* سن ضريبة على الثروة * الرفض التام لأي مشروع لتقنين شبكات التواصل الاجتماعي يتضمن مقتضيات تنتهك حقوق الانسان وتمس بحرية الرأي والتعبير * تفعيل السجل الاجتماعي الشامل * منع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية * إقرار قاعدة عدم الاستفادة من المالية العمومية إلا بتقاعد واحد الرأسمال الشامل والتاريخي الذي ابانت عنه الجائحة لا يمكن أن يخضع للمناقصات السياسوية ولاحتساب الريعي الانتخابوي، آنا أو استقبالا، لأي كان يريد تحويل الرصيد الجماعي للأمة إلى رصيد سياسي حصري له أو لأتباع؟ تجديد الدعوة إلى إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، من أجل معالجة اختلالات المنظومة التمثيلية وتعزيز نزاهة العملية الانتخابية التأم المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يومي 27 و28 ماي 2020، في اجتماع قوي الدلالة، بسياقاته الدولية، الوطنية والحزبية، وقوي المعنى بجدول أعماله، وقوي الرسالة بمستوى مناقشاته وما أفرزته هذه المناقشات من خلاصات واجتهادات وقرارات. وقد استمع المكتب السياسي للعرض المقدم من طرف الكاتب الأول إدريس لشكر والذي أكد فيه في البداية أن الأزمة الدولية الحالية قد أبانت أن المخاطر التي كانت البشرية جمعاء تتأهب لمواجهتها وتتسلح لحماية نفسها وأوطانها منها ليست هي المخاطر الحقيقية أو على الأقل لن تكون هي المخاطر التي قد تفتك بالبشرية ومن تم فالبشرية محتاجة إلى تعاقد عالمي جديد يتجاوز الدفاع عن الحقوق السياسية والسوسيو-اقتصادية والثقافية إلى الدفاع عن حقوق الكوكب والأجيال الصاعدة. فالأزمة الاقتصادية ستكون أقوى أزمة اقتصادية يواجهها العالم في المائة سنة الماضية، والانغلاق على الذات الذي يعتبر ضروريا في ظروف الحجر الصحي، غير مستدام بالنظر إلى الترابط الذي يطبع اقتصاد الدول، علما اننا لسنا مضطرين للاختيار بين الليبرالية المتوحشة من جهة والسياسات الحمائية المنغلقة (الشوفينية) من جهة أخرى. وفي تشخيصه للوضعية في المغرب أكد الكاتب الأول على ان المغرب متقدم جدا في التدابير التي أعلن عنها ومن الدول القلائل الأكثر تفعيلا لقراراته بشأن مواجهة الوباء. وقد جسدت الدولة المغربية بقيادة جلالة الملك طابعها الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى. كما ان جلالة الملك قام باستعمال كل ما منحه الدستور من صلاحيات، سواء على مستوى إمارة المؤمنين، أو رئاسة الدولة، أو القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية لإطلاق المبادرات اللازمة للحد من انتشار الفيروس. وقد حرصت كل مؤسسات الدولة وسلطها التنفيذية والتشريعية والقضائية على تحمل مسؤولياتها والوفاء بالتزاماتها، وبممارسة اختصاصاتها ومهامها. كما أبانت الإدارة العمومية المغربية بكل مكوناتها على قدرة كبيرة على التأقلم وعلى تفان ونكران ذات في أداء مهامها. فظروف الحجر الصحي أظهرت للجميع أهمية القطاع العمومي وفعاليته بل وحيوية الأدوار التي يقوم بها والتي يستحيل على القطاع الخاص تأمينها. ومن المؤكد ان المرحلة المقبلة مرحلة دقيقة تقتضي منا مواصلة الالتزام بالتدابير الاحترازية والوقائية المتخذة والانضباط المستمر للإجراءات والقرارات المؤسساتية المرتبطة