الشغيلة التعليمية تترقب الشطر الثاني من الزيادة في الأجور نهاية يناير    تقرير: المغرب يسجل 644 براءة اختراع ويتصدر المرتبة الخامسة عالميًا في التصاميم الصناعية    رابطة الدوري الإسباني تزيل داني أولمو من قائمة المسجلين في برشلونة    الدرك الملكي بأزغنغان يضبط كميات كبيرة من الخمور في عملية نوعية والقبض على مروج شاب    في ظل تشديد المغرب مراقبته على الحدود.. مليلية تستقبل أقل عدد من المهاجرين سنة 2024    موريتانيا والسنغال تبدآن إنتاج الغاز من حقل السلحفاة المشترك    الرجاء يستعد لمواجهة صن داونز في دوري أبطال إفريقيا    الاتحاد المغربي للشغل يرفض مشروع قانون الإضراب ويطالب بتجريم العراقيل أمام حقوق العمال    الشرطة الأمريكية تعلن مقتل المشتبه به في هجوم "نيو أورليانز"    هل تكون 2025 سنة حسم استقلال منطقة القبائل عن الجزائر؟    جلالة الملك يتبادل التهاني مع قادة دول وحكومات البلدان الشقيقة والصديقة بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة 2025    بورصة الدار البيضاء.. حجم التداولات تجاوز 57,67 مليار درهم خلال النصف الثاني من سنة 2024    الرئيس السنغالي يعلن عن إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في بلاده    تاونات.. المصادقة على حصيلة تنزيل مشاريع INDH خلال 5 سنوات الماضية    إجهاض محاولة للهجرة السرية بسواحل طانطان    السلطات السعودية تعدم ستة إيرانيين    الجيش الملكي يحذر جماهيره    شخص ينهي حياة والده بساطور نواحي اقليم الحسيمة    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    رحلة رايان إير من تولوز إلى طنجة.. رحلة تتحول إلى جحيم ليلة رأس السنة (فيديو)    إنتاج علاجات السرطان في المغرب باستثمار هندي كبير    أسعار الذهب تسجل أفضل أداء سنوي منذ 2010    هذه قائمة العقوبات الصادرة في حق الأندية والمنتخبات من الكاف    لجنة الإستئناف تخفض عقوبات جماهير الدفاع الحسني الجديدي    وزير الصحة المغربي يوجه نداء للأطباء من أفراد الجالية بالخارج    مباحثات مغربية قطرية من أجل تعزيز التعاون العسكري بين البلدين    10393 عدد موظفات وموظفي الشرطة الذين استفادوا من الترقية برسم السنة المالية 2024    مقتل 17 فلسطينيا غالبيتهم أطفال    إيران تحذر من الهجمات ضد صنعاء    أجواء هادئة في طنجة ليلية رأس السنة تحت حراسة أمنية مشددة لتأمين الإحتفالات (فيديو)    احتفالات العام الجديد تخلف قتيل واعتقال 330 شخصا بألمانيا    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    بحلول 2025.. دولتان جديدتان تنضمان ب"الكامل" لمنطقة "شنغن"    المحترفون المغاربة يروجون للقيم العربية الإسلامية في العالم    الجيش الملكي يطرح تذاكر مواجهة مانيما الكونغولي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    طقس الأربعاء: أجواء باردة مصحوبة بصقيع    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    مولاي مهدي الفاطمي: صوت الإصلاح والتغيير في قبة البرلمان    ليلة رأس السنة: أمن طنجة يوقف مشتبه فيهم بالمدينة العتيقة    نظام الصواريخ الدفاعية "باراك-MX" طويل المدى.. يعزز سيطرة المغرب على الأجواء وحماية أمنه القومي    تحويلات مغاربة العالم تتجاوز 108 مليارات .. والاستثمارات الأجنبية ترتفع    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    دراسة: هذه المشروبات قد تحد من مخاطر الإصابة بالسرطان    اختتام مهرجان بويا في سمفونية نسائية بسماء الحسيمة    ابن الحسيمة المحامي رضوان الداودي ينال شهادة الدكتوراه في القانون الخاص    براد بيت وأنجلينا جولي يوقعان اتفاق طلاق بعد 8 سنوات من المعركة القانونية    المغرب يسجل تحسنا في معدل النمو    فنانون مغاربة غادرونا إلى دار البقاء في سنة 2024    تطورات مثيرة.. هل ينجح برشلونة في تسجيل داني أولمو اليوم … ؟    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركات المناولة… مستخدمون دائمون بقبعات مؤقتة وحقوق مهضومة

