وجهت الكونفدرالية المغربية للمنظمات الفنية والثقافة المحترفة، التي تضم في تركيبتها العديد من الهيئات والنقابات والغرف المهنية المغربية في مجالات الموسيقى، فن الدارما والسمعي- البصري، مؤخرا نداء إلى كل من يهمه الأمر من أجل وضع استراتيجية عمومية لقطاع الثقافة والفنون بالمغرب، مستهلة نداءها بطرح تساؤلات، من قبيل هل يمكن التخيل يوما دون أن الاستماع إلى الموسيقى، أو عدم الاستمتاه بقراءة كتاب، ودون مشاهدة تلفاز، ولاسينما، ولا مسرح. «يوم بئيس باهت لا صور فيه و لا تعابير إبداعية ولوحات فنية ولا حتى أطباق شهية. كيف لكم أن تشبعوا إذن حواسكم و أذواقكم؟ كيف ستعيشون ونعيش جميعا هذا الحرمان، والحال أن الإبداع الفني والثقافي، هو ما يبقى، في نهاية المطاف، للأمم بعد أن يذهب ويزول كل شيء» وقال نداء الكونفدرالية، التي تضم هيئاتها المختلفة عدة فاعلين ومهنيين ومنشطين بمختلف قطاعات الاقتصاد الثقافي والإبداعي، ومن داخل سلسلات إبداع وتطوير، وإنتاج، وتوزيع الأعمال الفنية، ويرأسها الملحن أحمد العلوي، إن هاته الهيئة المغربية الجامعة تشعر» بقلق بالغ حيال الوضع الحالي وما قد تؤول إليه أوضاع هذه القطاعات والمشتغلين به مستقبلا.» وهي قطاعات، يضيف النداء، « التي نمثلها نسهم جميعا في الحفاظ على هوية مجتمعنا من خلال إنتاج محتويات ومضامين تقوي التماسك الاجتماعي، وتوطد الاستقرار السياسي، وترسخ الشعور بالانتماء إلى أمة مغربية واحدة منسوجة بمكوناتها العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، اغتنت عبر القرون بروافدها الإفريقية، والمتوسطية، والأندلسية، والعبرانية الثرية. وفي هذا الإطار اعتبرت الكونفدرالية المغربية للمنظمات الفنية والثقافة المحترفة «أن الثقافة تعد بمثابة حق حيوي، فهي أساس حرية التعبير، وهي التي تعنى بتحقيق التكامل التعددي، والتقليص من أوجه التفاوت بين المجتمعات والشعوب. وهي كذلك وسيلة للتقاسم والتبادل الفعال الذي يحافظ على توازن الرهانات المجتمعية الكبرى، وذلك بفضل قدرتها على إحداث ردود معرفية واستجابات عاطفية قادرة على التعبئة والحشد بقوة وبعمق»، مضيفة أنه «علاوة على الدور الذي تلعبه الثقافة في التنمية الذاتية للأفراد، فإنها تعتبر محركاً للنمو الاقتصادي.»من منطلق « أن الصناعة الإبداعية هي من تمتلك أقوى نمو في العالم، حيث تقدر قيمتها بنحو 6% من الاقتصاد العالمي، وبقوة عاملة تزيد على 30 مليون شخص.» ومن ثمة أبرز النداء «أن عدم وجود رؤية استراتيجية لقطاع الثقافة والفن في المغرب، بالإضافة إلى إشكالية تعدد الفاعلين وتشتتهم، وضعف ميزانية وزارة الثقافة التي لا تمثل سوى 0.25% من ميزانية الدولة، وشح موارد المانحين، التي تتجاوز بالكاد المليار درهم سنويا، والتوزيع غير المتكافئ للبنى التحتية الثقافية، وهشاشة البيئة الحاضنة للثقافة والفن، ليُشكّل عقبات تحول دون الاستغلال الأكمل والأمثل للقطاع لإمكاناته «، موضحا «أن هذه العوامل كثيرا ما تثبط المستثمرين المحتملين في الانخراط في مشاريع طويلة الأمد، وتحد كذلك من المشاركة النشطة لكثير من الفئات المجتمعية اقتصاديا واجتماعيا في الثقافة؛ و هي بالتالي عوامل تحول دون ظهور صناعة ثقافية وإبداعية وطنية حقيقية.» وكشفت الكونفدرالية في ندائها أنه ب»الرغم من عدم استقرار الوظائف والمداخيل، إلا أن قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل آلاف الوظائف في المغرب، لا سيما في القطاعات الفرعية للموسيقى والمسرح، والإعلام السمعي البصري والسينما، والفنون الجميلة والتصويرية، وكذا جميع الخدمات والأنشطة ذات الصلة.» مشيرة