ونحن في عز موسم إرساء النموذج التنموي الجديد؛ أغلب القادة والزعماء السياسيين، إن لم أقل كلهم، لزموا قاعة الانتظار؛ يترقبون بكثير من الحيطة والحذر والخوف؛ سكتوا عن الكلام المباح وغير المباح؛ لا تصريح ولا حوار «وكم من حاجة قضيناها بتركها» و«الصمت حكمة»!!! طبعا، وفي غياب شبه مطلق لهؤلاء الفاعلين السياسيين، وفي غياب تواصل واضح وصريح مع الرأي العام عبر وسائل الإعلام التي لا تحصى نوعا وعددا؛ كان لا بد على هذه الوسائل؛ مواقع إلكترونية وصحف …أن تشتغل، أن تقوم بعملها، وهذا حقها، فتكتب وتنشر ما تشاء استنادا إلى «المصادر الموثوق بها والمطلعة جدا»، مستعينة بتحاليل «الخبراء» و«الفقهاء» ….وتاه الرأي العام في خضم الحكايات المنسوجة والتي تقاوم انسحاب من وجب عليه الكلام … وحده الأستاذ ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، شكل استثناء، وهو الاستثناء القاعدة، كسر الصمت والانسحاب، رفع اللبس والغموض …حاور وتواصل، تكلم وتحدث؛ فهذه مهمته وهذه مسؤوليته ؛ تكلم بدون «خوف»، تحدث بجرأة سياسية وشجاعة أدبية… ادريس لشكر الذي حل ضيفا على برنامج «نقاش في السياسة» على موقع هيسبريس يوم الأحد 5 يناير 2020 تحدث بثقة في النفس؛ ثقة مؤسسة على وضوح الرؤية ووضوح المشروع، تحدث بلغة واضحة التي تجسد وضوح الفكر؛ ناقش وعالج مختلف القضايا التي تشغل الرأي العام في الفترة الدقيقة و«الحرجة» والتي وضعت بين قوسين في انتظار من يعلق الجرس …لشكر رفع القوسين ونال تحية المتتبعين ؛ فصفقنا وعلى «الصائمين السلام»! إن حديث الكاتب الأول حديث متماسك ومتناغم، تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية ….مؤسس على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية … حديث أصيل، و متأصل، يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي؛ الاشتراكي الديمقراطي الحداثي… أساسه هو الإرث الاتحادي النضالي وبوصلته التفكيرُ الاتحادي المبدع والمستقبلي… حديث عقلاني، بعيد عن حماس وانفعالات اللحظة، حديث عقلاني واع وهادف يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان … حديث متناسق منطقيا، يشكل بنية… موحد من حيث الثوابت التي تحمي من الوقوع في التناقض …التناقض الذي وقع ويقع فيه الكثير من الزعماء السياسيين الذين يسقطون في التناقضات من مناسبة إلى أخرى…. الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي لا يلغو ؛ يتكلم ولا ينسى إنه يفكر ، يفكر ولا ينسى أنه يتكلم مستلهما تاريخ الاتحاد الاشتراكي في المسار والصيرورة ومستحضرا التجربة الذاتية الضاربة جذورها في السبعينيات …. إن حديث الكاتب الأول حديث عميق لأنه، أولا، صادر عن الاتحاد الاشتراكي وعن كاتبه الأول، ولأنه ثانيا، يأتي في سياق سياسي واجتماعي دقيق، ولأنه، ثالثا يروم رفع الجمود والرتابة التي أصبحت تهيمن على حياتنا السياسية، ولأنه رابعا يتوخى السمو على لغة التهريج، تبادل التهم والسب، ويتوخى القطع مع لغة الشعارات الفضفاضة والوعود الشعبوية…. إن حديث الكاتب الأول صادر عن رؤية تحليلية ونقدية، رؤية اتحادية لتنمية الإنسان والمجتمع ….إنه رؤية بنيوية وجدلية للسياسة والمجتمع ..للتشخيص والبديل..الاختلالات والاقتراحات…انه، إذن رؤية بنيوية وجدلية؛ -رؤية بنيوية لأنه يشكل نسقا فكريا منسجما تفكيرا وبناء، نسقا بعناوين كبرى (المصالحة والانفتاح، مسار الاتحاد الاشتراكي بين التدمير والبناء، لا نقد للاتحاد الاشتراكي إلا من طرف بناته وبنيه ، الفصل بين التحالف والائتلاف، النموذج التنموي الجديد….) نسقا فكريا سياسيا متماسكا منطقيا، والخيط الناظم هو المنظور الاتحادي اليساري، الاشتراكي الديمقراطي الحداثي…رؤية بنيوية لأنه خطاب يحمل الصدق داخله، من هنا يرتقى عن لغو الكلام… – رؤية جدلية لأنه ليس خطابا نظريا يتوخى الصدق الداخلي فقط ؛ انسجام الفكر مع نفسه…بل إنه حديث جدلي تاريخي؛ حديث سياسي بحمولة واقعية ملموسة، يتوخى الصدق الواقعي؛ انسجام الفكر مع الواقع …رؤية جدلية لأن الحديث يطرح مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والتنظيمية في ترابطها وتفاعلها وصيرورتها التاريخية…. الإعلام بمختلف أشكاله؛ الورقي والالكتروني ، حرص على تغطية الحدث بشكل مهني؛ نشر وعلق …أشاد وصفق …المواطنات والمواطنون تفاعلوا إيجابا مع الكاتب الأول …الاتحاديات والاتحاديون تماهوا مع البرنامج؛ نوهوا وصفقوا …وفي الهامش وبشرود وخبث كان نشاز المرضى من داخل البيت وخارجه… سنعود إلى تفاصيل محاور البرنامج…