لعلها البلاغة اللغوية والسياسية القوية للعنوان أعلاه على صفحات العدد الأخير من أسبوعية Telquel ما جذبني لاعتماده _ بعد استئذان أصحابه _ عنوانا لانطباعات اليوم. بلاغة مكثفة تحكي من خلال وقائع الحاضر، تاريخا عريقا من مركزية التاجLa couronne /العرش/ الملك والمؤسسة الملكية في النظام السياسي المغربي. مركزية تمكن صاحبها الشرعي والدستوري من قيادة واتخاذ قرارات حازمة، حاسمة و فورية النفاذ. منذ أن اتخذ السلطان أحمد المنصور الذهبي سنة 1538 قرار إغلاق كل حدود المملكة الشريفة درءا و منعا لدخول وانتشار وباء الطاعون القادم من أوروبا آنذاك ، لم يعد المغرب أبدا إلى هذا الإجراء إلا مع حلول جائحة كورونا واستباق بلادنا لاتخاذ هذا القرار في زمن قياسي جدا. لقد كان التاج، العرش، الملك من وراء ذلك… ما في ذلك شك. إنها الجائحة بحسب العلماء والخبراء والأطباء …وحياة الناس أغلى وأثمن من كل شيء وأي شيء.. والباب اللي يجيك منو الريح سدو واسترح. فحضر العقل والتبصر والاستباق، مقرونين بالمسؤولية الدستورية التي يتحملها أمير المؤمنين (الراعي) ورئيس الدولة (الحامي) …وأغلقت المملكة نوافذها في وجه الوباء بقرار سيدخل و متخذه وزمانه وأسبابه التاريخ. وقبلها، ومنذ الإعلان عن أول حالة مؤكدة ببلادنا، يوم 2 مارس، كانت البدايات بلقاءات قادها الملك وتمخضت عنها مؤسسات (لجن اليقظة والقيادة لإعداد وتحضير البنيات والمستلزمات الطبية والصحية من جهة، والإجراءات والتدابير الاقتصادية والاجتماعية والأمنية واللوجيستيكية من جهة أخرى)، وتوجيهات أعطاها الملك نتجت عنها بنيات (الصندوق الخاص بالجائحة لتمويل متطلبات الجائحة)، وكانت الإشارة القوية لبدإ تطبيق إجراءات الوقاية الموصى بها يوم استقبل الملك الأعضاء الأربعة الجدد بالمحكمة الدستورية في طقس جديد جدا على البروتوكول المعهود، حيث احترام المسافة بين الأشخاص واجتناب المصافحة في ما يشبه إعلان دخول رسمي في مسلسل من الإجراءات اللاحقة التي وصلت ذروتها مع الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية التي ستقنن لاحقا بمرسوم.. (كل ذي عقل راجح عرف منذها بأننا ذاهبون لا محالة إلى إجراءات وقرارات أكثر حدة). ثم جاء قرار إدخال الجيش الوطني على الخط في بعده الطبي(لنتذكر أن وزير الصحة كان قد أعلن بأن عدد أسرة العناية المتوفرة لا يتجاوز 270، ومباشرة بعد قرار القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية بوضع البنيات الطبية العسكرية رهن إشارة الصحة العمومية ارتفع العدد في أقل من 72 ساعة إلى 1600 سرير حسب وزير الصحة نفسه). في هذا كله، كان التاج، يقود المملكة بكثير من العقلانية والفعل الحداثي الناضج والإشارات الدالة نحو إعلان جديد لانتمائها لعصرها بشموخ. هذا الفعل المغربي الاستباقي الوقائي المتسارع والمتواتر، والذي يجد طريقه السيار نحو التنفيذ، رغم بعض الصعوبات الموضوعية بحكم أنه لم يسبق لأجيال المغرب الحالية أن عاشت مثله، وغير الموضوعية بفعل طوابير الجهل والتحجر والغلو وتجار المآسي ، هذا الفعل المغربي المتميز التقطته صحف بصيت عالمي كبير وعرفت وأشادت به معتبرة إياه استثناء مغربيا حقيقيا ( الواشنطن بوست الأمريكية ، الباييس الإسبانية) و قدره حق تقديره السواد الأعظم من المغاربة لإحساسهم العميق بأن كل ما اتخذ لحد الساعة( رغم قسوة بعضه على بعضهم )، هو في مصلحتهم وصالحهم ويهدف إلى تأمين سلامتهم وحماية أرواحهم. عند بداية العهد الجديد بحماسته وإشاراته ومبادراته وعنفوانه و الآمال الكبيرة التي فتحها وغذاها حلوله…تعاظمت القناعة بأن للمغرب والمغاربة فرصة مع محمد السادس، حامل تاج هذا العهد ليدخلوا عهدا آخر… مياه كثيرة جرت تحت الجسور… أحسن التاج فيها التجديف و العبور. تاج قال ذات خطاب بأن حزبه هو المغرب و شعبه.. وقد كان بفعله في مستوى قوله. وليست كورونا من ستدفعه لنكث عهده. # فخورون