بالحد من انتشار الفيروس من جهة، وتستلزم، من جهة أخرى، المحافظة على روح التضامن التي سادت بين مختلف الفئات المجتمعية. كما أشار الكاتب الاول الى أن انخراط الاتحاد الاشتراكي في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للمواطنين ليس وليد هذه الأزمة بل انه مترسخ في ثقافتنا ومرجعتينا الاشتراكية الديموقراطية وأبننا عنه في ممارستنا للشأن العام وواظبنا على تضمينه في برامجنا الانتخابية واعتبرناه مدخلا أساسيا لمنظورنا للنموذج التنموي الجديد. ولعل هذه الجائحة ما هي الا حافز يضعنا أمام مسؤولياتنا جميعا للنهوض بقطاع الصحة وطي صفحة الماضي المتجاهلة للاختلالات في الخريطة الطبية وقلة الموارد البشرية وضعف الإمكانيات المادية وغياب التغطية الاجتماعية الشاملة. وهو ما يطرح إشكالية المساعدة الاجتماعية المباشرة ونظام شبكات الأمان الاجتماعي التي تستهدف الفئات المعوزة أو الفئات التي تعيش في وضعية هشة. وتطرق الكاتب الأول الى ان الحجر الصحي وضع المنظومة التربوية أمام تحديات جديدة تضاف إلى مهامها المعتادة كالتعليم عن بعد، أو البحث العلمي في الميادين المرتبطة بالوباء ومخلفاته. مما بين بالملموس الدور المحوري لمنظومة التعليم العمومي من جهة ومحدودية الاختيارات النيو-لبرالية في السنوات الأخيرة من جهة أخرى. وبغض النظر على التشويش الذي جاء من بعض أرباب المدارس الخاصة وعن إشكاليات تكافؤ الفرص أمام الولوج للإنترنت والحواسيب، فإن أسرة التعليم المغربية كانت في مستوى اللحظة. ووجب التذكير بمنظورنا في الاتحاد الاشتراكي لمنظومة التربية التي نعتبرها الوسيلة الأساسية لبناء المواطن. لذلك نعتبر أن مجانية التعليم حق للشعب المغربي والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، ونشدد على ضرورة توفير العدالة الرقمية واللغوية لكافة فئات الشعب المغربي. ان محو الفوارق الطبقية يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم لتمكين كل أبناء الشعب من الحصول على أدوات المعرفة ذاتها وبنفس الطريقة والوسيلة، مع اعتماد برامج ومناهج لتملك أدوات التفكر العقلاني والنقدي وتمكين الجيل الجديد من الوسائل والمفاتيح لانخراطه في الثورة العلمية راهنا ومستقبلا. وبما أننا أمام أزمة اقتصادية فريدة من نوعها، هي في آن واحد أزمة عرض وأزمة طلب فإن الخروج منها في حالة المغرب خصوصا لا يمكن أن يكون عبر سياسة إنعاش اقتصادي تقليدية تقتصر على ضخ الأموال في المنظومة المالية وتوزيع المساعدات على المقاولات المتضررة. بل يجب علينا أن نعلن عن قطائع نهائية فيما يتعلق بتدبير المالية العمومية. ومن ضمن الإجراءات التي قدمها الأخ الكاتب الأول بالنسبة للأسر، التسريع بإخراج السجل الوطني والوكالة الوطنية للسجلات ليستمر تقديم المساعدة الاجتماعية بشكل مباشر للفئات المعوزة أو الفئات التي تعيش في وضعية هشاشة. بالنسبة للشركات، إمكانية شراء ديون بعض المقاولات أو حتى الدخول في رأسمالها لتخفيف عبئ المديونية على ميزانيتها والسماح لها بالاستمرار في الاستثمار والتشغيل، وربما تأميمها كليا ولو بشكل مرحلي لحمايتها من الإفلاس. بالنسبة لميزانية الدولة وتدبير احتياطي العملة، اتخاذ تدابير للحد من واردات المواد