سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنك المغرب يشهر استقلاليته لأول مرة في وجه الحكومة ويغير قرارها بشأن سعر الصرف : فصل بين تقلب اليورو والدولار وتجنب الإشارة إلى سلة العملات كمرجع لسعر الدرهم
في سابقة من نوعها أقدم عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، على إصدار بيان من جانب واحد تضمن قرارا بإلغاء وتغيير قرار لحكومة سعد الدين العثماني، ويتعلق الأمر بقرار دخول المرحلة الثانية من تحرير سعر الصرف. وتعد هذه المرة الأولى أيضا التي يشهر فيها بنك المغرب نظامه الأساسي الجديد الذي يكرس استقلاليته في وجه الحكومة، معلنا بذلك استقلاليته التي منحها له هذا النظام وباسطا سيادته الكاملة ونفوذه في مجال الصرف والسياسة النقدية. فلم تمض سوى ساعات قليلة عن إصدار الحكومة لقرارها، عن طريق بيان لوزارة الاقتصاد والمالية، والذي قالت إنه اتخذ بناء على تشاور مع بنك المغرب، حتى أعلن هذا الأخير قرارا آخر بتغيير هذا القرار من جانب واحد، عبر إلغاء فقرات ومقتضيات أساسية منه. ففي قرارها نصت الحكومة عبر وزير المالية على «توسيع نطاق تقلب سعر صرف الدرهم من 2.5 في المائة إلى 5 في المائة بالنسبة إلى سعر الصرف المركزي المحدد من طرف بنك المغرب على أساس سلة من العملات مكونة من اليورو والدولار الأمريكي على التوالي بنسبة 60 في المائة و40 في المائة». أما قرار بنك المغرب، فحذف هذه الفقرة بالكامل وعوضها بمقتضيات تفصل بين الدولار واليورو مع باقي العملات، مع إلغاء الإشارة إلى السلة المرجعية لتحديد قيمة الدرهم ومكوناتها. فبناء على قرار بنك المغرب سيحدد نطاق تقلب العملة الأوروبية اليورو بنسبة 7.5 في المائة ابتداء من صباح يومه الإثنين، وليس بنسبة 5 في المائة كما سبق أن أعلنت الحكومة، وذلك على أساس سعر مركزي يحدده بنك المغرب. أما بالنسبة للدولار فاعتمد بنك المغرب نسبة تقلب ضمن نطاق ±5 في المائة، مماثلة لتلك التي سبق أن قررتها الحكومة، على أساس سعر مركزي يحدده. وتجدر الإشارة إلى أن نظام الصرف المعتمد في المغرب كان نظاما ثابتا حيث يحدد سعر صرف الدرهم على أساس سلة من العملات تتكون من اليورو والدولار منذ السبعينيات. وخلال التسعينيات كشف بنك المغرب لأول مرة عن تركيبة السلة، مشيرا إلى أنها تتكون بنسبة 80 في المائة من اليورو و20 في المائة من الدولار، قبل أن يعلن في 2015 عن تعديل هذه النسب لتصبح 60 في المائة لليورو و40 في المائة للدولار، مسايرا بذلك تنويع الأسواق الخارجية للبلاد وتزيد أهمية الدولار في أداءاته الخارجية. غير أن القرار الجديد، والذي كرس الفصل بين اليورو والدولار ولم يشر في أية فقرة من فقراته إلى السلة، يؤكد أن سياسة الصرف ستدخل مرحلة جديدة في سياق الانتقال الجاري من نظام الصرف الثابت في اتجاه التعويم الذي تهدف السياسة الانتقالية الحالية بلوغه على مراحل. وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتصادم فيها بنك المغرب مع الحكومة بسبب سياسة إصلاح نظام الصرف، ففي أبريل 2017 اضطر بنك المغرب إلى دق ناقوس الخطر حول نزيف العملات الصعبة الذي كاد يفرغ الاحتياطي الوطني من العملات بعد أن أعلن أن نظام الصرف سيعدل في يونيو من نفس السنة. وطالب آنذاك بإجراء تحقيق، والذي لم تنشر نتائجه إلى اليوم، ووجهت أصابع الاتهام في ذلك الوقت إلى حكومة سعد الدين العثماني، وخصوصا وزيره في المالية آنذاك، إذ أن مكتب الصرف الذي يعد دركي صرف وتحويل العملات يخضع لسلطته ووصايته. المرة الثانية كانت عندما دعا الجواهري إلى ندوة صحافية مشتركة مع وزير المالية للإعلان عن دخول النظام الجديد لتقلب سعر الصرف ومرونته حيز التنفيذ في يونيو 2017، غير أن وزير المالية ألغى الندوة الصحافية ساعات قبل موعدها، وأعلن رئيس الحكومة تأجيل الإصلاح إلى أجل غير مسمى. أما التصادم الثالث فحدث نهاية الأسبوع الأخير، عندما أشهر بنك المغرب القانون الذي يكرس استقلاليته لسيادته على السياسة النقدية وسعر الصرف لأول مرة في وجه الحكومة. وللإشارة فإن هذا القانون لم يصدر إلا في يونيو الأخير، وبالتالي فهذه الورقة لم تكن متوفرة في المرات السابقة لبنك المغرب.