يعيش العالم حاليا مرحلة اقتصادية مهمة، شهدت تطورات متلاحقة، من ضمنها قيام منطقة التجارة العالمية وتبعاتها، إلى بروز الشركات العملاقة وتسابقها على الاندماج بهدف التخصص، ورفع القدرة التنافسية، وبروز العملاق الصيني وغزوه الأسواق العالمية. وواكب ذلك ثورة في تكنولوجيا المعلومات قلبت كل الموازين في سرعتها وتنوعها الذي يكاد يكون يوميا، وصاحب ذلك على المستوى الدولي تطورات ملحوظة في تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتحويلها عبر المناولة الصناعية الى صناعات مغذية لصناعات أخرى أكبر. وبدأ نشاط المناولة الصناعية يتسع في دول العالم المتقدم حيث يغطي نسبة كبيرة من إنتاجها الصناعي، تزيد عن 15% في دول الاتحاد الأوروبي و35% في الولايات المتحدة الأمريكية و 56% في اليابان.
وتلعب المناولة الصناعية دورا مهما في تمكين الصناعات الصغيرة والمتوسطة من الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لديها، والتصرف الدقيق والمحكم في وسائل إنتاجها، كما تلعب دورا أساسيا في تنمية وتنظيم النشاط الإنتاجي في الوحدات الصناعية ورفع قدرتها الإنتاجية والتنافسية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، كما تساهم بشكل غير مباشر في تشغيل العمالة الوطنية وتقليص نسب البطالة وبالتالي رفع مستوى الدخل ورفاهية المواطن. وإذا رجعنا الى مفهوم المناولة الصناعية يتضح لنا أنها العملية التي تكلف بواسطتها مؤسسةٌ، مؤسسةً أخرى، لتنفيذ إنتاج معين لصالح الأولى والتي تسمى في هذه الحالة بالآمرة، وتسمى المؤسسة المنتجة بالمناولة.
وتعتبر المناولة الصناعية، والتي أصبحت نشاطا ملحوظا، من الاستراتيجيات الناجحة في تنمية الصناعة، ولذلك تأسست بورصات أو مراكز للمناولة والشراكة الصناعية في كثير من بلدان العالم. وتوفر هذه المراكز بنوكا للمعلومات تحتوي على قواعد معلومات للمنتجات والمؤسسات التي تعمل على إنتاجها، كما تساهم هذه المراكز في تنظيم معارض للمناولة الصناعية تلعب دورا أساسيا في الترويج للمنتجات وعقد الصفقات وجذب الاستثمار والشراكات بهدف تطوير المؤسسات الصناعية القائمة والرفع من قدرتها التنافسية، ويمكن أن تكون بورصات أو مراكز المناولة حكومية أو مشتركة أو خاصة.
تجارب البداية
ومع قلة التجارب العربية في مجال المناولة الصناعية، إلا أن هناك تجارب ناجحة في المغرب وتونس والجزائر، كما بدأت بعض الدول العربية الأخرى الدخول في هذه التجربة مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن.
ومن النتائج الملموسة للمناولة الصناعية تنزيل المؤسسات الصغرى من الكبرى، وقد أبدعت بعض الشركات العربية الكبرى في ذلك، نذكر منها على سبيل المثال تجربة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، والتي لعبت دورا مهما في تنمية المناولة الصناعية بالمغرب، فقد قامت المجموعة منذ العام 1996 بوضع استراتيجية قائمة على التخصص ركزت فيها على وظائفها الأساسية وتنازلت بموجبها عن الوظائف والمهام الثانوية ضمن نشاطاتها، وتعاقدت مع مؤسسات صغيرة ومتوسطة مغربية مما عزز موقعها التنافسي من جهة وحقق الإسهام الفعال في تنمية وتأهيل قطاع المناولة الصناعية بالمغرب. وقد ارتفعت نسبة مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ المشاريع الاستثمارية للمجموعة إلى حوالي 70% مع خلق العديد من فرص العمل. وسيخرج عن تطبيق هذه الاستراتيجية ما يزيد عن 112 نشاطا في مجالات الميكانيك والكهرباء والهندسة المدنية والخدمات خلال عام 2006 .
