هذه الشهادة تمت قراءتها على لسان ابنة الرقيب ابراهيم المانوزي, عم المختطف الحسين المانوزي، شهادة جارحة وغاضبة ومستنكرة تعيدنا إلى عمق السؤال الذي لا مفر للمغرب من أن يواجهه. أي حقيقة ما جرى خلال سنوات الرصاص. في مدينة »أميان« بفرنسا كان لقاء حول الاختطاف القسري والانتقال الديمقراطي نظمته جمعية آباء وأصدقاء عائلات المختطفين. وكان حضور وجوه وشخصيات حقوقية وممثلين عن عائلات المختطفين تأكيد جديد بأن المسألة لم تنته بعد، بل وأن المسألة لازالت لم تبدأ. وفي حضرة هذا الحضور المصر على كشف الحقيقة تحدثت ابنة الرقيب الذي أعدم بعد الانقلاب خارج القانون, والحق لتقول للرأي العام، أين هو هذا المغرب الجديد؟ إنها تريد فعلا أن تصدق أنه موجود، لكن... كيف؟ ********************************************* "الآن الكلام عن المغرب الجديد والشاب، عن العهد الجديد ودولة القانون. مغرب يريد نسيان جروح الماضي، لكن هذا المغرب الجديد يعتقد أن التفكير في جروحه يعني عدم التفكير. يتكلمون عن ضحايا "»نا«" ضحايا سنوات الرصاص، نحن الذين لازلنا نحمل جراح هذا الماضي في قلوبنا وأجسادنا, يتكلمون لنا عن مغرب جديد, نحن نريد أن نصدق: نعم نريد أن نصدق، لكن كيف يمكننا تصديق هذا الكلام وجلادونا لازالوا يعاملوننا بنظرة سنوات الرصاص؟ إنهم يستمرون في نفي كيونتنا ومحو ذاكرتنا؟ في قريتنا العائلية، كانت هنا علامة تشير إلى اتجاه منزل الأجداد الذي يوجد في مدخل القرية، قررت السلطات نزعها في إطار التهييء للزيارة الملكية للمنطقة: نعم لقد انخرطت القرية بكل طاقاتها لاستقبال الزوار فأقيمت الأعلام ونظفت الأزقة وطلت الحيطان بالأبيض ولم ينسوا نزع العلامة التي تحمل اسم »المانوزي«. لقد قيل أن هذه العلامة تشوش على الحاضر لأنها تستحضر الماضي. لكن ما هو هذا الماضي الذي يريدن محوه ونسيانه؟ هل ماضي الإخوان المانوزي المناضلين الذين قاوموا من أجل استقلال هذه البلاد؟ أم هو ماضي حد الإعدام الذي مورس على »الرقيب« ابراهيم المانوزي، أو اختطاف النقابي حسين المانوزي؟ أم هو بكل بساطة ماضي حب هذا الوطن الذي عبر عنه أهل المانوزي؟ سلطات العهد الجديد تريد أن ننسى، لكن هذه السلطات لم تنس الاحتفاظ بأهل المانوزي على الحدود لمدة ساعات لكي يتأكدوا أنهم ليسوا من المرغوب فيهم داخل هذا البلد الحبيب! نريد لسائر الناس أن تفهم ماذا نعني بهذا »العهد الجديد«! هل هو عهد جديد بدون ماض وبدون ذاكرة؟ هل هو عهد ولد من عدم؟ أم هو صيغة جديدة لإسكاتنا؟ هل يريدون أن ننسى حسين ابن العم الرائع الظريف والساحر والذي لم أتمكن من معرفته؟ وسيلاحظون أنني لم استعمل صيغة الماضي لما تكلمت عن حسين لأنه لازال ابن عمي ولازلت انتظره إلى الآن. لقد كنت طفلة صغيرة لما اختطف الحسين, طفلة صغيرة أيضا لما كنت أزور سجون مكناسوالقنيطرة و... كنت أنظر إلى صور عائلة المانوزي بالأبيض والأسود داخل قاعات محاكم مراكش. لم أكن أتجاوز سن الخامسة، لما أعدم أبي ابراهيم المانوزي, وقتها هجرني رفاقي في المدرسة كما لو كنت انسانة مصابة بالطاعون. لقد كنت طفلة، لما أحسست بوحدة موحشة ومرعبة لما كنت وحدي وسط ساحة المدرسة أنتظر »بابا« الذي كان ينتظرني دائما بهندامه العسكري