الكمالية ومراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي فيها غبن للفاعل الاقتصادي المغرب نظرا لوضعية ميزان الأداءات وتفاقم عجزه جراء تراجع قيمة الصادرات أكثر بكثير منها في الواردات والتراجع المرتقب في عائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج وتراجع الاستثمار الأجنبي ما ينبئ بصدمة لن يخففها حتى انخفاض الفاتورة الطاقية. وعليه، خلص الكاتب الأول، الى أن سن سياسة جبائية منصفة ومتوازنة له ضرورة حيوية في مغرب ما بعد «كورونا» حتى نكون مؤهلين لمواجهة أزمات مستقبلية بشكل أنجع وأقل كلفة على المالية العمومية وليكون لسياستنا الاقتصادية مفعول أكبر. فقد أظهرت الأزمة حدود ظاهرة «لبريكول» وأجابت الذين كانوا يتسألون عن جدوى دفع الضرائب أو جدوى تقييد الشغيلة في صناديق الحماية الاجتماعية. إن المقاولة الصغيرة والمتوسطة يجب أن تكون في مركز السياسات النقدية والاستراتيجيات القطاعية وهاجس تدبير مناخ الأعمال، كي نطورها ونحميها ونرفع من قدرتها التنافسية بما يمكن من ضمان مناصب الشغل وتوفير حاجيات السوق الداخلية ثم التوجه للتصدير. إن تشجيع رأس المال الوطني المنتج والمشغل والمبدع يقتضي القطع التام مع اقتصاد الريع والمضاربة والاحتكار وغيرها من ظواهر الربح السريع الذي يخلق الثروة للقلة القليلة لكنه لا يخلق أية قيمة مضافة للوطن والمواطن. ولأن المجتمع الحداثي المتضامن الذي ننشد ليس متضامنا هنا والآن فقط وإنما هو متضامن جيلا بعد جيل، أكد الكاتب الاول أن الاقتصاد الأخضر يعد أحد الروافع الأساسية التي يمكن أن نأسس عليها نموذجنا التنموي. ومن تم نحتاج لتصور شامل لكل السياسة الوطنية يتوخى التنمية المستدامة التي تحمي رأس المال الطبيعي وتضمن العيش الكريم للمواطنين أينما تواجدوا بالتراب الوطني خاصة سكان المناطق المعزولة في الجبال والواحات والمواطنين الرحل. ونحن لا نطالب بتنفيذ مخططات جاهزة لدى المنظمات الدولية بل نأمل في أن الإبداع المغربي سيظهر مهارته من جديد في هذا المجال وأن رأس المال الوطني – بتحفيز من الدولة – سيرقى ببعض التجارب الجنينة الى مستوى أكبر وأكثر فعالية بحيث تتحسن سبل العيش وتخلق فرص العمل وتحد من الفقر والهجرة. نقترح في المغرب أن يكون مدخلنا لاقتصاد أخضر عبر قطاع الفلاحة وذلك بتشجيع الزراعات العضوية ودعم الفلاحين الصغار بتمليك الأراضي وتوفير التمويل والمواكبة التقنية. وبناء على ما سبق اعتبر الكاتب الأول انه من المستعجل طرح تعديل قانون المالية 2020 على البرلمان والبدء بإعداد سيناريوهات مشروع قانون المالية 2021. فنحن في سباق دائم مع الزمن لتدبير هذه الازمة وتبعاتها. إن أي ضخ للأموال لا يجب أن يعتبر شيكا على بياض توقعه الدولة لأرباب العمل. بل هو العكس تماما، على الحكومة أن تكثف من وسائل المراقبة والتتبع وأن تقوم بدورها بتقديم تقارير دورية للبرلمان بخصوص تدبير الجائحة وتبعاتها وبمآل كل درهم يصرف من ميزانية الدولة أو من «صندوق كوفيد19». ثم انتقل الكاتب الأول الى وضعية النساء بعلاقة مع هذه الجائحة والازمة التي خلقتها، ليؤكد أن إقامة مجتمع حداثي، عقلاني ومسؤول يتسع لجميع الطاقات أمر حيوي بالنسبة لبلادنا. الرصد الأولي لتبعات الجائحة عبر