بوفاة المفكر الاقتصادي سمير أمين فقدت الماركسية علماً جديداً من مفكريها المخضرمين. رحل سمير أمين، الحال أبدا بالاشتراكية طحل للأزمات التي يعيش العالم والبلدان النامية بشكل خاص، بعد مسيرة طويلة أغنى فيها النظرية التي تبناها طوال حياته بأفكار تجديدية، حيث شكل مرجعاً لليساريين عموماً، والعرب بشكل خاص، وأحد أبرز الملهمين لمناهضي العولمة. إعداد: عبد الحق ديلالي من حوار سمير أمين مع مجلة دراسات الأمريكية رأسمالية احتكارات الأقلية أو الاحتكارات المطلقة"هو الاسم الذي أعطيتموه،إلى ما يمثل بحسبكم مرحلة جديدة في تطور الرأسمالية.وفق أي شيء تختلف هذه الاحتكارات عما كان سائدا منذ قرن؟ يكمن الجديد في مصطلح "مطلق".فمنذ بداية القرن العشرين،كانت هناك قطاعات مهيمنة في الميدان المالي وكذا الصناعي مثل صناعة الحديد،الكيمياء،السيارات، إلخ...لكن هذه الاحتكارات كانت جزرا كبيرة مستقلة فعلا وسط محيط شركات صغيرة ومتوسطة.بيد أنه،منذ ثلاثين سنة،لاحظنا تمركزا لرأسمال دون قياس عام.بهذا الصدد أشارت مجلة "فورتشن"إلى وجود في الوقت الراهن لخمسمائة احتكارات تسيطر بقراراتها على كل الاقتصاد العالمي،وتهيمن صعودا ونزولا على قطاعات شتى لا يمتلكونها مباشرة.لنأخذ الفلاحة.فيما مضى،كان بوسع الفلاح أن يختار فيما يخص أنشطته بين العديد من المقاولات.حاليا،تصطدم مقاولة فلاحية صغيرة أو متوسطة مبدئيا بالكتلة المالية للأبناك وكذا الاحتكارات الضخمة لإنتاج الأسمدة،ومبيدات الطفيليات والتعديل الوراثي للكائنات بحيث تعتبر شركة مونسانتو النموذج الأكثر إثارة.ثم،في مرحلة تالية،ستجد أمامها مجموعات التوزيع وكذا المحلات الكبرى.جراء هذا التحكم المزدوج،تتقلص باستمرار،استقلاليتها وكذا عائداتها. لهذا السبب فضلتم اليوم الحديث عن نظام يرتكز على "أعلى درجات دخل احتكاري "بدل "أقصى درجات الربح"؟ نعم. السيطرة تكفل لهذه الاحتكارات إيرادا يُقتطع من الربح الكلي للرأسمال الذي يتم الحصول عليه باستغلال العمل.هذا الدخل يصير إمبرياليا في نطاق كون هذه الاحتكارات تتم في الجنوب. الدفع بهذا الإيراد نحو أقصى مستوياته يركز العائدات والثروات بين أيادي نخبة صغيرة على حساب الأجور،لكن كذلك أرباح الرأسمال غير الاحتكاري.هكذا تصبح التفاوتات المتفاقمة عبثية.يقارن الوضع إلى حد ما،بملياردير يمتلك العالم قاطبة ثم يترك الجميع إلى البؤس. بعد أزمة سنوات 1930،أمكن الدول على أية حال التغلب جزئيا على هذا التناقض،ثم الرهان على سياسة تستلهم النظرية الكنزية "جون مينارد كينز". نعم، لكن متى وُظفت هذه السياسة الكنزية؟في البداية ،جاء الجواب السريع الجواب على أزمة 1929تحديدا مثل اليوم :سياسات التقشف،مع انحداره اللولبي. لقد أكد الاقتصادي كينز بأن ذلك عبثيا ويلزم القيام بعكسه.لكن لم يتم الإصغاء إليه سوى بعد الحرب العالمية الثانية.ليس لأن البورجوازية اقتنعت لحظتها بأفكاره،بل لأن الطبقة العاملة تبنته. مع انتصار الجيش الأحمر على النازية والتعاطف مع المقاومين الشيوعيين،كان الخوف من الشيوعية حاضرا حقا.