أفردت بيان اليوم في عددها الصادر يوم أمس حيزا مهما للحديث عن مذكرة الائتلاف المغربي للثقافة والفنون التي تم تقديمها الى اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور باعتبارها حدثا ثقافيا وطنيا لا تخفى أهميته على اعتبار ما تمثله الثقافة في من دور بارز في سيرورة المجتمعات وعلى اعتبار ما شهدته ومازالت من تهميش واقصاء فوت على المغرب العديد من الفرص للارتقاء بالفعل الثقافي مع ما يشكله من انعكاس إيجابي على شتى مناحي الحياة. ونعود الى نفس الموضوع خلال هذا العدد وتعميما للفائدة ومساهمة في النقاش الدائر، ننشر أدناه نص مذكرة المطالب التي تقدم بها الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، الذي يضم في عضويته 17 منظمة من الهيئات الجمعوية والنقابية والمهنية تعنى بالفن والفنانين والمثقفين ببلادنا، وتدعو إلى دسترة الثقافة والحقوق الثقافية للشعب المغربي بالتنصيص على قيمة التعدد والتنوع والمساواة الثقافية واللغوية ودسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية. كما دعت مذكرة الائتلاف إلى دسترة المجلس الأعلى للثقافة وفق مقاربة ديمقراطية وتمتيعه باختصاصات وصلاحيات واسعة لتنظيم القطاع ورسم السياسات والاستراتيجيات، كما اقترحت المذكرة الحرص على إضافة كلمة «الثقافة» إلى سائر الفصول التي تنص على الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية، وإدراج الهيئات الجمعوية التي تعنى بالثقافة والفنون والتربية ضمن الفصل الذي يعتبر الأحزاب والنقابات إطارات لتنظيم المواطنين. وألحت المذكرة على إدماج البعد الثقافي في كل مقاربة لدسترة الجهوية. وفي ما يلي النص الكامل للمذكرة: تعيش بلادنا دينامية سياسية وسوسيوثقافية غير مسبوقة منذ الخطاب الملكي التاريخي لتاسع مارس 2011، والذي أعطى فيه جلالة الملك انطلاقة ورش الإصلاحات الكبرى، محددا المعالم والمرتكزات الأساسية لمراجعة دستورية شاملة من أجل تحديث وتأهيل هياكل الدولة، في ظل مجتمع حداثي ديمقراطي. وتتميز هذه الدينامية بحرارة النقاش الوطني العمومي الواسع الذي انخرطت فيه مكونات المجتمع المغربي من أحزاب سياسية ومنظمات نقابية ومؤسسات المجتمع المدني وعلماء وخبراء ومفكرين... كما تميزت بجلسات الاستماع والمشاورات التي عقدتها اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور مع عدد هائل من هذه المكونات. في هذا الإطار، يرى الائتلاف المغربي للثقافة والفنون أنه معني بالمشاركة في هذه الدينامية الوطنية الهامة، لاسيما وأنه يعتبر تنظيما وطنيا فيدراليا تنضوي تحت لوائه أهم مكونات الحركة الثقافية والفنية ببلادنا. تأسيسا على ذلك، يتقدم الائتلاف المغربي للثقافة والفنون بمقترحات يعتبرها ضرورية وأساسية، مطالبا أخذها بعين الإعتبار في المراجعة الدستورية. مبادىء عامة - الثقافة حق من حقوق الإنسان، شأنها في ذلك شأن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقرها المبادئ الكونية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. - إن الحقوق الثقافية في اعتبارنا هي العمود الفقري الماسك والحامي لمختلف الحقوق الإنسانية، فضلا عن كونها الرافعة الأساسية لكل تنمية. - لا يخفى على أحد اليوم الأدوار التربوية والاجتماعية التي تلعبها الثقافة والفنون في تهذيب النفوس والرفع من مستوى الذوق العام، وقدرتها على استيعاب الابتكار والمبادرة والاختلاف، وتمكنها من نشر القيم الإنسانية السامية من سلم وأمن وحرية ومساواة وعدالة... ودورها في حماية الناشئة والمجتمع من مظاهر الانحراف