رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    رغم تراجع سعر النفط عالميا.. أسعار المحروقات تواصل التحليق بالمغرب    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    تعليق فيسبوكي على عصيد يقود لسجن طالب 7 سنوات    نكسة جديدة للجزائر ودميتها البوليساريو .. مجلس الشيوخ الشيلي ينتصر لمغربية الصحراء    رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا يطلع على الزخم التنموي بجهة العيون    افتتاح السنة القضائية بمحكمة الاستئناف ببني ملال    خط بحري كهربائي بالكامل بين طريفة وطنجة    السكوري: تقوية التمثيليات الاجتماعية غاية.. ومناقشة "الترحال النقابي" قريبة    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    وفاة طفلة يجرّ شخصا إلى التحقيق    مفكرون يدرسون متن الجراري .. طلائعيٌّ وسّع مفهوم الأدب المغربي    الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي بتنظيم التنقلات قبل السفر بمناسبة العطلة المدرسية    الاتحاد الأوربي يدين اعتقال الجزائر للكاتب بوعلام صنصال ويطالب بإطلاقه    شخص يقتل زوجته بسبب رفضها للتعدد    تعادل مثير بين نهضة بركان وآسفي    الرباط ونواكشوط نحو شراكة استراتيجية تاريخية في الطاقة والبنية التحتية    طنجة المتوسط يعزز ريادته في المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    شركة "باليراريا" تطلق أول خط بحري كهربائي بين إسبانيا والمغرب    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    توقيف شرطي بسبب شبهة تحرش    ترويج مؤهلات جهة طنجة في معرض "فيتور 2025" بمدريد    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    "الكوديم" يفرض التعادل على الجيش    الحكومة تكشف حصيلة "مخالفات السوق" وتطمئن المغاربة بشأن التموين في رمضان    بايتاس : الشائعات حول التلقيح تزيد من تفشي داء الحصبة    فيلم "إميليا بيريز" يتصدر السباق نحو الأوسكار ب13 ترشيحا    إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب.. وزارة الصحة تواصل تنفيذ التزاماتها بخصوص تثمين وتحفيز الموارد البشرية    الجزائر تسلم 36 مغربيا عبر معبر "زوج بغال" بينهم شباب من الناظور    المغرب يستعد لاستضافة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025 وسط أجواء احتفالية    المغرب يتألق في اليونسكو خلال مشاركته باليوم العالمي للثقافة الإفريقية    حركة "حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيلسوف الكندي آلان دونو : «هاجم الوباء، الأوليغارشية في عقر دارها»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 07 - 2020

تقديم : كان يفترض أن نناقش مع الفيلسوف الكندي آلان دونو مضامين الكتاب الثالث عن"حلقته النظرية" المنصبة حول الاقتصاد، وكذا الجمال، الجزء التالي للإصدارين السابقين خلال السنة الماضية حول اقتصاد الطبيعة وكذا اقتصاد الاعتقاد. لكن داهمنا وباء كوفيد 19 ، وخلفه ألف سؤال اقتضى المقام طرحه على صاحب كتاب "نظام التفاهة"فيما يتعلق بتبجُّح الجَنَّات المالية والشركات المتعددة الجنسيات.
إذن،انطلاقا من فضاء منزله المتواجد في مقاطعة نيوبرونزويك الكندية، حيث يداعب طفلته الصغيرة المولودة منذ شهر تقريبا، سيحاول آلان دونو توضيح كيف يمكن لهذا الوباء ، ونحن نعيش جميعا وضعية العزل الصحي، أن يرسم لنا معالم مستقبل.
