ارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين من تركيا إلى أوروبا، في الآونة الأخيرة عبر طريق برية وعرة، حذاء جيد وحقيبة ظهر خفيفة حتى لا تثقل كاهل حاملها أكثر مما هو مثقل بالمآسي والخيبات ،وزاد ليس بالكثير ،هي أشياء زهيدة، لكنها تفي بالغرض براً إذا اقتضى الأمر، وأوروبا… هي المقصد. تستمر الهجرة السرية رغم صعوبة مسارات التهريب، ربما تختلف الطريقة لكن الوجهة واحدة ،فكما يقال «كل الطرق تؤدي الى روما». قصص كثيرة تمر على مسامعنا حول وصول المهاجرين نحو الوجهة المطلوبة، وهو ما يدفع بالكثير من الشباب الى المغامرة نحو المجهول. ربما اذا هو امل صغير يجعل اولئك الشباب بالرغم من كل المخاطر التي تواجههم، يغامرون بحياتهم في غابات الموت ، والاكيد ان لكل منهم أسبابه ، ودوافعه ، لكن بالرغم من كل الاختلافات المحتملة الا ان الهجرة السرية ، تظل رحلة محفوفة بالمخاطر، غير معروفة العواقب وقد يكون الثمن حياة اولئك الحالمين. فالهجرة البرية غير الشرعية، اذا عبر الغابات الخطيرة بتركيا اصبحت وجهة جديدة ،تضاهي في صيتها الهجرة عن طريق البحر، حيث أصبحت الحلم المشترك بين الكبير، والصغير، بل حتى النساء منهم لم يسلمن من التشبت بهذا الحلم، حيث ركبن الاخطار وتحدين الموت، وتوجهن لاوروبا من طريق الغابات القاتل. تتعدد القصص وتتشابه اوجاع اسر الضحايا الذين يلقون حذفهم، او يفقدون فلذات اكبادهم، كل ذلك لا يهم، فالمهم هو الوصول. صرح الشاب «حمزة» في شهادته «لجريدة الاتحاد الاشتراكي»، والبالغ من العمر 25 سنة المنحدر من مدينة قلعة السراغنة، والذي تحدث لنا عن رحلته الصعبة التي قام بها في الطريق البرية الرابطة بين تركياوبلغاريا. قال انه قد اقتنى تذكرته بأربعة الاف درهم ذهابا وايابا رفقة صديقين اخرين من نفس المدينة بمجرد الوصول الى «اسطنبول»، ذهبوا الى منزل معد للكراء من طرف أولئك الشباب، بعد ذلك بدأت رحلة البحث عن المُهَرّب الذي يسهل عملية المرور من غابة بلغاريا المتشعبة .ليجدوا انفسهم في سيارة كبيرة مع اشخاص من مختلف الجنسيات، الجزائر، سوريا، ليبيا، تونس …،للذهاب الى الحدود البلغاريا، ومنها تبدأ الرحلة نحو المجهول. امضى حمزة ورفاقه ليلتهم في الغابة حتى الصباح لِيَعْبُرَ ومن معه طريقا محفوفا بالأسلاك الشائكة الفاصلة بين تركياوبلغاريا، وقد قضوا في تلك الغابة المعروفة بجبالها الخطيرة ومنحدراتها الوعرة، حوالي ستة أيام عانوا فيها كثيرا، بسبب سقوط الثلوج، وهطول الامطار ورغم تلك المعاناة ففكرة الوصول الى الوجهة المقصودة كانت البلسم الشافي لجراحهم ،لكن بمجرد خروجهم من الغابة وقبل ان يتنفسوا الصعداء ، تم القبض عليهم من طرف العسكر البلغاري، الذي اخذ منهم كل ملابسهم واموالهم وزادهم من المأكل ، وتعرضوا للضرب المبرح قبل ارجاعهم الى الحدود التركية ليعود بعد ذلك حمزة الى موطنه وكله عزم على إعادة الكرة. ومهما اختلف الزمان والمكان، سواء في المغرب، تركيا، او غابات بلغاريا، تظل المعاناة نفسها والتي يمكن ان تنتهي بالوصول او العودة. لكن السؤال المطروح كيف هو حال أسر وضحايا المفقودين، الذين اصبح املهم الوحيد معرفة مصير ابنائهم، او حتى العثور على جتثهم ودفنها في القبور. لتصبح ملاذ كل قريب تمنى الخير في رحلة الموت، لكن كان للقدر رأي آخر. الأكيد أن موضوع الهجرة غير الشرعية ، ليس بظاهرة جديدة، إلا أن الشباب مصر على سلك نفس الطريق، بالرغم من خطورتها وظلامها وعدم ضمان عواقبها. صحفية متدربة