سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مكناس: بحضور فعاليات ثقافية وفنية وجمعوية وسياسية : المحطة الثامنة للمقاهى الثقافية بالمغرب تحتفي بالكاتب والصحافي مصطفى العراقي : مصطفى العراقي: المطلوب اليوم هو إعادة بناء الأولويات والسياسات الراصدة لواقع الطفولة المغربية
برغم شراسة القيظ، أبت مختلف الفعاليات الثقافية والفنية الجمعوية والسياسية إلا أن تؤثث فضاء النسخة الثامنة للمقاهي الثقافية المنظمة بمدينة مكناس من طرف حركة الطفولة الشعبية فرع تنسيقية الزينون، وذلك احتفاء بالكاتب والصحافي مصطفى العراقي بمناسبة توقيع كتابه القيم (100 سنة من حقوق الطفل عالميا ومغربيا). منسقة اللقاء الأخت الكاتبة والشاعرة سميرة جودي التي أبدعت وأجادت من خلال التقديم المتميز والراقي للمحتفى به الكاتب والإعلامي الأخ مصطفى العراقي بمعية الإطارين الأستاذ الباحث والفاعل الجمعوي المتميز جمال عبد الدين المرزوقي والأستاذ الجامعي المتألق عبد الوهاب البقالي، اللذين قدما دراستهما التحليلية للمؤلف، مؤكدة أن المقهى الثقافية ستظل فضاء منفتحا على كل الفعاليات المجتمعية عبر ربوع الوطن. وأكدت المتحدثة أن الإصدار يعد مرجعا توثيقيا وتاريخيا لمئة سنة من البحث، خاض خلالها الكاتب في يم الأحداث والتجارب والمحطات الراصدة لحقوق الطفل محليا وكونيا، بحكم ممارسته الإعلامية والعلمية، وبحكم مساره الجمعوي والسياسي والحقوقي الذي مكنه من رصد وتتبع المنحى الحقوقي للأطفال عبر مختلف المحطات التاريخية والكونية من خلال اعتماد التربية والفكر كأرضية للبناء والحوار والنقد. كلمة عبد العالي الداودي، عضو المكتب الوطني للطفولة الشعبية، اعتبر أن استحضار واستضافة الأستاذ مصطفى العراقي يعتبر حدثا ثقافيا وإشعاعيا له ما بعده على مستوى تجديد الفكر والممارسة البناءة الدافعة نحو إرساء اسس مغرب منفتح فكريا وحقوقيا وسياسيا. واعتبر الداودي أن مؤلف (100 سنة من حقوق الطفل عالميا ومغربيا) يعتبر مرجعا حقوقيا عاكسا لنضال حركة الطفولة الشعبية التي يحق لها أن تعتز بماضيها وحاضرها المتطلع لمستقبل جمعوي هادف ومسؤول وبناء. أما الفاعل الجمعوي الأستاذ الباحث جمال عبد الدين المرزوقي، فقد استهل مداخلته بالتأكيد على النقاء الفكري والإنساني والممارساتي والصحافي لمصطفى العراقي الذي بصم مساره الفكري والاعلامي بجريدة الاتحاد الاشتراكي بشكل متميز على مستوى الزخم التحريري، وعلى مستوى عمق الأسلوب الموظف الذي يقتدى به إعلاميا وتأليفيا، وذلك من خلال الإصدارات التي تطرق فيها للعديد من المواضيع، خصوصا ما يتعلق بحقوق الأطفال وأوضاعهم الاجتماعية، خلال الازمات والحروب والصراعات بين الدول، والتي تكتوي فيها الطفولة على الخصوص بتأثيراتها السلبية على كل المستويات. وأكد المتدخل أن الموضوع يكتسي أهمية بالغة على كل المستويات القانونية والتنفيذية التي تشكل عائقا أمام عدم المصادقة النهائية. ذلك أنه على القوانين ألا تظل حبيسة الممارسات المزاجية للموكل إليهم تدبير القطاع الشبابي الشيء الذي يمكن أن نطلق عليه مفهوم (حقوق مع حيف التنفيذ)، حيث يمكن أن تنعت بالنصوص القانونية الرخوة تلك التي تشجع على ممارسة الانتهاكات في حق الطفولة، بما فيها العنف الجسدي والجنسي الذي يحاط بجدار سميك من الصمت، مما يضاعف المعاناة النفسية للمعتدى عليه. وشدد الأستاذ المرزوقي في نهاية مداخلته، التي خاض خلالها عميقا في الإشكالات التي طرحها، والتي لا مست عمق الاشكالات المطروحة فكريا وقانونيا، على إرساء حكامة التدبير والتخطيط الذى يطال الجانب الانساني المرتبط بالحقوق الاساسية للطفل. مداخلة الأستاذ الباحث عبد الوهاب البقالي أكدت، في بدايتها على اعتبار المؤلف مرجعا علميا رصينا مساعدا على البحث وعلى الاغتراف من خباياه الفكرية والسياسية المرتكزة على التأريخ لكل التمظهرات الزمنية المصاحبة لمسار تأليف وإعداد هذا المرجع الهام نظريا وفكريا، بحكم الغوص في