العالم أظهر (وهو ما كان متوقعا) أن النساء والفتيات يعانين أكثر من سلبيات الحجر الصحي سواء على المستوى الاقتصادي (لأنهن أكثر تمثيلية في القطاع غير المهيكل) أو الاجتماعي (الضغط عليهن أكثر في ظروف الحجر للحفاظ على توازن الأسرة ومراقبة دراسة الأطفال والمسؤولية على مستلزمات البيت) والصحي (تدهور الخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية)، بل وقد لوحظ تزايد خطير في العنف المنزلي عموما والعنف ضد النساء والأطفال. وطالب الكاتب الأول بتأمين حياة وصحة المغربيات وتجنيد إمكانية الشرطة والنيابة العامة وجمعيات حماية النساء لتفادي حدوث مآسٍ. ففي ظروف الحجر الصحي لا تتمكن هؤلاء من مغادرة البيت أو اللجوء لأي كان وعليه يجب تقوية مراكز الاستماع وتوفير مأوى للنساء المعنفات خارج بيت الزوجية (الفنادق الشاغرة مثلا). بعد الخروج من حالة الحجر الصحي يجب الانكباب بشكل مستعجل على مراجعة المقتضيات والقوانين التي تمس النساء بما يتناغم مع الوثيقة الدستورية خاصة الفصل 19 منها. و في ما يخص شبكات الضمان الاجتماعي، يطالب الحكومة أن تمكن النساء كما الرجال من الإعانة حتى تحافظ للنساء على كرامتهن وللأسر على توازنها. وحول الجانب المؤسساتي دعا الكاتب الأول للتفعيل الجيد لاستقلال السلطة القضائية خدمة للمواطن والقانون والتنمية والإسراع بتطوير رقمنة إدارة المحاكم، والكف عن محاولة بلوغ هدف التسريع عبر التسرع في دراسة الملفات بالمحاكم كما نرى حاليا في بعضها لأنه يضرب حق المواطن في المحاكمة العادلة. وندعو كذلك للتسريع بتفعيل القرارات والإجراءات المتعلقة برقمنة الإدارة العمومية بغية تعميم وتحسين الخدمات الأساسية لفائدة المواطن والمقاولة. كما أن مجهود الرقمنة يجب أن يواكبه مجهود للسماح للأشخاص غير القادرين على التعامل مع هذه التقنيات للاستمرار في الحصول على ما يحتاجونه من الإدارة بشكل تقليدي حتى لا يتحول مجهود الرقمنة إلى عامل جديد للإقصاء. وفي الختام أكد الكاتب الأول على ضرورة التحلي في الحزب باليقظة والحرص على متابعة التغيرات الجارية، واستثمار الدينامية الحزبية بمناسبة مبادرتنا حول الانفتاح والمصالحة والأجواء الإيجابية التي خلقتها من خلال تعزيز الحوار الداخلي والتحاق أطر وكفاءات حزبية وسياسية من الطيف اليساري. لقد استطاع حزبنا تفعيل المقررات التنظيمية التي تم اعتمادها، سواء على مستوى العديد من الأجهزة الحزبية جهويا وإقليميا ومحليا، أو على مستوى مجموعة من التنظيمات والقطاعات الحزبية الموازية. لذلك لا بد لكل الأجهزة الحزبية، الجهوية والإقليمية والمحلية، وجميع القطاعات المهنية من تكييف طريقة اشتغالها مع الظرفية الحالية والتواصل عن بعد من أجل ضمان استمرارية تعبئة المناضلات والمناضلين. وفي مداخلاتهم، نوه أعضاء وعضوات المكتب السياسي بالأجواء الإيجابية للاجتماع والنقاش الدائر بينهم، مستحضرين الفترة العصيبة التي تمر بها بلادنا، والبشرية جمعاء، والمسؤولية الملقاة علينا تاريخيا في التجند لخدمة بلادنا والتوجه إلى المستقبل. وفي تقدير الموقف الراهن، أجمع أعضاء وعضوات المكتب السياسي على أن الجائحة أعادت ترتيب أولويات العالم برمته، وساعدت على الفرز بين القوى الفكرية والسياسية، التي