سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تمت مناقشته خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية أول أمس الأربعاء بمجلس النواب :تقرير المهمة الاستطلاعية لمديرية الأدوية يعلن عن عشر توصيات لتعزيز الحكامة والسيادة الصحية والنهوض بالصناعة الدوائية في المغرب
ناقشت، أول أمس الأربعاء، لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، التقرير الذي أعدته اللجنة الاستطلاعية حول عمل مديرية الأدوية بوزارة الصحة ووضعها المالي والإداري وعلاقتها بشركات صناعة الأدوية ومدى احترامها لبنود القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، والتي ترأستها النائبة عن الفريق الاشتراكي ابتسام مراس، وضمت في عضويتها نوابا يمثلون فرقا برلمانية أخرى. وأكد التقرير أن قطاع الأدوية بالمغرب يعد قطاعا اقتصاديا حيويا لا يقل أهمية عن باقي الأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية، مبرزا أنه رغم مرور أكثر من 7 عقود على إحداث أولى الوحدات الصناعية المتخصصة في الأدوية والوصول إلى حوالي 53 وحدة صناعية إلا أن هذا القطاع لا يزال يعاني من العديد من الإشكاليات والصعوبات والمعيقات التي جعلته يتراجع من حيث التصنيع المحلي للأدوية وتزويد السوق الوطنية وكذا من حيث تصديرها. وأوضح التقرير أن الصناعة الدوائية المحلية انخفضت إلى 51 في المئة خلافا لما كان منتظرا، حيث أكدت توصيات المهمة الاستطلاعية التي تم القيام بها في 2015 على ضرورة تشجيعها لتغطي 80 في المئة من الحاجيات الوطنية، مشيرا إلى أنه أمام عدم التفاعل والتجاوب مع مخرجات المهمة الاستطلاعية الأولى لسنة 2015، تمت الدعوة إلى القيام بهذه المهمة الاستطلاعية الثانية التي تم خلالها عقد لقاءات بين النواب الأعضاء وعدد من الفاعلين العموميين والخواص والمتدخلين في قطاع الأدوية من وزارة الصحة ومديرية الأدوية والصيدلة ومختلف الأقسام والمصالح والوحدات التابعة لها، إلى جانب المدراء والمسؤولين عن شركات ومختبرات الأدوية الوطنية ومتعددة الجنسيات وغيرهم، وطرح الأسئلة التي في حاجة لأجوبة فضلا عن برمجة زيارات ميدانية، لصياغة تقرير متكامل بالاعتماد على الموضوعية والشفافية وعدم الارتكان إلى أحكام القيمة والخلفيات كيفما كان نوعها، بما يساعد على تعزيز السيادة الصحية من خلال صناعة صيدلانية وطبية قادرة على إنتاج الأدوية الجنيسة والجزئيات الجديدة والاختبارات والمعدات وغيرها من الأجهزة الاستهلاكية الطبية الهامة، بما في ذلك اللقاحات. وخلص تقرير اللجنة التي قامت بالمهمة الاستطلاعية إلى صياغة عشر توصيات، على رأسها إحداث وكالة وطنية للأدوية والمنتوجات الصحية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري لتحل محل مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة، التي تعاني من العديد من الاكراهات والصعوبات والنواقص، التي تجعلها غير قادرة على الاضطلاع بمهامها الكبيرة، ومواكبة التحولات التي تعيشها بلادنا، والتحديات المطروحة بالنسبة للسياسة الدوائية، إذ أن العديد من الدول اختارت اللجوء إلى وكالات متخصصة في كل الإجراءات الإدارية والتقنية المتعلقة بالأدوية وجميع المنتوجات الصحية كالولاياتالمتحدةالأمريكية، أوروبا، كوريا، المملكة العربية السعودية … عوض أقسام ومديريات على