اليوم،بوسع بعض – ليسوا بعدد وافر جدا- الاقتصاديين البورجوازيين الأذكياء القول بأن مقاييس التقشف عبثية.ثم إذن؟بما أن رأسمال ليس مرغما من طرف خصومه كي يتحلى بالاعتدال،بالتالي سيتواصل ذلك. ليست مسلية جدا، صورة المستقبل... حينما كتبتم بأن :"عالما جديدا بصدد التشكل،بوسعه أن يصير أكثر وحشية،لكن قد يصبح أيضا أفضل".إلى ماذا يعود هذا؟ لا أملك الكرة البلورية .لكن الرأسمالية ولجت مرحلة الشيخوخة،التي يمكن أن تقودها إلى حمامات دم ضخمة.مع حقبة كهذه،تؤدي الحركات الاجتماعية والاحتجاجات إلى تغيرات سياسية،نحو الأحسن أو الأسوأ،فاشيين أو تقدميين.هل ينجح ضحايا هذا النظام في تشكيل تناوب إيجابي،مستقل وراديكالي؟هكذا اليوم الرهان السياسي. ماهي خصائص هذه "الرأسمالية الشائخة" التي قد تقود بحسبكم إلى"عصر جديد من حمامات دم كبرى"؟ لم يعد يوجد مقاولون مبدعون،بل (سماسرة،متآمرون).فالحضارة البورجوازية،مع نظام قيمها : ((الذي يمدح طبيعيا المبادرة الفردية ،ثم الحقوق والحريات الليبرالية،بل وحتى التضامن على المستوى الوطني ))ترك المكان إلى نظام دون قيم أخلاقية.انظروا إلى رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية المجرمين،ثم الدمى والتقنوقراطيين المشرفين على الحكومات الأوروبية،وكذا مستبدي الجنوب،الظلامية(طالبان،طوائف مسيحية وبوذية...)،الفساد المعمم (في العالم المالي خاصة...).بوسعنا إذن وصف الرأسمالية اليوم بالشيخوخة،والتي يمكنها تدشين حقبة جديدة من الجرائم.في ظل حقبة كهذه،تؤدي احتجاجات الحركات المجتمعية إلى تغيرات سياسية صوب الأفضل أو الأسوأ،فاشيين أو تقدميين.مثلا أزمة سنوات 1830 قادت نحو الجبهة الشعبية في فرنسا،لكن كذلك النازية في ألمانيا. ماذا يعني هذا بالنسبة لحركات اليسار الحالية؟ نعيش حقبة ترتسم وفقها موجة حروب وكذا ثورات.هل سينجح ضحايا هذا النظام في تشكيل تناوب إيجابي، مستقل وراديكالي؟إنه رهان اليوم سياسيا.يلزم على اليسار الراديكالي اتخاذ مبادرة بناء جبهة،وكتلة مناهضة للاحتكارات تضم كل العمال والمنتجين ضحايا :"أوليغارشيات الاحتكارات الشاملة"،حيث طبقة كبيرة من الطبقات المتوسطة،والمزارعين،ثم شركات الصغيرة والمتوسططة تؤكدون بأن اليسار يلزمه التخلي عن كل استراتجية تساعد الرأسمالية على الخروج من الأزمة. حان الوقت للتحلي بالجرأة !لسنا في حقبة تاريخية يشكل معها البحث عن "تسوية اجتماعية" رأسمال/عمل تعاقبا ممكنا كما الشأن بعد – الحرب مع الاشتراكية الديمقراطية لدول الرعاية الاجتماعية.تتصور بعض التجليات النوستالجية إمكانية "الارتداد" برأسمالية الاحتكارات وجهة وضعيتها مثلما كانت خلال عقود.لكن التاريخ لا يسمح قط بارتدادات كهذه إلى الوراء.نعيش لحظة تاريخية يلزم خلالها أن يكون اليسار الجذري شجاعا.أتكلم عن يسار مقتنع بضرورة تجاوز النظام الرأسمالي جوهريا.أيضا، يسار يركز نظره على ضرورة ابتداع اشتراكية لاتكون بالضرورة نموذجا موجودا سلفا. تقوم في بلدان الشمال، الشروط الموضوعية من أجل فصل رأسمال الاحتكارات.