الأنيق الذي به كنت جد فخورة. كنت إذ ذلك طفلة لكي أفهم لماذا ابن عمي الدكتور عمر المانوزي استغرق في جنونه وانزوى في عالمه المرعب. نعم كنت طفلة صغيرة, لكنني كنت جد واعية لأتمكن من معرفة هذا الاستهتار الملازم لشباب كانوا في سني، كيف كان آنذاك شباب شيئا ما أكبر مني سنا، يموتون تحت التعذيب، لما نسمع عن »كرينة« وقريبنا بلقاسم وآخرين، كيف يمكن أن أكون لا مبالية عندما سجن إخوان ورفاق لي بالثانوية, سجنوا وعذبوا, تهمتهم كانت شجاعة الحلم بمجتمع مبدع مبني على احترام حقوق الانسان. إذن أقول أنه لا يمكنني أن أنسى لما نبني الجديد بدون أسس. أريد أن ألتصق بهذا العهد الجديد، لكن لكي تكون ثقتي أكيدة، لابد أن أدفن موتاي, لأنه في هذه الحالة فقط يمكنني أن ألبس ثوب الحداد. سأثق في هذا العهد عندما يظهر المختطفون واحتفل برجوعهم. لكي نأخذ مأخذ الجد هذا التحول, لابد من قراءة لكتابات تاريخ جديد يرد الاعتبار للشعب ولمقاوميه، تاريخ لا ينسى جميع هؤلاء الشباب الوطنيين الذين أدوا الثمن غاليا ومن حياتهم من أجل مغرب حر. رسالة تاريخية لخمسة من إخوته تطالب ب: من أجل رد الاعتبار للكومندان ابراهيم المنوزي (*) بحلول 13 يوليوز 2001 تكون ثلاثون سنة قد مرت على الإعدام غير القانوني للكومندان ابراهيم المنوزي، على إثر أحداث الصخيرات التي خلفت كثيرا من الضحايا. سواء من القتلى والجرحى من المواطنين الذين لقوا حتفهم على إثر اطلاق الرصاص، او من الجنود والضباط الذين تم اعتقالهم واختطافهم لاحقا ثم ايداعه في السجن السري في تازمامارت. وقد أعدم الكومندان ابراهيم المنوزي ليس لمشاركته في اعداد الانقلاب وتنفيذه، وانما لأمرين: اولهما تصفية ما تبقى من العناصر ذات التاريخ الوطني والتحرري داخل القوات المسلحة الملكية، وثانيهما لارتباطنا، نحن اخوانه وعائلته مناضلو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. بأحداث سياسة أخرى كانت وقتذاك توازي العملية الانقلابية للصخيرات. ويتعلق الامر هنا بمحاكمة مراكش الكبرى، التي اعتقل في اطارها مئات من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتوبعوا بتهمة المس بالامن الداخلي والخارجي للدولة. ومن عائلة المنوزي توبع 18 منهم، وقدموا للمحاكمة. نحن اخوان الكومندان ابراهيم المنوزي وابناء عمه: الحاج علي وابنه المحكوم غيابيا في هذه المحاكمة والمختطف الى حد الآن. والاخوان عبد الله وقاسم والطيبي وابناء عمه احمد والحسين بن محمد المنوزي. والحال ان عدم ارتباط الكمندان ابراهيم المنوزي بالمحاولة الانقلابية من قريب او من بعيد ثابت، ويتبين من خلال 1 - عدم ثبوت علاقته بالواقع والتطورات المتعلقة بالانقلاب خلال المحاكمة التي تعرض لها الضباط والجنود الذين تم اتهامهم بالمشاركة في هذه الاحداث، ذلك ان اسمه لم يرد في أي محضر للشرطة العسكرية او تقارير للمحكمة العسكرية. 2 - الشهادات التي ادلى بها عدد من الضباط السامين للقوات المسلحة الملكية المغربية. والذين يوجدون في درجات مختلفة من التراتبية العسكرية، والمسؤولون في مختلف قوات اومصالح القوات المسلحة الملكية وهم من اصدقائه والمقربين اليه، والذين يشهدون وهم بعلم بمجريات الامور انذاك وعايشوا الكومندان ابراهيم المنوزي خلال كل مراحل مساره المهني العسكري, اي الى حدود آخر لحظة قبل احداث الصخيرات. 