حتى لا نحول ولا نجعل من 8 مارس مجرد موسم عابر نرفع فيه كل سنة جملة من المطالب والانشغالات والتي دون شك كانت مرتعا لتراجعات وانحسارات متعددة سواء على المستوى الاجتماعي أو التشريعي أو السياسي يضيق المقام عن ذكرها الآن ، اعتقد أنه من المفيد جدا بل المفروض خدمة للقضية النسائية أن نشتغل بمنطق إبراز الإشكالات الحقيقية التي يطرحها تطور المسألة النسائية في كل مرحلة من المراحل حتى نتجنب التعميم والتعويم أرى أنه يجب التركيز حاليا على مسألة دستورية وحقوقية وهي المتعلقة بالمناصفة والمساواة وفي هذا السياق فإن الحذر المنهجي يقتضي منا الانتباه والعمل من أجل تلافي تحويل مسألة المناصفة من حق وركن دستوري منصوص عليه ومكرس إلى مطلب شكلي ... . إذ يجب العمل والاجتهاد من أجل وضع خارطة طريق وآليات عمل ملموسة تتوخى تنزيل مضمون هذا المبدأ الدستوري وأدوات الطعن في كل إخلال بعدم تطبيقه ابتداء من محطة الاستحقاقات الجماعية والجهوية . وبناء على ذلك يمكن تلخيص أخطر انتكاس بخصوص المسألة النسائية في ظل حكومة بنكيران في الأمر التالي : بالرغم من استفادة الفصيل السياسي المهيمن في هذه الحكومة من مقتضيات وإجراءات وتدابير لم يساهم لا في اقتراحها ولا في الدفاع عنها ( أقصد الكوطا وأخواتها ....) فإنه في الممارسة يتصرف بما يوحي أولا بأنه هو صاحب هذه المكاسب وثانيا من الناحية العملية نجد أنه منذ البداية ومنذ تشكيل الحكومة اتجه إلى محاولة القطع بين التطور الحاصل في مختلف المجالات التي تتواجد فيها المرأة وبين حضورها في المجال السياسي . وتبعا لذلك يبدو أن الاقتصار في الحكومة الأولى على تعيين امرأة واحدة ( مما أثار ضجة ...) لم يكن زلة من زلات المواقف والسلوكات السياسية لرئيس الحكومة فقط بل كان تجسيدا منسجما ومعبرا عن عقلية المحافظة السياسية حينما يتعلق الأمر بالمسألة والحضور السياسي للنساء في المؤسسات السياسية المنتخبة والحكومية. هذا التفكير الذي رافقه وترجمه أثناء التعيينات في المناصب السامية ( عدم تعيين النساء ) وهو ما يطرح سؤالا عريضا حول دور وموقع وفعالية النساء داخل التنظيمات السياسية الأصولية : هل هو دور الفاعل المحرك ؟ أم هو مجرد الديكور السياسي مقرونا بالتوظيف الانتخاباوي . الجواب على ضوء الوقائع واضح ، هناك حدود لا يتوجب اجتيازها حين يتعلق الأمر بالقرار السياسي الفعلي وبالمساهمة الفعلية في تحريك مبدأ المناصفة وليس سرا أن الصوت النسائي الأصولي غائب تماما حينما يتعلق الأمر بالنقاش العمومي حول تفعيل مبدأ المساواة حيث يتمترس الحزب الأغلبي مشهرا مقولته : « النساء موجودات في صفوفنا وهذا يكفي على حسن نيتنا في هذا الباب « . ومن جهة أخرى نلاحظ في خطاب رئيس الحكومة ورئيس الحزب الأغلبي نوعا من الهروب إلى الأمام حينما يرتفع سقف المطالب النسائية علاقة بموضوع المناصفة والمساواة والتكافؤ هو « شأنكن مع أحزابكن « . والحقيقة أن مثل هذا الموقف والتصريح المقرون بالازدراء والخطاب البئيس والرداءة فيه نوع من الالتواء والمصادرة والتملص والتهرب لأنه يسعى إلى إلغاء وتعطيل عنصرين أساسيين في المعادلة : أولا دور الدولة ، دور الحكومة في التقاط الإشارات الصادرة من المجتمع ومن النساء وبلورتها في قرارات . عنصر الإرادوية وهو كما أثبتت التجربة منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي ضروري من أجل التقدم خطوات ملموسة نحو المناصفة .