تزامن الدخول الاجتماعي والاقتصادي هذا العام مع موجة غلاء تضرب بهدوء و منذ عدة أسابيع القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المستهلكين ، وتكاد تشمل جميع القطاعات الاستهلاكية الأساسية من محروقات ومواد غذائية . فقد واصلت أسعار المحروقات ارتفاعها للأسبوع الخامس على التوالي، حيث بلغ سعر الغازوال في محطات الدارالبيضاء أمس الاثنين معدل 8.90 دراهم، بينما قفز سعر البنزين إلى 10.40 دراهم في أعلى مستوى له منذ بداية العام ، ويأتي ارتفاع أسعار المحروقات وطنيا في سياق ظرفية دولية، تنبئ بمزيد من اشتعال أسعار النفط في الشهور القادمة ، ما يجعل المستهلك المغربي وجها لوجه أمام تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، بعدما نفضت الدولة يدها نهائيا من دعم المحروقات في سياق ما أسمته الحكومة المنتهية ولايتها « إصلاح نظام المقاصة». وبينما خصصت الحكومة أمس اجتماعها لمعالجة ارتفاع أسعار القطاني، واصلت هذه الأخيرة ارتفاعها بشكل صاروخي خصوصا أسعار العدس والحمص ، بسبب ارتفاع الطلب الداخلي على بذور القطاني والاحتكار الذي يمارسه بعض التجار، وارتفاع كلفة إنتاج القطاني في السوق الدولية، خاصة السوق الكندي الذي يعدّ الممون الرئيسي للمغرب بهذه المواد، إذ يستورد المغرب 90 بالمئة من إجمالي مادة العدس بالسوق المحلية من كندا، وفق تصريحات حكومية سابقة. وبذلك يكون الاجتماع الحكومي ليوم أمس، هو الثاني من نوعه الذي يحاول تطويق هذا الغلاء الذي يضرب وجبة الفقراء ، خصوصا ونحن على مشارف فصل الشتاء. وتزامن ارتفاع أسعار المحروقات والقطاني مع موجة غلاء تشهدها العديد من المواد الاستهلاكية الرئيسية ، وهو ما أكدته آخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي كشفت عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمعدل 2.8 في المئة خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، حيث انتقل مؤشر أسعارها الرئيسي من 122.9 نقطة خلال شتنبر 2015 إلى 126.3 نقطة خلال الشهر الماضي . و أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن المؤشر العام للأسعارعند الاستهلاك، سجل خلال شهر شتنبر 2016، ارتفاعا ب 0,7 في المئة بالمقارنة مع الشهر السابق. وقد نتج هذا الارتفاع عن تزايد الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية ب 1,1% والرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية ب 0,4 في المئة وهمت ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري غشت وشتنبر 2016 على الخصوص أثمان «الفواكه» ب 10,5 في المئة و»الخضر» ب 4,5 في المئة و»القهوة والشاي والكاكاو» ب 1,8 في المئة وعلى العكس من ذلك، انخفضت أثمان «السمك وفواكه البحر» ب 2,0 في المئة و»اللحوم» ب 0,8 في المئة.و فيما يخص المواد غير الغذائية، فإن الارتفاع مسّ على الخصوص أثمان «المحروقات» ب 2,9 في المئة و»التعليم» ب 2,6 في المئة وسجل المؤشر العام للأسعار أهم الارتفاعات في العيون ب 1,9 في المئة وفي أكادير ب 1,2 في المئة، وفي فاس وبني ملال ب 0,9 في المئة وفي الدار البيضاء والرباط ومكناس وطنجة والداخلة وسطات ب 0,8 في المئة .وعلى العكس من ذلك، فقد سجل هذا الرقم انخفاضات في كل من الحسيمة ب 0,6 في المئة وكلميم ب 0,4 في المئة بالمقارنة مع نفس الشهر من السنة السابقة.وسجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ارتفاعا ب 2,3 في المئة خلال شهر شتنبر 2016. وقد نتج هذا الارتفاع عن تزايد كل من أثمان المواد الغذائية ب 4,0 في المئة و المواد غير الغذائية ب 1,1 في المئة وتراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية ما بين انخفاض قدره 0,2 في المئة بالنسبة ل «المواصلات» وارتفاع قدره2,8 في المئة بالنسبة ل «التعليم» و»المطاعم والفنادق». ونتيجة لهذه التطورات في الأسعار الرئيسية، فإن التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، قد عرف خلال شهر شتنبر 2016 وحده ارتفاعا ب 0,2% بالمقارنة مع شهر غشت 2016 وب 1,6% بالمقارنة مع شهر شتنبر 2015.