يتعثر الرئيس الصديق أردوغان في إدارته وخياراته، ونحزن له حزننا على سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال، فهو صديق ورئيس لدولة شقيقة، تربطها مع العرب شراكة وتاريخ وجيرة إجبارية لا تنفصل منذ ألاف السنين. يتعثر لأنه لم يكن محقاً في فتح حدود بلاده لكل المتطرفين الذين تجندوا بوعي خبيث أو تطوعوا عن هبل لتحرير سوريا والعراق مما هما فيه وعليه، وفشلوا، وفشلت رهانات الرئيس الصديق الجار. يتعثر في فرض قواته وسيطرتها على شمال سوريا عبر توجهات غير منطقية، غير واقعية، غير مقبولة في مواجهة القوات السورية ومطالبتها بالانسحاب!! بالانسحاب من أين من أرضها وبلدها؟؟ وإلى أين؟؟ إذا لم تحافظ القوات السورية على أمن بلدها، فأي مهمة لها غير التصدي لمن يتطاول على حدود وطنها السوري، حتى ولو لم تكن منسجمة مع نظامها السياسي، هذا فرضاً، ولكنها لا تستطيع أن تتكيف مع قوات معتدية على أرض بلادها؟؟. يتعثر الرئيس الصديق في خياراته التصادمية خارج بلاده الجميلة تركيا، سواء في ليبيا أو سوريا، ويبدو أنه لم يقرأ هزائم الذين أخرجوا قوات بلادهم إلى بلاد الآخرين، وما حل بهم من انكسارات مع أنهم دول عظمى: بريطانيا، فرنسا، المانيا، اليابان، أمريكا، الاتحاد السوفيتي وغيرهم من أصحاب القدرات الأقل. الرئيس الصديق الذي أطاح بأقرب رفاقه: عبد الله غُل وأحمد داود أوغلو، كان يتطلع معهم لنقل تركيا من الدولة رقم 17 اقتصادياً في العالم إلى إحدى الدول العشرة الأكثر رخاء وقوة اقتصادية كما سمعت منه شخصيا، ورفعوا شعار صفر أعداء، ونحو عضوية الاتحاد الأوربي، وتمتعت بلاده بمهابة رزينة تقترب كي تكون دولة ديمقراطية حقيقة، ولكن هذا الطموح تعثر، بتعثر الرئيس الصديق وتعثر خياراته. الرئيس أردوغان توعد أن دماء الجنود الأتراك لن تذهب هدراً، فماذا سيفعل؟؟ سيوجه ضربات موجعة أو مماثلة للجيش السوري، وللجيش الليبي؟؟ وما هي الحصيلة سوى مزيد من الخسارة والتورط؟؟. هو غير راض عن الدعم الأمريكي الذي وصفه أنه شفهي غير مقرون بإجراءات عملية، وخارجية واشنطن أعلنت أنها تدرس أفضل الطرق لمساعدة تركيا في هذه الأزمة، ويفتقد للتأييد الأوروبي لأن حلف الأطلسي طالب بخفض التصعيد، وزاد من غضب أوروبا عليه تحريضه اللاجئين وتسهيل تدفقهم باتجاه القارة الأوروبية، مما يُخل باتفاقات وتفاهمات مسبقة، ويجعل من تفاصيل المشهد أن خياراته لا حلفاء له معها، لا في واشنطن ولا في أوروبا، ولا يوجد من يقف معه في ليبيا وسوريا، ومغامراته ليست محسوبة ورهاناته خاسرة. خسارة تركيا ونزيفها، خسارة لنا كعرب ومسلمين وجيران، وستولد أحقاداً لا مصلحة لنا بها، بل نتطلع إلى علاقات متوازنة متكافئة، مبنية على الشراكة وتبادل المنافع وحُسن الجوار، فلماذا هذا الهدر وطوابير الجثامين المتدفقة بلا نتائج جديرة بالمباهاة والتقدير، مخلفة الحقد والوجع للعرب كما للأتراك، فهل من وقفة تراجع وشجاعة قبل الهزيمة والانهيار؟؟.