بعد السلوك الأرعن والإرهابي الذي قام به الظلاميون بمدينة طنجة عبر تلطيخ التذكار الحجري وتبديد أكاليل الزهور التي وضعها عليه أنصار الفقيد الكبير عبد الرحمن اليوسفي ترحما عليه، أصدر المرصد المغربي لنبذ الارهاب والتطرف بيانا استنكاريا، هذا نصه: «يأبى الظلاميون إلا أن يخرجوا من جحورهم العاتمة كلما سنحت لهم الفرصة، ليعبروا عن جهلهم وضغينتهم وأحقادهم وعدم قدرتهم الفكرية والعقدية على مسايرة مشروع بناء الدولة الحداثية الديمقراطية. و قد كان كافيا أن يؤبن المواطنون والمواطنون الراحل عبد الرحمان اليوسفي بوضع ورود وأزهار على الجدارية التي تسمي الشارع الذي يحمل اسمه، ليتسللوا ليلة السبت بجبن وحقد أعمى، على ديدنهم في جنح الظلام، مستغلين الحجر الصحي وفراغ الشارع ليلا، محاولين النيل من ذكرى الراحل بتلطيخ التذكار الحجري وتبديد أكاليل الزهور، معتقدين ببلادة أن سلوكا مثل هذا ممكن أن يمحو ذاكرة وطن وجيل بأكمله صنع لنا هذا الحاضر الذي نتنفسه حرية ونعيشه أمنا وسكينة. حركة أخرى طائشة وخرقاء وجبانة من بوتقة آسنة لفكر ظلامي شمولي حتما ومن عقول متحجرة مستلبة الإرادة وملكة النقد، لكائنات ضالة وتظن نفسها الناجية ممن يصنفون أنفسهم أولياء على المجتمع بالحقيقة الوحيدة المطلقة وأوصياء على تاريخ وقيم الوطن، حركة شاردة في الزمن المغربي الحداثي لكنها تؤشر أننا ما زلنا، كل من موقعه، في حرب مفتوحة ضد التطرف وتجلياته المختلفة فكرا وسلوكا و فعلا، ومازال أمامنا الوقت لفتح نقاش حول قيم الاعتدال والتسامح والوسطية وآليات تصريفها مؤسساتيا في المشروع التنموي المنتظر. للأسف من أرادوا النيل من رمزية الراحل خسروا معركة قبل أن يخوضوها، فقد تناسوا في نشوة التطرف الأخرق أن سي عبد الرحمان، رحمه الله، يسكن قلوب الملايين ويتم تأبينه كل لحظة بالدعاء واستحضار خصاله وخدماته لهذا الوطن، لأن المغاربة والعالم يعرفون حق المعرفة الرجل المؤمن الذي ما تخلى يوما عن هويته الوطنية روافدها ومكوناتها، وما ساوم من أجل الوطن ولا قبل الريع بكل أشكاله. للأسف…ما وقع بطنجة هو غدر صريح للمغاربة أجمعين الذين أحبوا الراحل الذي خدم الوطن بوفاء، زاهدا عن كل امتيازات ممكنة حتى ودع ربه في شقة صغيرة بين الشعب ومع الشعب. نتق في مؤسستنا الأمنية وفي مؤسسة القضاء للوصول إلى هؤلاء المجرمين الذين ضاعفوا حزننا وحسرتنا خوفا على الوطن والمكتسبات من خناجر الغدر التي لا تجيد الطعن إلا في الظلام، لأننا نعي أن هذا السلوك الجبان حتما تدعمه منظومة فكرية وتعضده مرجعية متطرفة، والكشف عنهم هو كشف عن حاضنة للتطرف خفية متربصة بأمن الوطن، فليس الإرهاب فعلا محدودا في القتل المادي، بل هو كل فعل يؤدي إلى القتل المعنوي والرمزي ونشر الخوف والهلع بين المواطنين والمواطنات. كان بودنا أن نستنكر ونشجب هذه الجريمة فحسب، لكن من موقع مسؤوليتنا في النسيج المدني نؤكد مرة ثانية على ضرورة تجفيف منابع التطرف في كل بنيات إنتاج المعرفة والثقافة في المجتمع وتعقيم كل شرايين التربية والتعليم من جرثومة كل مظاهر التعبيرات الإعلامية والثقافية التي تشكل مع الزمن بنيات فكرية متطرفة. رحمك الله أيها القائد الذي عاش مؤمنا ومات مؤمنا.. قانعا بالقليل لا من عوز بل زهدا في كل امتياز أو ريع…وأعظم نعمه ما تنعم في المغاربة حقوقا ووضعيات اجتماعية. عاش المغرب آمنا باعتداله مطمئنا بحكمة رجاله قويا بالتحامه».