والفساد. - تتميز الشخصية المغربية بتعدد وتنوع روافدها على مستوى الهوية والحضارة، فالمغرب بلد مسلم، عربي، أمازيغي، إفريقي، متوسطي... متح من مختلف الثقافات الإنسانية التي تفاعل معها عبر التاريخ، مما مكنه من كسب هوية تتسم بالغنى والتنوع، ومكنه أيضا من أن يكون حقلا خصبا لقيم التعايش والتسامح. - الثقافة والفنون اليوم أصبحت صناعة حيوية رائجة ومجالا اقتصاديا يساهم في تنمية المجتمعات والأمم والشعوب... - اعتبار البعد الثقافي في صلب مشروع الجهوية المتقدمة لكونه يتمثل الخصوصية المحلية والمشترك الجمعي. السياسة الثقافية في ظل الواقع إن الواقع الحي للمشهد الثقافي الوطني يتسم بمفارقة غير مفهومة، تتمثل في الحضور الوازن للثقافة والفنون المغربية بكل أصنافها وأجناسها، بينما السياسات العمومية لا تواكب هذا الحضور وفق استراتيجية واضحة المعالم تترجم في إنفاق عمومي يستجيب للحاجيات. الشيء الذي جعل الشأن الثقافي عموما يشكو من تهميش وإقصاء كبيرين من قبل الدولة ومؤسساتها والهيئات السياسية والهيئات المنتخبة والنخب الوطنية، إن على مستوى دعم الإنتاج الثقافي والفني وتمويل المشاريع الثقافية، أو على مستوى ضعف أو انعدام البنيات التحتية الأساسية، مما يحول دون ولوجية المواطنين للشأن الثقافي، ويحرمهم من الخدمات الثقافية، ويكبل حرية الممارسين والمهنيين ويحد من طاقاتهم الإبداعية، ويضيق مجال اشتغالهم ومصدر عيشهم، ويحرم البلاد من رأسمال رمزي في غاية الأهمية. الآفاق والتطلعات من أجل استجماع طاقات المجتمع المدني ومساهمات مكوناته المؤهلة في شراكة وتعاون مع السلطة الحكومية في الثقافة، والمؤسسات ذات الصلة التابعة للدولة، والقطاع الخاص، والجامعة المغربية، والهيئات المنتخبة، وسائر المتدخلين في الشأن الثقافي، ومن أجل تحفيز ذوي القرار والمتدخلين الأساسيين والمجتمع برمته على الاعتناء بالثقافة والفنون بكل تعبيراتها وروافدها. يتعين على الدولة ما يلي: - سن سياسات عمومية تستجيب للاستغاثات المعلنة في مجالات الثقافة والفنون، ماديا ومعنويا، - رسم معالم واضحة لإستراتيجية وطنية للنهوض بقطاع الثقافة والفنون ببلادنا، - تعزيز الأدوار والمهام المنوطة بالمنظمات والهيئات الجمعوية والنقابية والمهنية المشتغلة في القطاع الثقافي والفني نظرا لما لها من أهمية في تأطير المواطنات والمواطنين الذين يشتغلون في المجالات الثقافية والإبداعية، والدفاع عن حقوقهم والترافع باسمهم، وباعتبار هذه المنظمات جزء لا يتجزأ من النسيج العام للمجتمع المدني. الاقتراحات تأسيسا على ما تقدم، يطالب الائتلاف المغربي للثقافة والفنون بدسترة المسألة الثقافية عبر الاقتراحات التالية: 1- دسترة «المجلس الأعلى للثقافة والفنون» و «المجالس الجهوية» الموازية له، وفق مقاربة ديمقراطية، وتمتيعه بصلاحيات واختصاصات واسعة لتنظيم القطاع ورسم السياسات والاستراتيجيات والمخططات وإمكانات التتبع والتنفيذ، لضمان تمتيع القطاع الثقافي والفني بحظه ونصيبه من السياسات التنموية الوطنية والجهوية. وذلك في إطار من المساواة مع المؤسسات والمجالس الوطنية الأخرى وبعيدا عن النماذج الصورية والشكلية التي عرفتها بلادنا والتي أثبتت فشلها بحكم غياب تصور واضح وملزم، وبحكم إسناد الإشراف عليها إلى سلطات ترابية لا علاقة لها بالشأن الثقافي. 2- التنصيص في ديباجة دستورنا على قيمة التعدد والتنوع والمساواة الثقافية واللغوية، ودسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، واعتماد هذه المقاربة المساواتية في كل أبواب الدستور بشكل منطقي ومنهجي، وإصدار قانون تنظيمي يؤطر وينظم ترسيم اللغة الأمازيغية، مع اتخاذ تدابير مواكبة من أجل المزيد من مأسسة اللغة الأمازيغية وتأهيلها. 