علاقة مباشرة مع الوزارة. وشدّد التقرير على أن التسيير الإداري عن طريق وكالة الأدوية والمنتوجات الصحية يتميز بمجموعة من الامتيازات كما هو الحال بالنسبة للسرعة في التفاعل لمواجهة الإشكاليات التقنية، مبرزا أنه في المغرب، بات مطلب إحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية لتحل محل مديرية الأدوية والصيدلة ملحا وموضوع نقاش عمومي، حيث كانت هذه التوصية موضوع العديد من تقارير الهيئات والمؤسسات الدستورية من قبيل المجلس الأعلى للحسابات، البرلمان من خلال تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالصحة، اللقاءات والاجتماعات مع الوزير، طرح الأسئلة، وكذا تقييم مقترحات قوانين تقضي بإحداث هذه الوكالة ومجلس المنافسة… ودعا التقرير، بخصوص هذه التوصية، إلى تدارك وتجاوز الصعوبات والإكراهات التي تعيشها المديرية بصيغتها الحالية، سواء على مستوى بنيات الاستقبال أو الموارد البشرية والمالية، والعمل على إنشاء إدارة مهيكلة تواجه هذه الصعوبات والإكراهات، مؤكدا أن التغيير لا يجب أن يقتصر فقط على تغيير الاسم من مديرية إلى وكالة، بل يجب أن يكون إصلاحا حقيقيا، من خلال توفرها على مجلس إداري له صلاحيات اتخاذ القرارات الملائمة، وإنشاء هيئة تدبير مكلفة بمراقبة تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، إضافة إلى وضع نظام تحفيزي مادي للموظفين وتخصيص الموارد الضرورية لمسايرة متطلبات عمل الوكالة . ودعت التوصية الثانية إلى تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية من أجل ضمان الاستقلال والسيادة الدوائية، وتكريس الأمن الصحي، وتيسير ولوج المواطنات والمواطنين إلى الدواء والعلاج وذلك من خلال تطبيق صارم للقانون المتعلق بالترخيص لفتح المؤسسات الصيدلانية المصنعة للأدوية، بما يضمن قدرتها على تخزين الأدوية وتصنيعها ومراقبتها، والعمل على مراجعة حالة تراخيص التسويق الممنوحة للأدوية المستوردة أثناء التجديد (خمس سنوات)، مع إعطاء الأولوية للمنتجات المصنعة محليا، فضلا عن إعمال مبدأ الأفضلية الوطنية سواء على مستوى تسجيل الأدوية أو على مستوى المناقصات العامة «وزارة الصحة المستشفيات الجامعية». توصية شددت كذلك على تحديد الجزيئات والأشكال الصيدلانية المستوردة والقابلة للتصنيع في المغرب وإعطاء مهلة 6 أشهر للانتقال إلى التصنيع المحلي مع مراقبة واردات هذه المنتوجات كل سنة، عبر فحص المعطيات التي يقدمها مكتب الصرف. وخلص تقرير المهمة الاستطلاعية إلى ضرورة تشجيع ودعم الدواء الجنيس لأنه أحد أهم مداخل تنزيل الأوراش الاجتماعية والتنموية المرتبطة بالقطاع الصحي عامة، ومشروع تعميم التغطية الصحية على وجه الخصوص، لأنه العنصر الأكثر فعالية في تحسين ولوج المرضى إلى العلاج والرعاية الصحية، مؤكدا أن الأدوية الجنيسة تتميز بانخفاض ملحوظ على مستوى الأثمنة مقارنة بالأدوية الأصلية مثال علاج التهاب الكبد الفيروسي «س» ، كما أنها مكنت بلادنا من تحقيق استقلالية في تموين الأدوية محليا وهذا ما أكدته أزمة كوفيد 19 الحالية. وشددت هذه التوصية على أنه بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الصناع الوطنيين لتوفير الأدوية الجنيسة، إلا أن حصة السوق منها لا تزال متواضعة جدا (حوالي 35٪) مقارنة بالدول المتقدمة، حيث تتجاوز هذه الحصة 70٪. في