3 - الشهادات التي ادلى بها الضباط والجنود الذين لهم علاقة مباشرة بالمحاولة الانقلابية، والذين افلتوا من الموت واستطاعوا العيش بعد اختطافهم وايداعهم في سجن تازمامارت. والذين تثبت تصريحاتهم وسردهم للوقائع، بعد الكومندان ابراهيم المنوزي كل البعد عن أشغال الإعداد للمحاولة الانقلابية وتنفيذها 4 - شهادات الملاحظين والمحللين السياسيين الاجانب الذين وصفوا وقائع هذه الفترة العصيبة من تاريخ المغرب وحللوا واصدروا كتابات صحفية وعلمية في الموضوع، والذين لا يذكرون الكومندان ابراهيم المنوزي الا ليؤكدوا اقحامه في احداث الانقلاب. ونتيجة للظلم والاعتداء الذي تعرض له الكومندان ابراهيم المنوزي وذهب ضحيته في نهاية المطاف. ثم طمس دوره التاريخي في تأسيس جيش التحرير المغربي وقيادته له، بحيث اصبح من المحرم والممنوع الحديث عنه وذكره، سواء في المؤسسات الرسمية المشرفة على شؤون قدماء المقاومين وجيش التحرير او من طرف المؤرخين، الذين كونوا احداث الحقبة التاريخية التي كان الكومندان ابراهيم المنوزي فاعلا فيها. وعليه، فإن اعدام الكومندان ابراهيم المانوزي بدون محاكمة ودون ثبوت علاقة بالعملية الانقلابية, حيث تعود مسؤوليته على الدولة. ولذلك فإننا نطالب: - من السلطات العسكرية والقضائية الكشف عن الملابسات المتعلقة بإعدامه واقحامه في احداث الانقلاب التي لا علاقة له بها والظروف التي تم فيها إعدامه دون محاكمة. -من المندوبية السامية لقدماء المقاومين و اعضاء جيش التحرير، رد الاعتبار للكومندان ابراهيم المنوزي كقائد لجيش التحرير المغربي في الريف والاطلس الكبير والمتوسط والصغير. -انصاف ابنائه الايتام وزوجته الذين أصابهم الحيف بفعل سلب حقوقهم الاجتماعية. والذين لم تكن أية جهة مدنية أو عسكرية مستعدة لحد الساعة للنظر في حقوقهم في تعويضات المقاومة والمعاش العسكري. (*) عضو قيادة جيش التحرير والمعدوم بصفة لا قانونية في خضم أحداث الصخيرات في 13 يوليوز 1971 *اخوة الكومندان ابراهيم المنوزي علي المنوزي - عبد الله المنوزي، الحسن المنوزي، قاسم المنوزي، الطيب المنوزي الدارالبيضاء 10 يوليوز 2001 الحاج علي المانوزي.. ذاكرة الرجال لا تبلى.. وملف ابراهيم والحسين المانوزي سيظل ينتظر الحقيقة والإنصاف.. وسط كل العبث و الضجيج، اختار الحاج علي المانوزي أن يوقظ فينا ما تبقى من أحلام الرجال ... و من صبر الرجال، فجاء نداؤه على صفحات يومية الإتحاد الاشتراكي، عنوانا لمغرب لا زال فيه كثير من الأحلام ... و كثير من الإنتظارات. الحاج علي المانوزي، هو المختطف الذي خبر كثيرا من دهاليز مغرب اللا حق ... واللا قانون، هو أخ قائد جيش التحرير، إبراهيم المانوزي الذي تم إعدامه في يوليوز 1971 دون محاكمة.. هو أب الحسين المانوزي، المختطف الذي ما زال مصيره مجهولا رغم أنف الإنصاف، و رغم أنف المصالحة، هو خال بلقاسم الذي توفي تحت التعذيب بمركز درب مولاي شريف في شتنبر 1970 و عم عمر المانوزي الذي لا زال يحمل وشم عذابات مغرب أصبح بعض الطارئين فيه اليوم، يحاكمون أهله بدعاوى القيم و فتاوى التحريم التي لم تسلم منها حتى