p كتبتم مقالة على صفحات جريدة ليبراسيون أوضحتم بين فقراتها أن هذا الوباء بمثابة غايا جديدة(الأم/الأرض في الميثولوجية الاغريقية)؟
n بالفعل،نجابه حاليا معطيين.من جهة، وباء يستدعي حتما خطابا ينصب على الأوبئة، طبيا، صحيا، اجتماعيا، عقلانيا. ومن جهة ثانية، حضور الوباء باعتباره ملهما للفكر. فجأة، أصبحنا نفكر حسب أصعدة، وبناء على رهانات لم تكن معتادة يوميا.هكذا، يحلق الخيال نتيجة الوباء،المرعب والقاتل ضمنيا للعديد من البشر،صوب ماض لم نعتد على استحضاره.يجري الحديث مرة أخرى عن الجذام، والأنفلونزا الاسبانية، و الملاريا، فتأكد بوضوح،أن الشعوب استعادت فجأة الذاكرة جراء جسامة ما يحدث،على عكس ترسخ اعتقاد مفاده أنها بلا ذاكرة، غير آبهة بالتاريخ، مكتفية باليومي.إذن، استُدرجنا كي نفكر ضمن إطار يلامس هذا المستوى، وأيضا في مستقبلنا ضمن المدى البعيد.نقول جماليا،بأن واقعة الوباء ستطلق العنان لسرد، يهتم بالفعل، والموقف، ثم تدابير مغايرة. ندرك بأن هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها المرتبطة بنمط حياتنا.بل عايننا أكثر فأكثر حرائق الغابات، واكتسحتنا أعاصير وموجات تسونامي، مثلما ازدادت وتيرة الفيضانات بشكل غير مألوف.مساحات الغابات في تقلص ،والأرض تتآكل، ويرتفع منسوب ذوبان الجليد...وضع فتح عيوننا حيال مشاكل مصيرية مرتبطة بنمط حياتنا و بأن القرن الواحد والعشرين يشكل فرصة لتغيير أسلوبنا.إما اختيار ذلك أو المعاناة.يتحتم تغيير المنظومة، وضرورة أن نعيش بطريقة مختلفة.فالرأسمالية كما عهدناها لايمكنها الاستمرار. دون الإشارة هنا إلى واقع الأزمة المتعلقة بالطاقة والمناجم.نتيجة مختلف ذلك، يجدر بكلمة اقتصاد تجاوز دلالتها المنبنية على الانتظام في مساعدة مالكي الأسهم قصد مراكمة رأسمالهم.
p فعلا برهنتم في سلسلتكم النظرية،على أن كلمة اقتصاد ثرية الدلالة،وليست حكرا فقط حكرا للاقتصاديين.
n لقد سعيت خلف سياقات استعمالاتها،غاية اكتشافي مع تعاقب السنوات،بأنها تقوم على التفكير في العلاقات الجيدة، والسليمة بين العناصر، وكذا الأفراد، ثم الأفراد وأفكارهم، والتمثلات الرمزية....الاقتصاد بمثابة فكر للعلاقات السليمة على امتداد حقول شاسعة. هناك دائما شيء يتجاوزنا حينما نهتم باقتصاد ما. فالعلاقات متعددة جدا ولا يمكن حصرها ضمن نطاق نموذج.راهنا، بسبب الوباء الذي أصابنا،نجدنا أمام مشكلة اقتصادية.لا أتكلم بهذا الصدد من زاوية الأسواق المالية، و مردودية المقاولات و تسريح العمال – رؤية متعلقة بالتدبير لاينبغي إهمالها- بل عن اقتصاد تجاوز هذا الإطار.يضمنا عالم لم يعالج قط صلته بالكائن الحي، واتجه اهتمامه نحو تسوية شبكة لصالح الأقوياء جدا على حساب الأكثر ضعفا، بالتالي نختبر الصدمة المعاكسة لغياب المعنى الاقتصادي بدلالته الواسعة.
p ساد الاعتقاد منذ بضعة سنوات أننا سنواجه تقريبا خلال مستقبل ليس ببعيد أزمة بيئية تقريبا.ثم أتى هذا الوباء سريعا كي يعبئ أفكارا بقيت متوارية.
n الكلمات مهمة.تكلمنا باستمرار عن أزمة بيئية باعتبارها معطى يكشف عن نفسه، ويكتم أنفاسنا.تكلما بهذا الصدد عن الانهيار، والقطيعة.اختيار هذه الكلمات،المنطوية على حس، أقرب إلى نهاية العالم، يدفعنا نحو تبني موقف ينهض على التسويف مترقبين حتمية الاصطدام بالجدار خلال أي لحظة من اللحظات. علما، أننا نقتفي سلفا آثار هذا الطريق منذ عقود.لهذا السبب، فضلتُ من جانبي الحديث عن تآكل تبعا لدالَّة أسِّية.فالأشياء تتآكل، تترهل، وتتفتت ببطء. لكن حاليا،قد يتحقق ذلك في غضون عشر سنوات أو خمس عشرة سنة. نمتثل لمنطق الفاعل، هكذا تسير الأشياء صوب الانهيار.نعيش فعلا تطورات انهيار بوسعنا إدراكه تقريبا في إطار اليومي وسيتجلى أكثر فأكثر بكيفية مخيفة.