تجعل من الإنسان مبتغاها، وبين تلك التي تحوله إلى دولاب في دواليبها الربحية المتوحشة، ويسجل بافتخار العودة الجماعية للمجتمعات البشرية إلى قيم ومثل الاشتراكية الديموقراطية التي يعتبر حزبنا جزءا منها، ويسجل في الوقت نفسه، القصور الرهيب لكافة النزعات الاستيلابية التبخيسية لإنسانية الانسان، بوجهيها الشعبوي التسليعي، والغيبي المعطل للإبداع البشري العلمي والقيمي والثقافي. وأجمعت التدخلات على كون الانهيار الاقتصادي والكساد العام في دورة الانتاج، صار شبحا ملموسا، في واقعنا الجماعي اليومي، ومعطى ماديا يخيم على كل مناحي الحياة الوطنية ويشغل كل المؤسسات، أيا كانت طبيعة منشأها ودرجة انخراطها في الشأن العام، كما مس الأسر والأفراد، والمجالات الترابية برمتها، والقطاعات الخدماتية بكل مناحي نشاطها. وأكدت المداخلات أنه إذا كانت بلادنا، قد استطاعت، في ظرف وجيز، وبسرعة استباقية نموذجية، تجميع طاقاتها وقواها الوطنية، الحية من أجل مواجهة الوباء، فإن ذلك يعود إلى روافع أساسية وفي صلبها: القوة التاريخية، والدينية والمؤسساتية والدستورية، المادية والروحية للمؤسسة الملكية، وللقوة الكاريزمية لجلالة الملك، أمير للمؤمنين، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وممثل الأمة وضامن السير الحسن لمؤسساتها، وقدرته على تحويل التطلعات الشعبية إلى قوة تعبوية منصهرة ومنسجمة هائلة شكلت القاعدة الصلبة في مواجهة الوباء. الالتفاف الشعبي كاستمرار للثوابت المغربية في الوحدة والتماسك والتآزر في المنعطفات التاريخية الحاسمة، مع ما يقتضيه ذلك من تجديد لروح التلاحم بين القمة والقاعدة لم تستطع كل موجات التعرية، الموضوعية منها والمصطنعة التي جربت في الكيان المغربي النيل من قوتها، وجوهرها، مما يشكل صمام أمان تاريخي، متجدد في كل المحن. ولأن الوحدة ليست مجرد شعار سياسي أو مزاج انتخابي أو تدبير طارئ أو ترتيب مؤسساتي، إنها ثابت بنيوي، في الكيان المغربي، تعبر عنه في كل منعطف ثورة متجددة للملك والشعب لمواجهة كل ظرف عصيب، ومنه الظرف الحالي المرتبط بجائحة كونية هزت العالم، غير قابلة لحدود الساعة للقياس الكمي أو النوعي لآثارها ومخلفاتها… روح البذل والعطاء، ونكران الذات و الإعلاء من قيم التطوع والارتباط بالنبل الجماعي الذي أبرزته القوى العاملة، وجنود الفعل الميداني، من رجال صحة وأمن وجيش وقوات مساعدة وأطر وأعوان الإدارة الترابية وعمال نظافة وباعة، وكل الفئات الشعبية، التي وقفت وقفة روح واحدة، معبرة بذلك عن خزان صميم وعميق من الأخلاق الوطنية الرفيعة وعن شجاعة معنوية لم تنل منها كل تخوفات الواقع الصحي الصعبة. وعليه، فإن هذا الرأسمال الشامل والتاريخي لا يمكن أن يخضع للمناقصات السياسوية ولاحتساب الريعي الانتخابوي، آنا أو استقبالا، لأي كان يريد تحويل الرصيد الجماعي للأمة إلى رصيد سياسي حصري له أو لأتباعه. وخلصت مناقشات أعضاء وعضوات المكتب السياسي أن قوة الزلزال الذي يضرب العالم وتمتد ارتداداته القوية إلى المغرب، نظرا لدرجة الترابط بين اقتصادنا واقتصاد العالم وكذا لعناصر الهشاشة البنيوية في نسيجنا الوطني، الاقتصادي منها والاجتماعي والصحي، ينبئ باننا بحاجة ل : اقتصاديا: اعتبر المكتب