إلى «أن اقتصاد هذه الصناعات خلق على مدى السنوات الخمس الماضية في أفريقيا والشرق الأوسط أكثر من 2.5 مليون فرصة عمل وميزانية تقدر ب 3% من إجمالي إيرادات هذه الصناعات على المستوى العالمي.» وفي هذا السياق، ترىة الكونفدرالية «أن الاقتصاد الثقافي والإبداعي في المغرب يسهم في الرفاه العام للأفراد، وفي الرفع من تقدير الذات، وتحسين جودة الحياة، مما من شأنه أن يحقق التنمية المستدامة والشاملة»، مبرزة «أن جائحة كورونا كوفيد 19 التي أصابت الكرة الأرضية وشلت الحركة فوقها، أبانت لنا أن الثقافة والفنون ليست سقط متاع او مجرد كماليات بل ضرورية للصحة العقلية والنفسية والعاطفية والأخلاقية والسلوكية، فضلاً عن أنهما بمثابة علاج مجتمعي حقيقي يساعدنا يومياً في التغلب والتنفيس على الضغط النفسي الناجم عن الحجر الصحي.» « من هنا – تعتبر الكونفدرالية- أن هذه اللحظة التاريخية من المعايشة للجائحة «بكل انعكاساتها وتأثيراتها كانت فرصة مواتية لإعادة النظر في السياسات العامة وإعادة توجيهها نحو القطاعات التي أثبتت قدرتها وحضورها وتفاعلها في ضمان أمن ورفاهية مجتمعنا في أوقات الخير والسلام وفي أوقات الشدة الأزمات»، مستخلصة «أن فعالية هذه القطاعات الفنية والابداعية، واندماجها المؤثر بما يشكل قيمة مضافة في الاقتصاد والمجتمع لا يمكن أن يتحقق، بالآثار المرجوة فقط، بل يتحقق ذلك عندما يتوافر بفعل تدخل السياسات العمومية الدعم والتطوير والتمويل والبنية التحتية والتنظيم والأسواق وحقوق الملكية والحقوق المجاورة وعمليات واسعة النطاق لاستيعاب الإمكانات والمنتوجات الإبداعية.» ومن ثمة ترى الكونفدرالية أنه يجب أن يكون لقطاع الفن والثقافة اليوم، استراتيجية بعيدة النظر تحظى في كل مخطط للتنمية بالأولوية، وتستند إلى نهج اقتصادي واجتماعي وتعليمي وتشريعي وتنظيمي وشمولي يعمل على إقامة بيئة تضمن للقطاع تنميته وتكفل دمقرطته المجالية وتنزيله على مستوى الجهات.» وخلص نداء الكونفدرالية أن «نساء ورجال الفن والثقافة الفاعلون، قلقون جدا إزاء العواقب الاجتماعية والاقتصادية في مواجهة الأثار والنتائج السلبية التي يعيشون في ظلها منذ بدأ تطبيق إجراءات الحجر الصحي الضروري و الإلزامي. وعلى هذا الأساس، ومن خلال هذه الرؤية، فإن الكونفدرالية تدعو جميع الفاعلين في قطاع الثقافة والفنون إلى الانضمام إلى هذا النداء «حتى نلتمس، بشكل موّحد ورسمي، من حكومتنا ومن برلماننا وأحزابنا السياسية وجماعاتنا الترابية، ومن الجهات الراعية والمانحة، ومن مختلف الدوائر ذات الصلة وضع تصورات وسياسات جديدة واستعجالية تجاه قطاع الفن والثقافة بغية تعزيز أسس نظامه الايكولوجي الذي ما فتئ يخلق قيمة مادية و لا مادية غير مسبوقة ولا تقدر بثمن. « هذا وتجدر الإشارة إلى أن الكونفدرالية المغربية للمنظمات الفنية والثقافة المحترفة التي يرأسها الملحن أحمد العلوي ويرأس مجلس حكمائها الفنان عبد الوهاب الدكالي، تضم في عضويتها كل من النقابة المغربية للمهن الموسيقية، النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، الاتحاد المغربي لمهن الفنون الدرامية، غرفة مؤلفي و نقاد الدراما، غرفة فناني الأداء و المهن التقنية، غرفة الفرق المسرحية المحترفة، النقابة المغربية لمهن السينما والسمعي البصري، الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام، الغرفة المغربية لمنتجي السمعي البصري، الغرفة المغربية لموزعي البرامج السمعية والسمعية البصرية، الغرفة المغربية لمزودي المعدات التقنية لقطاع السمعي البصري وفدرالية المهرجانات السينمائية الدولية بالمغرب