p بناء على ملاحظاتكم،أي نوع من السرد بصدد التشكل آنيا؟
n لدي جواب بسيط جدا.هناك أمل أصمّ لدى العديد من الأشخاص مفاده أن إيديولوجيا السلطة المهيمنة- لاتعود فقط إلى حزب سياسي، بل المؤسسة المالية، والصناعة الكبيرة، وكذا رجال المال- صادقة.بالتالي،سيكون عاديا جدا إن كان الخطاب الإيديولوجي الماسك بالسلطة يقول الحقيقي! خبراء يهتمون بكل شيء، ومختلف شؤوننا بين أيادي آمنة، بحيث ندرك حيثما اتجهنا، بأن النمو مضمون.مصادر الطاقة، متوفرة باستمرار،وكذا جاهزية حلول تقنية للأزمة البيئية، وتواجد دائم لمتاجر كبيرة مع وفرة منتوجات بوسعنا استهلاكها على الدوام.تأويل من هذا القبيل، يعتبر مجرد وهم، نتمسك به تماما وباستمرار إلى درجة اعتقادنا المترسخ بجدواه.إذن، اليوم الذي نتخلص من وهمية التصور، يتوقف على لحظة تباين مطلقة بين الخطاب الإيديولوجي المهيمن وعدم تطابقه مع حالة الواقع.حينذاك ينتابنا الضجر كثيرا من حالة الواقع ونحن نكتشف المفارقة الواضحة بين حالة الواقع مثلما يعكسها تاريخنا قياسا للخطاب الإيديولوجي الذي يجتهد في سبيل التمويه.لحظتها يغمرنا الضحك عندما يحضر خبراء كي يحدثونا عن نمو لانهائي.وأظن أننا بلغنا ذلك.
p لقد بلغنا تلك اللحظة؟
n نرى فعلا هذه الرأسمالية المُعَوْلمة الهائلة مع كيانات قوية متعددة الجنسيات ، وكارتيلات في المجال المالي، عمالقة يقفون على أسس واهية،هشة إلى أقصى حد، ومترابطة بشبكات دقيقة للغاية بحيث أن أقل هزة تعرفها منطقة ما، يبعث في ذات الآن سلسلة هزات تضرب أيضا أقصى جهات الكرة الأرضية، لذلك تعطس الصين،فيصاب كل العالم بالزكام. محضر إثبات، يؤكد بأن هذا النظام ينم عن كثير من الضعف.من جهة ثانية، لدي قناعة شخصية مفادها أن العديد من الأشخاص الذين يعانون حاليا جراء تداعيات هذه الوضعية، نفسيا وماليا وماديا – يتجه تفكيري إلى المأجورين، والحرفيين، والمشرفين على مقاولات صغرى،مختلف هؤلاء الذين يقفون عاجزين عن أداء فواتير الكراء،ثم مختلف الفواتير،إلخ- أعتقد، بالنسبة لنا جميعا، وبشكل عام، سواء من يكابد أو غيره، يحضر نوع من الرضى وقد توقف أخيرا إلى حد ما، هذا المسار .
p نعيش داخل مجتمعات المنافسة،حيث الإرهاق و التأزم النفسي،حرمت الأفراد من أزمنة تخول لهم البقاء إلى جانب أفراد أسرهم.ثم فجأة، أجبروا على استراحة وبصيغة أخرى تقويم حياتهم.
