المغرب خرج من اللائحة الرمادية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE . هل هذا مكسب أم لا ؟ وماهو الرهان وراء هذا الإجراء؟ وهل هناك مكاسب منتظرة من هذا القرار الكبير وماهي أهمية هذه اللائحة الرمادية؟ لقد قام المغرب بتعديلين ضريبيين مهمين شملا المناطق الحرة للتصدير والقطب المالي للدار البيضاء، استجابة للضغط الذي مارسه الاتحاد الأوربي عبر OCDE بوضعه ضمن لائحة الدول التي لا تمتثل للمعايير الضريبية المرتبطة بالشفافية والتنافسية الضريبية الشريفة. نعلم أن الاتحاد الأوروبي يعاني اليوم من ضعف الاستثمارات ومن الخروج المقلق لرؤوس الأموال وضعف استقطابه للاستثمارات الخارجية في الوقت الذي تتحول فيه تدريجيا الصين لأكبر مستقطب ومصدر لرؤوس الأموال في العالم نفس الشيء بالنسبة لليابان في الوقت الذي نسجل فيه تراجعا كبيرا للولايات المتحدةالأمريكية كمصدر لرؤوس الأموال. بالمقابل المغرب يحتاج لرؤوس أموال خارجية لتسريع تنميته وهو يراهن على المصدرين الكبار العالميين لرؤوس الأموال، كما يراهن على المناطق الحرة التي تقدم امتيازات ضريبية مهمة أو مايسمى بالمناطق الاقتصادية الخاصة، كما يراهن المغرب على الموقع الجغرافي والرأسمال البشري الشاب والمتكون ومناخ الأعمال المتحسن باستمرار والاستقرار السياسي. المغرب يستقطب سنويا مايعادل 3 مليارات من دولارات سنويا كاستثمارات خارجية مباشرة، وهو الرقم الذي بقي مستقرا لسنوات في الوقت الذي عرفت فيه هذه الاستثمارات طفرة كبيرة في الدول الصاعدة. لابد هنا من التذكير بأن اللائحة الرمادية تضم دولا متعددة منها دولة كبيرة كتركيا التي لا تريد التجاوب مع طلب الاتحاد الأوروبي، كما توجد دول أخرى من أسيا وأمريكا اللاتينية. كل هذه الدول ترى الحكامة الضريبية، شأنا سياديا لكل بلد، وأن هذه الدول لايمكنها أن تستقطب المزيد من رؤوس الأموال، وتحقق التنمية دون اللجوء لمختلف الأدوات المتوفرة بما فيها الأداة الضريبية، ونظام الصرف والسياسة المالية، كما أنها ترى أن تسريع التنمية بها، لايمكن أن يتم إلا عبر رؤوس أموال خارجية. فرؤوس الأموال الكبرى، تبحث لها اليوم عن ملاذات ضريبية ومالية عبر العالم أو مناطق منخفضة التضريب. كل الدول الصاعدة تعمل على تطوير المناطق الاقتصادية الخاصة لجلب الاستثمارات الخارجية المباشرة. اليوم هناك أكثر من 5000 منطقة اقتصادية خاصة عبر العالم تقدم امتيازات ضريبية متعددة، وهذا الرقم في تزايد مستمر حسب تقارير CNUCED. المغرب لا يتوفر إلا على أقل من 7 مناطق اقتصادية خاصة، ورغم ذلك تعرض لضغط أوروبي كبير، كما أن إجمالي الاستثمارات الخارجية التي تتدفق سنويا على المغرب، لا يمثل إلا نسبة ضئيلة جدا مقارنة مع التدفقات العالمية من الاستثمارات الخارجية المباشرة. بعد هذا الإجراء، الذي قام به المغرب والذي سينعكس سلبا بكل تأكيد على الاستثمارات الخارجية، يبقى أمامه إدخال إصلاحات جريئة لتطوير جاذبيته المجالية من قبيل تحسين مناخ الأعمال وإصلاح نظام سعر الصرف وخلق المناطق الصناعية المنخفضة الأسعار وتقديم تحفيزات مالية للاستثمارات الأجنبية.