في أوج انشغال الرأي العام الجزائري، على غرار مختلف الدول، بتداعيات انتشار وباء كورونا، أقدم الرئيس الجزائري على إقالة واسيني بوعزة ،مدير جهاز الأمن الداخلي، المخابرات، وتعيين عبد الغني راشدي خلفا له. وعممت وسائل الإعلام الجزائرية بيانا جاء فيه أن الجنرال السعيد شنقريحة ،رئيس الأركان بالنيابة، اشرف باسم رئيس الجمهورية على التنصيب الرسمي للعميد عبد الغني راشدي مديرا عاما للأمن الداخلي بالنيابة، خلفا للعميد واسيني بوعزة، ونقل البيان عن شنقريحة قوله ” وعليه فإني امركم جميعا بالعمل تحت سلطته وطاعة أوامره، وتنفيذ تعليماته” . وكان الرئيس الجزائري قد عين قبل أيام العميد عبد الغني راشدي نائبا للعميد واسيني بوعزة بصلاحيات واسعة، وسط تغطية إعلامية غير مسبوقة، مما اعتبره المتتبعون خطوة أولى نحو إقالة العميد بوعزة. ومعلوم أن العميد واسيني بوعزة قد عين مديرا للمخابرات في أبريل 2019 ، مباشرة بعد استقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصبه كرئيس للجزائر، وجاء تعيينه في هذا المنصب الحساس بأمر من رئيس أركان الجيش الراحل، الجنرال أحمد قايد صالح، وقالت مصادر مطلعة إن واسيني بوعزة كان وراء الإطاحة بعدد من الجنرالات الأقوياء واعتقال عدد من القيادات الأمنية والسياسية التي كانت محسوبة على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفيما لم تتحدث وسائل الإعلام الرسمية عن مصير العميد المطاح به، واسيني بوعزة، تحدثت مصادر محسوبة على المعارضة عن هروبه، فيما قالت مصادر أخرى إنه جرى اعتقاله وأنه لحظة الاعتقال جرى تبادل لإطلاق النار. وتعيد إقالة العميد واسيني بوعزة إلى الواجهة مرة أخرى الصراع القوي بين جناحي المخابرات والرئاسة، وهو ما يؤكد على صواب مطالب الحراك الشعبي الذي ينادي بدولة مدنية ومؤسسات ذات صلاحيات واضحة بعيدا عن قبضة الجنرالات وحروبهم الداخلية . وفي إطار هذه الحروب الداخلية التي تجري بعيدا عن مطالب الشعب الجزائري في توفير ظروف العيش الكريم وإقرار مؤسسات ديمقراطية، اعتبر عدد من المتتبعين أن الإطاحة بالعميد واسيني بوعزة كانت متوقعة، خصوصا أنه كان من أكبر المساندين لترشيح عز الدين ميهوبي للرئاسة، مضيفة أنه بعد انتخاب عبد المجيد تبون، عمل هذا الأخير على إضعاف موقعه عبر تعيين عدد من الشخصيات ذات الصلة بقيادات النظام السابق في انتظار الفرصة المواتية لإقالته من منصبه والتي يبدو أنها أصبحت مواتية في ظل هذه الظروف التي تتميز بانشغال الرأي العام بأخبار انتشار وباء كورونا.