السياسي أن قانون المالية التعديلي مناسبة للتعبير عن ضرورة بذل مجهود وطني جماعي، تتم بشأنه القطيعة مع كل مناهج تحضير قوانين المالية السابقة، وضرورة انخراط كل القوى الحية في البلاد في بلورته وترجمته في أجوبة دقيقة وشاملة وناجعة، تحد في وهلة أولى من مخلفات الوباء، وتحدد أجندة رفع الحجر الصحي، على أن تضمن في مرحلة تالية الإقلاع الاقتصادي الذي يخدم التنمية الاجتماعية والاستقرار المعيشي والسلم الاجتماعي. كما أن قانون مالية 2021 يجب أن يشكل المنطلق الحقيقي للإصلاحات المهيكلة للمالية العمومية ولموضوع الإصلاح الضريبي علما أن عددا من مخرجات المناظرة الوطنية حول الجبايات أصبحت متجاوزة في ظل الأزمة الحالية. ودعا المكتب السياسي، تأكيدا لمبدأ التضامن المجتمعي، أن يتم في قانون المالية إقرار قاعدة قانونية بمقتضاها لا يستفيد الشخص من المالية العمومية إلا بالتقاعد الواحد المختار. وذكَّر المكتب السياسي بضرورة منع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية، للمساهمة في تخليق الحياة العامة، ومحاربة المظاهر السلبية التي تتناقض مع مبادئ الحكامة الجيدة، وحسن التدبير وترشيد النفقات العمومية. وأكد المكتب السياسي على ضرورة تفعيل عمل هيئات الحكامة المختصة بمحاربة الرشوة والفساد لما يجب أن تلعبه من أدوار في مواجهة هذه الظواهر التي تكلف الاقتصاد المغربي الشيء الكثير. ودعا المكتب السياسي إلى التعامل بجدية مع المعطيات التي كشفتها الوضعية الحالية، والتي تمثل بنكا للمعلومات عن حالة البلاد الاقتصادية و الاجتماعية، وما أفرزته من حقائق رهيبة بخصوص الهشاشة العامة للاقتصاد، وما يعتريه من ضعف، يتمثل في كون الاقتصاد غير المهيكل أكبر بكثير من الاقتصاد المهيكل في المغرب، وهوما يستدعي ثورة في التصور المطلوب لتجاوز الوضع الحالي ولتجاوز الهشاشة، وفرصة سانحة لتفعيل السجل الاجتماعي الشامل الذي طال انتظاره. ويعتبر المكتب السياسي أن الحوار الاجتماعي، كما مارسته وطالبت به القوى العاملة، وكما نصت عليه الخطب الملكية، في سياقات سابقة، يجب أن يمثل العمود الفقري في أي نقاش عام مستقبلي، حول الإجراءات التي يجب اتخاذها وهو في سياق تعزيز القوة التفاوضية للنقابات الوطنية، يشجع على تنسيق واسع وخلق أدبيات نقابية موحدة في هذا الباب تسمح بتعزيز موقعها التفاوضي ويؤمِّن - اجتماعيا – مخرجات التشاور العام الذي تقوده الحكومة. إن روح الوحدة الوطنية، ومبادئ التضامن الجماعي، وضمان قدرة الدولة على صيانة الحقوق المكتسبة، يقتضي، مشاركة قوية وواضحة ومعبئة للرأسمال الوطني، ولأصحاب الثروات الكبيرة في حماية القدرة التدخلية للدولة، من خلال سن ضريبة على الثروة، تشكل – ماديا – احتياطا اضافيا لما تملكه الدولة من موارد (خاصة بالنظر لتقلص المداخيل جراء الجائحة) - واخلاقيا – تعبيرا عن انخراط واعي وفعال في تأمين شروط ميلاد الدولة الحامية التي تعتبر الحجر الأساس لأي نموذج تنموي. إن مستجدات الكوفيد-19 تمثلت في دخول الحضارة الانسانية إلى منعطف كبير وتاريخي، وتغير جوهر الوجود الانساني في العمل وفي التواصل المجتمعي وفي التربية والتكوين، وعليه فبلادنا لا يمكنها أن تكون جزيرة معزولة في هذا التحول البشري الضخم، بل