نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها.. كان المهدي بن العربي المنبهي مقربا لدى الوزير أحمد بن موسى (محضيا عنذه)وكأنه روحه ، وقد جعله عاملا كبيرا على قبائل شتى، ينوب عنه في ملاقاة الناس العظام ، ومنذ ذلك بدأ المنبهي يطمح الى تدعيم مركزه داخل الجهاز المخزني المركزي ، وفعلا بعد موت الوزير أحمد بن موسى سنة: 1318هجرية ~~1900ميلادية .عين المنبهي وزيرا للحربية ، وأخد يتقرب من السلطان ،بمثل ما كان أحمد بن موسى يمنعه منه، كأنواع الملاهي وادخاله في ادارة الأمور ، لأنه كان دائما لا يستشير سواه ، ثم شرع المنبهي في توسيع دائرة نفوده داخل الجهاز المخزني ، أطلق يده بسخاء لما كان بيده من أموال ، وسرعان ما تكونت لديه حاشية طويلة تناهز حاشية أحمد بن موسى ، وكان يستكثر في صفوفه كل من تصل اليه قوته كقواد القبائل وغيرهم. وكان القائد عيسى بن عمر من حاشية الوزير المنبهي ، ان لم يكن من أهم دعائمه داخل قبائل الحوز ، لذلك بمجرد غياب المنبهي في سفر الى أوروبا سنة :1309 هجرية ~~ 1901ميلادية ،وجد وزير البحر (محمد المفضل غريط )، الفرصة مواتية لتقليص دور المنبهي ، وعزل كل من كان ينتمي الى حاشيته ، وفي يوم الثلاثاء 22ربيع الأول من سنة 1319هجرية~~ 1901ميلادية ، ألقي القبض على القائد عيسى بن عمر ،وسجن بسجن مصباح ، وصدر الأمر بمصادرة أملاكه ، فتوجه قائد المشور : (قدور بن الغازي)، ونزل على قصبته بعبدة في نحو ألف من العسكر والأمناء والعدول من أسفي ، و العامل حمزة بن هيمة وعمال دكالة وأزمور والجدبدة . ووقع بقصبة القائد النهب بعد أن فر عياله وأولاده ، وتسلل المساجين من القصبة ليلا، ونهبوا اموالا ودخائر و ذهب متاع القائد . ولما بلغ المنبهي خبر الانقلاب الذي وقع له في غيبته ، عاد مسرعا من سفره ، وكانت تحبك مؤامرة لاعتقاله عنذ وصوله ، لكن حاشيته بادرت الى تحذيره قبل ان يقع في الفخ ، وكان المولى عبد الحفيظ من شيعة المنبهي ، فانتدب أحد أعوانه وهو (ادريس منو) الذي يقول :(فانتدبني مولاي عبد الحفيظ على أن أتصدى لملاقته هناك لئلا يقع في الفخ ). وبعد نزوله بالجديدة ، يوم الجمعة : 9ربيع الثاني سنة 1319هجرية ~~ 1901ميلادية ،قابله ادريس منو وقت النزول وأخبره بكل تفاصيل المؤامرة ، فرتبوا حيلة الدخول الى مراكش لليلة يوم الأحد 12 رببع الثاني من نفس السنة .ذون أن علم أحد حتى كان في داره بالقصبة ،بجوار دار السلطان ، وبعد لقأئه به أقنعه المنبهي بضرورة التراجع عن كل ما قرره في غيبته ، وأخد وعدا باطلاق سراح القائد عيسى بن عمر ، فصدر الأمر السلطاني بنقض كل ما أبرمه الوزير محمد المفضل غريط ومن بين ذلك تسريح القائد عيسى بن عمر وأولاده الثلاثة ، واعادة أمواله المأخودة له كلها . وتشير بعض الكتابات الأجنبية الى أن القائد عيسى بن عمر عرف كيف يجلب الى قضيته اهتمام قناصل الدول الأجنبية ، المقيمة بأسفي ، وأن ضغطا انجليزيا مورس من طرف قنصلها بأسفي ، لمطالبة السلطان بالافراج عن القائد ، فهل كان هذا الموقف بايحاء من الوزير المنبهي لما كان في سفره ؟،أم أنه كان بسبب العلاقة التي كانت تربط القائد ببعض المؤسسات التجارية الانجليزية بأسفي . ومهما يكن فان الأمر باطلاق سراح القائد عيسى بن عمر قد أصبح نافدا ،ولما أمر بالخروج من السجن أبى الا أن يخرج معه من كان من قبيلة عبدة المسجونين على يده ، وعلى غير يده لما فعلوه معه من الخير عنذ سجنه . وتذكر الرواية الشفوية ، أن بعضا من مسجوني قبائل عبدة ،حاولوا الاعتداء عل. القائد ، والاستهانة به داخل السجن ، الا أن جماعة منهم ، ومن بينهم بعض أولاد زيد تصدوا لهم، وقاموا برعاية القائد وخدمته طوال مدة اعتقاله التي دامت احدى وعشرين يوما ،لذلك كافأهم بطلب اطلاق سراحهم جميعا ، مما أعاد للقائد مكانته وسمعته داخل عبدة ، وجددت له ظهائر التعيين بتاريخ : 14 ربيع الثاتي عام 1319هجرية ~~ 1901ميلادية . وبعد التحاقه بقصبته ، عمت الفرحة كل أرجاء عبدة ، حيث لا زالت الذاكرة الشعبية تحتفظ ببعض مظاهر هذه الفرحة ، وبعث القائد برسائل الى كل جهات عبدة ومن بينهم جوار مدينة أسفي ، لاخبارهم باعادة توليته ، يقول فيها : (فان مولانا دام علاه ،قد ولانا على جميع أيالتنا التي كانت عندي كافة . وتأكد للجميع بعد ذلك ، أن القائد عيسى بن عمر أصبح أكثر قوة ونفودا من ذي قبل ، وصار يمارس سلطة واسعة ومطلقة ، مدعمة من طرف المخزن المركزي بمن فيه السلطان وزيره المنبهي .