هذا يبدأ بتحالف اجتماعي وسياسي يطوي الأغلبية الساحقة. ماهي كلمات نظام"التحالف الاجتماعي والسياسي"الذي تمتدحونه؟ تكمن الفكرة الرئيسية في خلق جبهة مناهضة للاحتكارات.بالتالي يحتاج الأمر إلى مشروع كلي يسائل ثانية سلطة "الاحتكارات الشاملة".فلايمكننا تخيل أن الأشخاص بوسعهم تغيير العالم تماما بمعجزة فعل فردي،فكرة نجدها ثانية عند حركات اشتراكية عديدة ولدى فلاسفة مثل طوني نيغري.هذا يبدأ من منطلق تفسير وجود خيارات في سياسات التقشف.يعود ذلك، حسب صيغة شعبية، إلى تكسير خطاب الرأسمال عن"التنافسية وتخفيض الأجر" .لماذا لانقول العكس،أن الأجور ليست كافية والأرباح جد ضخمة؟ نبذة عن حياة أمين ولد سمير أمين في مدينة بور سعيد المصرية من أب مصري قبطي وأم فرنسية، سلك طريقاً اختاره كثيرون في عصره، وقلّة في زمننا، حين أراد «تغيير المجتمع»، وهي العبارة التي قالها لوالدته، في سنّ السادسة، يوم رأى طفلاً يبحث عن الطعام في صندوق القمامة، كردّ فعل عفوي على تفسيرها للأمر بأن «المجتمع سيئ ويفرض ذلك على الفقراء». ترعرع سمير أمين في بور سعيد، المدينة الرمز، التي كانت واحدة من أبرز مدن العرب الرازحة تحت نير الاستعمار، حيث حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة فرنسية في العام 1947، ليغادر بعدها إلى باريس طالباً للعلم في جامعاتها، في مرحلة التحوّلات الكبيرة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. في فرنسا حصل أمين على دبلوم العلوم السياسية العام 1952، وشهادة التخرج في الاحصاء عام 1956، وشهادة التخرّج في الاقتصاد عام 1957، ليعود إلى مصر حاملاً شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون. خلال فترة الدراسة في فرنسا، انتسب إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، لكنه سرعان ما رأى نفسه متناقضاً مع الماركسية السوفياتية، ما دفعه إلى التقرّب من الحلقات الشيوعية الماوية. في تلك الفترة أيضاً، بدت حماسة أمين واضحة تجاه حركات التحرّر الوطني في العالم الثالث، ولا سيما نضالات شعوب الشرق الآسيوي. وفي خضم تلك المرحلة جاءت حركة «الضباط الأحرار»، لتغيّر مصر، فوجد نفسه، بحكم الحماسة الوطنية، المرافقة ل«ثورة 23 يوليو»، وكذلك بحكم جدارته في علم الاقتصاد، ضمن المنظومة الجديدة التي تولّدت بعد سقوط الملكية، فعمل في المؤسسة الاقتصادية الحكومية التي كانت جزءاً من إدارة عملية «التمصير» والتأميم الاقتصادي في مصر. لم يطل الأمر كثيراً، حتى بدأت الأحلام تتلاشى، فعلى خلفية الصدام بين جمال عبد الناصر والشيوعيين بعد السنوات الأولى على الثورة، غادر أمين مصر عام 1960 إلى باريس. وفي تلك الفترة، نشر كتاب «مصر الناصرية» باسمه الحركي «حسن رياض»، وقد رأى فيه أن غياب الديموقراطية كان عيباً رئيساً في نظام عبد الناصر. وفي فرنسا، تحوّل إلى كاتب بالفرنسية لدراسات اقتصادية، ثم خبيراً ومسؤولاً لبرامج تنموية قادته الى الكثير من البلدان