يقول وليام كارلوس وليامز: «الموسيقى الجديدة هي عقل جديد» بالموسيقى الجديدة والعقل المنفتح استطاع الجنوب الشرقي أو «أسامر» أن يكون مهدا للموسيقى الشبابية الأمازيغية، تلك اللمسة الجديدة التي طرأت على الأغنية الأمازيغية التقليدية، من خلال إدخال آلات وإيقاعات جديدة، بهدف مواكبة ما طرأ على الساحة من متغيرات، لكن مع الاحتفاظ بالإرث الذي خلفه الرواد القدامى. الساحة الأمازيغية تزخر بالمواهب الشابة والأسماء التي حملت مشعل الأغنية والموسيقى الأمازيغية، فسيفساء ساهم في صناعته الأب المؤسس «موحا أملال» ابن قرية «تملالت»، نواحي «ورززات»، الفنان الذي استطاع أن يجمع بين الفن التشكيلي وكتابة الشعر والموسيقى، صدرت له ما يقارب تسعة ألبومات، كان أولهما عام 1989، كما أن اشتغاله بالفن لم يمنعه من التأليف فيه. هذه التجربة الفنية التي انطلقت من الجنوب الشرقي ستلهم أجيالا عديدة اختارت الموسيقي الأمازيغية. لا يمكننا الحديث عن هذه الأنماط الموسيقية الجديدة، دون الحديث عن «مبارك أو العربي» المعروف لدى جمهوره ب «النبا»، والذي ساهم هو الأخر في بروز هذا التوجه الفني الجديد، من خلال تأسيس مجموعته الغنائية التي تحمل اسم «صاغرو باند» نسبة لجبل صاغرو. مبارك الشاب استطاع أن يجمع بين التحصيل العلمي والموسيقي، إذ حصل على اجازتين في كل من القانون والأدب الفرنسي، كما استطاع خلال مساره الفني اصدار العديد من الألبومات، لكنه رحل عن الدنيا في ريعان الشباب، إذ توفي سنة 2011 عن عمر يناهز 28 سنة مخلفا وراءه مسارا فنيا حافلا بالإبداع. وفي قلعة مكونة برزت تجربة شبابية أخرى، ويتعلق الأمر بالفنان العصامي عبد الهادي الإدريسي المعروف في الساحة الفنية ب «أمناي»، المفردة الأمازيغية التي تعني الفارس، سلك أمناي طريق الفن متأثرا بمحيطه العائلي، عام 2005 حيث كانت بداياته الأولى بشكل فردي، ليقوم بعد ذلك بتكوين مجموعة غنائية تحمل اسمه الفني. دائما في الجنوب الشرقي، لكن هذه المرة مع «عمر أوهاشم»، فنان شاب ترعرع في أحضان بيت يتنفس الموسيقى والشعر، وهو نجل الشاعر الكبير «أحمد أوهاشم». ألف «أوهاشم» العديد من الأغاني، في مختلف التيمات الغنائية منها الحب والاعتزاز بالهوية الأمازيغية، رغم الصعوبات التي يواجهها الفنانين الشباب في هذه الأنماط الموسيقية. يتحدث «عمر أوهاشم» عن الصعوبات التي تواجه الموسيقى الشبابية الأمازيغية، في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي، حيث ركز على غياب الدعم للمنتوج الفني الأمازيغي، ووجه النداء إلى الجهات الوصية عن قطاع الشباب والثقافة في جهة درعة تفيلالت، بضرورة دعم المشاريع الفنية التي يحملها الشباب، مشيرا إلى أن قلة الأستديوهات المخصصة للتسجيل في الجنوب الشرقي يمثل عائقا كبيرا مما يدفع الشباب إلى إنشاء أستوديو شخصي كما فعل هو شخصيا، كما أشار إلى قلة التظاهرات الفنية بالجهة، بالإضافة إلى ضآلة المستحقات المالية التي يحصلون عليها من المهرجانات، بحيث لا تتعدى ال10 آلاف درهم للمجموعة. من الجنوب الشرقي إلى مدينة أزيلال حيث سطع نجم الفنان الصاعد «خليل أزلماظ»، بصوته الشجي استطاع أن يطرب جمهوره، وفي رصيده الفني ما يقارب 8 أغاني، بالإضافة إلى أغاني الرواد التي أعاد غناءها بصيغة جديدة، كأغنية «يا سيدي ربي جود غيفي» للراحل محمد رويشة. الصحافي بإذاعة تمازيغت «إبراهيم إشوي» قال في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي: «أن التطور الذي حققته الموسيقى الأمازيغية هو حتمي بعد التراكم الكبير الذي شهدته الأغنية الامازيغية»، وأضاف أن «هذا التطور استفاد من أرشيف غني لثقافة ولغة تمتد على أزيد من ثلاثة وثلاثون قرنا»، وأشار إلى «أننا نعيش مرحلة ظهور جيل جديد من الشباب ومن الفنانين الدارسين للفن و الذين ابتكروا توجه جديدا يفضي إلى المزج بين الايقاعات التقليدية و ما هو عصري عالمي في الآلات الموسيقية واللغات الأخرى وكذا من الناحية التيماتية المعالجة». بالإضافة إلى المجموعات الموسيقية المذكورة سابقا، هناك العديد من التجارب الموسيقية الشبابية الأخرى والقاسم المشترك بينها هو محاولة إعطاء لمسة جديدة للأغنية الأمازيغية، بتوظيف التكنولوجيا الحديثة، هذه الأخيرة تتيح فرصة الانتشار على نطاق واسع، للوصول إلى جمهور عريض يعشق الموسيقى.