اختياراتهم الموسيقية ... علي المانوزي، هو ببساطة ... ذاكرة حية لا زالت تختزن في صبر صاحبها، أسماء كثيرة من المختطفين الذي قتلوا و ماتوا في مراكز تعذيب أقيمت حينها لمصادرة الحلم ... و لم تقبل أن تمنح ذات الشرف ... لطارئي اليوم من باعة الكلام و حراس القيم و تجار الشريعة و الحياة ... في ندائه المنشور بيومية الإتحاد الإشتراكي، يتذكر الحاج علي، أسماء رفاق حلم ... من طينة المقاومة محمد سجيد الأشهب المختطف من طرف جهاز الكاب، و من طينة المهدي بنبركة الذي تحول بجرأة قلم من " الإكسبريس " إلى عميل للمخابرات التشيكوسلفاكية. يتذكر المانوزي، مغربا عنوانه الرجال لا أشباههم، مغربا كان عنوانه الحلم بالحرية ... بالديمقراطية ... بحقوق الإنسان، مغربا كانت هذه قيمه، و هذه شريعته .... لا مغرب الأشباه الذي يبشر بالأحزمة الناسفة، و يرفع أسلحة الكراهية ضد الموسيقى و التعابير الفنية المختلفة. يتذكر الرجل كيف تعرض للاختطاف سنة 1970، رفقة ولدين من أبنائه، وأربعة من إخوته ... و عشرات من أفراد أسرته و أصدقائه، يتذكر ... يوم 29 أكتوبر 1973، اليوم الذي شاءت فيه إرادة القهر، اختطاف الحسين من تونس و نقله سرا إلى المغرب، ليجئ الدور مرة أخرى على الحاج علي ... فيتم اختطافه في مارس 1973 واعتقاله لأزيد من سنة في " الكوربيس" ... يتذكر الرجل فرار إبنه الحسين من الاعتقال السري بالرباط رفقة الإخوة بوريكات في يوليوز 1975، ثم إعادة اعتقاله... ... تستمر الذاكرة في امتحان صبر صاحبها، لتأخذه في رحلة طويلة، اختارت أن تتوقف بعبث عند 15 أكتوبر 1998، أي اليوم الذي يصادف 9578 يوما من اعتقال الحسين ... ليعلن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حينها ... عن وفاة الحسين في المعتقل . قبل أي يتراجع ذات المجلس عن أقواله ... و يضع الحسين في لائحة المختطفين الذين لا تتوفر قرائن على وفاتهم ... و طبعا لم يستطيع أحد أن يدلي بهذه القرائن ... ولا حتى أن يشرح معناها ... لتستمر الرحلة إلى حين قررت هيئة الإنصاف و المصالحة عدم استطاعتها تبيان مصير الحسين المانوزي, مبررة ذلك ... بضعف تعاون بعض الأجهزة أمنية في هذه البلاد، لا زالت تتمتع بقوة معاكسة خيارات المملكة ... ولا زالت متمسكة بسلطتها في العمل ضد إرادة الحقيقة و القانون. الرجل ... و رغم الفظائع الكثيرة التي عاشها. الفظائع التي لا زال جسده يذكره بها، والفضائع التي مسته في إبنه و أخيه وأصدقائه و أفراد عائلته ... و رغم السن المتقدم، لا زال يحمل في طيات ندائه الأخير، كثيرا من مفردات الأمل بمغرب قادر على الحقيقة ,... مغرب قادر على طي فعلي لجرائم ارتكبت فيه و لم يحاسب من أجلها أحد .... الرجل، ذكرنا بندائه هذا ... أن هناك مغربا لا زال يحيا خارج مفردات الطارئين علينا، مغرب لا زال يمسك بخيوط أحلامه, ... مغرب يأبى أن ينسيه كل العبث الطارئ الآن ... أن هناك رجالا منحوا هذه الأرض شهادة حياة بأرواحهم ... و أن هذه الأرض، أبت أن تمنحهم شاهد قبر كي نترحم عليهم, ... كي نبكيهم كما يبكى الأبناء آباءهم ,... و كي نبتسم أمام قبورهم حين نرى أن ذات الأرض التي قضوا من أجلها ... احتضنت أجسادهم بمحبة. هو ذاك مغرب المانوزي, ... مغرب الرجال، مغرب