لا بد من أن تكون جزءًا من ثورته الرقمية ومن تطوره التكنولوجي للخروج من الهشاشات البنيوية التي تطبع الكثير من قطاعاتنا ومنها التعليم والبحث العلمي والقضاء و غيرها، من جهة. والعناية القوية بالبحث العلمي، في كافة المجالات، و خصوصا مجال الطب البيولوجي و مجال الذكاء الاصطناعي لما ينتجه من فائض القيمة، ماديا ومعنويا، وما يفتحه من آفاق. اجتماعيا: يعتبر بالمكتب السياسي أن المجهود الاجتماعي للدولة، سيكون هو مبرر وجودها وقوتها. الدولة العادلة والقوية التي طالبنا بها في الاتحاد الاشتراكي وجعلناها عنونا لمشروعنا التنموي الجديد. إنها الدولة المرَبِّية والضامنة للتوزيع العادل للثروات والخدمات العامة. وعليه فإن المكتب السياسي، وهو يشد بحرارة على جنود القطاع العام في الصحة والتربية والتكوين، وفي الأمن والوقاية المدنية والسلطة المحلية وغيرها من الخدمات العمومية، يعتبر إنصاف القطاع العمومي أولوية ملحة تمر عبر تقوية موارده البشرية والمالية. ويدعو المكتب السياسي إلى توفير مكافأة جزافية متساوية لكل جنود المواجهة الميدانية اعترافا وامتنانا لمجهودهم. كما يشدد المكتب السياسي على ضرورة التخفيض من نفقات التسيير، والحد من مظاهر البذخ العمومي لتوفير الموارد المالية واستثمارها في الخدمات العمومية وتلبية المطالب المتزايدة للفئات الهشة أو السائرة في طريق الهشاشة. ويشيد المكتب السياسي بالانخراط التام والمسؤول والمتجرد لكافة المسؤولين الاتحاديين والمسؤولات الاتحاديات على المستوى الترابي، المحلي والاقليمي والجهوي والوطني، واستماتتهم في تعميم الاستفادة من المجهود الوطني العام في تدارك الخصاص وتقديم الدعم والمساعدة الاجتماعية وفي توفير شروط السلامة والوقاية من الوباء. ويسجل المكتب السياسي ما تميز به البرلمانيون والمستشارون والمستشارات الجماعيون الاتحاديون من عمليات القرب، والتواجد والمتابعة، والانخراط في أسئلة المجتمع وحاجياته إلى جانب كافة الشركاء المؤسساتيين في تدبير الزمن الوبائي. ونظرا لطول مدة الحجر الصحي وغياب أفق قريب لفتح الحدود يدعو المكتب السياسي الحكومة الى التدخل العاجل من أجل إرجاع المغاربة العالقين بالخارج لذويهم. وبعد نقاش حول مختلف مشاريع القوانين التي تشكل مطلبا لتفعيل الدستور وتنزيل مقتضياته المصاحبة، وما يتطلب من مجهود تنسيقي في الواجهتين الحكومية والبرلمانية، يؤكد المكتب السياسي رفضه كل مشاريع ومقترحات القوانين التي من شأنها أن تتعارض مع القيم التي ناضل الحزب من أجل ترسيخها في مختلف محطاته النضالية وواجهاته المؤسساتية تنفيذيا وتشريعيا. ويسجل المكتب السياسي التفاعل الواسع والعميق، المتسم في جوهره برفض أي تراجعات والمساس بحقوق التعبير والتفكير والمبادرات المدنية والاجتماعية لا سيما ذات الصلة بالحريات الأساسية في ابداء الرأي والتعبيرعنه ، والتواصل ذي الطبيعة الملتزمة بقضايا المجتمع وحقوق المواطنات والمواطنين في الاختيار وبناء القناعات ، سواء في المواقف العامة أو في المعيش اليومي والسلوك الاستهلاكي.. ويحيي المكتب السياسي عاليا، الروح الحقوقية الأصيلة، في صفوف الاتحاديات والاتحاديين، فرادى وجماعات، وفي كل الهيئات التنظيمية والسياسية والجماهيرية، والتي