المؤقت .. إلى ما لا نهاية
أغلب الشركات التي تشتغل في إطار المناولة قد تكون غير معروفة، بحيث أن مكتب الشركة المعنية تجد به فقط السكرتيرة، التي غالبا ما تكون هي الأخرى «العلبة السوداء» للشركة والضامن لسرية ما يقع بها، أما العمال فهم يشتغلون في جهات أخرى.
الضوء الأخضر الذي أعطي لتأسيس هذا النوع من الشركات جاء بعدما دخلت مدونة الشغل حيز التنفيذ سنة 2003، بحيث تناسلت شركات المناولة وشركات التشغيل المؤقت كالفطر، دون أن يحترم بعضها البنود القانونية المنصوص عليها في المدونة.
شركات المناولة وشركات التشغيل المؤقت دورها توفير اليد العاملة للإدارة، وهي تشغل من العامل البسيط الذي لا يتوفر على أي شهادة، إلى العامل المؤهل من أصحاب الشهادات، لكن بعقدة لا تتعدى ستة أشهر وعلى العامل في نهاية عقده أن ينتقل إلى شركة أخرى من الشركات، وأحيانا يظل دون شغل إلى أن تتم المناداة عليه من جديد.
غير أن السؤال المطروح هو لماذا تلجأ بعض الشركات الكبرى إلى التعامل مع هذه الشركات رغم كونها تتكبد خسارة مالية جراء ذلك. السبب بحسب ذوي الاختصاص هو أن هذه الشركات تحاول» التملص» من الالتزام قانونيا بحقوق اليد العاملة. وغالبا ما يبدأ الأجر الممنوح للمقاولة عن كل أجير من 6000 درهم، فيما يكون نصيب المستخدم من هذا المبلغ 2500 درهم فقط في اغلبية الأحوال. ودون حقوق، أي أن الأجر يتم تسليمه أحيانا في غلاف أصفر.
بعض هذه الشركات أصبحت لها خيوط متشعبة وأضحت تبحث عن مستخدمين يقبعون في الفقر بدواوير ومناطق نائية، لا يدركون أدنى حقوقهم القانونية حيث يتم استغلالهم بأبشع الطرق. وتسند لهم المهام الشاقة رغم خطورتها الصحية أحيانا…
فعامل المناولة ليس له الحق في قروض الأبناك حتى أن العقود مع الشركة تكون في الغالب لستة أشهر وأحيانا ثلاثة أشهر أو شهرين. كما يتم الالتفاف على إقرارات الضمان الاجتماعي. فالانخراطات تدفع أو لا وقد يتم التلاعب بها. أما الساعات الإضافية وتعويضات القفة والنقل فلا وجود لها في عرف العديد من شركات المناولة. وبالتالي فالفرق بين ما يحصل عليه مستخدمو الشركة الأم ومستخدمو شركات المناولة وشركات التشغيل المؤقت شاسع، حتى في الحالات التي تكون فيها المهام المنجزة هي نفسها، بل إن بعض أرباب هده الشركات يرون أن من حقهم الاستغناء بشكل نهائي عن كل من تخلى بدون عذر عن القيام بالمهام المنوطة به. بمعنى أوضح ممنوع الإضراب أو المطالبة بالادماج فسيظل المستخدم مؤقتا إلى ما لانهاية.
ومن مظاهر سلبية هذه الشركات، عدم احترام مقتضيات قانون الشغل، سواء الحد الأدنى للأجور أو في ساعات العمل، أو حقوق المستخدمين في الصناديق الاجتماعية أو في شروط الصحة والسلامة، وهي معطيات مرصودة بدقة في مجموعة من القطاعات.
