أكدت مصادر متقاربة، أن اثنين من المحررين من أصول مغربية، تم طردهما من التلفزيون الفرنسي العمومي، ويبدو أن المعلومات التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام، حول «موجة من الإقالات في صفوف الصحفيين المغاربة العاملين في قناة فرانس 24، وكذلك داخل إذاعة «مونت كارلو الدولية» صحيحة . في نفس السياق، يذكر بأن مدير راديو «مونتي كارلو الدولية»، والذي يعتبر المغربي الأعلى رتبة في مجموعة «فرانس ميديا وورلد»، التي تضم «فرانس 24» وإذاعة «فرنسا الدولية» ومونت كارلو ، هو من بين الصحفيين المغاربة الآخرين الذين ورد خبر طردهم من الجهاز الإعلامي الفرنسي. من جهتها، تبرر إدارة مجموعة (France Media Monde) بشكل غير رسمي على أنها موجة عادية من الإقالات الروتينية وبدوافع اقتصادية، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن السبب وراءها يعود إلى زيادة النفوذ الجزائري ضمن هذا الإعلام الذي يموله دافعو الضرائب الفرنسيون. على أنه، لا يبدو على أن المديرة الحالية لفرانس 24 «فانيسا بورغراف» تهتم بمصالح المغاربة ولا بطواقم الأخبار المغربية لديها، ومنذ أن بدأت حياتها المهنية كمديرة ل»فرانس 24» في عام 2021، شعر الصحفيون الجزائريون في المجموعة بأن لهم سلطة أكبر على نظرائهم من الجنسيات الأخرى، كما الحال في الوسط المهني في القناة العامة الفرنسية، الذي لا يتردد البعض في التعليق على ما وقع فيه ووصفه ب»عملية سطو إعلامي جزائرية وقعت في فرنسا»، أدت بالعديد منهم إلى إطلاق عبارات من قبيل : «لقد استولينا على السلطة وسنبدأ مطاردة حقيقية للمغاربة!»، والتي صدرت من جزائريين صعدوا بسرعة في سلم التوظيف ضمن القناة الإخبارية «فرانس 24» وكانت بمثابة حافز لهذه الهيمنة الكاملة. هكذا، يتم دفع الجزائريين لشغل مناصب بارزة في القناة، بينما تواصل وسائل الإعلام، التي تمولها وزارة الخارجية، دعم أجندة الرئيس، ففي خطابه خلال مؤتمر السفراء في شتنبر 2022، ألم يدع ماكرون نفسه إلى «استخدام فرنسا بشكل أفضل لشبكة عالم الإعلام، وهو أمر ضروري للغاية، والذي يجب أن يكون قوة بالنسبة لنا؟»، غير أن ما نراه الآن، هو تناقض صارخ لما يدعو إليه ماكرون، الذي لا يمنعه هذا من إعطائنا محاضرة عن استقلالية الإعلام! إن تصريحات الرئيس الفرنسي، التي يراها البعض مرآة للقطاع الإعلامي الفرنسي، تتناقض بالفعل مع ما يدعو إليه من استقلالية القطاع الإعلامي الفرنسي، حيث يتجلى هذا التناقض كذلك في قضية الصحفي الفرنسي – المغربي «مباركي» في قناة «BFM» التي أطلقت موجة الفصل بحجة «عدم الكفاءة المهنية». ووفقا لهذه المصادر الإعلامية، فإن 5 أسماء ستكون في مرمى المنصتين الإعلاميتين الفرنسيتين، على أنه تم بالفعل استدعاء اثنين منهم من قبل إدارة القناة دون الكشف عن أي أسماء. ما يعلم من سياق الأحداث، أن هؤلاء الصحفيين متهمون بعدم الكفاءة المهنية وخلطهم للحقيقة في مواضيع معينة، خاصة في ما يتعلق ب»الجزائر»و»فلسطين»، غير أن إدارة مجموعة «France Media Monde» بررت هذه القرارات بدوافع اقتصادية، كما ذكرنا أعلاه. لكن، وفي الواقع، فإن ما تفعله إدارة المجموعة ليس إلا مداهمة حقيقية للصحفيين المغاربة الذين يشغلون، حتى الآن، مناصب رئيسية في المجموعة الإعلامية الفرنسية، التي نفت بدورها أن تكون هذه الموجة متعلقة بالموظفين المغاربة فقط أو تستهدفهم حتى. في الواقع، يجب على الإدارة التخلي عن ما يسمى بالموظفين «الأشباح» (من كلا الطرفين إن وجدوا ودون تمييز بينهم) وتخفيف كشوف المرتبات الكبيرة بعد موجة هائلة من التوظيف في الماضي. بالنسبة لمصادر إعلامية، قد ترغب قناة «فرانس 24» المعروفة باسم «تلفزيون الشؤون الخارجية الفرنسية»، والتي تعمل على توجيه رعاياها ومعالجتها الإعلامية للمعلومات المتعلقة بالمغرب، في التخلص من أسماء الصحفيين المغاربة أو الصحفيين من أصل مغربي، فقط لإرضاء الجهات العليا الفرنسية وكرد منها، في أعقاب الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا. يشهد المغرب وفرنسا، حلقة غير مسبوقة من الأزمة الدبلوماسية التي ألقت بظلالها على العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي أصبحت عكس ذلك تماما بسبب السياسة الخارجية الفرنسية التي تتعارض مع المغرب، ولا بد من القول إن مجتمع الصحفيين المغاربة في «فرانس 24» لا تراه القناة الإخبارية سوى «أقلية» إلى حد كبير وذي حصة توظيفية صغيرة (رغم أهميتها) مقارنة بحصة الصحفيين التونسيين والجزائريين وخاصة اللبنانيين الذين يعتبرون أصحاب حصة الأسد في المشهد التوظيفي الإعلامي. لقد أخذت إدارة «فرانس 24» رسالة الرئيس على محمل الجد، ونتيجة لذلك قلدت القناة الفرنسية بالكامل (أو تقريبا) نظيرتيها الجزائريتين وهما «الشروق» و «النهار»، وفي مقابلة في برنامج «زعيم المعارضة» تمت إزالة «أميرة بوراوي» نهائيا من موقع «فرانس 24» بعد بث واحد عقب سعيها لاسترضاء شركات الغاز، وفقا لزملائها. في ضوء ذلك، كثف الجزائريون ب»فرانس 24 «جهودهم لطرد أكبر عدد ممكن من المغاربة واستبدالهم بمواطنين من بلدهم الأم. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن جزائريين سيحلان محل المحررين المغربيين اللذين تم فصلهما، وقد ثبت ذلك بعد أن تولى صحفي جزائري مكان أحد المحررين المغاربة المفصولين والمعروف بصلته بالنظام الجزائري، وهو ما ترى فيه إدارة «فرانس 24» أمرا حاسما بالنسبة لها. في سياق متصل، يتم تنظيم «حفل» شهريا في الخارج حيث تلتقي جميع الإدارة بما يمكن وصفها ب»العشيرة الجزائرية» لتحسين الموقف المؤيد للسياق المالي والتجاري للخط التحريري، ما يظهر أن الصحفيين المغاربة العاملين في «فرانس 24» تحديدا أو في القطاع الإعلامي الفرنسي يمرون بوقت عصيب للغاية.