلة تختفي». شجار ما بعد الانتخابات؟ يعني كل ما سبق، أن المشكلة تنتقل من رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» إلى خليفتها، التي تميل على نطاق واسع إلى أن تكون «أورسولا فون دير لاين» نفسها، التي لم تفصح عن الطريق الجديد الرئيسي للمضي قدما في مهمتها لجعل أوروبا أول قارة محايدة للكربون. وبدلا من ذلك، كانت هناك (في البرلمان الأوروبي) لتعلن أنها ستسحب جهود الاتحاد الأوروبي لكبح استخدام المبيدات، وهو إجراء أغضب المزارعين وصوت البرلمان ضده. والملاحظ، أن رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين»، تعيش تحت ضغط هائل من عائلتها السياسية – حزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط – لدعم مطالبتهم بتمثيل مصالح المجتمعات الريفية، حيث يقول المزارعون إن «أسلوب حياتهم يتم تمزيقه والقضاء عليه، من خلال مزيج من قوى التجارة العالمية ولوائح الاتحاد الأوروبي المفرطة في التحمس لما يتعلق بالبيئة والمناخ». يبدو أن اقتراب موعد انتخابات الاتحاد الأوروبي (يونيو المقبل)، يشعر حزب الشعب الأوروبي بالقلق إزاء أحزاب المزارعين المبتدئة واليمينيين الرجعيين، الذين يغازلون قلوب هؤلاء الناخبين الريفيين الساخطين، أو كما سأل «أندرس فيستسن» عضو البرلمان الأوروبي الدنماركي والتابع لمجموعة الهوية والديمقراطية اليمينية المتطرفة: «ألا تدركون ذلك؟ لقد أصبحت سياسة المناخ هذه جامحة جدا. في الشوارع، من «باريس» إلى «برلين»، ومن «روما» إلى «وارسو»، يحتج المزارعون والعمال والمتقاعدون على هذه السياسة المناخية البشعة»، الذي اقترحت مجموعته إلغاء ما وصفته ب»الصفقة الخضراء الأوروبية»، أي وسيلة الوصول لأهداف الاتحاد الأوروبي المناخية.. بالنسبة لمقترح استخدام المبيدات، يلاحظ (اختفاء) مذكرة حول إمكانية قيام المفوضية بفرض خفض «الميثان» و»أكاسيد النيتروز» بنسبة 30%، والتي كانت في مسودات سابقة لاقتراح المفوضية لرؤية سنة 2040، بحلول الوقت الذي صدرت فيه يوم الثلاثاء. وبالمثل، كانت الرسائل المتعلقة بتغيير السلوك المناخي – ربما بما في ذلك تناول كميات أقل من اللحوم أو منتجات الألبان – وخفض الدعم للوقود الأحفوري الذي هو أساس المزارعين في إنتاج محصولهم. يلاحظ أيضا، إدراج لغة أكثر ليونة حول ضرورة الزراعة للأمن الغذائي في أوروبا والمساهمات الإيجابية التي يمكن أن تقدمها. إن إنهاء تلوث الاحترار المناخي في الاتحاد الأوروبي، هو جزء حاسم في مسيرة رئيسة المفوضية ومن إرثها. بعد أشهر من تحليل البيانات، أوصى محللو المفوضية بأن نسبة 90% مقارنة بنسبة 33% ما بين 1990 و 2022، والذي كان هدفا فعالا من حيث التكلفة وقابلا للتحقيق، غير أن أكبر مسؤولة في السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، تعتقد أن هذه السياسة لا يمكن الدفاع عنها. من المتوقع أن تعلن «فون دير لاين» في الأسبوعين المقبلين، أنها ستترشح لولاية ثانية على رأس المفوضية، ومع ذلك، أيا كان من سيتولى المنصب بعد الانتخابات، فسيتعين عليه أن يتصارع مع حقيقة مفادها أن «تحقيق أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي أمر شبه مستحيل دون معالجة التلوث الزراعي، الذي ظل مستواه يتصاعد في السنوات الأخيرة، ولكونه مسؤولا عن 14% من انبعاثات الغازات الدفيئة، ولأنه كذلك من أكبر مصادر انبعاث غاز الميثان في الاتحاد الأوروبي، وهو ثاني أكبر محرك لتغير المناخ بعد ثاني أكسيد الكربون». إن عدم لمس الانبعاثات الزراعية، سيحول العبء إلى قطاعات أخرى مثل «النقل» و»التدفئة»، والتي سيتعين عليها تسريع اعتمادها لتدابير الكفاءة والانتقال إلى وقود أنظف بشكل كبير، كما حذر «سيمون تاجليابيترا» أخصائي سياسة المناخ في مركز أبحاث «بروجل». تتوقع المفوضية أيضا، أن يصل إجمالي الاستثمارات عبر أنظمة الطاقة والنقل إلى 1.5 تريليون يورو سنويا ما بين 2030 – 2040. ذكر الاقتصادي الألماني «أوتمار إيدنهوفر»، الذي يرأس المجلس الاستشاري العلمي الأوروبي المعني بتغير المناخ، لموقع «بوليتيكو»، إنه: «ستكون هناك حاجة إلى إجراءات سياسية إضافية للوصول إلى تخفيض الانبعاثات التي أوصى بها المجلس بنسبة 90% إلى 95% بحلول عام 2040». يصعب أيضا تقييم الأثر الذي أجرته المفوضية لرؤية 2040، من ضرورة أن الانبعاثات الزراعية يجب أن تنخفض بنسبة 30%، وهو رقم تكرر في مسودات سابقة للإعلان السياسي اطلعت عليها «بوليتيكو» ولكن تمت إزالتها من النص المنشور. أما بالنسبة لما يعنيه ذلك بالنسبة للمزارعين، فإن تقرير المجلس الاستشاري يشير إلى أنه «سيتعين على الاتحاد الأوروبي معالجة كل من العرض والطلب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنتجات الحيوانية مثل اللحوم ومنتجات الألبان». تفيد بعض السيناريوهات التي حللها المجلس، أن «الطلب على الماشية سينخفض بنسبة تصل إلى 50% مع تحول الأوروبيين إلى الأنظمة الغذائية النباتية». إن تناول كميات أقل من اللحوم أمر أساسي، لكون التعديلات التكنولوجية على الإنتاج الزراعي وحدها «ليست كافية لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 في أوروبا»، يضيف المجلس، وكما أقر هوكسترا بأن «الزراعة يجب أن تساهم بشكل أكبر لتحقيق هدف الكتلة لعام 2030»، قائلا: «نحن بحاجة إلى مزيد من التقدم الجوهري في خفض الانبعاثات في الزراعة»، وقبل أن ينتفض المزارعون الأوروبيون في وجه هذه القرارات. عن موقع «Politico»