تحاول الجبهة الانفصالية أن تقيم الحرب على الورق، وتضاعف إصدار البيانات عن فتوحات وغارات وقتلى وجرحى وغنائم وانتصارات.. والذي يقرأ تلك البيانات، لا يجد ولو دليلا واحدا، كما لو أنها حرب تقع في القرن الثاني قبل الميلاد، حيث كتب التاريخ تروي عن فروسيات عالية، بدون الحاجة إلى دليل أو صورة. هي الحرب، التي تعوض، في الواقع، الانحسار الرهيب وتلاشي الجدران التي كانت تقيمها الجبهة وراعيها الرسمي في الدولة الجارة. ويتضح من خلال المواقف التي تصدرت وسائل الإعلام أنها تتراوح بين ثلاث كتل لها معنى وكتلة رابعة، بلا أي أثر سوى ما توزعه وكالة الأنباء الجزائرية من نياشين وكؤوس انتشاء بنصر في الخيال. الكتلة الأولى، تجلت في المساندة اللامشروطة للمغرب في خطواته السلمية لوضع حد لوضع نشاز وإعادة الأمور إلى نصابها الأممي. حيث سارعت التكتلات السياسية في الدائرتين العربية والإسلامية، إلى إعلان مساندة واضحة والتعبير عن المواقف الصريحة، مبنية على الثقة في حكمة ملك المغرب وحزمه، وفي تبصر المغرب، وفي مشروعية ما أقدم عليه بلدنا. كما أن دول الجوار غير المنحازة، (وهو حال موريتانيا وإسبانيا، وحال فرنسا، البعيدة عن قرب والقريبة عن بعد.) اتضح لديها أن ما تقدم به المغرب، وهو يخطرها ويتواصل معهابدون أية نية في الأمر الواقع، قد عبرت عن مواقف متزنة، تدعو إلى ما يجعل المنطقة بعيدة عن التوتر والاستفزاز... الكتلة الثانية، وهي المواقف الكثيرة التي دعت إلى ضبط النفس، والعودة إلى المسلسل السياسي وعدم عرقلة وقف إطلاق النار، والتي تم التعبير عنها سواء من طرف الاتحاد الأوروبي على لسان السيد بوريل (انظر الصفحات الداخلية) أو الأممالمتحدة عن طريق الناطق باسم الأمين العام السيد دوجاريك، أو عواصم أخرى لها صلة بالموضوع، فإنها، تقول ما عبر عنه المغرب في توضيح موقفه، أي تشبثه بوقف إطلاق النار، والانخراط الكامل في المسلسل السياسي، بحل متوافق عليه وموائد مستديرة كوسيلة لتدبير الحل وآفاقه. الكتلة الثالثة، وهي العواصم التي لها موقعها ومقعدها اليوم في مجلس الأمن، يمكن أنها عبرت عن موقف قبلي، مما جرى، باعتبار أن الأمر يتعلق بقرار صادر عنها، باسم مجلس الأمن وأيضا عن دعوة رفعتها هي، لإخلاء منطقة الكركرات واحترام وقف إطلاق النار وتوسيع التعاون العسكري مع المينورسو من طرف الميليشيات بعد إعلان تدهورها وامتناعها عن التعاون مع الأممالمتحدة ورفض زيارات مواقعها في مناطق العزل العسكري… تبقى ككتلة رابعة تستدعي منا أن نزورها أيضا، وهي ما تقدمه الوكالة الجزائرية للأنباء على أساس أنه مساندة للانفصاليين، بالأحرى للجزائر في سعارها الحالي. خارج تحوير مواقف روسيا وإسبانيا والناطق باسم غوتيريس، الذين قوَّلَتهم ما لم يقولونه، لا نجد سوى لائحة من التجمعات الشبحية، من هنا وهناك، يتوسطها بعض المتجولين بين العواصم والمواقع، والذين لا تقوم لهم قائمة… وخلاصة هذا هو أنه لا يوجد أي تكتل سياسي، ذي طبيعة دولتية / من الدول، يمكن للبوليزاريو والجزائر أن يدعيان أنهما يؤثران فيه أو أنه يتبنى أطروحاتهما المتهافتة، وآخرها الموقف من عملية الكركرات الناجحة… نضيف أن 85 دولة من العالم لا تعرف هذا الكيان ولا تعترف به، وبالتالي لا يمكن بأي حال أن تبنى مواقف على شطحاته، ولو كانت مدعومة من دولة مثل الجزائر… الوعي بهذه المواقف سيوضح الرؤية ويشكل لا محالة، تحصينا للرأي العام الوطني ويزيد من ثقته في نفسه، ومن تقديره للتدبير الحكيم لمواقف عواصم العالم وتكتلاته بخصوص قضيتنا الوطنية المركزية.. ويدفعه الى المزيد من التعبئة، ومن مواصلة الشرح والدفاع والتواصل والانتصار للحق، مع اليقظة والحذر المغربيين المتلازمين مع قضيتنا..