يمتد من أقصى جغرافية الأسماء إلى أقصى جغرافيات الحلم، مغرب لا مكان فيه إلا للقيم الحقيقية التي قضى من أجلها أصدقاء على المانوزي و عشيرته في النضال من قبيل فاطمة أوحرفو وسعيدة المنبهي و نساء خنيفرة اللواتي ولدن الأمل في السجون و تحت التعذيب.... هذا هو المغرب الذي ذكرنا به شيخنا الرائع. ... هذا هو المغرب الذي لا يمكن إلا أن يلفظ الطارئون عليه و لا يمكن إلا أن يحتضن أبناءه الذين وهبوه الحياة بأجسادهم ... والذين كتبوا بالدم حقيقة القيم الإنسانية التي لا يمكن أن يفجرها حزام ناسف هنا ...، أو مقالة كراهية هناك. هؤلاء أعدموا في المغرب.. كان "الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام" المكون من سبع جمعيات حقوقية قد نظم في أكتوبر 2010 وقفة أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط من أجل تجديد مطالبته بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام. وشكلت الوقفة مناسبة للائتلاف لإحياء اليوم العالمي الثامن ضد عقوبة الإعدام المنظم حينها تحت شعار "من أجل مغرب.. بدون عقوبة الإعدام". وقال المنسق الوطني ل"الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام" عبد الإله بن عبد السلام إن أكثر من 120 شخصا محكوما عليه بالإعدام في السجون المغربية "يعيشون وضعا نفسيا وصحيا مزريا وإنه لا بد من تدخل لإنقاذهم". ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن عبد السلام إضافته, أن السجون المغربية أغلقت أبوابها في وجه الجمعيات والمنظمات الحقوقية لتتفقد أوضاع هؤلاء السجناء "الذين يفضل عدد منهم الانتحار عوضا عن انتظار أن تنفذ فيه العقوبة". واستغرب الناشط المغربي امتناع المملكة عن وعود بإلغاء عقوبة الإعدام، مضيفا أنه من المفارقات أن المغرب طبق آخر مرة عقوبة الإعدام عام 1994. وذكر بن عبد السلام أن المغرب يمتنع في كل مرة عن التصويت على الاتفاقية الصادرة عن الأممالمتحدة بهذا الشأن، وأن "المحاكم المغربية أصدرت العام الجاري ما لا يقل عن أربع عقوبات الإعدام". ووفق ما ذكرته يومية "المغربية" فقد صدر في الفترة الممتدة من تاريخ استقلال المغرب، عام 1956، إلى حدود عام 1997 ما مجموعه 198 حكما بالإعدام. واستنادا إلى تقرير للجنة التنسيق من أجل مناهضة عقوبة الإعدام بالمغرب، فإن عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام في القوانين المغربية، والتي تتضمن القانون الجنائي، مع التعديلات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والقانون الجنائي العسكري، هي في حدود 866 جريمة. وفي جرد لبعض حالات تنفيذ عقوبة الإعدام بالمغرب ذكرت يومية "المغربية" أنه في غشت 1961، صدر حكم بالإعدام على أربعة أعضاء من المقاومة، ونفذ الحكم في 24 يناير 1962، في إطار ما عرف بقضية "المؤامرة ضد ولي العهد"، الأمير مولاي الحسن، قبل أن يعتلي العرش، ويتعلق الأمر بكل من محمد بن حمو العياشي(الفاخري)، وعبد الله بن الحسن الزناكي، والمولات إدريس بن أحمد الدكالي، وأحمد بن محمد تاجا. وفي 25 يونيو 1973، قدم للمحكمة العسكرية بالقنيطرة 149 معتقلا من الحركة الاتحادية، على إثر أحداث 3 مارس في مولاي بوعزة، قرب مدينة خنيفرة، بتهمة تهديد أمن