حذّر تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط من تكلفة رفع الحجر الصحي في المغرب، التي اعتبر أنها ستكون مرتفعة وباهظة على المستوى المادي والبشري، مبرزا من خلال عدد من السيناريوهات والاحتمالات التي قدّمها، أن حوالي 17 مليون مواطن ومواطنة سيتعرضون للإصابة بفيروس كورونا المستجد خلال 100 يوم فقط، إذا ما تم رفع الحجر الصحي خلال نهاية المرحلة الثانية المحدّد موعدها في 20 ماي. وكشفت الدراسة، التي صدرت يوم السبت 16 ماي 2020، والتي تحمل عنوان «جائحة كوفيد 19 في السياق الوطني: الوضع والسيناريوهات»، مختلف التحديات والاحتمالات التي يمكن مواجهتها من أجل رفع الحجر الصحي، من خلال مقاربات ومحاكاة، خلصت إلى 3 سيناريوهات، الأول يهم رفع الحجر العام وكلفته وتبعاته، والثاني يخص الرفع الواسع والثالث الرفع المقيّد. ويتوقع السيناريو الأول الذي من المقترح أن يشمل جميع السكان الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة، ممن لا يعانون من مرض مزمن، الذين يقدّر عددهم ب 27.5 مليون نسمة، احتمال تسجيل 2000 حالة مصابة نشطة في وقت تفعيله، حيث من المتوقع أن يرتفع الاتصال في اليوم ب 64 في المئة، وأن يصل معدل معامل انتشار الفيروس «R0» إلى 1.248 مع افتراض احترام التدابير الوقائية الحاجزية واستمرار التقيّد بها. ويبيّن هذا السيناريو إمكانية تعرض نسبة 8 في المئة من المواطنين للعدوى خلال 100 يوم، مما يؤدي إلى غرق النظام الصحي خلال 62 يوما، مع معدل استشفاء في حدود 10 في المئة فقط من الحالات النشطة. أما إذا لم يتم اتباع التدابير الحاجزية على مستوى الوقاية، فإن العدد التراكمي للإصابات سيصل خلال نفس المدة، أي 100 يوم، إلى 50 في المئة من مجموع الساكنة، وهو ما يمثل حوالي 17 مليون نسمة، وسيغرق النظام الصحي خلال فترة لا تتجاوز 28 يوما، مع معدل استشفاء في حدود 10 في المئة من الإصابات النشطة. أما في السيناريو الثاني، والذي يخص الرفع الواسع للحجر الصحي، الموجّه للفئة النشيطة العاملة من المجتمع، التي تقلّ أعمار المنتسبين إليها عن 65 سنة، وكذا أقل من 15 سنة، ممن لا يعانون من أي مرض مزمن، والذين يقدّر عددهم ب 16.7 مليون نسمة، بهدف فتح الاقتصاد والعودة التدريجية للأنشطة الاجتماعية، فيفترض هذا السيناريو وجود 2000 حالة مصابة كانت نشطة وقت الرفع، متوقعا أن تؤدي خطوة إنهاء الحجر الصحي ورفعه إلى زيادة التقارب الجسدي ( ضد التباعد الاجتماعي ) بنسبة 24 في المئة، وهو ما يعني ارتفاع عدد الإصابات حيث سيصل معامل انتشار الفيروس «R0» إلى 0.94 إذا ما تم الحفاظ على تدابير الحماية الذاتية. محاكاة هذه الوضعية ستسفر عن 31663 حالة إيجابية نشطة في 100 يوم مع ذروة 3200 حالة إصابة نشطة، وستكون هناك حاجة ماسة إلى 3200 سرير و 160 سرير للإنعاش والعناية المركزة، وسيترتب عن هذا السيناريو تسجيل 1266 حالة وفاة. أما إذا لم يتم تطبيق الإجراءات الحاجزية الوقائية الفردية، فسيرتفع عدد المصابين التراكمي خلال 100 يوم إلى أكثر من 844 ألف حالة، مما سيؤدي إلى اكتساح قدرة الإنعاش الوطني في غضون 50 يوما، وفي 100 يوم لن يكون بإمكان النظام الصحي استقبال إلا 7 في المئة فقط من حالات الإصابة المؤكدة في المستشفيات. ويفترض السيناريو الثالث لرفع الحجر الصحي الذي تم نعته بالمقيّد، «المقيد»، والذي يشمل المنخرطين في الاقتصاد الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة ولا يعانون من مرض مزمن والبالغ عددهم 7.9 مليون نسمة، من أجل فتح الاقتصاد دون المساس بالسكان المعرضين لخطر الإصابة بمضاعفات هذا المرض، أن 2000 حالة مصابة كانت نشطة وقت رفع الحجر، حيث سيزداد التقارب في هذه الحالة مع الأشخاص المصابين بنسبة 13 في المئة، مع معامل انتشار الفيروس محدد في 0.864 وسيترتّب عنه تسجيل 18.720 حالة مؤكدة إيجابية خلال 100 يوم مع تسجيل ذروة 3200 حالة إصابة نشطة، مما ستترتب عنه الحاجة المستعجلة إلى 3200 سرير استشفاء، و 160 سرير إنعاش، وسيتم تسجيل 748 حالة وفاة. أما إذا لم يتم احترام تدابير الوقاية الفردية فإن عدد الإصابات من الممكن أن تصل إلى أكثر من 155920 حالة، خلال نفس المدة المتمثلة في 100 يوم، وهو ما يعني أن قدرة المنظومة الصحية ستكون قد بلغت منتهاها في 75 يوما. ورغم السناريوهات الثلاثة «القاتمة»، فقد أكدت دراسة المندوبية السامية للتخطيط أن الحجر الصحي لا يمكن أن يتواصل بشكل دائم مهما بلغت نسبة فعاليته الوقائية، وبأن رفعه ضرورة وتمليه الحاجة، لكن ذلك يتطلب تنسيقا بين جميع القطاعات لتفادي التبعات السلبية ولتحقيق المرجو منه على مستوى الإيجابيات، اقتصاديا واجتماعيا وغيرهما، مشددة على دور المواطن في احترام التدابير الحاجزية الوقائية والتقيد بها، من أجل حماية فردية والمساهمة في الحماية الجماعية، على حدّ سواء، لتفادي أية تبعات صحية وخيمة، وحتى لا يتم تسجيل ارتفاع في أعداد الحالات المؤكدة إصابتها، مع ما يعني ذلك من ضرورة لتعبئة الجهود التي قد لا تفي بالغرض آنذاك.