3- إضافة كلمة «الثقافة» إلى سائر الفصول التي تنص على الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والتنصيص على الحق في الثقافة كالحق في العلاج والشغل والتعليم....إلخ 4- إدراج الهيآت والجمعيات الثقافية والفنية والتربوية ضمن الفصل الذي يعتبر الأحزاب السياسية والنقابات إطارات لتنظيم المواطنين. 5- إدماج العنصر الثقافي في كل مقاربة لدسترة الجهوية الموسعة من أجل ضمان تمتيع القطاع الثقافي والفني بحظه ونصيبه من السياسات التنموية الجهوية. تدابير إجرائية بعد كل مراجعة دستورية، من المعهود أن تدخل الدولة والمجتمع في إصلاحات مواكبة. وفي هذا النطاق، يرى الائتلاف المغربي للثقافة والفنون أنه يتعين على الدولة أن تسن إجراءات وتدابير مصاحبة تترجم عمليا المكانة التي ينبغي أن تحتلها الثقافة والفنون في الدستور. ومن بين هذه التدابير: 1- وضع استراتيجية واضحة وسياسة عمومية شاملة في القطاع الثقافي. 2- رفع الميزانية العامة لتسيير وتدبير الشأن الثقافي. 3- العمل على إدراج التعبيرات الثقافية والتربية الجمالية والفنية في المنظومة التربوية الوطنية من التعليم الأولي إلى التعليم العالي. 4- سن إجراءات وتدابير لتحسين وإحداث البنيات الثقافية والفنية الأساسية في عموم التراب الوطني. 5- تنمية الإنتاج الثقافي والفني الوطني في الفضاء السمعي البصري. وتخصيص الميزانية اللازمة لذلك. 6- إحداث قانون لتشجيع الاستثمار في الثقافة والفنون. 7- إحداث أكاديمية أو كليات للفنون. 8- تعديل أو إحداث قوانين لحماية حقوق المبدعين المعنوية والمادية. 9- إحداث وكالة وطنية لدعم الإنتاج في مجالات الثقافة والفنون. 10- تفعيل وتطوير قانون الفنان. 11- دمقرطة دعم المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية. 12- سن نصوص تنظيمية لتشجيع المقاولة الثقافية والمقاولة الفنية. 13- إيلاء عناية خاصة بدعم النشاط الثقافي والفني بالعالم القروي. 14- إيلاء عناية خاصة بنشر الثقافة والفن المغربيين في أوساط مغاربة العالم بدول الاستقبال. 15- الاهتمام بالتكوين الفني بمعاهد القرب. 16- العمل على دمقرطة الإعلام العمومي. 17- العمل على الدمج المؤسسي لقطاعي الثقافة والاتصال في وزارة واحدة 18- تمثيلية المنظمات الثقافية والفنية والتربوية في المؤسسات التالية: مجلس المستشارين المجلس الاقتصادي والاجتماعي المجلس الأعلى للإنعاش والتخطيط المجلس الوطني لحقوق الإنسان المجلس الأعلى للتعليم تعريف الائتلاف المغربي للثقافة والفنون يعتبر الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، العضو بالفيدرالية الدولية للتعددية الثقافية، تنظيما وطنيا فيدراليا تنضوي تحت لوائه أهم مكونات الحركة الثقافية والفنية ببلادنا، من جمعيات وطنية للكتاب والمثقفين (روائيون وقصاصون وشعراء ونقاد وباحثون)، ونقابات مهنية للفنانين (مسرحيون وسينمائيون وموسيقيون ومطربون وتشكيليون وفوتوغرافيون وراقصون وممارسو الفنون الشعبية...)، وتنظيمات مهنية لمحترفي الإنتاج السمعي البصري (منتجون ومخرجون وموزعون...)