الدولة، وصدر حكم الإعدام في حق 15 منهم جرى تنفيذه يومين بعد عيد الأضحى، وشمل كلا من عمر دهكون، وأجدايني مصطفى، ومحمد بن الحاج الحسين، وموحا نايت بري، ولحسن آيت عمي، وعبد الإله بن محمد، ومصطفى يوس، ومحمد حسن الإدريسي، ومبارك بارو، ولحسن آيت زايد، وحديدو أوموح، وعبد الله أمحزون، ودحمان سعيد نايت غريس، ولحسن تاغجيجت ومحمد بن الحسين(المدعو هوشي مينه). وفي 27 غشت 1974، نفذ حكم الإعدام في حق مجموعة أخرى شملت إدريس الملياني، ومحمد المهتدي، وبوجمعة جناح، ومحمد الحجيوي، وبوجمعة ميري، وسعيد أوخيا، وموحا أوحمو. كما أعدم عشرة ضباط، بينهم أربعة برتبة جنرال، هم بوكرين، وحمو، وحبيبي، ومصطفى، وخمسة برتبة كولونيل، والكومندار إبراهيم المانوزي، بعد محاكمة عسكرية سريعة في يوليوز عام 1971، على إثر محاولة انقلاب عسكري في القصر الملكي بمدينة الصخيرات. ثم حصل إعدام 11 ضابطا آخرين في نونبر 1972، لاتهامهم بالتورط في محاولة انقلاب الطيارين بالهجوم على الطائرة الملكية، في عودة الملك الراحل الحسن الثاني من زيارة لفرنسا، يوم 16 غشت 1972. وفي قضايا الحق العام، أعدم شخصان عام 1982، أدينا في قضية اعتبرت الأولى من نوعها في تاريخ الإجرام بالمغرب، ويتعلق الأمر بمصطفى متشوق وشخص آخر، أدينا باختطاف أطفال وقتلهم، بعد طلب مبالغ من ذويهم، على الطريقة التي ظلت مقتصرة على الولاياتالمتحدة وأوروبا. وكان عميد الشرطة بالدارالبيضاء، محمد ثابت، آخر من نفذ فيه حكم الإعدام بالمغرب، عام 1994، بعد إدانته في قضية أخلاقية ،شملت احتجاز عدد من النساء واغتصابهن وتصوير مشاهد الفعل بالفيديو. نبذة عن حياة الكومندان ابراهيم المنوزي ازداد ابراهيم المنوزي في سنة 1930 بدوار آيت الحسن أوعلي، قبيلة أمانوز - إفشان بتافراوت، درس بالدارالبيضاء إلى حدود سنة 1950 واشتغل في التعليم بتافراوت. وفي نفس السنة التحق بباريس بصحبة بوشعيب الصويري لمتابعة الدراسة. وفي سنة 1951 استقر ببروكسيل حيث أتم دراسته في هندسة المعادن 1955. وخلال دراسته ببلجيكا كان نشيطا في أوساط العمال المغاربة المهاجرين، ينشر الوعي الوطني ويجمع الأموال والتبرعات للمقاومة المسلحة بالمغرب، وفي سنة 1955 ساهم مع كل من عبد الكريم الخطيب وعباس المسعدي وعبد الله الصنهاجي وعبد الرحمان اليوسفي في تأسيس جيش التحرير المغربي بالمنطقة الشمالية. وتولى بعد ذلك قيادة هذا الجيش في بني ورياغل بالريف ولاحقا في الأطلس الكبير، وفي سنة 1957 كان عضوا في قيادة جيش التحرير المغربي بالجنوب في كلميم بمعية محمد بن سعيد آيت ايدر ومحمد آجار سعيد بونعيلات وبنحمو وبن عاشر وغيرهم إلى حدود تحرير آيت باعمران سنة 1958. وفي هذه السنة التحق بالجيش الملكي. وبسبب أفكاره التحررية والتقدمية، كان خلال مساره المهني العسكري موضوع اهتمام دائم للاستعلامات العسكرية، التي حاولت سنة 1963 إقحامه في أحداث مؤامرة 1963 التي استهدفت مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وقيادته. وظل يمارس عمله بشكل عاد في مصلحة الهندسة العسكرية في الرباط ولاحقا في القنيطرة، حيث كان اعتقاله بمنزله مباشرة بعد المحاولة الانقلابية بالصخيرات وتم إعدامه يوم 13 يوليوز 1971 بدون محاكمة.