«إنه لشرف كبير أن أسهم معكم اليوم في حفل تكريم الفقيد المرحوم الحاج علي المانوزي. الذي ظل طيلة حياته مناضلا شريفا يمتاز بصفات نبيلة، في مقدمتها نكران الذات وعفة النفس وصفاء الطوية ونقاء اليد في كل المحطات التي انخرط فيها ، من أجل حرية واستقلال وطننا العزيز. لذا فأنا أتوجه الى كافة أفراد أسرته بأصدق عبارات الشكر على إتاحتهم لي هذه الفرصة لتأبين رجل اعتبره من الرموز الذين أفرزتهم حركة التحرير بالدارالبيضاء. أمثال ابراهيم الروداني واحميدو الوطني. وغيرهما. هؤلاء الذين كان لهم الفضل الكبير في ربط البادية بالجنوب المغربي مع المدن الناهضة. آنذاك. وهي الحركة التي انتشر اشعاعها نضاليا وسياسيا ومجتمعيا، وامتد نشاطها بعيدا وساهمت في فك العزلة المفروضة على البادية منذ نهاية حرب الاحتلال الاجنبي لبلادنا سنة 1934 وفي ظروف عرفت فيها مدينة الدارالبيضاء نهوضا متقدما، اهتدى فيها مناضلون وطنيون صادقون ومن أبناء الجنوب، إلى تأسيس إطار سمي بمنظمة اتحاد الجنوب كان من جدول اعمالها، العمل على ربط البادية بالمدينة وفك الحصار المفروض عليها من طرف الاقطاع والقياد من عملاء الاستعمار، والذين يشكلون في تلك المرحلة ركيزة اعتمدها اللوبي المسيطر علي الحكم في الإقامة العامة الفرنسية، يقوده كل من المارشال جوان والجنرال كيوم، والحاكم العام للدار البيضاء السفاح بونيفاس و الدكتور ايميل ايرو مدير جريدة لفيجي ماروكان ورئيس شركة لاماس للإعلام، فهؤلاء ظلوا يقودون حملة شرسة لضرب التحالف الضمني، والذي يربط السلطان محمد بن يوسف بحزب الاستقلال، بفرض ما سمي زورا وبهتانا باصلاحات فاتها الوقت ولم تعد تستجيب لطموحات الحركة الوطنية المغربية، وكذا لمطالب ملك البلاد في المذكرات التي قدمها للحكومات الفرنسية المتعاقبة. ففي تلك الظروف التي كان فيها هذا اللوبي العسكري يمسك بمصير الحكم بالمغرب، سنجد أن آل المنوزي ينطلقون بكل طاقاتهم وإيمانهم بالكفاح من أجل القضية الوطنية, يقومون بحملات شديدة ضد ما سمي بالاصلاحات التي فات أوانها منذ الثلاثينات والاربعينات، سنجدهم في كل موقع من حركات التحرير، فهم من المبادرين إلى اختيار «العمل الجدي», فهاهو سعيد المنوزي اخ الحاج علي المانوزي، ينخرط في تأسيس خلية ما سمي ب «»الاوراق المحروقة«« مع سجاعدين ومحمد الزرقطوني وصدقي بالمدينة القديمة سنة 1948 بعد مجزرة ابريل بالدارالبيضاء سنة 1947 لعرقلة زيارة السلطان محمد بن يوسف لمدينة طنجة, ويعتبر سعيد المنوزي من المؤسسين الاوائل للمنظمة السرية، الى جانب رفيقه محمد الزرقطوني، والتي قادت الكفاح المسلح، الى أن تم اكتشاف عمل سعيد في ابريل 1955، حيث تعرفت عليه بمدينة إفني عندما التحق بها في ذلك التاريخ وتوطدت منذ ذلك الحين أواصر العلاقة، مع هذه الأسرة المناضلة. عند اشتداد الازمة السياسية، بعدا حداث دجنبر 1952، تعرضت فيها الأطر القيادية لحزب الاستقلال والنقابية والحزب الشيوعي إلى الاعتقالات والنفي وانعقاد المحاكمات العسكرية والمدنية على الصعيد الوطني، تقوم خلالها الصحف الصفراء بنشر دعايات واخبار مصنوعة من طرف الاقامة العامة بهدف تكوين بديل للحركة الوطنية المقموعة. في هذا الظرف, بدأ القلق ينتشر وسط قواعد الحركة الوطنية عموما والاستقلالية خاصة، التي لم يصلها القمع بعد، كما انها لم تتوصل بأية توجيهات من قيادتها، برزت مبادرات قام بها العديد من المناضلين لمواجهة الوضع الخطير الذي اصبح يهدد البلاد، هنا سنجد الحاج علي المنوزي وإخوته وافراد عائلته واعضاء من قبيلته منخرطين في مسيرة الكفاح المسلح،وفي مواقع قيادية متعددة في الدارالبيضاء وفي الشمال المغربي، ومؤسسين للأنوية الاولى للمقاومة وجيش التحرير، فالكومندار ابراهيم المنوزي احد قادة جيش التحرير، من الذين تخرجوا من معسكر جنان الرهوني، ومن مؤسسي جيش التحرير بالصحراء المغربية، صحبة ناضل الهاشمي وسعيد بونعيلات، وكلهم من عائلة آل امانوز. وستختم عطاءات الحاج علي المنوزي لمسلسل من التضحيات التي قدمها ابنه البار الحسين المنوزي المعروف بخليل ابو علي, وهو عضو في الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، وتلقى تدريبات عسكرية بسوريا، وقد اختطفته اجهزة البوليس المغربي من تونس في 29 اكتوبر سنة 1972 وبتواطؤ مع النظام الحاكم بتونس. ومنذ تعرض الحسين المنوزي للاختطاف، بذلت جهود عديدة من طرف منظمات حقوق الإنسان بالمغرب وخارج المغرب، والجهود التي تبذلها العائلة مع الحركات الحقوقية، في البحث عن الحقيقة كاملة غير منقوصة، وهكذا ومرة أخرى نجد أحد افراد العائلة، من بين المختطفين الذين ظل في مقدمتهم الشهيد المهدي بنبركة، وقد كانت لي مع الحاج علي وبعض أفراد أسرته لقاءات ونقاشات حول هذا الموضوع الهام والحيوي. وقد واصل الحاج علي نضاله من أجل كشف حقيقة اختطاف ابنه كاملة بكل ما يملك من طاقات بدنية ومعنوية حتى آخر يوم من حياته,? مسجلا درسا بليغا في الصمود والتحدي دون كلل أو تنازل او مساومة. وأتوجه إلى رفيقة حياته والى كافة بناته وابنائه وافراد عائلة المنوزي بالقول: طوبى لكم بأبيكم, فبمثل هذا الاب / الرمز / المناضل / الصامد يحق للابناء والحفدة أن يفتخروا ويعتزوا ويرفعوا رؤوسهم عاليا, ووعدا لفقيدنا ان نظل اوفياء للعمل على توحيد صف الوطنيين و الديمقراطيين والتقدميين. رحم الله الفقيد الحاج علي المانوزي الذي دلت حياته الحافلة بالعطاء والصمود على أن هذا الوطن ما كان ولن يكون أبدا عاقرا.