، مما يُضفي على الائتلاف صفة التمثيلية الوطنية والشرعية لأصوات الفنانين والمبدعين والمثقفين ببلادنا. الهيآت المنضوية تحت لواء الائتلاف هي: - اتحاد كتاب المغرب - الجمعية المغربية للفنون التشكيلية - بيت الشعر بالمغرب - الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام - النقابة المغربية لمحترفي المسرح - النقابة المغربية للمهن الموسيقية - النقابة الوطنية للإنتاج والتوزيع الفني - الجمعية المغربية لنقاد السينما - الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي - رابطة المؤلفين والمخرجين والمنتجين - غرفة مخرجي التلفزة بالمغرب - الجمعية المغربية لمهنيي الإذاعة والتلفزة - نقابة الفنانين التشكيليين المغاربة - النقابة الوطنية لتقنيي السينما والسمعي البصري - جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي - النقابة الوطنية للفنون الشعبية للطرق الشفاهية والفنون اللامادية - الغرفة المغربية لناشري وموزعي أفلام الفيديو. مولاي أحمد العلوي: رئيس النقابة المغربية للمهن الموسيقية مساهمة المثقف والفنان في تدبير الشأن الثقافي الوطني أود في البداية أن أتقدم، أصالة عن نفسي ونيابة عن المبدعين المغاربة، بالشكر الكبير إلى لجنة مراجعة الدستور على ما أبدوه من اهتمام وتفهم بموضوع الثقافة ومطالب المثقفين والمبدعين المغاربة، ولا يخفى على أحد ما للثقافة من دور بارز في حياة كافة المجتمعات البشرية وبلدنا لا يشكل الاستثناء، إذ يستحيل على أي بلد أن يتحدث عن التنمية والتقدم ما لم يتخذ من الثقافة قاطرة له، فنحن داخل الائتلاف المغربي للثقافة والفنون كمثقفين وفنانين وكمنظمات مهنية متنوعة، نعتبر المذكرة التي تقدمنا بها شاملة ومتضمنة لمطالبنا الأشد ملحاحية إضافة إلى الحديث عن الحق الثقافي الذي تضمنه كافة الدساتير عبر العالم، أعتبر أنه من بين النقط التي جاءت بها المذكرة بث الروح من جديد في المجلس الأعلى للثقافة باعتباره جهازا سيمكننا من المتابعة الجادة للشأن الثقافي عموما. وكذلك مسألة دسترة الامازيغية إلى جانب اللغة العربية وفق ما جاء في الخطاب الملكي السامي مع تقنين ترسيمها لكي تتوافق مع إطار مجتمعنا وتعطي تمارها الإيجابية. وكفنانين وكمثقفين منضوين في إطار النقابة الوطنية للمهن الموسيقية، نعتبر أن الثقافة حق غير قابل للمساومة أو التراجع عنه، وتقع مسؤوليته على عاتق مثقفي هذا البلد لأن التجربة تؤكد بالملموس أن البرامج الخاصة بالأحزاب أو بالدولة لا تمنح سوى الهامش للثقافة الوطنية ومن هنا تنبع أهمية المذكرة التي تصر على دور المثقف في تسيير الشأن الثقافي ودور النسيج الجمعوي درءا للتسيب الذي ميز هذا القطاع خلال السنوات الخالية. نريد مغربا حرا وديمقراطيا بشكل فعلي يستجيب لمطالب الفاعلين الثقافيين، من خلال وضع إستراتيجية فعالة والرفع من الميزانية الهزيلة المخصصة للثقافة في بلدنا خصوصا عندما نعرف أن بعض البلدان تجعل ميزانية الثقافة موازية لميزانية الدفاع باعتبار المثقف مدافعا عن حق المواطنين في الثقافة وعن هوية البلد وعن سيادته. الحسن النفالي: رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح اقتراحات الائتلاف من شأنها الرقي بحقوق فناني هذا البلد في العيش الكريم بالنسبة لنا داخل الائتلاف المغربي للثقافة والفنون نعتبر أننا حاولنا من خلال هذه المذكرة التركيز على النواحي التي تتعلق بالثقافة والفن، صحيح أننا وحدة يسودها التنوع والتعدد إن على مستوى المهن والقطاعات وإن على مستوى الانتماء السياسي، ولهذا جاءت المذكرة لإعطاء صورة شاملة عن وضع الفن والثقافة والمثقفين والمبدعين في بلادنا حيث تم التركيز على خمس نقط نعتبرها مفصلية وحاسمة على رأسها إعادة النظر بل إعادة الحياة إلى المجلس الأعلى للثقافة وإعادة النظر أيضا في المجالس الجهوية للثقافة بشكل مواز، ثانيا دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية