يعتبر الماء مادة حيوية، حبانا الله بها، وهي إحدى النعم العظيمة التي لا يمكن للعالم أن يعيش بدونها أو يستغني عنها، لكنها أصبحت اليوم مصدر قلق كبير للبشرية، وموضوع الساعة، بعد تحذيرات المنظمات الدولية من الإفراط في استعمالها بشكل عشوائي والذي يؤدي في النهاية إلى نقص كبير وإلى اضطرابات في التزود بالماء الصالح للشرب. والمغرب شأنه شأن باقي دول المعمور، يعيش خلال السنوات الأخيرة المتعاقبة على وقع خصاص في هذه المادة الحيوية، بسبب توالي سنوات الجفاف، الذي أثر بشكل سلبي على الموارد المائية وتسبب في نقص مهم في حقينة السدود، بسبب الاستعمال المفرط لهذه المادة الحيوية، خاصة في القطاع الفلاحي الذي استنزف بشكل كبير الفرشة المائية دون الاكتراث بالنتائج السلبية لهذا الاستعمال المفرط. ويعتبر إقليمجرادة، وكباقي أقاليم وجهات المملكة، منطقة جغرافية تعيش هي الأخرى على وقع نقص حاد في التساقطات المطرية التي عرفت خلال السنوات الأخيرة مستويات متدنية أثرت سلبا على الفرشة المائية وعلى حقينة السدود الصغيرة، كسد بن ديمية الذي جفّ بشكل كلي ونضبت مياهه، ناهيك عن الإجهاد الذي تتعرض له الفرشة المائية بسبب ارتفاع وتيرة حفر الآبار الموجهة للمجال الفلاحي، والتي تضاعفت أعدادها بشكل ملحوظ مقارنة مع السنوات الماضية، حيث من الطبيعي جدا في ظل هذه الوضعية أن تتأثر الفرشة المائية وأن تتعرض لإجهاد مائي، في ظل غياب حلول واقعية، وتدخلات استباقية للحد من ظاهرة الإسراف في استعمال الماء. إن هذا الوضع الذي تعرفه المنطقة خاصة والبلاد برمّتها عامة، يتطلب وبشكل جد مستعجل اتخاذ كل الإجراءات الضرورية من أجل عقلنة استعمال الماء والبحث عن موارد جديدة له باعتماد الأساليب العلمية والتقنيات الحديثة، التي تضمن مواجهة الجفاف، والحرص على تنفيذها بشكل يضمن التزود المنتظم بهذه المادة التي لا يمكن للإنسان أن يعيش بدونها، مع ضرورة أن يلتزم في المقابل بحسن استعمالها وعدم إهدار كميات كبيرة منها. لقد أصبح من غير المعقول في ظل هذا الوضع أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام استمرار موجة الجفاف التي يعيشها إقليمجرادة، وأن ننتظر ما يمكن أن تجود به علينا السماء من أمطار تأخر هطولها لما يفوق السنة، دون أن تواكبها إجراءات عملية بتكثيف الحملات الإعلانية وإشراك المجتمع المدني في عملية تحسيس الساكنة بأهمية الحفاظ على الماء، وبالقطع مع كل الممارسات، الخاصة والعامة، التي تضر بالفرشة المائية، والحرص على عدم تبذير الماء، خاصة في هذه الظرفية التي نمر منها، وأن ينخرط الجميع بكل مسؤولية في تنفيذ الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الدولة والأخرى المرتقبة، في مواجهة شح المياه الذي ينذر بسنوات، سيكون فيها الحصول على شربة ماء تحديا كبير لكل دول العالم.