قدم المغرب بواشنطن المقاربة الشاملة للمملكة في مجال مكافحة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وذلك خلال قمة أمريكية دولية حول التطرف العنيف بواشنطن، ترأسها كاتب الدولة الأمريكي جون كيري بحضور وزير العدل إيريك هولدر التي ستختتم أشغالها يومه الجمعة. وفي هذا الإطار أبرزت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية امباركة بوعيدة، المبادرة الناجعة التي تم إطلاقها بصفة مشتركة مع هولندا في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب. وقالت بوعيدة إن هذه المبادرة أعطت الدليل على القدرة الاستباقية للمنتدى، على اعتبار أن إشكالية المقاتلين الإرهابيين الأجانب تكتسي حاليا طابعا ذا أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي. كما ذكرت ببداية هذه التجربة التي أطلقت في شتنبر 2013، وشرحت كيف تمكنت مجموعة العمل هاته من التطور لتصبح قادرة، في شتنبر 2014، على اعتماد مذكرة تفاهم «مراكش - لاهاي» لمكافحة هذه الظاهرة. وذكرت بوعيدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المذكرة تشكل أرضية تهدف إلى المساهمة في تنسيق العديد من الجهود، على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، الرامية إلى أن تقف سدا منيعا أمام زحف المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وأوضحت الوزيرة أن المغرب، باعتباره عضوا مؤسسا للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، انخرط بشكل كامل في هذه المقاربة التي تنقسم إلى أربعة محاور تتمثل في التجنيد، التسهيلات، السفر، والعودة. وأبرزت أن هناك محورا آخر لا يقل أهمية في مجال مكافحة هذا التهديد، ويتمثل في «التعاون الثنائي»، مشيرة إلى أن المغرب اعتبر خلال هذا اللقاء بمثابة نموذج، خاصة من خلال تعاونه مع إسبانيا الذي «لا ينحصر فقط في تبادل المعلومات أو الممارسات الحسنة، بل يذهب أبعد من ذلك إلى القيام بعمليات مشتركة في الميدان». وقالت الوزيرة إن المغرب، الذي يتبنى مقاربة يقظة في مواجهة هذا التوجه الجديد للإرهاب، يواصل نشر وتكييف آلياته لمكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، والتي تستند إلى مرتكزات الاستراتيجية الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب. وخلصت بوعيدة، في هذا الصدد، إلى أن عمليات الاعتقال المتعددة للأفراد وتفكيك خلايا التجنيد ونقل المقاتلين نحو مناطق النزاع تعد من بين ثمرات التعبئة المتواصلة للسلطات المغربية ووجود إطار قانوني ملائم يشكل قاعدة للمتابعات القضائية. من جهته دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في خطاب للقمة المجتمع الدولي لإقامة جبهة موحدة ضد التهديد الإرهابي الذي يمثله تنظيما «الدولة الإسلامية» و»القاعدة». وقال أوباما إن «مكافحة التهديد الإرهابي لجماعتي (الدولة الإسلامية) و(القاعدة) لا يهم فقط الولاياتالمتحدة، ولكن المجتمع الدولي بأسره». وأضاف أنه بالنظر إلى «تعقيد التحدي وطبيعة العدو»، فإن مثل هذه الحرب «ستستغرق وقتا وستتطلب المزيد من اليقظة والمرونة»، معربا عن ثقته بأن هذه المجموعات الإرهابية ستهزم بفضل الالتزام الملموس من المجتمع الدولي. ولتحقيق هذا الهدف، ذكر أوباما بأن الخيار العسكري يعتبر عنصرا واحدا فقط من بين عناصر أخرى في سياق استراتيجية شاملة وجامعة، مشددا على ضرورة استهداف «إيديولوجية القتل التي تتبناها الجماعات الإرهابية، وبنيتها التحتية، وتقنياتها الدعائية وأساليبها لتجنيد». وتشكل هذه القمة، فرصة لتسليط الضوء على الجهود المبذولة على الصعيدين المحلي والدولي لمنع المتطرفين الذين يمارسون العنف وأنصارهم من تجنيد أو تحريض الأفراد أو المجموعات في الولاياتالمتحدة وبلدان أخرى، على ارتكاب أعمال عنف. وتستند هذه القمة على الاستراتيجية التي أعلن عنها البيت الأبيض في غشت 2011 المسماة «تمكين الشركاء المحليين لمنع التطرف العنيف»، والتي تعتبر أول استراتيجية وطنية لمنع التطرف العنيف في الولاياتالمتحدة. ونظمت عدد من مجموعات التفكير الأمريكية ومراكز الأبحاث، على هامش القمة، لقاءات موازية مرتبطة بالموضوع الرئيسي، خاصة دور المرأة والشباب في منع ومكافحة التطرف العنيف، والتسامح بين الطوائف عبر التربية الدينية، ومساهمة البحوث والدروس المستخلصة من الجهود المبذولة لمكافحة التطرف العنيف، وإعادة تأهيل وإدماج المقاتلين الإرهابيين الأجانب. ويرى مراقبون بواشنطن إن قمة البيت الأبيض تأتي في سياق يتسم بالتهديد المتزايد الذي يمثله تنظيم «الدولة الإسلامية»، ليس فقط في العراق وسورية، ولكن أيضا في فرنسا والدنمارك وليبيا.