بعض الدول (ألمانيا و الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الأوروبية)، فضلا عن استمرار الحصة المتعلقة بتغطية استهلاك الأدوية في المغرب من قبل التصنيع المحلي في الانخفاض مما يساهم بشكل كبير في عجز الميزان التجاري لبلدنا، وهو ما يتطلب، بشكل ملحّ، تشجيع البحث العلمي والابتكار في ما يتعلق بالدواء الجنيس بما يضمن تصنيع الأدوية الباهظة الثمن والمستوردة من الخارج، كما هو الشأن بالنسبة لدواء الفيروس الكبدي «س»، واعتماد مساطر خاصة من أجل التسريع في معالجة الملفات المتعلقة بعرض أول دواء جنيس. توصيات همّت كذلك تبسيط المساطر الإدارية التي تمثل عقبة أمام تطوير صناعة الأدوية الوطنية، وبالتالي يجب العمل على تعميم وتوسيع استعمال المنصات الرقمية، بما يضمن تيسير عملية إيداع ومعالجة ملفات المرتفقين وترسيخ مبدأ الشفافية، إلى جانب خلق آليات للتواصل تكون أكثر فعالية، فضلا عن تبسيط كل المساطر، خاصة تلك المتعلقة بنظام منح التراخيص. أما التوصية الخامسة فقد دعت إلى تقوية الترسانة القانونية المؤطرة لقطاع الدواء من خلال المراجعة الشاملة للقانون 17.04 وتحيين مجموعة من المقتضيات التي أصبحت متجاوزة خاصة ما يتعلق بمجال التفتيش بالنسبة للأدوية المستوردة من الخارج، والإسراع باستكمال إخراج كل المراسيم التطبيقية المرتبطة بهذا القانون، والعمل على ضمان حسن تطبيقه، كما شددت على ضرورة مراجعة وتحيين كل القوانين ذات الصلة بقطاع الأدوية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بالترخيص لفتح المؤسسات الصيدلانية المصنعة للأدوية، حيث يجب العمل على احترام شرط التصنيع والمراقبة وتخزين الأدوية بما يضمن جودتها، وسن قوانين خاصة بتحديد أسعار المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية التي أرهقت كاهل المغاربة ونفس الأمر بالنسبة لمراقبة نقط بيع حليب الأطفال لما يشكله من خطر على صحة الأطفال المغاربة. وتوزعت باقي التوصيات بين ضمان جودة الأدوية المستوردة وإرساء سياسة دوائية ناجعة تضمن ولوج المغاربة للدواء، إضافة إلى إشراك الفاعلين والمتدخلين في قطاع الدواء والعمل على تعزيز وتحفيز الموارد البشرية، حيث أكدت المهمة الاستطلاعية على ضرورة التسريع بتعزيز وتحفيز الموارد البشرية العاملة بمختلف الأقسام والمصالح التابعة لمديرية الأدوية والصيدلة وقسم التموين، ومديرية التخطيط، ومديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض، وتأهيلها عبر تمكينها من تطوير إمكانياتها عبر التكوين والبحث العلمي، ومن خلال التحفيزات والتعويضات المالية إسوة بالعديد من القطاعات الحكومية، لأن هذا التحفيز من شأنه أن يطور ويحسن من جودة الخدمات التي يقدمها هذا القطاع، وأن يحد من ظاهرة هجرة أطر المديرية، بالإضافة إلى دعوة وزارة الصحة ومديرية الأدوية والصيدلة إلى تحمل مسؤولياتها للحد من ظاهرة تضارب المصالح داخل المديرية، وذلك في إطار ما يسمح به القانون. وفي الختام أوصى أعضاء المهمة الاستطلاعية وزارة الصحة بضرورة التعجيل بالصفقة المتعلقة بدواء الالتهاب الكبدي فيروس «س» حتى يتسنى إنقاذ المواطنين المرضى الذين يعانون الفقر والهشاشة من هذا المرض والذي استطاعت مختبراتنا الوطنية المغربية إنتاجه، كما تمت المطالبة بذلك في المهمة الاستطلاعية السابقة لسنة 2015.