تفجرت طاقاتها النضالية، بشكل رائع حمى المكتسبات والتاريخ النضالي المجيد لحزب القوات الشعبية. ويعتبر المكتب السياسي أن الاحتكام إلى المرجعية الحزبية الحداثية والتقدمية والحقوقية كانت وستظل بالنسبة لكافة الاتحاديات والاتحاديين، مسألة مفصلية في قوانين الحزب وميثاقه الأخلاقي، ذلك أن هذا الاحتكام فضلا عما يشكله من بوصلة توجيهية في أداء التزاماتهم النضالية، فإنه يعتبر سلوكا ملزما لكل من يمارس مهمة انتدابية في مختلف الواجهات الحكومية والبرلمانية والمؤسساتية والنقابية والجمعوية، وانطلاقا من هذه القاعدة المبدئية فإن المكتب السياسي يعبر عن رفضه التام لأي مشروع لتقنين شبكات التواصل الاجتماعي يتضمن مقتضيات تنتهك حقوق الإنسان وتمس بحرية الرأي والتعبير و يوصي الاتحاديين والاتحاديات في البرلمان بأن ينخرطوا بقوة في تصريف المرجعية الاتحادية أثناء مناقشة كل مشاريع ومقترحات القوانين. ويسجل المكتب السياسي أخيرا بأسف عميق، وبقلق بالغ، التعامل اللامسؤول والمشبوه أحيانا، لطرف داخل مكونات الأغلبية الحكومية مما أوحى إلى المواطنين والمواطنات أن السلطة التنفيذية ما هي إلا ساحة لتصفية الحسابات السياسية وتدبير شؤون الدولة بأعراف المكيدة والتربص. وهو ما قد يضعف المصداقية المطلوبة في جهاز دستوري من أجهزة الدولة في ظروف هي في أمس الحاجة إلى كل أذرعها لمواجهة الصعوبات الناجمة عن الجائحة. كما يجدد المكتب السياسي الدعوة مرة أخرى إلى إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، من أجل معالجة اختلالات المنظومة التمثيلية وتعزيز نزاهة العملية الانتخابية. كما يدعو «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» و»الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها» إلى المساهمة في الإصلاحات الانتخابية المرتقبة وكذا مراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والإعلان عن ذلك في آنه، انسجاما مع المهام الموكولة لهما، دستوريا وقانونيا. وختاما، يثمن المكتب السياسي ما جاء في أرضية الأخ الكاتب الأول، ويعتز باعتمادها كوثيقة من وثائق الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي، ويعتبرها إضافة ذات قيمة عالية، تنضاف إلى مساهمات الاتحاد الاشتراكي في أي منعطف تعيشه البشرية، من داخل أسرته الفكرية والايديولوجية ذات البعد الإنساني، ويتبنى المكتب السياسي مضامينها بعد إغنائها بمساهمات من داخل الحزب ومن خارجه. ويجدد المكتب السياسي الدعوة إلى التفاف المناضلات والمناضلين حول حزبهم، والعمل علي تفعيل المشترك النضالي الذي قرروه في محطاتهم الوطنية والجهوية والإقليمية والإسراع ببرمجة اجتماعات تنظيمية جهوية، لتفعيل القرارات السابقة، والتي تم اتخاذها في هيئات الحزب التقريرية وعلى رأسها المجلس الوطني الأخير والمبادرات الأخيرة للانفتاح والمصالحة المعلن عنها، والإجراءات المتخذة في اجتماع كتاب الجهات والأقاليم. كل ذلك يجب أن يتم مع الانخراط في وسائل الرقمنة بشكل واضح وسريع في مختلف مناحي الحياة الحزبية مستقبلا وإطلاق الدينامية الإشعاعية بفتح النقاش عبر منصات التواصل في مواضيع مختلفة عبر تعميم فكرة المنتديات الاشتراكية على الجهات والأقاليم والفروع.