مصادر الاتحاد الاشتراكي أفادت بأن حوالي 30 في المائة فقط من هذه الشركات هي التي تلتزم بأداء مستحقات وواجبات مستخدميها بالشكل المطلوب، وتحترم حقوقهم القانونية والاجتماعية، وتؤدي اشتراكاتهم في الصناديق الاجتماعية، فيما باقي الشركات، لا يهمها سوى الربح المادي ومراكمة الأرباح.
شركات المناولة000
أو بيع الأوهام
يبدو أنه بات لأي كان أن يبادر إلى تأسيس شركة للمناولة من أجل الربح السريع عبر استغلال وضعية الشباب المعطل، بتشغيلهم بأجور هزيلة، وبعدد ساعات عمل تصل إلى ما فوق 12 ساعة في الحراسة أو التنظيف أو غيرها من المهام التي بدأت عدة قطاعات عمومية وشركات كبرى في التخلص من الإشراف عليها.
فقد انتشرت هذه الشركات التي تفوز بالصفقات بهذا الشكل أو ذاك، في قطاع تأمين الحراسة أو النظافة، دون احترام لنصوص مدونة الشغل، وخصوصا الحد الأدنى للأجور والتأمين والتسجيل بالصندوق الوطني للتضامن.
فكيف يعقل أن يتقاضى الأجير داخل بعض الشركات راتبا لا يتعدى 2500 درهم شهريا، وقد ينخفض عن معظم الأجراء إلى 800 درهم من أجل العمل ليلا أو نهارا في الحراسة الخاصة ولمدة 12 ساعة؟ وكيف يمكن أن تتقاضى المنظفة أجرا لا يتعدى 1500 درهم، وقد ينخفض في معظم الحالات إلى 500 درهم دون أدنى مراقبة من ممثلي وزارة التشغيل؟
الامر لم يعد متوقفا على الإهانات التي يتلقاها مستخدمو بعض شركات المناولة، إذ كيف يعقل أن تتوقف شركة المناولة عن تأدية أجور العمال الشهرية، بدعوى أن الإدارة صاحبة الصفقة لم تصرف لها دفعة مالية ما. والأخطر من هذا كله هو أن مستقبل هذه الفئة من العمال غير مضمون ومهدد في أي لحظة … إذ أنه بمجرد انتهاء عقدة التناول بين الشركة المناولة والجهة المعنية بالصفقة، تعمد هذه الجهة إلى التعاقد مع شركة مناولة ثانية. دون أن تتم الإشارة إلى ضرورة الاحتفاظ بنفس العمال والعاملات. وأن تكون شرطا من شروط قبول أي شركة منازلة التنافس على الصفقة، لكي لا يتم طرد العمال وتشريدهم وقطع أرزاقهم.
ضرورة القطع مع النقائص
هل ستبادر الجهات المسؤولة إلى الانتباه إلى هذه الفئة من العمال والعاملات وإنصافهم ؟. وهل ستبادر بالتفتيش والمراقبة والعقاب وتشكيل لجن لفحص ملفات هذه الشركات التي لا يتوفر معظمها حتى على مقرات حيث يكون مالكها يحمل كل الوثائق والملفات بمحفظته وسيارته ؟
إذا كنا اليوم ومن خلال هذا الملف نحاول لفت الانتباه إلى موضوع هو إنساني بالدرجة الأولى، لارتباطه بأرزاق آلاف وربما ملايين المغاربة التي «تبتلع» بشكل أو بآخر، من خلال بعض هذه الشركات، فالمطلوب اليوم هو التحرك الجدي للوقوف على أسباب فشل هذه الآلية، وتحولها إلى عائق للسلم الاجتماعي .
إن المناولة والتشغيل المؤقت في حاجة إلى قانون وإلى متابعة في تطبيق القانون، حتى يكون المستثمر المقبل عليها منخرطا في الدورة الاقتصادية، محترما للقوانين المنظمة، وعلى القطاعات التي تلجأ إلى هذه الشركات أن تتحمل مسؤولياتها في مراقبة تطبيق دفتر تحملات يشارك العمال في صياغته ومراقبته، حيث مازال بعضها لا يرقى إلى مستوى الطموح الذي يحمي الأجراء من الاستغلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.