يوما عن يوم، يتأجج غضب الشارع المغربي من الزيادات غير المسبوقة في العديد من المواد الأساسية التي ألهبت جيوب المواطنين، في وقت مازالت الغالبية العظمى من الأسر المغربية تئن تحت وطأة الظروف العصيبة التي خلفتها الجائحة الوبائية «كوفيد 19»، ليس فقط بسبب انكماش الدخل الأسري الناجم عن تراجع العديد من الأنشطة الاقتصادية للبلاد، والكساد غير المسبوق الذي ضرب قطاعات حيوية تعيش منها عشرات الآلاف من الأسر، كالسياحة والتجارة والخدمات.. بل كذلك بسبب ارتفاع صاروخي في كلفة المعيشة وموجة الغلاء التي ارتفعت درجتها تزامنا مع تكاليف الدخول المدرسي. فقد أكدت بيانات رسمية صدرت أمس، عن المندوبية السامية للتخطيط، أن تكاليف المعيشة عرفت خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة ارتفاعا ملحوظا حيث ارتفع معدل التضخم الأساسي 2.2 في المائة بالمقارنة مع شهر شتنبر من العام الماضي، كما ارتفع بواقع 0.5 في المائة ما بين غشت وشتنبر 2021. وسجل المؤشر الرئيسي للأسعار عند الاستهلاك في شهر شتنبر الأخير ارتفاعا ملحوظا، بالمقارنة مع الشهر السابق، وذلك بسبب الزيادة التي شهدتها المواد الغذائية ب 1.2 في المائة والمواد غير الغذائية ب 0.2 بالمائة. وكشفت البيانات الاحصائية التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط أن ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري غشت وشتنبر 2021 همت على الخصوص أثمان الخبز والحبوب ب 4.6 في المائة و الزيوت والذهنيات ب 2.5 في المائة و اللحوم والحليب والجبن والبيض ب 0.6 في المائة و "الفواكه ب 0.5 في المائة و الخضر ب0.3 في المائة، ولم تسلم جميع تكاليف المعيشة الرئيسية من موجة الزيادات المتفاوتة التي ضربت جيوب المغاربة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، انطلاقا من أسعار السكن والماء والكهرباء والغاز والمحروقات الأخرى التي ارتفع معدلها 0.7 في المائة، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي وتكاليف النقل التي ارتفعت ب 5.7 في المائة، مرورا بأسعار التبغ والمشروبات الكحولية التي زادت ب 3.9 في المائة وأسعار الأثاث والأدوات المنزلية التي نمت ب 0.9 في المائة، ووصولا إلى قطاع المطاعم والفنادق الذي عرفت أسعاره نموا ب 1في المائة. وقد استغل العديد من التجار ومموني السوق الوطني انشغال الرأي العام بالحملات الانتخابية وما أعقبها من نقاش حول تشكيل الحكومة والمجالس المنتخبة، لفرض زيادات صاروخية تراوحت ما بين (20 إلى 50 %) في بعض المواد الأساسية كالمعجنات وزيوت المائدة والقطاني والشاي والسميد.. وحسب الاتحاد المغربي لجمعيات حماية المستهلكين، فقد شملت هذه الزيادات سبعة مواد أساسية دفعة واحدة، وذلك تزامنا مع فترة الدعاية الانتخابية، فقد شهد ثمن الزيت ارتفاعا صاروخيا، إذ انتقل من 10 دراهم للتر الواحد إلى 16 درهما، مع إمكانية زيادة 50 سنتيما كل أسبوع حسب تأكيدات الباعة بالجملة، فيما ازداد ثمن بعض منتجات القطاني بشكل ملموس، إذ أصبح ثمن الكيلو الواحد من العدس 13 درهما في وقت لم يكن يتعدى فيه 7 دراهم ونصف فقط، بينما وصل ثمن الفول إلى 10 دراهم بزيادة درهمين اثنين. كذلك، ارتفع سعر القمح ب10 دراهم بالنسبة لوزن 25 كيلوغراما، حيث أصبح 185 درهما، من جهته، زاد ثمن المعكرونة ب4 دراهم بعد أن كان محددا في 8 دراهم، والسميد بدرهمين اثنين، إضافة إلى السردين. وهو ما أشعل غضبا واسعا في صفوف المواطنين، خاصة بين الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل الذين أصبحوا عاجزين عن مجاراة هذه الوتيرة المفاجئة لغليان الأسعار، في وقت غابت فيه الحكومة الجديدة والملزومة بتنفيذ وعودها المعسولة وبرامجها الانتخابية المبشرة بالرخاء وبالرفع من القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين،ما جعل العديد من المراقبين وجمعيات حماية المستهلك، يتساءلون عن سبب هذا الصمت الحكومي غير المبرر في شخص المؤسسات الدستورية الوطنية المعنية بمراقبة السوق الداخلي وضبط الأسعار ، من ( وزارة الداخلية – الشؤون العامة والحكامة ) ومختلف المصالح والسلطات المعنية واللجان الإقليمية والمحلية ومصالح وهيئات المراقبة المختصة من لدن وزارة المالية – حيث تتوفر مديرية الأسعار والمنافسة على نظام لليقظة في ما يخص الأسعار، هذا النظام يفترض أن يعمل على تتبع تطور الأسعار في الأسواق العالمية و كذلك في الأسواق الوطنية. كل هذا يجعل الحكومة أمام أول امتحان حقيقي يختبر حقيقة وعودها ومصداقية شعاراتها.