الافريقية وغير الافريقية، في نشاط عملي، أغنى تجربته الفكرية. كان اقتران الفكر الشيوعي بالتجربة العملية في مجال التنمية عنصراً حاسماً في نظريات سمير أمين بشأن «التبعية»، فقد تصدى لمقولات عن التنمية والتحديث، روجتها القوى الرأسمالية العالمية لتبرر بها الاستيلاء على موارد دول الجنوب في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وعلى هذا الأساس، قدّم أمين مجموعة من القراءات لعدد من القضايا الأساسية، مثل العلاقة بين المركز والأطراف، التبعية والعوالم الأربعة، ومحاولة تجديد قراءة المادية التاريخية وأنماط الإنتاج. وطوال حياته، اغنى سمير أمين النظرية الماركسية بالكثير من الكتابات، ومن أهم نتاجاته «دراسة فى التيارات النقدية والمالية في مصر»، و«التراكم على الصعيد العالمي»، و«التبادل غير المتكافئ وقانون القيمة»، و«القومية وصراع الطبقات»، و«الطبقة والأمة في التاريخ وفي المرحلة الامبريالية»، و«أزمة الامبريالية أزمة بنيوية»، و«أزمة المجتمع العربي»، و«بعد الرأسمالية»، و«نحو نظرية للثقافة»، و«حوار الدولة والدين»، و«نقد الخطاب العربي الراهن»… وغيرها، إلى جانب المؤلفات باللغات الأجنبية وما أكثرها. اتحاد الكتاب العرب ينعى المفكر سمير أمين نعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، المفكر المصري البارز الدكتور سمير أمين الذي رحل عنا عن سن تناهز 87 عاماً، بعد رحلة طويلة ومشرفة من العمل في المنظمات الدولية كأحد أهم خبراء الاقتصاد في العالم. وأرسل الأمين العام للاتحاد حبيب الصايغ، برقية عزاء إلى علاء عبدالهادي رئيس اتحاد كتاب مصر ومجلس إدارته، ومن خلالهم إلى الأدباء والمثقفين المصريين، حيث «يعد الدكتور سمير أمين من أبرز الشخصيات الثقافية المصرية، التي أضافت إلى رصيد الثقافة العربية الكثير من الأسماء والإنجازات في المجالات كلها من فكر وأدب وفن» يقول اتحاد الكتاب العرب في برقية عزائه.. وأكد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أن الثقافة العربية بمفهومها الواسع الجامع خسرت خسارة فادحة برحيل الدكتور سمير أمين، المفكر الذي انحاز إلى الفقراء، وأسهم في تنمية اقتصادات دول فقيرة في إفريقيا، والذي تصدى لمقولات عديدة سائدة عن التنمية والتحديث وخطط المؤسسات المالية الدولية، حيث قدم أمين مجموعة من القراءات لعدد من القضايا الأساسية، مثل العلاقة بين المركز والأطراف، والتبيعة والعوالم الأربعة، ومحاولة لتجديد قراءة المادية التاريخية وأنماط الإنتاج. سمير أمين: الاشتراكية هي المستقبل أفرز النظام الرأسمالي تفاوتا في الثروات لامثيل له في تاريخ البشرية، هذا التفاوت يحمل في طياته خطر موت الرأسمالية التي ينبغي استبدالها بنظام لا يقوم على الجشع والهيمنة، هذا ما يراه المفكر الاقتصادي سمير أمين. ويتمسك سمير أمين بنقده الجذري للمنظومة الرأسمالية معتبرا مصيرها الزوال، لأنها حسب رأيه غير قادرة على تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لكل الشعوب، كما يعتبرها منظومة تكرس عدم التكافؤ والتهميش والبطالة والفقر. ولكن هل يمكن اختزال الرأسمالية في مساوئها ؟ وهل هناك بدائل واقعية لها؟ وما موقع العالم العربي من هذا وذاك؟ ويرى سمير أمين أن الرأسمالية استطاعت تجاوز أزمات كثيرة في تاريخها، لكن السؤال هو ما هو الثمن؟ ففي كل مرة تنجح فيه بتجاوز أزمة من أزماتها، يصبح الجانب التدميري للتراكم الرأسمالي أكثر قوة، حسب المفكر. وقد أثبتت الدراسات البيئية ذلك بمنتهى الوضوح، فلقدرة الرأسمالية على التكيف جانبا تدميريا يظهر في تراكم رأس المال، وبالتالي لا بد من التفكير في نظام عالمي بديل أكثر إنسانية يضع في قلب اهتمامه علاقة الإنسان بالطبيعة، أي عولمة توافقية لا تعتمد على الهيمنة والتسلط. على صعيد آخر يرى أمين أن النظام الرأسمالي استطاع أن ينجز، خلال قرنين فقط، تفاوتا اقتصاديا على الصعيد العالمي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية الطويل لأنه يعتمد الجشع والتراكم. ففي بداية القرن التاسع عشر كانت نسبة التفاوت بين الشعوب من واحد إلى اثنين، بينما أصبح هذا الفارق اليوم من واحد إلى ستين. إن استمرار تراكم رأس المال عملية لابد، وأن تؤدي بطبيعتها إلى أزمة لأنها تقوم على نمو أسِِِي وبالتالي إلى نمو فلكي في وقت قياسي. إنه نمو سرطاني لابد أن يؤدي إلى الموت. فهل هناك بدائل واقعية لتجاوز هذا النظام في المرحلة الحالية؟ بالتأكيد، يجيب سمير أمين. فالاشتراكية هي المستقبل وليس الماضي كما يعتقد البعض، وإذا ما عدنا إلى التاريخ نجد أن الرأسمالية ذاتها لم تظهر بشكل مفاجئ بين عشية وضحاها في المثلث بين لندنوباريس وأمستردام. الرأسمالية تطورت على شكل موجات متتالية خلال عدة قرون، قبل وصولها للشكل الذي نعرفه اليوم. إن لتجاوز الرأسمالية اسم وهو «الاشتراكية» والتي ستتحقق بدورها على شكل موجات وطفرات متتالية. هناك دول بازغة/ صاعدة، لكن السؤال هو هل يتعلق الأمر بأسواق أم بأمم بازغة؟ إنها مشكلة أساسية، حسب سمير أمين. فهو يرى أن الرأسمالية العالمية السائدة، التي تحتكرها أقليات غربية بالأساس، تنظر إلى هذه الأمم كأسواق مفتوحة لمزيد من التوسع الرأسمالي. بينما تنظر هذه الدول إلى نفسها كأمم بازغة، وهو ما يدخلها في تناقض مع العولمة الرأسمالية السائدة حاليا. وأي مستقبل للعالم العربي في هذه المنظومة وما هي فرص الشعوب العربية في تحقيق مجتمع الرفاهية؟ يقول المفكر الاقتصادي أن العالم العربي جزء من دول الجنوب، وهي دول مختلفة تماما من حيث ثقافتها وجذورها التاريخية وموقعها في المنظومة العالمية السائدة حاليا. لقد لعب العالم العربي دورا مهما خلال الفترة الأولى لصحوة شعوب الجنوب، أي فترة باندونغ من عام 1955 إلى نهاية السبعينات. لكن خلال هذه الفترة لا تلعب الدول العربية أي دور يذكر بسبب الثروة النفطية التي غذت الكثير من الأوهام الكبيرة، وحلت محل مكان الثورة بالمعنى الواسع للكلمة. ونحن رأينا مؤخرا كيف انهارت الأوهام القائمة على النفط كما حدث في دبي على سبيل المثال.