n حتما.وقد أصبتم تماما بإشارتكم إلى أعراض مرض ينخرنا فوق نار هادئة. تبرز انعكاسات عدم الارتياح في العمل من خلال الإدمان على الخمر،والالتجاء إلى تناول مخيف لمضادات الاكتئاب، والعقاقير النفسية المهدئة، وحالات الأرق الحاد، وقضايا الانتحار.بل نرى في فرنسا، مستخدمين كما الشأن بالنسبة ل"فرانس تليكوم"، يقتلون أنفسهم سياسيا قصد الإبلاغ عن مقاولتهم.فليتوقف هذا الانزعاج.أيضا، بوسعنا الحديث عن التوتر الذي يمثله التقادم المُبَرْمج، بحيث يركز نظام العمل على خلق أشياء سرعان ماتغدو عتيقة كي تستدعي تَوَّا إلحاحية تجديدها. تؤطرنا وضعيات شاذة جدا، بالتالي يمكن لتوقف من هذا القبيل أن يقود فجأة أشخاصا كثيرين كي يعيدوا ربط ذواتهم بالجوهري.إذن، انتقلت المدرسة إلى داخل المنزل، والتفكير في زرع حديقة للخضراوات خلال هذا الصيف، الاطمئنان على أحوال الجيران والأقارب.جراء مختلف ذلك، يمكن أن نكتشف داخل ذواتنا مواهب لم نكن نعلم بها سابقا.
p ذلك ماطرحتموه في عملكم نظام التفاهة؟
n مع دهشتي،لما أثاره هذا العمل من اهتمام كبير في فرنسا،إيطاليا، إسبانيا، والعالم العربي ثم منطقة كيبيك خاصة.وبغض النظر عن مضمون الكتاب، فقد عَكَسَ ذلك إشارة غير مطمئنة.نوع من التماهي مع آليات تحليل يكشف أبعاد سعيهم كي يجعلوا منا رديئين،من ثمة الشعور بالاستياء، نحو شيء غير مقبول بهذا الخصوص.لذلك، تمثل اللحظة الراهنة فرصة لتعديل جماجمنا والتفكير في صلة مع العالم، أكثر حرية، تسيدا،ثم مُبَنْيَنة وبناءة.
p في ذات الآن تقدم الولايات المتحد الأمريكية رئيسا يتطلع أكثر إلى إنقاذ الاقتصاد بدل حياة الأفراد، لكن جانب شعبيته لم يتراجع.
n يمثل ترامب موضوعا قائما بذاته ونموذجا استثنائيا عجيبا. مايدهشني أكثر،يكمن تحديدا في الظاهرة المقابلة، بمعنى فجأة، تذكرت ولايات بأن لها صلاحيات على مستوى الصحة العمومية ومصلحة مشتركة ويمكنها فجأة أن تصبح لها سلطة سيادية على الجانب المالي والصناعة الثقيلة. إنه أمر غريب! مادامت رؤية ولايات تتبنى اختيارات الرأسمال الكبير، قد ترسخ منذ قرنين.بالتالي، محاولة ادعاء عكس ذلك ينطوي حتما على موقف صاعق.من جهة أخرى، وبالنسبة لفرنسا يلاقي تأكيد هذا الخطاب الاجتماعي،صعوبة كبيرة. هناك علم بوجود حكومة ورئاسة ليبراليتين جدا، في حين يسود خطاب عسكري : نخوض "حربا" ضد الفيروس.بينما عندنا في كندا،فيتجلى ذلك بحدة أقل. أيضا،وبالعودة إلى موضوع الولايات المتحدة الأمريكية،نلاحظ استياء كبيرا، نتيجة مستجدات وضع يتنافى مع المألوف حين رؤية ولايات بورجوازية رأسمالية تطلب من التمويل المالي، وكذا الصناعة البيترولية والمنجمية والسياحة، بالتوقف لدواعي صحية تهمّ العموم.لو قلنا هذا قبل ستة أشهر،فلن يصدقنا أحد.لكن، لأن هذا الفيروس هاجم مختلف الطبقات الاجتماعية.الأثرياء، الفقراء، البيض، السود، الحضريين، القرويين، بمعنى الجميع.هكذا، تعرض الأعمى لصفعة، بكيفية شرسة ومباغتة، مادام الوباء لايكترث بحدود أو طبقات مجتمعية وصار فجأة موضوع حالة وطنية مستعجلة،وأدرك الأوليغارشية في عقر دارها.أن يحظى حقا سؤال القطاع الصحي، باهتمام مركزي داخل البلد، افترض منذ زمان حظرا للوجبات الغذائية السريعة،ثم التصدي بجدية لقضية المناخ.لكن ردة الفعل الحالية سرعان ماتبلورت لأن الطبقة المهيمنة تعرضت لهجوم مباشر.