باعتبار تموقع الأمازيغية في صلب العملية الثقافية وفي صلب فعل التنمية لأنها لغة وطنية لها مكانتها وإصدار قوانين تنظم ترسيمها، ثالثا ركزنا على الحقوق الثقافية وحرية التعبير وحرية إبداء الرأي وحرية الإبداع والابتكار والخلق مع التذكير بحقوق مثقفي وفناني هذا البلد في العيش الكريم، لأننا توصلنا إلى نتيجة مفادها أن الدستور المغربي يتحدث عن سائر الحقوق السياسية، الاجتماعية والاقتصادية في حين أن هناك فراغا مهولا للحق الثقافي الذي لا يتم الحديث عنه، رابعا جعل الشأن الثقافي مسؤولية المشتغلين به ومسؤولية المبدعين، في إطار تنظيماتهم التي يقع على عاتقها تأطير المواطنين والقيام بورشات تكوينية لعموم المواطنين ولمنخرطيها من الفاعلين أيضا، خامسا وأخيرا إن إصرارنا على كل هذه المطالب يضع في حسابه مشروع الجهوية الموسعة والمتقدمة لأن التباينات بين الجهات في المغرب يمكن تلمسه من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية بينما يتجلى موقع الثقافة كمشترك وطني فوق كل هذه الاختلافات وبالتالي يصبح الجهوي في خدمة المشترك الوطني، مع التركيز على اتخاذ تدابير إجرائية مصاحبة لكل هذه الاقتراحات وسن سياسة واضحة المعالم تروم إعطاء المثقفين الوسائل الكفيلة بتمكينهم من المساهمة في المجهود التنموي للبلد عبر الرفع من قيمة الميزانية الهزيلة المخصصة لهذا القطاع الحيوي، التأكيد على مواكبة الثقافة للعملية التعليمية من الابتدائي إلى الجامعة وتنمية الإنتاج الثقافي في المجال السمعي البصري وتشجيع الخواص على الاستثمار في الثقافة والفن وتأسيس أكاديميات ومعاهد خاصة بالفنون، دمقرطة المهرجانات وضمان تمثيلية في شتى المجالس سواء الاستشارية والحقوقية وغيرها مما له علاقة بهذا الشأن. حمادي كيروم: جمعية نقاد السينما بالمغرب الثقافة هي القاطرة التي لا يمكن للمجتمع أن ينمو ويتقدم بمعزل عنها كمثقف وحسب متابعتي للمسار الثقافي للمغرب أظن أن وجهة نظر الدولة أو الأحزاب السياسية مع بعض الاستثناءات تقع خارج العملية الثقافية لأنها دون منظور ثقافي ولا تملك حتى أدنى مشروع ثقافي منسجم، من جهة أخرى أن مجمل الدساتير السابقة لا تعطي أدنى أهمية لما هو ثقافي في إطار عملية تهدف إلى تمييع السياسي وتهميش الفعل الثقافي في نفس الوقت، ويمكنني القول أننا الآن يحدونا أمل كبير ارتباطا بالمذكرة التي جاءت كمحاولة للجمع بين مختلف التصورات التي عبر عنها المشتغلون في المجالات الثقافية والإبداعية في المغرب، ومن منظورنا فإن الثقافة هي القاطرة التي لا يمكن للمجتمع أن ينمو ويتقدم بمعزل عنها باعتبار المثقف مدافعا عن خصوصيات وهوية البلاد وليست فئة السياسيين فقط الذين طالما كانوا يرتدون لبوس الثقافة وهم عن مضمونها أبعد ما يكونون. يحدونا الأمل وننظر من خلال هذه المذكرة بتفاؤل كبير في المستقبل المنظور إذ من المفروض أن يفتي الحكماء ممن يحترمون تاريخ وهوية البلاد، في الشأن الثقافي ومن يتموقعون داخل العملية الثقافية، وليس الوزارة لأن وظيفتها سياسية ولا تربطها صلة بهذا الشأن الحيوي الذي ظل مغيبا إلى حد الآن، ومن خلال جهاز مثل المجلس الأعلى للثقافة سيتمكن الشأن الثقافي من الحصول على موقعه الحقيقي وأن يساهم في رقي البلاد إن على الصعيد الثقافي والإبداعي وإن على صعيد كافة المجالات الحيوية الأخرى، ومن جهة أخرى يجب مراعاة التنوع الذي يميز المغرب وهو تنوع يتضمن ماهو إثني وماهو ديني أو لغوي ليساهم الجميع من خلال هذا التنوع في دعم التقدم والدفاع عن الهوية والخصوصية المغربيين .