العديد من القضايا التي تعتبر طابوهات مسكوت عنها اجتماعيا وسياسيا، خصوصا وأن المسار التأليفي للكاتب ارتكز أساسا على مجموع القضايا البالغة التعقيد. واعتبر المتحدث أن توثيق وتجميع المعطيات بحس فكري نقدي راصد لمساحات الانتهاكات التي تشكل وصمة عار اجتماعية في حق براءة الطفولة ومستقبلها. وقال البقالي إن الرسائل الواضحة والمشفرة التي تتوارى بين دفات المؤلف تحتم على الدوائر المسؤولة أن تنزل من أبراجها الاسمنتية لتصغي للضمير الجمعي للمواطنين والمواطنات ولفاعلي المجتمع المدني المهتم بالوضع الطفولي العام. في نهاية العروض التي كانت مبرمجة، تدخلت مسيرة الجلسة لتقترح على الحضور السماع الصوتي لمداخلة الاستاذ عبد الرحمان العمراني الأستاذ الجامعي والحقوقي الجسور الذي حالت ظروفه الصحية دون حضوره اللقاء المباشر مع المهتمين من نخب العاصمة الإسماعيلية، حيث نحت مداخلته نفس المنحى الحقوقي للمداخلات السالفة. مؤكدا على ان الواقع الذي نعيشه اليوم يفرض علينا وطنيا ودوليا وقاريا النهوض بقضايا الطفولة وتجنبيها هول العنف المسلط على شرائح واسعة من الاطفال بكوكبنا الازرق. واعتبر الأستاذ العمراني أن النضالات الاجتماعية تعتبر المدخل الرئيسي لتحسين أوضاع الطفولة وصون كرامتها الإنسانية وذلك عبر تسريع الاداء التواصلي والتوعوي والنضالي وقد اختتم اللقاء الأأستاذ مصطفى العراقي الذى ثمن المحطة الثامنة للمقاهي الثقافية بمكناس، معتبرا إياها جسرا على مستوى الذاكرة لما تحمله من نذوب تاريخية ترسخت في الوعي الجمعي لطفولة بدايات الاستقلال الى الآن، عبر المآسي والأحداث التي لفت واقع الطفولة ومستقبلها، خصوصا مع فشل المخططات الوهمية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام السياس عامة مع استثناء بعض لمسات الضوء المشرقة التي أرساها الصف التقدمي عبر حقب زمنية متباعدة. وأكد العراقي أن المطلوب اليوم هو إعادة بناء الأولويات والسياسات الراصدة لواقع الطفولة المغربية بهدف القطع مع المسلك السياسي الانفرادي الذي رهن مستقبل الاجيال للمجهول، معتبرا أن المصلحة الفضلى للأطفال تتجسد في اعادة النظر فى مجمل القوانين الحاطة بالكرامة الانسانية للأطفال. مداخلات الحضور أشادت بالأدوار التوعوية والتثقيفية للمقاهي الثقافية التي تعتبر محطة اشعاع ثقافي واعد على كل المستويات الفكرية والأدبية. نشير إلى أن كتاب «100 سنة من حقوق الطفل عالميا ومغربيا: حكايات ومسارات» للكاتب مصطفى العراقي، الصادر عن ….، يضم 350 صفحة، واستغرق إعداده ستة أشهر، واعتمد فيه المؤلف على وثائق الأممالمتحدة، والمنظمات الإقليمية، ووثائق مغربية وإحصائيات. وجاء على ظهر الغلاف أن «الكتاب يسعى لتقديم الترسانة العالمية والإقليمية التي ولدت من تداعيات حروب.ترسانة ولدت من رحم الفظائع ومن هول الانتهاكات التي طالت كرامة الطفل وبشاعة الاستغلال التي تعرض له ولا يزال، وفي فصل ثان سيحاول أن يرسم طريق تطور حقوقه بالمغرب، عبر أربع مراحل، وكي يستعرض تفاصيل بعض هذه الحقوق من حيث الوقائع والنصوص، يقدم في فصل ثالث أبرزها خاصة فيما يتعلق بحقل الحماية. أما الفصل الرابع؛ فيتضمن أكثر من مائة توصية وردت في ملاحظات وتوصيات لجنة حقوق الطفل، عقب مناقشة المغرب لتقاريره الدورية، هي توصيات تطرق باب الحكومة والسياسات العمومية والبرامج، من أجل أن يتمتع هذا الإنسان بكل حقوقه وتصان كرامته». بينما جاء في المستهل «بلغ من العمر مائة سنة، ذلك الطفل الذي انتزع أول اعلان بحقوقه سنة 1924، كان وقتها خارجا من حرب عالمية ضروس، بالكاد يجد غذاء ومأوى، عيناه ممتلئتان بحزن زرعته تلك المأساة الإنسانية، التي صنعتها أوروبا،يبحث عن أمان و»ضمانات» حتى لا تتكرر معاناته، التي حرمته من طفولته وأكلت جزءا من جسده واستوطنت تداعياتها نفسيته أو أزهقت روحه. لكن هذا الطفل اكتشف بعد عقدين، أن ذلك الإعلان؛ مجرد قصر من رمال جرفته حرب عالمية ثانية، كانت أكثر فظاعة من سابقتها».