بعد شجار بسيط بينهما، ذات صباح، أعمى الغضب بصيرة دركي فأقسم أن يودع «عبد الحق نور الليل» في قعر بئر عميق.. وفى الدركي بوعيده، فكان قعر هذه البئر العميق مجازا غياهب السجون التي تنقل بينها المسؤول السابق بالقاعدة العسكرية الجوية بسلا لأكثر من سنة ونصف ولايزال قابعا بها ينتظر الإنصاف.. بعد صدور الحكم بالسجن في حق رب أسرة ومعيلها، طرقت عائلة «عبد الحق نور الليل»، المسؤول السابق بالقاعدة العسكرية الجوية بسلا العديد من الأبواب وراسلت، سواء عن طريق البريد المباشر أو بواسطة مقالات متعددة صدرت بعدد من الصحف الوطنية، وزير العدل والحريات تعرض فيها معاناتها ومعاناة رب هذه الأسرة الذي راح ضحية انعدام الضمير عندما لفقت له تهمة باطلة حكم على إثرها بثلاث سنوات سجنا نافذا قضى منها سنة ونصف.. وهو الذي يشهد له جميع رؤسائه بالتفاني والإخلاص في العمل خلال فترة عمله التي استمىت 30 سنة في الخدمة العسكرية وكان قدوة يعطى به المثل لزملائه. حسب أقوال عائلة «عبد الحق نور الليل»، فإن هذا السجين بريء لفقت له تهمة التحريض على التظاهر رغم نفيه التام لذلك في كل مراحل التقاضي في الملف عدد 3267/2947/2013.. ورغم ما جاء في محضر الضابطة القضائية من تناقضات وثغرات حول التهمة الملفقة له، والتي برأته منها المراسلة الإخبارية رقم 1067/2 التي وجهت إلى مدير العدل العسكري توضح قيام أشخاص أخرين بذلك، مازال يقبع خلف القضبان. وتعود تفاصيل هذه المأساة، تقول عائلة عبد الحق نور الليل: «إلى يوم 22 سبتمبر 2013 حينما صادف خروج والدنا من منزله وقفة احتجاجية نظمها منذ الصباح بعض قاطني المساكن التابعة للقاعدة العسكرية الجوية بسلا، إذ استوقفه دركي ووقع بينهما سوء تفاهم شخصي بسيط، لكن هذا الأخير هدد رب أسرتنا برميه في بئر لا قاع له متهما إياه بأنه هو المحرض على هذه المظاهرة. وبالفعل، وفى الدركي بوعيده، حيث حرر محضرا لدى الضابطة القضائية حاول من خلاله تضليل أعضاء المحكمة ورؤسائه، خصوصا أنه -كما يقال- كان لا يخشى أي شيء لأنه كان قريبا من التقاعد الذي استفاد منه مؤخرا. ونتيجة لهذا التضليل أدين والدنا، حيث صدر في حقه حكم بثلاث سنوات سجنا نافذا قضى منها سنة ونصف حتى الآن».. لحسن الحظ أن محكمة النقض لاحظت العديد من الثغرات والتناقضات في محضر الضابطة القضائية مقارنة مع المراسلة الإخبارية رقم 1067/2 التي وجهت إلى مدير العدل العسكري والتي يعترف فيها محرر المحضر أن أشخاصا آخرين ذكر أسماءهم هم الذين كانوا يقومون بتحريض النساء على التظاهر. ومن خلال هذا المنبر تناشد عائلة عبد الحق نور الليل، وزير العدل والحريات وهي تتوجه له بنداء تقول فيه: «سيدي الوزير إن هذه الممارسات غير المشروعة قد ولى عليها الزمن بفضل المكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان والتي بفضلها أصبح لبلدنا المغرب صيت حسن بالمحافل الدولية بالموازاة مع العديد من الدول المتقدمة. لذا، فإننا نطلب منكم، سيدي، مراجعة هذا الحكم الذي شرد عائلة بأكملها (أب في السجن وأبناء مشردون).. إن هذا المسؤول العسكري المدان ظلما بسبب التهمة الملفقة له لا علاقة له بهذه المظاهرة لا من بعيد ولا من قريب.. خصوصا أن الاعتراف الضمني لمحرر المحضر والذي جاء فيه أن أشخاصا آخرين هم الذين كانوا يقومون بالتحريض حسب المراسلة الإخبارية رقم 1067/2، يزكي موقف والدنا ويورط ملفق التهمة. لذا وجب تقديم ملفق التهمة إلى العدالة وتبرئة والدنا المسؤول بالقاعدة الجوية، الذي قضى قرابة سنة ونصف بالسجن بسبب رغبة في الانتقام لا غير.. سيدي الوزير إن إطلالة سريعة على المراسلة الإخبارية رقم 1067/2 والتي يتعارض مضمونها مع ما جاء في أقوال الدركي المضمنة في محضر الضابطة القضائية، بل يفند هذه الأقوال، كفيلة بتبرئة والدنا..». الجديد في قضية هذا السجين أنه أعيد نقله، مؤخرا، إلى سجن الزاكي بسلا، بعد قبول النقض، لإعادة محاكمته على إثر الثغرات الموجودة بمحضر الضابطة القضائية وفي ضوء المراسلة الإخبارية رقم 1067/2 التي تبرؤه بعدما قضى أكثر من سنة ونصف في سجن الرماني. وأمام إنكار نور الليل المنسوب إليه، وفي غياب شهادة شهود أو مصرحين يعززون أقوال الدركي محرر المحضر، تبقى تصريحاته هي الصحيحة.. لذلك ينتظر هو وأفراد عائلته إعادة النظر في الملف من أساسه لأنهم يعتبرون أن القضية مجرد قضية »مفبركة الغرض منها الانتقان لا غير.. نظرا للتناقض الكبير بين الديباجة وآخر الصفحة الأولى من المحضر المنجز ضده من طرف الدركي، بل إن محرر المحضر، ونظراً للارتباك الذي حصل لديه، بسبب الرغبة في توجيه تهمة التحريض لنور الليل، فإن أقواله تتضارب حول زمن وقوع سوء التفاهم. فتارة يذكر يوم السبت 2013/12/21 وتارة أخرى يقول إنه يوم 2013/09/22 ، وفي المحضر يذكر يوم الجمعة 2013/09/20!.. كما أن محرر المحضر والجهة المشتكية جهة واحدة، مما يزيد من فرضية أن الأمر لا يعدو أن يكون تحاملا ومحاولة لتوريط المسؤول السابق بالقاعدة الجوية.. خصوصا أن المراسلة التي بعث بها قائد المركز القضائي بسلا إلى الجنرال مدير العدل العسكري تحت رقم 2/1067 تتحدث عن يوم الأحد 22 شتنبر 2013 وتوضح قيام أشخاص آخرين بالتحريض على التظاهر ذكرت أسماءهم في المراسلة.