قالت كريستينا جيورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إنها اطلعت، أول من أمس بالرباط، على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والرشوة، وذلك عبر مشاركتها في ورشة عمل حول "الحكامة بالمغرب"، من تنظيم وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بشراكة مع بنك المغرب، ومشاركة كبار المسؤولين. ونوهت جيورجييفا بما يقوم به المغرب من مجهودات في مجال تجويد الحكامة ومكافحة الفساد، داعية الحكومة إلى تعزيز التدابير المتخذة في هذا المجال وجعل مهمة مكافحة الفساد والرشوة في صميم أولوياتها. وأشارت إلى أن مكافحة الفساد أصبحت تكتسي أهمية قصوى نظرا لدورها في تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى الأثر السلبي للفساد على نجاعة السياسات العمومية وتحقيق أهدافها. وشددت على أن مكافحة الفساد والرشوة تتطلب توفر رؤية استراتيجية شمولية ومشاركة الجميع. وبخصوص آفاق تطور الاقتصاد الوطني، توقعت جيورجييفا أن يعرف هذه السنة نموا بنسبة 3.7 في المئة، وأن يرتفع معدل النمو إلى 4 في المئة خلال العام القادم. وقالت "هناك العديد من الإنجازات بفضل الإصلاحات الهيكلية الصعبة التي قام بها المغرب، لكن هناك أيضا العديد من المخاطر الصاعدة والجديدة على المستوى العالمي التي تتربص بالاقتصاد الوطني". وفي هذا السياق لم تستبعد جيورجييفا احتمال تجديد اتفاقية خط السيولة والوقاية التي تربط المغرب بصندوق النقد الدولي، والتي سينتهي أجلها بعد عام، وأشارت إلى أن هذه المخاطر والتحديات هي التي سيتمحور حولها نقاش خبراء الصندوق مع السلطات المغربية خلال هذه السنة لتقدير إن كان المغرب سيجدد اتفاقية خط السيولة والوقاية أم لا. وقالت "قرار التجديد يعود أساسا للحكومة المغربية، وأيضا لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي سيتداول في طلب التجديد إذا ما تقدم به المغرب". وتقوم جيورجييفا بزيارة عمل للمغرب منذ يوم الإثنين الماضي، وذلك في سياق اطلاعها على الإعدادات الجارية لاحتضان مراكش للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المقرر تنظيمها في أكتوبر 2021. وتعد هذه المرة الأولى التي تزور فيها جيورجييفا المغرب التي عبرت، خلال لقاء صحافي مشترك مع وزير المالية محمد بنشعبون ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أول من أمس بالرباط، عن إعجابها بالتراث الثقافي المغربي وأصالة مدينة مراكش وما تزخر به من مآثر وحضارتها العريقة. كما أشارت جيورجييفا إلى أن اختيار المغرب ناتج أيضا عن أهميته كبوابة وجسر للقارة الإفريقية، والدور الذي يضطلع به كقاطرة للنمو والتنمية وعنصر استقرار على المستوى الإقليمي. وقال محمد بنشعبون إن المغرب اختير لتنظيم الاجتماعات السنوية من بين 13 مرشحا، الشيء الذي يعد مؤشرا على الثقة التي يحظى بها المغرب، مشيرا إلى أن هذا الحدث سيجعل من مراكش العاصمة المالية للعالم، إذ ستأوي على مدى أسبوع وفود دول العالم التي سيقودها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية. ومن جانبه نوه الجواهري، والي بنك المغرب، بعلاقات الشراكة بين المغرب وصندوق النقد الدولي. وفي سياق رده على أسئلة الصحافيين أوضح الجواهري أن اتفاقية خط السيولة والوقاية التي وقعها المغرب مع صندوق النقد الدولي منذ 2012، والتي يتم تجديدها كل سنة، تشكل ضمانة بالنسبة للمستثمرين. وأضاف أن هذه الاتفاقية تضع رهن إشارة المغرب تمويلات يمكنه السحب منها في حالة تعرضه لصدمة قوية، مشيرا إلى أن المغرب يعد اليوم البلد الوحيد الذي تربطه مثل هذه الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن المغرب لحد الآن لم يضطر للسحب من هذا الخط، الشيء الذي يؤكد مرونة الاقتصاد الوطني وقدرته على التأقلم والصمود. وحول احتمال تجديد هذه الاتفاقية مرة أخرى، أو استبدالها بآلية أكثر مرونة، قال الجواهري "الأمثل بالنسبة لنا والذي نطمح له أن لا نحتاج لضمانة من أية جهة أجنبية، وأن نكون نحن من نضمن أنفسنا بأنفسنا".