يعتبر واد بو فكران إرثا تاريخيا وبيئيا، تجسدت أحداثه في ملحمة مقاومة الاستعمار الفرنسي إبان فترة الحماية، بحيث جسدت انتفاضة 1و2 شتنبر1937 لحظة فارقة بسبب قرصنة مياه الوادي وتحويلها لضيعات المستعمرين وحرمان فلاحي الحاجب وساكنة مدينة مكناس من مورد مائي ارتبط تاريخيا باستمرار الحياة بالمدينتين معا منذ حقب تاريخية ضاربة في عمق التاريخ . وقد شكلت معركة (الماء لحلو) التي تحل هذه السنة ذكراها (83) انتفاضة شعبية بمدينة مكناس ضد جور المستعمر وجبروته وتطاوله على الحقوق التاريخية لفلاحي المنطقة عامة وساكنة مدينة مكناس خاصة. جغرافيا يمتلك الوادي أربعة منابيع رئيسية منها ثلاثة بدوار اقماشن والتي تضم منبع :ايت حند، وبوفيري واوشان، بالإضافة الى منبع دوار ايت بولجاوي الذي يعتبر المصدر الرئيسي المائي لجريان النهر. غير ان التحولات المناخية الحالية والجفاف وندرة التساقطات الثلجية عوامل أثرت سلبا على الفرشة المائية بالأطلس المتوسط كما أن الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، بسبب مجموعة من التجاوزات الحاصلة على مستوى حفر الآبار العشوائية غير المرخصة من لدن الجهات المخول لها منح رخص التنقيب عن الماء يطرح العديد من التساؤلات عن فعالية المراقبة ، بالإضافة الى عدم احترام تقنيات الري بالتنقيط مما ساهم في هدر المياه واستنزاف الفرشة المائية بصورة تهدد استقرار الفلاحين والكسابة بالمنطقة. «كما أن تفويت العديد من الهكتارات الفلاحية التابعة للأملاك المخزنية للخواص ،والذين يشكل الربح المادي الآني للبعض منهم ،أولوية الأولويات ، دون اعتبار للاستنزاف الحاصل للفرشة المائية بسبب نوعية الأنشطة الفلاحية المعتمدة»تقول مصادر من المنطقة، لافتة إلى «أن انتشار المقالع الصخرية بالمنطقة يزيد الوضع خطورة ، خاصة في ما يخص تخريب المحيط البيئي وتدمير الوسط الايكولوجي بإقليم الحاجب (بوابة الاطلس المتوسط)، الشيء الذي اثر على الفرشة المائية وعلى الغطاء النباتي والغابوي بالمنطقة مما انعكس سلبا على نمط عيش الفلاحين المعتمدين على الرعي وعلى مصادر المياه وعلى الفلاحة المعيشية، مما يطرح العديد من المشاكل الاجتماعية بدءا بالهجرة نحو الحواضر والتخلي قسرا عن أراضيهم». ووفق المصادر ذاتها فإن «الوضعية الحالية تطرح العديد من التساؤلات على المسؤولين، كل حسب اختصاصه، وذلك استحضارا لتداعيات التجاوزات المشار اليها سابقا والتي تطال «ظروف وشروط التفويتات ودفاتر التحملات المرتبطة بالهكتارات الفلاحية المفوتة للمستغلين الكبار بمختلف تصنيفاتهم – دور ومسؤولية إدارة حوض سبو على مستوى متابعة وإحصاء ومراقبة رخص حفر الآبار والاستغلال الجائر والمستنزف للفرشة المائية ليس فقط بإقليم الحاجب بل بالأطلس المتوسط عموما – العمل على احتواء الوضع الحالي واحترام المساطر والإجراءات القانونية لوقف التدهور والاستنزاف الحاصل للبيئة وللموارد المائية – وقف التدمير الحاصل للمحيط البيئي بسبب بعض المقالع وتأثيراتها السلبية على المستوى الاجتماعي والمجالي بيئيا ومائيا وذلك عن طريق عقلنة استغلال الموارد الطبيعية بكل تنوعاتها – العمل على ضرورة احترام استغلال رخص حفر الآبار وجلب الماء باعتبار الاستغلال المتعدد للرخصة الواحدة وتوظيفها لحفر ثقوب مائية متعددة يعد تحايلا على القانون – مشكل الإعفاءات والاغراءات الضريبية في المجال الفلاحي والتي تشجع بعض المستثمرين على تملك أراضي صغار الفلاحين البسطاء عن طريق الاغراءات المادية مما يمكنهم من الاستحواذ على منابع المياه دون اعتبار للأعراف والتقاليد المؤطرة تاريخيا للاستفادة من حق الماء». إجمالا تعيش ساكنة وفلاحي جماعة أيت بورزوين وضعا مقلقا بسبب جفاف مجموعة من العيون ومصادر المياه التي تشكل عامل استقرار اجتماعي لهم، والتي توالى نضوب مياهها بسبب توالي سنوات الجفاف وبسبب التدخل البشري الذي أخل بالتوازنات البيئية بالإقليم،ما يستوجب إعادة النظر على مستوى التصورات والتوجهات التي تتحكم في اتخاذ القرارات، خصوصا على مستوى التأطير والتوجيه والمواكبة والمراقبة، بالإضافة الى ضرورة الاهتمام بالطاقات المحلية الشابة بواسطة برامج ومشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي بواسطتها يمكن امتصاص عطالة شباب العالم القروي بالإقليم، في أفق إدماجهم الإيجابي في دورة التنمية الاقتصادية المنشودة.