p ما نحن بصدد متابعة مجريات وقائعه ليس نهاية العالم،بل لعالم معين؟
n يتموقع المؤرخون أفضل منا، بخصوص تقييم الوضع، لكننا بكل بداهة نعيش سياق تحول يتعلق بالكائن،اقتصاد الطبيعة ثم حتمية إعادة صياغة الخطاب الاقتصادي. فلايمكن للاقتصاد البقاء ضمن نطاق اقتصار دلالته على معارف تدبيرية.بل،ضرورة عودته الفورية إلى منبع الخطاب الذي يتجه اهتمامه نحو الكائن الحي،والمؤثرات،والاعتقادات، ونماذج التنظيم، والعلامات ثم الرموز التي تجعلنا نتفاهم خلال لحظة تاريخية،ونرتب أمورنا، ثم نتداول بخصوصها.لايمكن للاقتصاد الاستمرار ب"التركيز" خلال فترة طويلة على تلك "المادة الرمادية" قصد الحصول على ديبلوم، يجعل منا "موردا بشريا"مطلوبا لسوق العمل، خلال لحظة ندرك معها كيفية "عرض ذواتنا للبيع"، متحايلين على طبيعة "مشاعرها"، يلزم الاقتصاد القطع مع هذه الصورة.
p -قلتم في مقالتكم السالف الذكر،بأن صحوة الوعي وكذا الانشراح تشكل تدابيرنا النفسية المرشدة نحو المستقبل. لماذا؟
n من البديهي أن تتهيأ البشرية خلال القرن الواحد والعشرين كي تختبر مهلة سيئة، ويدوم سياقها طويلا.لكن سيشكل ذلك فرصة، مثلما نعيشها حاليا مع هذا الوباء، حسب جرعة الأسلوب العلاجي للطب التجانسي، كي نكتشف مخططات، ومواهب، وقوى، وكذا الاستثمار في أنشطة استعادت معناها فجأة.هي فرصة إذن، للانخراط في تنظيم وكذا تدبير عالم يشبهنا إذا قاومنا إغواء الفاشية، فالمسألة ليست هينة، وأنت تكتشف نفسك ضمن مسار تحول مصيري.حظ تاريخي أتيح أمامنا كي نتخلص من نظام ظالم وكئيب.ثم نتطلع نحو المستقبل بكيفية متبصرة.مع العلم، بأن الرأسمالية لم يعد في متناولها أبدا الاستجابة للمقتضيات المطلوبة خلال مستقبل قريب، فلن يكون النفط متوفرا بكمية وافرة، ويسير المنال،أو مناجم متاحة. كما أن النظام البيئي، أبدى استعداده كي يراكم لديه جل ما أرغمناه سابقا على تحمله، ثم ينعكس علينا ذلك مثلما يحدث حاليا.إذا لم ننتبه بجدية، سنكابد فترات صعبة جدا.مما يدعونا،إلى الانكباب على العمل وفق ما يمكنه أن يشكل الحد الأدنى المطلوب.لكن، دون التطلع نحو هذا المستقبل، بصرامة يكتنفها القلق والاضطراب ،لأن النتيجة ستكون بلاجدوى، و تظل عقيمة. في المقابل، يتجسد الوضع الأكثر التزاما وخصوبة، في تحقيق صلة واضحة بممكنات هذا المستقبل قدر كونه أيضا مناسبة مؤثرة بخصوص الإفصاح عن قيم الانشراح، و الإباء ومعاني تتجاوز كثيرا ما نعرفه حاليا عن طنين روتيننا الوظيفي والخاضع.قلت منذ فترة لصديقة أبدت فزعها من المستقبل الذي ينتظر أبناءها، بأنه في حالة تحققه ، ومع الصعوبة الشديدة لذاك المستقبل، فسيحظون على الأقل بحياة أكثر مقارنة مع رفاهيتنا غير المطمئنة.بالتأكيد، أنا أيضا لدي حياة أسروية، ولدي وجهة نظر جماعية، أقول سيدركون القوة التي تمكنهم من العثور على وجود يشبههم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.