منذ بدايات النضال الديمقراطي ببلاد المغرب، ارتبطت مدينة أكادير، وهي مدينة الانبعاث ورمز الحداثة والانفتاح على العالم، بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي أبدع دون غيره مفهوم النضال الديمقراطي كاختيار استراتيجي لبناء المجتمع الديمقراطي والمتقدم. أجل، لمدة ناهزت أربعة عقود، تحمل الاتحاديون والاتحاديات تدبير الشأن العام باكاديرالمدينة، ولفترات أقل بعواصم أقاليم الجهة كتارودانت وتزنيت وانزكان وايت ملول والدشيرة وماسة، وبجماعات قروية عديدة. ولولا التزوير الفاضح والمباشر لإرادة سكان سوس زمن الجمر والرصاص، لاكتسح الاتحاد جل الجماعات والمؤسسات المنتخبة الإقليمية والجهوية. وبنفس القدر كانت التمثيلية النيابية للاتحاد بربوع سوس بكل أقاليمه. هكذا أسهم الاتحاديون والاتحاديات في رسم ملامح سوس المعاصرة من خلال تدبير ديمقراطي جاد وطموح للجماعات التي دبروها أو شاركوا في تدبير شأنها وفي مقدمتها مدينة اكادير عاصمة الجهة وقلبها النابض… في هذه المدينة، التي كانت عن حق قلعة اتحادية شامخة، التقى الكاتب الأول الاخ ادريس لشكر بأعضاء وعضوات المجلس الوطني، في جو متميز من حيث الحضور والسياق والموضوع ومستوى النقاش، فكان اللقاء لحظة من اقوى اللحظات التي عاشها المناضلون والمناضلات بسوس منذ الاستحقاقات الأخيرة. يستمد اللقاء قيمته من عدة عناصر تستحق الوقوف عندها، أبرزها: – تجاوب الكاتب الأول مع رغبة الاتحاديين والاتحاديات بالجهة في التفاعل المباشر مع القيادة الحزبية حول أوضاع الحزب بالجهة والحياة السياسية الوطنية في ظل الجائحة ومبادرات الاتحاد وتصوراته لمغرب ما بعد كورونا وغيرها من القضايا التي تشغل الرأي العام الوطني…. وقد لبى الكاتب الأول الدعوة، فتحدث إلى الاتحاديين والاتحاديات حديثا شاملا وعميقا وشفافا، حديثا أزال الغشاوة ورفع الالتباس وبعث برسائل ذات معنى لكل من يهمه أمر الاتحاد، وكان التجاوز الواعي والمسؤول خدمة للحزب والجهة والوطن. – الكلمة التوجيهية التي فصلت في تحليل أوضاع الوطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أوضاع وصفها الكاتب الاول بالصعبة والقاسية والتي قد تكون أقسى في مقبل الأيام إن استمر الوباء. وإذا كان المغرب قد تمكن من الصمود حتى الآن بفضل مبادرات ملكية قوية (صندوق تدبير الجائحة) وتعبئة وطنية شاملة شكل رجال الصحة ونساؤها إلى جانب نساء الأمن ورجاله وكذا قطاع التربية والتعليم، في طليعتها وبالتالي في الخطوط الأمامية للمعركة ضد الوباء وتداعياته المدمرة للاقتصاد والمجتمع والحياة الانسانية في كل أبعادها. وفي هذا الإطار، استحضر الكاتب الاول مواقف القيادة الاتحادية ومبادراتها، ذلك أن الاتحاد نبه منذ البداية إلى المخاطر المحدقة ببلادنا جراء تفشي الوباء، ودعا انسجاما مع تحليلاته للوضع القائم والمرتقب إلى حكومة وحدة وطنية من شأنها أن تكون دعامة قوية للاستقرار وإطارا فعالا للرفع من وتيرة التعبئة … في نفس السياق، ذكر الكاتب الاول بمواقف الحزب من مجمل القضايا المطروحة على بساط النقاش العمومي، بدءا بقانون 20- 22 وتعويضات البرلمانيين والوزراء وتعديل مدونة الانتخابات…. وفي هذا الصدد، بسط الكاتب الاول اهم مقترحات الاتحاد الاشتراكي بخصوص إصلاح مدونة الانتخابات( القاسم الانتخابي، يوم الاقتراع، طريقة الانتخاب، توسيع النظام الفردي…)، باعتبارها مقترحات تستهدف تعزيز نزاهة الانتخابات وتوطيد مبدأ الإنصاف وتوسيع التمثيلية والرفع من نسبة المشاركة. ومهما تكن قيمة هذه التعديلات، فإن أفق الديمقراطية ببلادنا رهين بقدرة الاتحاد، ومعه باقي قوى الديمقراطية والحداثة، على الفعل لتغيير ميزان القوى على الأرض. إن المعركة ضد الخصوم، المدجج بعضهم بالمال والنفوذ، والجامع بعضهم الآخر بين خطاب شعبوي في غلاف ديني زائف وإمكانات مالية ومواقع سياسية استراتيجية، لن تكون هينة. غير أن الاتحاد استجمع قواه، وفعّل مؤسساته، وانفتح على كل الكفاءات الحزبية وعلى ما يزخر به المجتمع من طاقات، ودعا ضمن هذا التوجه إلى تثمين التاريخ النضالي للاتحاد بالجهة وإلى مد اليد إلى كل الوجوه الاتحادية التي صنعت مجد الاتحاد باكادير وكل مدن سوس وقراها، وأوصانا خيرا ببعضنا البعض والتسامي عن خلافات ناجمة في الغالب عن تدافعات لا معنى لها وعن طموحات وعن تاويلات خاطئة وعن… وعن.. - لقاء الوفاء الذي جمع الكاتب الاول ببعض رواد الحركة الاتحادية باكاديرالمدينة، مؤسسين ورؤساء جماعات وبرلمانيين ومنتخبين سابقين… كان لقاء وديا خيمت عليه روح شهداء اسهموا في البناء التنظيمي والشعبي والمؤسساتي للاتحاد بمدينة الانبعاث. تحدث بولكيد والوتيق والبوزيدي عن التجربة في كل ملامحها وقدموا أفكارا نيرة وتوصيات مفيدة وأعلنوا أنهم للاتحاد أوفياء وأنهم على استعداد لدعم العمل الحزبي بالمدينة والجهة… - مخرجات الاجتماع جسدت الإرادة الجماعية لصنع مستقبل افضل يعيد الاتحاد لسوس ويعيد سوس للاتحاد.. وهو ارتباط تاريخي لا مناص من استعادته. لقد انتهى لقاء الكاتب الاول بأعضاء المجلس الوطني إلى ضرورة استكمال الهياكل التنظيمية وتجديدها وإلى تشكيل لجنة جهوية ولجان إقليمية للسهر على التحضير للاستحقاقات المقبلة وإلى ضرورة استكمال المصالحة وإلى تنظيم لقاء المنتخبين على المستوى الجهوي… هي إذن، قرارات جماعية انبثقت من حوار ديمقراطي صريح وشفاف… وما على الأجهزة الحزبية إلا التخطيط لتنفيذها على أحسن وجه… وعاشت سوس اتحادية.