أطلقت في الآونة الأخيرة، الكاتبة والفنانة المغربية خديجة سوكدالي، أضمومة شعرية اختارت لها من العناوين: «أودعت فيك سري». صدرت الأضمومة في حلة قشيبة وأنيقة، عن مطبعة بلال بمدينة فاس، زادتها رونقا، لوحة الغلاف الجميلة والمعبرة، للفنانة التشكيلية المغربية خديجة مرشيد. توزيع نصوص المجموعة أيضا، لم يَخْلُ من لمسة فنية، على يد الشاعر والمسرحي كمال الإدريسي، الذي قام بعمليتي التصفيف والتوزيع. تتكون المجموعة الشعرية « أودعت فيك سري « من 17 قصيدة، وُزعتْ على ست وتسعين صفحة من القطع المتوسط. وقد عنونت خديجة سوكدالي، جل قصائدها بعناوين، عبارة عن جمل اسمية مكونة من مفردتين. وهذه العناوين على قصرها، تشد بتلابيب القارئ، إذ في اللحظة التي يشرع – بينه وبين نفسه – في طرح سؤاله، عن المغزى من هذا العنوان المثير، يكون قد انغمس بكل كيانه وجوارحه، في قراءة وإعادة قراءة، كل قصيدة على حدة. والعناوين التي أشرنا إليها هي كالتالي: نخب الأيام – أقنعة النكران – غرابة السؤال – طيف الموت – أرق الليل – احتراق النار – وصية نهر – طعم الكبرياء – دورة الثواني – فاكهة السر ودوران الرأس. ومن العناوين كذلك، من جاءت من مفردة واحدة، وهي : تحد – توهج – إعجاب ومسار. وحضرت الجملة الاسمية، التي جاء خبرها مفردا في العنوان التالي : التمدن المخصي، ويبقى العنوان الأطول من حيث عدد المفردات، هو التالي : منقار واحد لا يكفي. تفتتح الأضمومة، بمقدمة أدبية باذخة، تمتد من الصفحة 9 إلى الصفحة 18، خطتها أنامل الشاعر والمترجم نور الدين ضرار، عنونها بِ «أودعت فيك سري « علبة أسرار بصيغة حزمة أشعار. توقف في جزء من ورقته على العنوان، إذ يقول : «.. هكذا يتأكد التأويل الافتراضي للعنوان، وتقصي تبعاته النصية، بحيث يكون السر شعرا، والشعر سرا، وبهما تكون القصيدة نفسها علبة أسرار مغلقة متمنعة، والحياة برمتها لعبة أقدار عابثة هازئة.. وحتى البوح شعريا يبقى هنا محصنا بحد الإضمار الذي نستشفه من وراء تلك المسحة التمويهية في توصيف دواخل الذات، مما تكتنفه من أسرار، وما يكتنفها من غموض وظلال.. «. هذا بعض مما صرح به صاحب «هلوسات خارج التغطية «، في حق المنجز الشعري « أودعت فيك سري «، لزميلته المبدعة خديجة سوكدالي، ومن هذا المنجز، الذي نحن بصدد الإخبار به وبصدوره، اخترنا منه للقارئ ، هذا المقطع من قصيدة «إعجاب» : « من سحرها خر الجيم تحت القدمين راكعا يتلو آيات العشق في ارتعاش النبض واهتزاز الفؤاد في لحظة شاعرة والميم يسجد منبهرا مضموم الشفتين يتنسم عطرها ويتيه في بوتقة العشاق الحائرة. «أودعت فيك سري» هو ثاني إصدار شعري للأستاذة خديجة سوكدالي، بعد «أناشيدي الجميلة»، وهو ديوان شعر موجه للأطفال، صدر عن دار النشر سوماكرام. ولفئة البراعم صدرت لها أيضا مجموعة من المسرحيات، عن دار إحياء العلوم، ثم كتاب «المسرح التعليمي» عن Edition plus، كما ألفت مسرحية كوميدية «بان علي نبان عليك»، رأت النور ورقيا، عن مطبعة بلال بفاس. المبدعة خديجة سوكدالي، التي أودعتنا سرها الشعري، عبر إصدارها الجديد هذا، هي أيضا فنانة مسرحية وتلفزيونية، ذاقت وتنسمت عبق الشهرة مبكرا، عندما كانت تقدم وهي طفلة، أدوارا مسرحية وغنائية متلفزة، في برنامج الأطفال الشهير «عمي إدريس» من إعداد الفنان كريمي إدريس، ومن إخراج المرحوم لفطايلي إدريس، ولها مشاركات تلفزيونية أخرى، ثم صولات عدة فوق خشبات المسارح، توجت بجوائز عن بعض الأدوار التي شخصتها، في إطار حركة مسرح الهواة. خديجة سوكدالي، صوت أدبي قادم، لينقش اسمه مزخرفا في سماء الشعر، كما نقشه في سماوات أدب الطفل، وتشخيص الأدوار فوق الركح، وأمام الكاميرا، وتكوين وتدريس النشء بلغة الضاد.